أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال الربضي - من سفر الإنسان – الإنسان














المزيد.....

من سفر الإنسان – الإنسان


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 15:37
المحور: حقوق الانسان
    


من سفر الإنسان – الإنسان

في أي لحظة من لحظات الحياة إذا نظرنا بمسؤولية و تجرد من الأيدولوجيات نحو أنفسنا و الآخرين، سنجد أننا جميعا ً بشر متشابهون في إنسانيتنا و في حاجاتنا، كما سنجد أننا جميعا ً مخيطون بنسيج واحد يجمعنا، يكون خروج أحدنا منه تمزيقا ً له و إضعافا ً و تشويها ً لكل الصورة، و تدميرا ً للخيط الخارج نفسه حيث يكون عندها في اللامكان.

نصمت كثيرا ً أمام مناظر الشقاء من حولنا، أطفال يجبرهم أهلهم على التسول أمام المطاعم التي يدخلها أولادنا، ينظرون إليهم و كأنهم من صنف ٍ آخر لا يستطيعون الرقي إليه، بينما هم -الناظرين - يعيشون في بوس و شقاء يشتهون قطعة ً من تلك الشطيرة أو وركا ً من دجاجة ٍ مقلية فيأخذون بدلا ً عنها الركل و الصفع و الزجر و التخويف و العنف من أقرانهم و من والديهم، حتى إذا ما انتُهكت طفولتهم ضحايا صاروا عندما يكبرون جُناة ً يُمارسون على أطفالهم ما مورس عليهم، في سخرية ٍ شديدة القسوة.

نتغاضى عن مصائب الآخرين طالما أن الشر بعيد ٌ عنا و نحاول نسيان أي مشكلة حصلت مع شخص نعرفه لأنها تنتقص من مخزون الطمأنينة الموجود لدينا و تُهدد استقرارنا النفسي بإقحامها نفسها على وعينا مُنذرة ً له بوجود فعل ٍ يقتضي سلوكا ً رد فعل ٍ يدمر السكون اللذيذ و مُخدر الاستسلام و الطمأنينة.

نتعامل مع الأمور من مُنطلق عقائدي بحت فتكون أخبار العراق و سوريا مجرد قراءات تتطلب منا حكما شرعيا ً مُستمدا ً من الأيدولوجية دون أن تمس إنسانيتنا أو تؤثر فيها أو تحرك قعرها الآسن ليطفوا على السطح بقية ُ إنسانية ٍ و تعاطُف ٍ قتلناهما عندما استبدلنا الدين بالإنسان و جعلنا النص فوق البشر.

و نُترجم قسوتنا الحيوانية و انعدام إنسانيتنا إلى موافقات شرعية نحكم بها على حوادث الموت و التشويه فلا يهتز لنا جفن إن كُنا سُنة ً و القتيل شيعي، أو شيعة ً و المنكوب سني، أو مسيحين و الضحية إخواني، أو إخوانا ً و المجني عليه قبطي. نحن سعيدون أننا مختلفون و أن كل منا على الحق له رسالة و كتاب و رسول و دين هو وحده الصواب و الباقي خطأ.

لم نسأل يوما ً أنفسنا هل الله و هو الذي صنع كل هذا الكون بما فيه من تريليونات ترليونات المجرات و المُتسع و المتمدد، ضيق العقل إلى الحد الذي يُفرق فيه بين زيد و عبيد و سعيد و سعيدة و العربي و غير العربي و المسيحي و المسلم ؟ هل معقول أن الله سيحرق النساء اللواتي لا يتحجبن بالنار و يحرق جلود البشر أو يرميهم حيث البكاء و صريف الأسنان؟ هل من المنطق أن الخنزير الذي يُستخدم لاستخراج الأنسولين الذي يُعطي الحياة لمرضى السكري نجس بينما الدجاجة التي تعيش في تجمعات ٍ مُقرفة لا تستطيع الدخول إلى قِنِّها من نتن رائحته طاهرة؟

لم نسأل يوما ً هل معقول أن من يومن بالمسيح ابنا ً لله يدخل الملكوت السماوي و من يكفر به فهو في التعاسة الأبدية؟ هل هو طبيعي أن نعتقد أن من لا يؤمن برسالة محمد فهو في النار أما من يتشهد الشهادتين مؤديا ً الصلوات و الأركان الإسلامية في الجنة؟ ماذا عن بقية البشر، أليسوا بشرا ً مثلنا؟ ألا يوجد لهم رسل و أنبياء و أرباب؟ و ماذا عن المُلحدين الذين يتعاطفون مع الناس و يعيشون الحياة البشرية مُبتعدين عن القتل و الذبح و اللصوصية و النفاق، هؤلاء ِ ما شأنُهم، جهنم؟

لماذا نرتجف ُ من الغضب من كتاب ٍ ينتقد المسيح أو محمد بينما عندما نشاهد ُ منظر َ طفل ٍصومالي ٍ نشف جلده و ذهب دُهنه و التصق ما تبقى من اللحم بالعظم لا نهتز و لا نرتجف ُ لكن نُبعد الصورة ً فورا ً سابقينها و مُلحِقينها بدعوات ٍ من صنف ِ: "الله يعفينا" أو "الحمد لله الذي فضلنا على ما ابتلى به غيرنا"؟

لماذا الموت المجاني في سوريا و العراق لا يُثير فينا سوى الرغبة في معرفة "الحكم الشرعي" بفتوى من شيخ أو مجاهد، ماذا عن الحكم الإنساني أيها المعاتيه!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

لماذا نصلي في كنائسنا و نكاد ُ نتفتق ُ من الوجد الروحي و نحن نتكلم عن المحبة ثم في أقرب مناسبة في خلاف ٍ مع جار ٍ أو صديق تختفي المحبة و يظهر الكبرياء والغضب؟ أيها المنافقون أفيقوا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

لماذا لا نستطيع ُ في أي لحظة من اللحظات أن نلتقي مع بعضنا البعض كبشر؟

دعوني أقل لكم السبب: نحن خائفون أن الإلتقاء مخالف ٌ لعقائدنا و شرائعنا فالأسلم لنا ألا نلتقي إرضاء ً لله و درءا ً للشُبهات و أسلم من الناحية ِ اللاهوتية و الشرعية. نحن نتظاهر و نكذب على أنفسنا و نعتقد أن في كذبنا -الذي لا نريد أن نعترف أنه كذب- مرضاة ُ الله، و كأننا نقول أن الله يحب الظلم و أن الله يريد الاختلاف و أن الله يريدنا أن نكذب.

جعلنا من الله شيئا ً مقيتا ً كريها ً مسخا ً لا هو بالمنطقي و لا بالعاطفي، مجرد أيدولوجية فارغة بلا مضمون حقيقي و لا نتيجة إيجابية.

سيداتي سادتي: الله محبة، و الإنسان هو المُقدَّس الأول، أحبوا بعضكم و تعانقوا، العناق مفيد، ربما لأننا عندما نتحسس بعضنا نستطيع أن نفهم أن اللحم واحد و رائحة العرق واحدة، و الشفاه واحدة و الريق واحد، و الثياب واحدة و القلوب واحدة و الشوق واحد، و تحتهم كلهم و فيهم جميعا ً الإنسان ُ، رائحة ٌ بطعم الحياة و بُخار ذبذات الطبيعة البشرية في فضاء ٍ من كرامة ٍ و عبق ٍ من كمال ٍ واحد.

إفتحوا النوافذ، و لتدخل الشمس.

من كان له أذنان للسمع فليسمع!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية العقلية العربية – السواقة، مساء الخير و عليكم السلام ...
- وجبة سريعة من سفر التطور - إنتصاب القامة و الذكر الأضعف
- نظرة ثائر – المرأة في قلب المسيح ضرب ٌ لمأسسة الدين و ستار ا ...
- أصل مشكلة حركات الإسلام السياسي – الصحراء، شظف العيش و القبي ...
- الله في وسط الصمت
- ما هو الحب؟ - سؤال المليون دولار
- من قلب الله - إن شئت َتُبصر
- حين َ يُجن ُّ العاشق - فلتحترق الدنيا حين نكون
- قراءة في سفر التطور – عندما عوى الذئب
- مناهج التعليم – مُكَثَّف ٌمن الدين بنكهة العلم الخفيفة
- حينما ذهب – من وحي الخياطة
- قراءة من سفر الحكمة – الفصل الثالث
- نيتشه – الإنسان عاريا ً.
- الهجوم على المسلمين – الإنصاف يقول توقفوا
- المطرانان المخطوفان – موسكو و الشيشان و حلب
- قراءة في سفر الإنسان – الله
- أضواء على التطور – القرد الذي لم يصبح إنسانا ً
- حين رأت جدها – لا تخافي
- مشكلة الشر في العالم – بين الإيمان و الإلحاد
- هذربات الفلافل - قصيدة نهاية الصيف


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال الربضي - من سفر الإنسان – الإنسان