أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - عن الدكتور حسن و الدكتور سامي – ثروة العقول العربية















المزيد.....

عن الدكتور حسن و الدكتور سامي – ثروة العقول العربية


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4284 - 2013 / 11 / 23 - 15:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين هو أحد مكونات هوية البشري، يتأدلج به منذ الصِغر، ينمو مع الإنسان فيشكل لديه أساس نظرته للحياة و طريقته في الحكم عليها من خلال ما يظن أنه حقائق حسب تلك الأيدولوجية التي يتبعها، و بالضرورة يصيغ 1. منهجه في تلك الحياة 2. و كيفية سلوكه مع محيطه 3. و شكل علاقاته و حدودها 4. و ردود أفعاله 5. و مُنطلقات التفكير و الفعل لديه.

هذه النظرة للدين تجعل منه أكثر من مجرد نص أدبي قابل للتشريح و التفكيك، و هو فعلا ً نص قابل للتشريح و التفكيك. و إننا حين نقول أنه يجب تشريحه و تفكيكه و العودة إلى أصوله و مُنطلقات كتابته و التعرف على كُتَّابـِه و دوافعهم و مقاصدهم الحقيقية ضمن خلفياتهم المعرفية و هوياتهم الحضارية و الشخصية الكاملة و مخزونهم الإدراكي و الخبراتي و المعرفي الكامل، فنحن هنا مُصيبون مُنصفون مُتسقون مع هدفنا الأصيل و الذي هو الوصول إلى الحق و الحقيقة. و يتحتم علينا أن نُرحب بكل كشف ٍ نتوصل إليه بتجرد و حيادية حتى تكون مصداقيتنا شفافة نقية غير مشوبة، و بذلك قوية ً قادرة ً على أن تدفعنا لمزيد من البحث للوصول إلى الحقيقة.

أكتب هذا المقال و في بالي بالذات كاتبان في هذا الموقع لهما كل الإحترام و التوقير لما يخوضانه من مهمة شائكة بحق، لتفكيك النصوص و تشريحها و العودة إلى أصولها، هذان الكاتبان بترتيب اسميهما أبجديا ً: الدكتور حسن محسن رمضان و الدكتور سامي الذيب. و هما غواصان ماهران في بحور النصوص المُعقدة و المتشابكة و يبذلان جهدا ً شخصيا ً كبيرا ً يتطلب منهما الوقت و القوة و الصبر و المُتابعة، و مخزونا ً كبيرا ً من القدرة على التعامل مع مفاجآت النصوص وخيبات الأمل و الاكتشافات المُفرحة المُبكية في آن معا ً، و هذه كلها أحوال الباحثين عن الحقيقة.

ما يقدمه الدكتوران حسن و سامي يبدو صادما ً للقارئ العربي و هذا يعود إلى كونهما رائدين في منهجهما، و الريادة هنا بمعنى أنهما أول شخصين عربين أكاديمين يجهران بالنقد الواضح الصريح غير المُكنـَّى عنه و غير المخفي (دعك من أشخاص آخرين يقدمون النقد في منتديات الأنترنت كمحتويات ردحية فهذا لا وزن له عندي، أنا هنا أتكلم عن أستاذين)، هذا أولا ً، و ثانيا ً أنهما يقدمان النقد بأسلوب علمي تشريحي تفكيكي واضح، و يشتركان في الهدف و هو رفع القدسية عن النص، و كلاهما يتعرض لهجمات شرسة من أتباع الدين الآخر، و كلاهما يتم اتهامه أنه يروج لدينه، مع أن أي قارئ ٍ يمكنه أن يضغط على اسميهما لينتقل إلى الموقعين الفرعين الخاصين بهما و يستطيع أن يراجع مقالاتهما كافة ًو بهذا يتعرف على عقديتهما (العقيدة هنا بمعنى منظومة القناعات) و سيكتشف أنهما لا يروجان لأي دين و أنهما غير عقائدين بمعنى العقيدة كما يفهمها المُتدين المُلتصق بالنص.

ما يقدمه الدكتوران حسن و سامي للقارئ العربي هو لحاق ٌ حتمي و محمود بما يقدمه أساتذة غربيون لقارئهم في موضوع نقد النصوص المقدسة. الغربي مُعتاد على نقد النص المقدس و قد رفع عنه القدسية منذ سنوات ٍ و عقود ٍ و أجيال بعيدة، أما نحن فما زال النص عندنا "طوطم" القبيلة، لا يُلمس و لا يُنطق باسمه و لا يُتحدث به، و هو أساس وجودنا و محور حياتنا و راسم حياتنا، و هنا مقتلنا. جهد الأستاذين الكبيرين هو جهد ٌ لا بد منه، علينا أن نرحب به و نقرأه بتمعن، فيه الكثير من الصواب و القليل من الشخصانية، و هذه طبيعة البشر، لكن لا بد من الدواء و إن كانت مرارته مُنفرة لكن فيه الشفاء.

لا بد أن نعترف أن الكُتب التي في أيدينا هي نتاج الجهد البشري المُضني و المُعقد، المتحمس البرئ تارة ً و المؤدلج الخبيث تارة ً أخرى. و لا بد أن نعترف أيضا ً أن هذه النصوص ليست بالكمال الذي نظنه و لا هي بالإلهية بالقدر الذي نحبها و نريدها أن تكون عليه. و حتى نكون منصفين أيضا ً لا بد و أن نعترف أن هذه الكتب أيضا ً هي نتيجة رحلة بشرية أنثروبولوجية بحتة خالط فيها الوعي الحيواني العتيق الوعي البشري الأول و ظهر نتيجة هذا التخالط و التفاعل وعي حالي، لا نستطيع إن إردنا الإنصاف أن نرده وحده للبشرية و الحيوانية العضوية، لأنها يفوقهما بالقطع، و من هنا كان الباب المفتوح دائما ً نحو الألوهية و الله.

لا أعتقد أن نقد مسيحية يسوع أو نبؤة محمد هو أمر ٌ هدام في حد ذاته، فهذا أمر ٌ كان مُبتدأوه في أول الدعوة المسيحية من ناقدين كثيرين و لكم أن تراجعوا كتب الدكتور بارت إيرمن عن العقائد المسيحية المفقودة و عن النظرة إلى المسيح كنبي ابوكاليبتي و هي لفظة معناها (وليس ترجمتها): نبي يدعو لاقتراب نهاية العالم و الاستعداد لمرحلة جديدة. كما و لكم أن تراجعوا كتابات إبن الراوندي و الرازي عن الإسلام و محمد و مخاريق الأنبياء، فهذا كله جزء من التاريخ ليس جديدا ً لكن القارئ العربي يتعرف عليه لأول مرة. هذا التعرف يسبب للقارئ صدمة في الوعي و الإدراك لأنه يطلب منه أن يعيد النظر في قناعاته و ماهيتها و علاقتها مع الحقيقة و دورها في تعريف الحقيقة و ينزع عنها صفة المُعرِّف الأول و الأوحد و الوحيد للحقيقة فيجعلها مشاركة مع مجموعة مُعرِّفين جدد، و يقلل من حجمها و دورها و سطوتها، و يُجبره على تفكيك منظمة قناعاته و إعادة تركيبها بعناصر جديدة مع تغير تام في التصميم و البناء و أوزان مكونات المنظومة و تأثيرهم، و هذا أمر ٌ مُخيف جدا ً لمن كانت الأدلجة الدينية لديه طاغية طغيانا ً تاما ً مًستحوذة ً على الشعور و الكينونة.

لماذا أكتب هذا المقال؟

إن إيماني المطلق بأهمية الحقيقة و ارتفاعها عن أي مقدس ديني يتسق اتساقا ً تاما ً مع إيماني بالحرية الشخصية للبشر أجمعين، و مع إيماني بضرورة اتحادنا جميعا ً في الإنسانية لبلوغ كمالها و الانتقال إلى المرحلة الأسمى و الأعلى من الوعي. و لهذا أرغب من القراء الكرام - إن جاز لي أن أرغب أو أن أريد- أن يقرأوا ما يقدمه هذا العملاقان بتجرد و دون حكم عليهما و أن ينظروا إلى ما وراء النقد لكي يستطيعوا أن يدركوا القداسة الحقيقة و هي قداسة الحقيقة و قداسة الإنسان، و أن يحكموا على المحتوى و يفكروا فيه لا في الكاتب و أن يستطيعوا أن يُعملوا عقولهم و يبحثوا على شبكة الإنترنت و يثقفوا أنفسهم أكثر في البحث عن المراجع و قراءتها و المقارنة المتجردة بين الديانات دون تعصب أو عنصرية أو مجادلات تتخذ طابعا ً ردحيا ً لا يليق لا بالمقالات المقدمة و لا بكاتبين في حجم الدكتور حسن و الدكتور سامي و لا بالقراء أنفسهم الذين يكتبون في موقع علماني للحوار المتمدن، و لنُركز على كلمة: مُتمدن.

ليس المطلوب من أي منا أن يترك دينه لأنه قرأ سلسة مقالات، فالدين كما أوضحت في أول فقرتين من المقال يتجاوز نقد النص نحو قيمة النص و ما يقدمه للحياة و البشرية و الإنسان، و لهذا لا يجب أن تُفهم دعوتي أنها دعوة للإلحاد، فأنا نفسي مسيحي أعتز بمسيحيتي و أعشق مسيحي عشقا ً مُنسابا ً في كل ذرة ٍ من كياني، لكني أقول أن علينا أن نُعيد فهم النصوص و نعيد فهم الدين و نعيد فهم علاقاتنا مع بعضنا البشر، و أن نرفع القدسية عن أي نص يفرقنا كبشر و يضربنا ببعضنا و يتعارض مع حقوق الإنسان و بالأخص حقوق المرأة و الطفل. إن رفع القدسية عن النصوص من شأنه أن يأخذ من يد ثالوث المال و السلطة و الدين سلاحه الوحيد الذي يسيطر به على قطعان البشر و يُسيِّرُها نحو مسلخ الاستهلاكية المادية و تنامي ثروات المسيطرين على الاقتصادات العالمية على حساب الفقراء و المهمشين و العمال.

من مصلحتنا جميعا ً أن يكتب الدكتور حسن و أن يكتب الدكتور سامي، هذان عقلان جباران لا يجب أن يتم تقيدهما!

من كانت له أذنان للسمع فليسمع!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سفر الإنسان – ما هو الحق؟
- من سفر الإنسان - عشتروت
- من سفر الإنسان – الإنسان
- إشكالية العقلية العربية – السواقة، مساء الخير و عليكم السلام ...
- وجبة سريعة من سفر التطور - إنتصاب القامة و الذكر الأضعف
- نظرة ثائر – المرأة في قلب المسيح ضرب ٌ لمأسسة الدين و ستار ا ...
- أصل مشكلة حركات الإسلام السياسي – الصحراء، شظف العيش و القبي ...
- الله في وسط الصمت
- ما هو الحب؟ - سؤال المليون دولار
- من قلب الله - إن شئت َتُبصر
- حين َ يُجن ُّ العاشق - فلتحترق الدنيا حين نكون
- قراءة في سفر التطور – عندما عوى الذئب
- مناهج التعليم – مُكَثَّف ٌمن الدين بنكهة العلم الخفيفة
- حينما ذهب – من وحي الخياطة
- قراءة من سفر الحكمة – الفصل الثالث
- نيتشه – الإنسان عاريا ً.
- الهجوم على المسلمين – الإنصاف يقول توقفوا
- المطرانان المخطوفان – موسكو و الشيشان و حلب
- قراءة في سفر الإنسان – الله
- أضواء على التطور – القرد الذي لم يصبح إنسانا ً


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - عن الدكتور حسن و الدكتور سامي – ثروة العقول العربية