أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - معنى فني أصيل مترجم باللون والخط والواقع الدرامي














المزيد.....

معنى فني أصيل مترجم باللون والخط والواقع الدرامي


ضحى عبدالرؤوف المل

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


يهتم " عباس مكي" بالنواحي الانسانية فنيا ، فيرسم التعابير المضمونية، وكأنها دراما مسرحية نقرأها تمثيليا قبل أن تتكون المشاهد الانسانية في المخيلة، وكأن شخوصه تخرج من روايات ايحائية تحمل العناوين الفنية المختلفة، فهو قادر على منح المفردة التشكيلية معنى فني أصيل مترجم باللون ، والخط ، والواقع الدرامي المتخم بالتعبيرات والدلالات الرمزية، الواضحة للعين المتذوقة التي تتأمل المضمون والأسلوب، والفواصل النفسية الناتجة عن اللاشعور الفني عند الفنان " عباس مكي" وطابعه المزاجي المغلف بالمأساة والتراجيديا، والخربشات المتصلة بتقاطعات سيميائية. تجعلنا نستقرأ كل حركة ناتجة عن الضوء او الظل او الخط المتعرج الشبيه بتحولات الانسان في مراحله العمرية والنفسية المختلفة. اذ ان التكوينات البصرية المختلفة في اتجاهاتها الفنية. ان تعبيريا او رمزيا أو حتى بانوراميا، ما هي الا ثقافة فنية انسانية تحمل رسالة واضحة المضمون، فالريشة الحزينة التي يمتلكها " عباس مكي " مليئة بالمؤثرات الانفعالية التي ينتج عنها محاكاة قوية التفاعل. تأخذنا الى حيث " البؤساء" او " احدب نوتردام " ، وكأن كل لوحة من لوحاته هي قصة او رواية كتبها بالخط، واللون ، والايحاء التعبيري المبني على الواقع الدرامي، والابعاد الانسانية المؤثرة في الشكل ، والنسق ، والعمق، وفي التكثيف المعنوي للحركة المرئية المتوافقة مع السرد والاختزال والصياغة الفنية.
يضعنا " عباس مكي" في اعماله الفنية أمام حقائق انسانية لا تخلو من نزاعات نفسية، وصراعات ناتجة عن الأنا المتأثرة بالعوالم الداخلية والخارجية ، الصامتة والمنطوية على توترات مقلقة، مفتوحة نحو تأويلات لونية نستدل من خلالها على المعنى الغرائبي المحافظ على الشكل الانساني، والمنظور التقني المبتعد عن العشوائية التعبيرية، والمتلاحم مع الخربشات الموضوعية الناتجة عن صراعات الخير والشر داخل النفس، فالسلبية الرمادية المحايدة في اكثر من لوحة آحادية تدرجت الوانها بشكل تصاعدي، وشفاف مما يمنح الرؤية هواجسا اجتماعية مبنية على ثيولوجيا مفتوحة الأبعاد، ومتناقضة جماليا حيث القبح المقترن بالبؤس والألم والوجع الانساني.
تحيط رسومات " عباس مكي" بالمعاناة الانسانية المندمجة مع الواقع المعاش في محيط بيئي لا يبتعد عن المنطق التشكيلي، وتعبيراته الظاهرة على وجوه شخوصه او حتى معالم الخطوط الرقيقة ، والشفافة التي تكاد ترى بالعين، ولكنها محسوسة معنويا من حيث قوة انفعالاتها، وكأن انامله تعترف بوجعه الانساني، فالصور الذهنية تظهر من خلال الجزئيات اللونية الهاربة من حدث ما يحاول التقاطه حسيا، فيدركه اللون ومعانية معتمدا على المحاكاة الصامتة بينه، وبين الرائي واللوحة. ليخلق جدليات تفوح منها فلسفة انسانية محملة بعبق الخوف من المستقبل المجهول للانسان وسماته المشتركة مع الكائنات الاخرى من حوله ، كالحيوانا ت، والاماكن ، والاشياء الجمالية المؤثرة على وهميات نشعر بها ، كأنها تخرج من كوابيس حياتية. الا انها تمثل تفاصيل الزمن الانساني .
يحاول " عباس مكي" تصوير مشاعرة ومخاوفه، والجماليات التشكيلية من خلال الامساك بالحركة التعبيرية، وتجريد اللون ليتآخى مع الاشكال الهندسية، وايقاعاتها المتناغمة مع الخط والفراغ ، والابعاد التي تتراىء كمشاهد متحركة يسبقها النظر. ليتابع حركة شخوصه ومعانيها التشكيلية، فالمفردات الايحائية واقعية التخيل من حيث وجودها الذاتي داخل النفس . مما يحقق حوارات مفتوحة المضمون الوهمي او الخرافي للانسان الخائف او حتى الحيوان المترقب لشىء ما ، كصورة الكلب الحارس لقلق انسان يجلس على كرسي في عتمة تتناغم مع المعنى، وكأن الاسلوب والمضمون داخل كل كتلة . يحاول البصر ترجمتها بحدس فني يتولد عنه فروقات تنفصل عن الواقع ، ودرامية اللون المعتم ، وتراجيديا الظل المتوائم مع تفاصيل اللوحة الظاهرة ، فالموضوعية في مضامين لوحاته تثير الحس الفني عند المتلقي، وكأنه يقرأ قصة قصيرة عن الانسانية والمجتمعات البائسة في ظل امكنة عشوائية. تركها " عباس مكي" ملونة بغوامق تظهر التغيرات الزمنية التي تطرأ على الانسان . مما يمنح لوحاته تعبيرية واقعية تؤثر على الادراك، وجمالية اللون ومعانية الدرامية التي تؤكد على اهمية اللون في خلق مؤثرات تتغلغل داخل الشكل الواقعي المرتبط بالخط الافقي، والمساحة التي تضيق بصريا . كأنه يجمع الزمن في مكان له تحولاته الرمزية من حيث الزوايا، وحقيقة الوجود الكوني الذي يشعر به الانسان، ويؤثر عليه نفسيا كالفرح والحزن، وهذا ما يظهر بوضوح شديد على لوحات " عباس مكي" الفلسفية والتي تعالج وجودية الانسان ، وقدرته على التناغم مع الامكنة والمحيط البيئي الذي يعيش فيه.
يقول بيير ريفيردي:" بأن الصورة خلق ذهني . لا يمكن أن تولد من مقارنة، بل من مقاربة واقعين متياعدين بنسبة او بأخرى، وكلما كانت الصلات بين الواقعين المقاربين بعيدة كلما جاءت الصورة قوية، وكلما زادت قدرتها التأثيرية زاد واقعها الشاعري. " فالصورة المؤثرة في لوحات" عباس مكي" هي وليدة شرخ اجتماعي. يحاول بث تصويرات عنه، لتصل الرسالة عميقة المعنى والمضمون ، والاسلوب، والعاطفة النافرة من الخيال، والمقترنة بالواقع وملامحه التي تؤكد على انتهاك حقوق الانسان ، فالجمع بين المتناقضات الرياضيات واللونية له خصوصية مسرحية ومشهديات تحمل في داخلها تشكيلات مضيئة في جوهرها الفني، لتتحد العناصر الفنية في لوحة تمثل الانسان ونوازعه النفسية.
أعمال الفنان عباس مكي من مجموعة متحف فرحات
بقلم ضحى عبدالرؤوف المل
[email protected]



#ضحى_عبدالرؤوف_المل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلابة الرؤية المتأثرة بالمساحات الفراغية
- صلابة الرؤية المتأثرة بالمساحات الفراغية
- موجة...ضحى عبدالرؤوف المل
- علي احمد اسعد: لبنان رفيق الحريري سينهض والربيع قادم
- إيقاع الحياة بين رجل وامرأة وشيطنات طفلة
- القدرة على تصنيع المشهد الحي.
- من أين لي بفاطمة؟
- لا أدري كيف بدأ بكَ زماني؟..
- الهلال الأسود...
- والماء حين يغضب....
- هي في قبضة الريح...
- أبعد من الحواس...
- ذوبان الأجساد...
- ستعرف ما بيننا
- صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...
- هذا الذي بيني وبيني... رسائل من قلبي إليك...
- في قلبي ألَق من لمسة حب...
- شُعلة حُبّ لا تُنسى...
- سافر بي كي ينطق الياسمين
- تيّمني هواه وشجاني...


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - معنى فني أصيل مترجم باللون والخط والواقع الدرامي