أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وسام سميع البادي - الدقائق الثلاثه الاخيره من عمر ( ارهابي )















المزيد.....

الدقائق الثلاثه الاخيره من عمر ( ارهابي )


وسام سميع البادي

الحوار المتمدن-العدد: 4284 - 2013 / 11 / 23 - 14:01
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الدقائق الثلاثه الاخيره من عمر ( ارهابي )
انعطفت السياره نحو مركز المدينه .. دخلت السوق .. لقد اختلط الماره بالسيارات والبائعون والسلع المعروضه على الرصيف .. زحام يتموج بين جدران المحلات وارصفه الشارع ...
كان عليه الوصول الى الجانب الاخر للسوق المزدحم .. لغرض لقاء الزبون المراد تسليمه السياره ..
انفجرت السياره .. تناثرت قطع الحديد ، المطاط ، الزجاج .. وتطايرت الالحان الشعبيه المخزونه على الاقراص المضغوطه ممزوجه مع لحم الانسان الطري .. فرسمت دائره من الفوضى المرعبه في كل المكان ..
ما كان يدرك ساعتها كم عدد الاجزاء التي فقدها من جسده ..

فتح عينيه .. كان كل شئ معتم .. دخان ولهيب .. شئ ساخن يحيط به من كل صوب .. كان هو راقدا في مركز تلك الدائره ..

اغلق عينيه : سوس .. سوس .. اشرب عرق سوس ..
في كل يوم كان يبيع شراب عرق السوس .. يشتري في المساء طعاما للاسره .. كان مدبرا .. كان يوفر في كل اسبوع شيئا من المال ، ليشتري لاحد ابناءه او لزوجته او لامه العمياء ماهو ضروري ..
في الاسبوع الاخير كان قد وفر ماقيمه حذاء وكراس وقلم رصاص لابنه الصغير الذي بدا منذ ايام الذهاب الى المدرسه لاول مره ..

فتح عينيه .. لهيب وتراب .. احسَّ ان جسده يحترق .. وما كان يميز الجزء الذي تفحم من الاجزاء الباقيه من اطرافه ..

اغمض عينيه : سوس .. سوس .. اشرب عرق سوس ...
ثلاث رجال بمظهر لطيف .. يشربون عرق سوس .. يدفعون قيمه ما كان يكسبه ليوم كامل .. يستغرب كرمهم .. متسائلا : هذا كثير ..
يردون عليه. : طعمه لذيذ .. انت انساناً كادحاً .. تستحق المساعده ..
اشترى في ذلك اليوم طعاما كثيرا ولحما وبعض الفواكه .. اخبر زوجته ان رجالا طيبون دفعوا له اكثر من حق ثلاث اقداح سوس ..
بعد عده ايام .. اشترى لامه عباءه جديده .. اخبر زوجته .. ان الرجال الطيبون قد جاءو اليوم ايضاً ودفعو له مقدار ما يكسبه باسبوع كامل ..
وكان جوابهم : طعمه لذيذ .. انت انساناً كادحاً .. تستحق المساعده ..

فتح عينيه .. كل شئ يحترق من حوله .. اللهب ينبعث من جسده ..
- هل اكون انا مصدر الحريق والفوضى التي تملئ المكان ؟ كم هذا مؤلم .. الهواء يغلي .. اتنفسه .. يحرق داخلي .. ويخرج كقاذف لهب من فمي .. ويحرق المكان ...
في هكذا حاله : لابد وان تحترق الروح كما يحترق الجسد ، فينبعث عمودا طويلاً من الدخان .. تتسلقه الروح هاربهً نحو والسماء ..

اغمض عينيه .. سوس .. سوس .. اشرب عرق السوس ...
في هذه المره جاء الرجال الطيبون وقالوا : اذا احب الله رجلا فلا يهبه كل يوم سمكه .. بل يعلمه كيف يصطاد السمك ..!
- هل بعثهم الله لي ليعلموني كيف اكسب المال واعيش من دون عوز ؟!
كانت جدتي تقول وهي تدعو لنا كل مساء : ربي التفت لنا ، وارحم هؤلاء الايتام ...
كنت اقول لها : ها انت ترددين هذا الدعاء كل يوم ومنذ زمن طويل .. ولم يتغير شيئا من وضعنا ؟!
كانت تجيب في كل مره : لابد وان يتفرغ الله يوما من عمله الكبير والمعقد وهو ينَّظم امور هذا الكون الواسع والامنتهي .. انه مشغول في مراقبه اعمال هذا العدد الهائل من البشر المتمردين على ارادته .. لكن لابد وان يتفرغ من كل هذه الاعمال ولو للحظات ويلتفت لوضعنا البائس ...
انهم تجار سيارات طيبون يقدمون لي عملا .. انا كنت سائقا ماهرا في الجيش .. سانقل لهم السيارات الى الزبائن في المدن الاخرى ... جدتي كانت على صواب .. اليوم التفت الرب لوضعنا .. ماكنت اظن ذلك ..
بدأً من اليوم سينتهي الشقاء ، وستعيش اسرتي حياه افضل .. سيواصل اطفالي دراستهم وهم يرتدون احذيه جيده وفي حقيبه كل واحد منهم تفاحتان وبعض الحلوى ...

فتح عينيه .. لهيب ممزوج بتراب الارض .. ممزوج بشواء جسده ..
- انا احترق .. هل انا في جهنم ؟ لكنهم قالو لنا : ان الله لايرسل الانسان الى النار من دون ان يكون هناك حساب ! فما من يوم حساب ؟
- هل سابقى هنا طويلا ؟ .. مخلداً ؟
- اه .. كم هذا موجع .. كيف يهون على الله ان اتعذب بهذه الطريقه البشعه .. ماكنت احسب يوما ان الله سيعاقبني بهذه القسوه .. والى الابد !
- هل هذا عدلاً ؟! لمن اشتكي ذلك ؟ وكيف لي ان اعترض ؟ لقد مضى دهراً ولم ياتي احدا لي ! .. كم سابقى هكذا ؟! ..
- هاي .. هاي .. هل من احد هنا ؟ هل من يسمعني ؟ اني اتالم .. احترق .. ؟ هل هذا هو الحكم النهائي ؟ اسياتي احدا مأموراً من الرب ليخرجني من هنا .. وهل سيقدم لي اعتذارا ؟ ... لكني .. سارفض ذلك الاعتذار .. نعم ، سارفض اي نوع من الاعتذار .. وساعترض ..! ( لكل انسان خطايا .. لكن الخطيئه الكبرى هي ان يُرمى الانسان في جهنم من دون حساب ..!)

اغمض عينيه .. سوس .. سوس .. اشرب عرق سوس ..
في الصباح قال لزوجته : ساعود بعد الظهر .. ساحصل على الجزء الثاني من المبلغ المتفق على دفعه لي .. ساشتري لك فستانا جميلا ..
ردت زوجته : اليوم ساشتري مقلاه كبيره ولحم وبعض الخضار .. ساشتري فواكه .. وكراسين وعدد من اقلام الرصاص .. وساشتري للصغير علبه اصباغ .. لقد وعدني الصغير : اذا حصل على علبه اصباع ، سيرسم لك عصفوراً وورده .. !
قبَّل زوجته واتجه الى خارج الدار ..
استطردت قائلهً : اليوم سيكون موعد الغداء متاخرا .. ساطبخ لك لحماً .. ساعمله بهدوء .. سيكون لذيذاً وسيكون جاهزاً عندما تكون انت عدت واجتمعنا ..
- لاتقلقي ساعود قبل ان يكون الطعام جاهزا ..

فتح عينيه .. جسده يحترق .. واجزاء اخرى انفصلت عن جسده وتناثرت في المكان .. رائحه اللحم البشري المحترق تملئ المكان .. يالها من وليمه خرافيه .. هل هذه هي رائحه شواء اللحم البشري ام رائحه الروح البشريه الهالكه ؟!
- لماذا يتجمع الناس حولي ومن دون ان يفعلوا شيئاً ؟ هل من بين هؤلاء من يهوى ان يشم رائحه اللحم البشري المحترق ؟ ( كل يوم .. يأكل الانسان كل انواع لحوم الحيوانات وكل انواع لحوم الطيور .. لكنه لا يشبع الا اذا اكل لحم اخيه الانسان )

اخذت النار تغوص في صدره .. ( كم هو قبيح شكل هذا العالم عندما تنظر له من خلال اللهب المنبعث من جسدك المحترق ...)

امتزجت الاصوات ببعضها ومن كل صوب .. كما امتزجت رائحه اللحم المحترق مع رائحه الحديد المنصهر والمطاط والزجاج وبعض ماكان يحمله الماره القريبون من المكان .. فمن بين صيحات الرعب التي اختلطت بالبكاء والوجع .. اختلطت بالصراخ والهذيان .. شاء له ان يتمكن من تمييز صوت مذياع سياره الاسعاف ، التي جاءت للمكان ، وهو يعلن الخبر الاتي : لقد تم التعرف على هويه الارهابي الذي فجر نفسه وسط السوق ....
فتح عينيه بقوه وسط اللهب ، وتسائل : ثلاث دقائق فقط .. كيف استطاعوا التعرف على اسمي بهذه السرعه ؟!! هل كان اولائك الرجال الطيبون هم الشرطه ؟!!! ... فتح عينيه بقوه اكثر .. ثم غاصتا في اللهب .. ثم اغمضهما الى الابد ...

وسام ...



#وسام_سميع_البادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدقائق الثلاثه الاخيره من عمر ( ارهابي )


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وسام سميع البادي - الدقائق الثلاثه الاخيره من عمر ( ارهابي )