أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم سواري - القوافي والكلمات تليق بكَ أيها العم نوري سواري














المزيد.....

القوافي والكلمات تليق بكَ أيها العم نوري سواري


محمد سليم سواري

الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 07:59
المحور: الادب والفن
    


إلى روح عمى المرحوم

كم هو صعب بعد أكثر من أربعين سنة من رحلتي مع الكلمات والقوافي أن تخونني وتضيع مني الكلمات وأن تهرب القوامي مني وتختفي في مناسبة وأنا أستنجد بالكلمات والقوافي لتكون لي المعين لأعبر من خلالها عن حبي ومودتي ووفائي وصدق مشاعري لإنسان كان ديدنه الحب والتسامح ونهجه المودة والنصيحة وغايته الكرم والوفاء ، كم كنتُ أفكر ومنذ سنوات وأخشى وأتهيب من مجيء هذه اللحظة ، لحظة وداعكِ لنا ورحيلكَ الأبدي عنا أيها العم الغالي ( نوري ) وأحسب لها مع نفسي ألف حساب وحساب ، كلما كان يرحل ويغيب وجه كبير من وجوه العائلة والعشيرة كان لنا عزاء بمن سيخلفه في تحمل مسؤولية الأب الكبير للعائلة والعشيرة ، ولكن عندما رحلتَ عنا عند ظهيرة السادسة عشر من هذا الشهر بعد أن تحملت تلك المسؤولية بكل جدارة أكثر من أربعين سنة ، ليس لنا عزاء بفقدانك إلا رحمة الباري عزوجل وكرمه ، لقد كنتَ الوالد لكل العائلة والعشيرة عندما كان يتنصل أكثر الآباء عن شرف مسؤولية الأب الحقيقي ، لقد كنتَ الأخ الكبير في مواقف كان الأخ ينكر أخاه ويدير له ظهره ، لقد كنت نعم الصديق في عصر فقدت فيه معظم شيم الصداقة ، لقد كنتَ البلسم لأنفسنا عندما يعجز علوم الأطباء .
أيها الرجل .. كنتَ الصبر في لحظات لم يسعفنا الصبر ، كنتَ الأمن والسلوان في أيام تَهجُم علينا عواقب الوهن والضعف من كل حدب وصوب ، كنتَ فينا نفحات الإيمان في وقت كانت أمواج الشك والقلق تجحفل وتعسكرعلينا بكل قواها ، كنتَ بإسمك الوسام على صدورنا عندما كان الآخرون يعتزون ويفتخرون بأوسمة معدنية على صدورهم .
أيها العم .. كلماتك ِ سوف تبقى ترن في كل كياني عندما أطلعتكَ بنيتي في الخروج من الوطن فقلت لي ( سعادتي تكمن في أن تبقى هنا بجانبي ) ولكن كان علي الوداع وحَرمتُك من تلك السعادة والأُمنية لأحسب لذلك الوداع ألف حساب وكان حدسي مع نفسي إنها ساعة الوداع ، فقررت أن تكون أنتَ آخر من أودعه من أقربائي وعائلتي ووضعت رأسي على كتفك لأجهش بالبكاء ورفعتَ بيديكَ الحنونتين رأسي لأرى وجهك ويبقي الصورة مرسومة في ذهني وهابني منظر الدموع وهي تنحدر من مآقي عينك بهدوء معهود ، كم هو صعب أن تنحدر الدموع من عيون شيخ تجاوز الخامسة والثمانين من عمره ورأى من آلام الحياة وقسوتها ما لم يراها الآخرون وراهن مع الموت على الموت دون أن يرتد له طرف أو جفن عند الشدائد والمحن .
والآن تهرب مني الكلمات وأنا أتذكر آخر جملة من آخر حديث لي معك عبر القارات والمحيطات لأهنئك بسلامة الوصول إلى أرض الوطن بين أهلك ورجالكَ ومريديكَ ، فكان كلامك وطيبة قلبك أكبر من كل مرضكَ وآلامك ومعاناتك من رحلة السفر والعلاج الطويلة فقلت لي ( رجائي أن تسمح لولدكَ روان بالعودة إلى الوطن ولا تهتم سأكون أنا والده هنا .. ) ، نعم لقد رحل عنا جسدك بعد ان غرست فينا كل قيم الرجولة من شموخ وإباء وحكمة وصبر وإقدام .
أيها العم .. في هذا اليوم القلم الذي لا يرثيك سوف لن أُزامله ، والكلمات التي لا تُذكركَ سوف لن أُصادقها ، والعيون التي لا تدمع لك فما لي ولتلك العيون ، والقلب الذي لا ينصب خيمة عزاء في كل خلية من كياني فما هو بقلب ، والأذان التي تَصم عن كل كلماتك فهي من الصخر جلمود .
أيها الرجل.. لم تكن خريجَ جامعة أو كلية أكاديمية ولكنك جاوزتهم لأنك خريج مدرسة الحياة وتعلمت من معاناة ومبادئ ( ريبه ر القدوة وشيرو الأب و عه زو العم ) الكثير ، حيث القرية والديوان والوفاء والنبل والمبادئ الأصلية النابعة من كل قيم الآباء والأجداد وقول الحق عندما كان يقتضي ذلك وأمام كائن مَن كان ويكون ؟؟
وأخيراً ليس لنا إلا أن نقول ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَتي ) .



#محمد_سليم_سواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص ( نيران العبيدي ) والتمثيل الدبلوماسي !!
- ضفة الحب والحياة
- ما بين عاصمة الحب والروح
- حوار سياسي في مربع لغير السياسيين !
- الحب بين الغاية والوسيلة
- وكم يحلو الحديث عن وطني ؟؟
- العشق في محراب شيخ الشعراء الكورد
- الحب وقدر جبران خليل جبران
- لمن يكون صوتكَ في إنتخابات برلمان كوردستان ؟؟
- لمن يكون رهان الحب ؟؟
- الديمقراطية في قريتي وفي وطني
- أنا لا أعرف ؟ !
- البداية من عتبة البرلمان العراقي
- مدرسة الحياة
- حوار بين الأُم وإبنتها
- الحقيقة الخالدة
- مع آلهة الحب ؟؟
- هي نغمات الحب ؟؟
- الحب ميزان الحياة
- عاشقة الليل والكلمات ؟؟


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم سواري - القوافي والكلمات تليق بكَ أيها العم نوري سواري