حول تحالف قوى اليسار.. بعض الملاحظات في الرد على مقال رزكار عقراوي - هل تعيش قوى اليسار والديمقراطية في الوقت الضائع؟ ألم يحن الوقت للعمل المشترك في ما بينها؟

سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 10:37
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    

كل شيء تغير حولنا. تحالفات الاحزاب السياسية، تعريف المجتمع العراقي لليسار، الاحتلال الامريكي وسقوط النظام القومي البعثي وتداعياته على الحركة القومية العربية، تناقضات والتضارب بين القوى والتيارات الاسلامية حول موقفها من الاحتلال. الشيعية تؤيد الاحتلال والسنية وقفت ضد الاحتلال وبدأت تعيد انتاج نفسها بعد سقوط الطالبان وتبرر جرائمها بمقاومة الاحتلال. التحول الذي اصاب اليسار الاوربي والغربي بشكل عام وموقفه من الاحتلال والارهاب الاسلامي. نفس الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي يتحدث عنه الرفيق رزكار طرأ عليه تغيرا كبيرا في بنيته التنظيمية وقيادته. اصراره على التحول الى حزب سياسي واجتماعي كبير والعمل على الانقطاع مع تاريخ تقاليد واساليب العمل واليات الخطاب عن اليسار اللاجتماعي. المجتمع العراقي نفسه تغير حيث الاحتلال وتحوله الى ساحة حرب دولية ..
الا ان الذي لم يتغير هو الرفيق رزكار عقراوي في خضم كل هذه الاحداث. فمنذ تركه الحزب الشيوعي العمالي العراقي وهو يردد نفس الحديث القديم في اتهام الحزب بأنه يكفر المنظمات اليسارية الاخرى وانه اسير عقلية مذهبية.. الخ. لانه ببساطة حبس نفسه في اطار عقلية اليسار التي ينتقدها. ومن خلال نفس الاطار يحاول ان يكون راديكاليا وينزل بسياط غضبه على اليسار. لماذا؟ لانه حاول ان يعقد تحالف قوى اليسار على صفحة الانترنت ولم يستجب احد معه. فعليه اذن لعنة شخص يساري على اليسار بأكمله.
من الذي يعرف اليسار ومن الذي يقرر على هذا التصنيف؟
ان نفس تعريف اليسار هو مشكلة في تصور الرفيق عقراوي. فهو اولا: يصنف كل شيء يحمل اسم يساري وشيوعي تحت لائحة اليسار. انه نفس تعريف وتصنيف اليسار التقليدي لخميني الذي الصق به صفة اليسار، لانه اغلق السفارة الامريكية في طهران وحجز الرهائن، وهو نفسه صنف حزب الله اللبناني باليسار لانه قاتل اسرائيل. ونفس نعوم جومسكي الذي يعتبر احد منظرين اليسار لم ينبت ببت شفة عن جريمة الحادي عشر من ايلول حول الجماعات الاسلامية. انه اكتفى بصب جام غضبه على الادارة الامريكية وجرائمها في العالم. لان الجماعات الاسلامية الارهابية قد اشهرت سيفها بوجه الشيطان الاكبر. وهكذا بنفس المنطق يحاول ان يلوي الرفيق عقراوي عنق الحزب الشيوعي العراقي وتصنيفه تحت لا ئحة اليسار. لا ادري هل الحزب الذي يعقد التحالفات مع القوى الاسلامية وينشر اليافطات ويكتب عليها امام مقراته في بغداد والمدن الجنوبية " ننعي الامة الاسلامية بمناسبة استشهاد الامام الحسين ع" ويستبدل مقولة الاحتلال بالتحرير ويعرف سكرتيره حميد مجيد موسى نفسه بأنه شيعي عربي وليس بشيوعي وينظم المناسبات في عاشوراء ويطبخ اعضائه بتوجيهات من قيادته "الهريسة والقيمة" ويعقد الصفقات مع البعثيين مثل راسم العوادي في تأسيس اتحاد عمالي كارتوني ويدخل في تشكيل مجلس حكم طائفي وقومي تحت يافطة الشيعة ووو .. الخ. كيف يصنف هذا الحزب باليسار ؟
ان تصنيف رزكار عقراوي لليسار ليس من تصنيف المجتمع بل نابع من ذهنيته اليسارية التي يوجه النقد لها. الم يقل كارل ماركس في نقد برنامج غوته ان الحركة لا يمكن تقييم نفسها من خلال نفسها بل من خلال حركتها في المجتمع.
ولان نظرة رزكار عقراوي هي نظرة ذهنية لا تتجاوز ذهنيته، فأنه يعتقد ان كل اربع اشخاص يجلسون في مقهى ما او في غرف المحادثة للانترنيت ويصدرون بيان ما فأنهم منظمة يسارية و يمثلون حركة ما في المجتمع. اما تقييم منظمة او حزب ما تقييما اجتماعيا من خلال المجتمع فهي غائبة كليا في تصور عقراوي. لان التصور اليساري هكذا. فأنه يعتقد انه قبلة العالم ومن خلال هذه القبلة تحدد الاتجاهات.
نحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي عملنا وسنعمل للانقطاع مع هذا التاريخ. وان الانشقاق الذي حدث في الحزب الشيوعي العمالي الايراني والمؤتمر الثالث للحزب الذي وجه العقراوي النقد له هو الناقوس الذي دق للاسراع في النضال سيلسيا وفكريا واجتماعيا ضد هذا الصنف من اليسار الذي ليس له علاقة لا من بعيد ولا من قريب بهموم المجتمع. ان صنف اليسار الذي يتحدث عنه الرفيق رزكار ليس لا ينظر الى الخلف فقط بل لا يحاول ان ينظر الى اكثر من امام اقدامه. نحن نحاول ان نقطع صلتنا مع هذا الصنف. ان برنامجنا وعملنا وشعاراتنا وبراتيكنا اليومي سيقرره المجتمع ونريد من المجتمع ان يصنفنا باليسار.
رزكار عقراوي ومؤتمر حرية العراق:
ومع هذا اني احب ان ارد بشكل عام على ابرز نقاط التي اثارها الرفيق رزكار عقراوي. ان نفس الرفيق رزكار اثنى على مشروع "مؤتمر حرية العراق" وقال انه خطوة في الطريق الصحيح واثنى على جهود الرفيق كورش مدرسي لطرحه هذا المشروع. وانه احد الاشخاص الذي فاتحته شخصيا بهذا المشروع قبل اربعة اشهر من اعلان المؤتمر. ببساطة لم يوافق على الانضمام لانه لم ينطلق من ذهنيته والا لماذا لم ينظم الى المشروع؟. لقد تحجج حينها بأنه مشغول. وفي نفس الوقت يأتي ليطرح مشروع لقوى اليسار ثم يثني على مشروع مؤتمر حرية العراق عبر الرسائل التي احتفظ بنسخ منها. اما النقطة الاخرى التي اثارها هي النظرة الفوقية للحزب الشيوعي العمالي لبقية الحركات اليسارية في المجتمع كما يدعي رفيقي عقراوي. واحب ان ارد على هذا بانني شخصيا مسؤول على ارسال الوفود الى جميع القوى السياسية التي لها حضور في المجتمع العراقي وليست مجاميع ليست لها وجود الى في حيزها الذهني. وارسلت الرسائل الى شخصيات مثل السادة كاظم حبيب وسعدي يوسف وكذلك ارسلت وفدا لالتقاء الشاعر مظفر النواب في سورية. وايضا اول من ذهبنا اليه هو الحزب الشيوعي العراقي، بل وكل القوى التي فاحت منها رائحة اليسار. فكان الرد من الذين استقبلوا وفدنا في الحزب الشيوعي العراقي والحركة الاشتراكية العربية: كيف تريدون انهاء الاحتلال! فلو لا الاحتلال لما كانت لكم مقرات في العراق. انه فضل الاحتلال عليكم وتريدون ان تنهوا الاحتلال الان". ان الرفيق عقراوي يتهمنا بأننا الوحيدين علمانيين ويساريين ولا نعترف بغيرنا. اقول هنا ماذا عن قيادة مؤتمر حرية العراق فأن اكثر من 40 % هم ليس اعضاء الحزب وقسم منهم لديهم ملاحظات وخلافات مع طروحات الحزب وخطابه السياسي. ان مؤتمر حرية العراق يفند اتهمات رفيقي عقراوي حول مزاعمه. وتاكيدا على ذلك فعبر مقابلة رسمية مع "اذاعة سوا" ومن بغداد في رد على سؤال المذيع عن تحالفنا مع الحزب الشيوعي العراقي قلت بالحرف: اذا كان الحزب الشيوعي العراقي يريد ان يوقع معنا على اتفاقية للعمل على تاسيس حكومة غير قومية وغير دينية وفصل الدين عن الدولة فنحن نعتبر الحزب الشيوعي اقرب حلفائنا واننا على استعداد للعمل معه. رد المذيع هل نعتبر هذا الكلام رسميا قلت له انه كلام رسمي واني اجدد هذا الدعوة الان وعبر هذا المقال. واكد عليه ايضا الرفيق ريبوار احمد في مقابلة مع جريدة الاخبار التي تصدر في وسطه وجنوب العراق على نفس النقطة قبل اكثر من 4 اشهر.
توحيد قوى اليسار على الانترنيت:
ان من يريد ان يوحد قوى اليسار كي يأثر على المجتمع لا يمكن ان يوحده على صفحة الانترنيت. ان المجتمع العراقي يحتاج الى اطار سياسي واجتماعي وعسكري. انه يحتاج الى قوة متدخلة يومية تواجه قوى الارهاب الاسلامي والقومي والامريكي..
نعم يا رفيقي العزيز ان الانترنيت مهم جدا لكن دون الاطار في داخل العراق فلن يتجمع حوله الا المثقفين اليساريين المنعزلين عن الواقع الذين لا يجيدون غير السفسطة واللغط واللغو والسباحة في عالم ذهني ليس له علاقة بالمجتمع. ان مثل هذا النوع من اليسار لا يمكن ان يتوحد على صفحة الانترنيت لانه يعيش في عالم غير عملي وان الانطلاق من الذهنيات هو التقييم وهذا هو سر عدم النجاح في توحيد الاصناف اليسارية الذي تحدث عنها. ان الاسلاميين يستخدمون الانترنيت للاعلان عن جرائمهم بحق البشرية اما يسار الرفيق رزكار يستخدمون لتبرير انعزالهم عن الواقع العملي. ان الشيوعية ليست قلم فقط بل هي براتيك او ممارسة عملية يومية. ان الشيوعية يجب ان تغير حياة البشر كما قال عزيزنا منصور حكمت وان الفلسفة يجب ان تغير كما قال المفكر العظيم كارل ماركس.
واخير اقول هناك مؤتمر حرية العراق. انه اطار تنظيمي واجتماعي وسياسي مستقل عن الاحزاب السياسية. انه يدعو الى التحرر والعلمانية وتأسيس حكومة غير قومية وغير دينية. اذا كان احدا جادا في مشروع لتوحيد اليسار ليعلن انخراطه في صفوفه. والا لا نريد المزيد من البكائيات والتراجيديا على عمل اليسار مثل لطميات القوميين العرب على الحركة القومية العربية. انني شخصيا اعيش في بغداد وسط الارهاب الدولي. ليس لدي اي استعداد في عقد صفقة على الانترنيت مع اشخاص بعيدين كل البعد عن الواقع العراقي يقدمون لي النصائح واذا لم اصغ اليهم اتحول الى يساري صعلوك ومتمرد ومغرور.
ان من يطرح مشروعا سياسيا يجب ان يكون في مقدمة النضال وينزل الى الميدان العملي. ان الرفيق رزكار يريد عبر الرموت كونترول ان يوحد اليسار حول الكلمة على صفحة الانترنيت اما في الميدان العملي يطلب من الاخرين ان ينزلوا على الساحة. فهذا التصور نابع من جلوسه في برجه اليساري العاجي بعيدا عن بغداد يحتفظ بالملوكية اليسارية لنفسه وينكره عن الاخرين. لان المثقف اليساري يعتقد هكذا فهو يخطط للعالم واما الاخرين فهم رعاع عليهم بأتباعه. الجماهير تنهال عليها السياط وهم يحسبون عدد السياط

*********************************
هل تعيش قوى اليسار والديمقراطية في الوقت الضائع؟ ألم يحن الوقت للعمل المشترك في ما بينها؟
رزكار عقراوي
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=37913

#سمير_عادل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات