أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الثورة تبدأ فى العقل














المزيد.....

الثورة تبدأ فى العقل


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4288 - 2013 / 11 / 27 - 07:27
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


درست الطب باللغة الانجليزية، المراجع كلها أجنبية، ليس فيها مرجع مصرى واحد، رغم أن المصريين أول من اكتشف علم الطب، وعلم التحنيط المصرى ظل سرا لآلاف السنين.
لماذا تخلف العقل المصري؟ ولماذا عجزت الحضارة الحديثة عن تحقيق العدالة والسلام والحرية والكرامة للشعوب بصرف النظر عن الجنس أو الطبقة أو الدين؟ بل اشتد الفقر والقهر على النساء والأطفال والكادحين، وتضاعفت مخاطر أسلحة الدمار الشامل والحروب الاستعمارية، وعمليات التجسس المعلنة والسرية، والتجارة الرابحة بالأسلحة والأجساد والمخدرات والأديان، وتكنولوجيا الإعلام القائم على العنف والجريمة وترويج الشائعات وقلب الحقائق، ولا تختلف بلادنا عن غيرها كثيرا. لجنة الخمسين تلاعبت بكلمتى "الهوية وشرع الله" لوضع دستور يميز القلة على الأغلبية الساحقة، وفشلت الديمقراطية عالميا فى تحقيق التمثيل النيابى العادل للشعوب، كما أن البرلمان المصرى تسلل إليه فى السابق أصحاب الأعمال ولواءات البوليس تحت اسم العمال والفلاحين، وفى لجنة الخمسين ينوب أربعون رجلا عن أربعين مليون امرأة مصرية، وفى الانتخابات الأوروبية نجحت نساء تتكلم بأصوات اشرس الرجال (ثاتشر وميركل وآشتون) وصعد إلى الحكم فى أمريكا رجال بشرتهم سوداء (بارك أوباما) يتكلمون بصوت الأثرياء ذوى البشرة البيضاء.
الحضارة الحديثة تطورت تاريخيا عن النظام العبودى دون أن تفقد قيمه وأفكاره وعقليته وتقوم أساسا على القوة أو قانون الغابة، لقد أصبح النساء والفقراء والمهاجرون عبيد القرن الحادى والعشرين. أجساد مختونة شبه مخصية، عقول مسلوبة شبه عمياء، المهن الحرة أصبحت تجارة تقوم على الغش، منها الطب والمحاماة والقضاء والتشريع والسياسة، الانتخابات ساحة قتال، لا يفوز فيها إلا أصحاب السلطة والإعلام والأموال. وكانت الحضارة المصرية القديمة أكثر ديمقراطية وإنسانية، أعلى المناصب (ومنها الألوهة) لم تكن حكرا على الرجال، كانت ايزيس الهة الحكمة والمعرفة، معات إلهة العدل ورئيسة القضاة، سخمت الهة الطب ونقيبة الأطباء، والمرأة المصرية هى التى اكتشفت الكتابة، وأبدعت الفنون والعلوم والنحت والموسيقي، امتدت فلسفة ايزيس لأوروبا حتى القرن السادس الميلادي، فكيف تحرم النساء المصريات اليوم من المشاركة فى تغيير الدستور والقوانين والقيم والدين؟ كيف أصبح رأس المرأة المصرية عورة، وكان تاج العلم المعرفة؟ كيف أصبح اسم الأم عارا، وكانت الأمومة شرفا ينسب لها الأطفال؟
الدراسات المتطورة الأخيرة (ومنها علوم المرأة) بدأت تتبع منهجا علميا جديدا، يربط الجسد بالعقل، والمادة بالروح، والتاريخ بالطب، والاقتصاد بالكيمياء، والبيولوجيا بالديمقراطية والسياسة، بدأت البحوث الجديدة تتجاوز القيم الدينية والقوانين الأكاديمية، وتكشف عن جذور القهر الطبقى الابوى فى التاريخ ومخاطره المدمرة للبشرية. ولم تعد أسباب الفقر غباء الفقراء أو كسلهم، بل القوانين الاقتصادية السياسية المزدوجة الجائرة، الرجل لم يحكم المرأة لتفوقه العقلى أو سمو جنسه، بل بسبب القمع السياسى الدينى لأجساد النساء وعقولهن؟.
لم يلعب التقدم العلمى دورا فى تحقيق العدالة والحرية والمساواة، بل أصبح العلماء والأطباء والفنانون جزءا من الطبقات الحاكمة غربا وشرقا، يعملون على قهر المبدعين الثائرين نساء ورجالا وشبابا، ولم تستخدم الطاقة الذرية والنووية لتوفير الخدمات الصحية والاحتياجات الضرورية للشعوب، بل لمزيد من قتلهم فى الحروب المتقنة. ولم يكسب الشعب المصرى من حفر قناة السويس ومشاريع التنمية والديمقراطية والشراكة إلا المزيد من الفقر والاستبداد والتبعية. ولم تكسب الشعوب العربية من اكتشاف البترول وثرواته الهائلة إلا المزيد من الاستعمار والنهب والحروب، ولم يحصل على جائزة نوبل أبطال السلام، بل زعماء القتل والخداع مثل مناحم بيجن وبارك أوباما، ولم تخدم الاكتشافات الطبية (فى البيولوجيا والكيمياء الحيوية) مطالب التقدم الصحى والفكري، بل أنتجت الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وأجهزة التجسس والقمع الجنسى والعرقي. ولم تعد الثورات الشعبية (من وول ستريت وسان بول إلى شوارع القاهرة) طريقا لتحرير النساء والفقراء والعاطلين، بل أصبحت نزيفا لدمائهم وصعودا على جثثهم لمناصب الحكم، إنها الحضارة الطبقية الأبوية، لها عين واحدة ونصف عقل، فهل يغلبنا اليأس؟ أبدا فالأمل قوة والثورة المقبلة تبدأ فى العقل.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسرة الدينية فى الدولة المدنية
- قوارير ذكورية والجوهرة المصونة
- واحدة من النساء تكفي
- أيضحكون على دقون النساء؟
- القمة والحضيض.. عودة الوعى وغيابه!
- فقط لأنها ليست ولداً؟
- لماذا أصبحت المعرفة خطيئة؟
- الأسئلة البديهية الطفولية
- هل نتعلم مما يحدث فى أمريكا؟
- الشيوعية. والإسلام. وجدتى
- الطفلة والشيخ العجوز
- قانون العيب المزدوج
- اقتلاع جذور التفرقة
- لجنة الخمسين والسقف المحرم!
- الجمال والإبداع والنرويج
- ذكرى ثورات كانت ولا تكون
- مكياج الوجوه القديمة
- إقناع أنفسنا قبل إقناع الآخرين
- بناء عقل مصر فى دستور جديد
- الثورة والحسم وسقوط الكذب


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الثورة تبدأ فى العقل