أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سهى بطرس قوجا - أمي لا تحبني ... أمي تكرهني














المزيد.....

أمي لا تحبني ... أمي تكرهني


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 17:39
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    



طفل في العاشرة من عمره حينما لاحظ أمهُ توبخهُ وتصرخ بوجههِ لأنهُ قام بتصرف خاطئ وهو غير مُدرك لهذا أو من وجهة نظره الغير مُكتملة هو صحيح، شعر بحزن وبدأ يرمق والدتهِ بنظرات عتب ومسألات، ثم بدأ يجهش بالبكاء بصوت عالي ويضرب الباب بقبضة يده الصغيرة، كنوع من التمردّ، أنهُ يثور ويعارض ما بدرّ من موقف والدتهِ ولا يقبلهُ! أنهى ضجيجهُ الغير مُنتهي وذهب إلى سريره وأمسك بقلم وكتب في قصاصة ورقية صغيرة خاصتهِ هذه الكلمات:" أمي لا تُحبني ... أمي تكرهني". كتبها لمُجرد ذلك الموقف وتلك الكلمة القاسية المسموعة من والدتهِ. كتبها على ورقة نعم، لكن نقشها في داخلهِ أيضًا للقادم من العمر!
مرتْ السنين وكبرَ الطفل وأصبح شابًا وأقبل على الحياة وبات لهُ وعيهُ الذاتي المستقل، ولكن بنفسية تتصف بإحساس القسوة، كلمة والدتهِ بقيت في داخلهِ وكبرت معهُ وكأنهُ كان مُتعمدًا أن يعيش تلك الحالة العابرة بذلك العقل الطفولي، لم ينسىّ ذلك البكاء في طفولتهِ وقسوة والدتهِ العابرة وتلك الكلمات التي كتبها في ورقتهِ، لم يستطع التخلص منها، بقيت في ذهنهِ وتحضرهُ كلما حاول القيام بشيءٍ ما، أصبح هو نفسهُ يترقب نفسهُ قبل أن يبادر بشيءٍ، أصبح يقيم الحياة ويراها من خلال عدسة ميكروسكوب خاصة به، بمعنى تكون في أعماقهِ نوع من الخوف! ووالدتهِ هي الأخرى في وقتها غضت النظر على تصرفهِ وثورتهِ ولم تُعرهُ اهتمامها واعتبرتهُ كتصرف أي طفل لا يستسيغّ أحيانًا بعض المواقف وسينسى، ولكنها لم تعلم ما تكون بداخلهِ ولم تدرك أنهُ بقيّ يعيش في تلك الدائرة وفي ذلك الخوف الذي لم يكنْ لهُ أي مُبرر سوى كونهُ حالة عابرة، ومنها هي الأقرب إليهِ .. والدتهِ؟!
كما نعلم أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدةٍ، دائمًا ما تأخذك مع مدها إلى حيث لا تريد أو ترغب، هذه الحياة التي فيها من الضغوطات أكثر والتي تجعلك تعيش التوقعات أكثر من الاحتمالات، وتعيش الأعباء قبل الراحة، وتتذوق الألم والآهات قبل بسمة صغيرة متولدة عن سعادة عابرة، هي تبقى جميعها في الحياة لحظات تمرّ وربما تفرض نفسها! ولكن طفل صغير لا يفقه من الحياة شيءٍ أكيد سوف تتكون في ذهنهِ صورة مختلفة للحياة، صورة تعتمد ألوانها بالدرجة الأساس على أجواء العائلة والمُقربين لديه من الوالدين، وأدنىّ خطأ أو تصرف في غير محلهِ سوف يكون لهُ وصمةٍ في نفسهِ وسوف يعيشهُ في إحباط وتغبط وخيبات أمل، مرورًا مع الوقت إذا تركت بدون أن تخبوّ أو تنطفئ.
الطفل يولد وهو صفحة بيضاء قد تكون متينة أو رقيقة، قد تتحمل أو لا تتحمل رأس القلم المُدبب وهي تكتب عليه كل ما يحضرها لحظتها، وحسب نفسية كل طفل ومدىّ إدراكهِ واستيعابه للموقف. الحياة والمستقبل بالنسبة لهُ مجهول لا يعرف شيءٍ منهُ وكذلك لا يعرف أنهُ سيتوقع فيه الكثير من الاحتمالات، الكثير من المعاكسات والكثير من الالتزامات بعكس الوالدين الذي لديهم تلك الخبرة المُكتسبة والتي بدورهم يطورونها بخبرتهم مع بعض ويغرسونها في نفوس الأبناء منذ صغرهم، هم قاعدة لقاعدة أخرى مستقبلية أكثر تطورًا وتقدمًا.
وأكيد ليس هنالك أمٌّ تكره أولادها أو من الممكن أن تفكر بهذا، ولكن هذا الخوف عليهم في توقيته الغير مناسب والمُنتسب طبقًا لنفسية الطفل أو في الحالة التي كانت تحضر الأم وقتها بسبب ظروف وضغوطات العمل، هو من يعطي فكرة بهذا عنها في ذهن الأولاد، أنها حالات نفسية يتعرض لها الطفل، ومدى حبهِ لوالدتهِ وتعلقهِ بها تجعلهُ يظن هذا وربما تكون قاعدة لهُ مُستقبلا لتولد المزيد من الاحباطات التي تبرز في حياتهِ المستقبلية ونفسيتهِ وتعاملهِ مع الآخرين، أنها تترك أثارها في صحة عقولهم ومن ثم أجسامهم وتورثهم وهنًا نفسيًا تلوح أثارهُ مُستقبلاً، مما قد يفقده الأمل والثقة بالنفس وبالآخرين وتجعل الحياة في نظرهم باهتة لا تستحق وبلا معنى.
الوالدين في حياة أبنائهم ليس دورهم مُحدد فقط بالأبوة والأمومة، بلْ هم كل شيءٍ وأشياء الأشياء والقادم من الحياة في الحياة، هم ذلك الرائع والأنيق والمصدر واللحظات والنموذج الذي يبقيهم إزاءهِ ناضج الشخصية والدافع إلى الرسالة الحياتية الصائبة والمُتزنة. ونعم أن للوالدين شخصية تختلف الواحد عن الآخر ولكن بوجود الأولاد تتحدّ لتخلق وتكون شخصية تسكب في هذا الكيان الصغير، بالتكامل والبنيان والثقة والرزانة والنجاح ومواجهة الصعاب بكل قوة واقتدار وبدون تردد أو إتكالية.



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصادم اللاحق
- نقشتْ لهُ قبلة على الجبين
- رحلتي إلى الخيال
- الشتائم حيلة المُفلس
- وكان لهُ ما أرادَ
- الرضوخ بين الممكن والمستحيل
- نسيم الأماكن
- تأملات في الإنسان
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها
- الشهادة العلمية: هل هي نقطة في ديمومة الحياة؟


المزيد.....




- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سهى بطرس قوجا - أمي لا تحبني ... أمي تكرهني