أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - المامون حساين - الدارجة مجددا؟؟















المزيد.....

الدارجة مجددا؟؟


المامون حساين

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 11:14
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


"ابني يبلغ خمس سنوات وألحقته بالمدرسة وطالبت المعلم بأن يتحدث إليه بلغته التي هي الدارجة، ماذا سيعلمه بتلك اللغة؟ ! هل سيتحدث المعلم إلى الطفل ليعلمه لغته التي تربى عليها ويتقن التحدث بها؟ ! هل سيلقنه الكلام الذي يتكلم به؟ ! هذه هي الأسئلة التي لا يطرحها المطالبون بتعليم الطفل بلغته الأم". عبد الله العروي

أثيرت في الأيام الأخيرة ـ من جديد ـ قضية الدارجة من طرف المدعو نور الدين عيوش صاحب شركة للاشهارات ورئيس جمعية زاكورة للقروض الصغرى والتربية، ليس باعتبارها المكون الرئيس للهوية اللغوية للشعب المغربي بل بضرورة التدريس بها، وأن اشكال التعليم بالمغرب والتي توصل اليها هذا العبقري بعد عدة درسات وبحوث يمكن حله بكبسة زر واحدة وهي التدريس بالدراجة المغربية عوض اللغة العربية الميتة حسب تعبيره.وهذا ليس غريبا على تيار دعاة توظيف العامية المغربية بكثافة في وسائل الإعلام والاتصال والترفيه والتدريس، ومنه ظهور بعض العناوين في السنوات الأخيرة تخاطب القارئ المغربي بالدارجة، أو ما اصطلح عليه عند بعضهم باللغة المغربية . مما يعني أن الأمر لا يتعلق بمصادفة بل بتوجه منهجي وحملة منظمة لإحلال الدارجة وترسيمها لاحقا. وفي هذا الإطار نطرح سؤالين جوهرين : ما هي الأسس الفكرية ـ التبريرية أو التبشيرية ـ الإيديولوجية للدعوة إلى العامية ؟ وماذا يرد دعاة الدارجة ؟
المذكرة التي تقدم نورالدين عيوش رئيس جمعية زاكورة للقروض الصغرى والتربية إلى القصر والحكومة ، والتي يدعو فيها إلى إدخال العامية في التعليم، وإنهاء التعليم الديني في المستويات الأولية. جاءت عن جهة ليس لها أي تمثيل سياسي أو انتماء حزبي، ولا باع في علوم اللغة وقضايا التربية والتكوين. مما يدل أن اللغة العربية الفصحى تخوض حرب البقاء المشروع، وقد انتقل الحال في الحاضر من استعمال العامية الصامت، إلى الطرح لها في شكل مذكرات، وبدأت أقلام وآراء تطالب بإعطاء العامية مساحة للحضور والظهور ومشاركة الفصحى حقها، واستعملت في هذا الخضم الندوات ووسائل الإعلام المختلفة، ونزلت العامية بقوة إلى ميدان الفصحى.
وبنظرة سريعة للآراء التي تدعو الى استعمال العامية وتدعو إليها، نجد أننا أمام توجه من نخبة فرنكفونية تدعو مرارا وتكرارا إلى العامية، وإلى أدبها وشعرها ولغتها، وأن أصحاب هذا التوجه يقومون بعمل منظِّم تؤيده بعض وسائل الإعلام، بحيث أنه كلما شعر هؤلاء بانحسار وجودهم لدى الطبقات الشعبية، طلبوا المدد من دعاة العامية بدعوى أنها اللغة الأم للمغاربة، ولسان حالهم يقول ابقوا على الفرنسية نرفع أيدينا عن العربية.
وقد اختلفت آراء أصحاب التوجه العامي ببلادنا، فأشدها تطرفا من يدعو إلى إطلاق رصاص الرحمة على جسد اللغة العربية، ويدعو لأن تحل اللغات العامية محلها، ويصفها بأنها أصل معطوب، وأنها قد انقطعت عن الحياة وانقطعت الحياة عنها، ومنهم من يرى أن "تدجن" الفصحى بالعامية وتُخلط معها، ويصف الفصحى بأنها خرجت عن معظم مجالات الحياة قروناً طويلة، حتى قلَّت طواعيتها للتعبير الحي الدقيق، وخير وسيلة لمدها بروح الحياة – كما يرى – تطعيمها بإيقاعات اللهجات العامية. وثالث يرى أن علينا أن نخاطب الشعب بلغته أيضاً لأن الفصحى - في رأيه – عاجزة عن هذا الدور، ويرى أن تكون الفصحى لغة للتعليم.
لقد اعتقد المغاربة أن جمود اللغة العربية الفصحى سيزول بزوال المستعمر(ونحن نحتفل بما يسمى بعيد الاستقلال)، وأن "تخلصهم" من المستعمر سيجعلهم بفضل "الاستقلال"، وبدون أي جهد منظم، قادرين على جعل لغتهم تحتل بصورة تلقائية، مكانة اللغة العلمية، وهذا ما جعل وضعنا الثقافي اليوم هو وضع المصاب بالمجاعة، تبدو عليه أعراض كل الأمراض دون تحديد واحد منها بوضوح. ذلك أن الأطراف المعادية للغة العربية سخرت، كل ما أتيح لها للوقوف أمام قوانين التعريب وإفشالها بشتى المساعي، و التماطل في البحث عن الحلول الناجعة لترقية اللغة العربية، وتهميش الكفاءات المعرّبة منذ ما يسمى "الاستقلال"، رغم أن الدستور المغربي ينص على أن اللغة العربية إلى جوار اللغة الأمازيغية هما اللغتين الوطنيتين الرسميتين.
ولعل ما شجع على دعوات إحلال العامية محل الفصحى في التعليم، هو ما بتنا نلحظه بشكل سافر، من استخدام اللهجة العامية في دبلجة المسلسلات الأجنبية المستوردة، مثل المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية، والمسلسلات المدبلجة باللهجة اللبنانية أو المصرية، كما عمد القيمون على القناة الثانية إلى دبلجة المسلسلات المكسيكية والتركية إلى الدارجة المغربية. وبعد تحرير المجال السمعي البصري الإعلامي في المغرب، وفتح المجال للخواص لامتلاك إذاعات خاصة، نجد غالبية هذه الإذاعات الخاصة تعتمد اللغة العامية، فضلا عن تسلل اللغة الدارجة لوسائل الإعلام المكتوبة، وروج أصحابها بين الناس، أن اللهجة التي يتكلم بها كل قوم أو شعب هي لغة حية تستحق التسجيل، وأن تكتب بها الصحف والمجلات والكتب، وأن تكون لغة التعليم والإذاعة والتلفزيون، وأن يُخاطب بها الجمهور، بل إن بعضهم دعا أن تكون العامية لغة رسمية للبلاد !! وفعلا ظهرت بعض المجلات و الصحف فكانت أضحوكة المجتمع، حتى كنا لا نستطيع أن نفهم ما يريد الكاتب إلا بصعوبة بالغة، ذلك أن الكلمة العامية كانت سهلة على الأذن، بسيطة النطق على اللسان، ولكن العين لم ترها بهذا الأسلوب من الكتابة.
ولعل أكثر ما يدمي القلب في هذا الجانب هو عدم اعتماد اللغة العربية الفصيحة لغة تدريس في مدارسنا، حيث يُلاحظ أن الأساتذة في تقديمهم للمادة العلمية، كثيرا ما يلجؤون إلى العامية، ولا يلتفتون إلى اللغة الفصيحة، وهذه العدوى شاملة لكل التخصصات، بما فيها حصص اللغة العربية. حتى أنه ما عادت لغتنا العربية تفهم كما في السابق لدى معظم التلاميذ والطلبة، وصارت "عجينة" للأسف هي الشّعار، واللحن في العربية هو الأساس، فصاروا يجهلون أغلب معاني كلماتها الفصيحة، وهم بالكاد ينطقون حروفها.
وقد أكدت العديد من الدراسات التربوية التي خُصصت لدراسة الضعف اللغوي لدى الناشئة بالمغرب، أن الدراجة هي واحدة من أسباب هذا الضعف، لأنها لغة السواد الأعظم في مجتمعنا. فالأسرة تستخدم العامية في الحياة اليومية، ولا تُشَجع أبناءها على استخدام الفصحى.
الدارجة بعكس الفصحى، لا تكاد تكون لها قواعد يلتزم بها كاتبوها، فهي لغة نشأت وتطورت للتخاطب لا للكتابة، ويستخدمها الأميون والمتعلمون على السواء، بل يستخدمها الأميون أكثر من المتعلمين، والأميون يضربون الصفح عن أي قواعد، لأنهم جاهلون بها، فإذا كتبت هذه الدراجة، فليست لها قواعد معروفة، فضلا عن أن الدارجة عاجزة عن استيعاب الآداب الرفيعة، فهي تكتفي باحتواء بعض المضامين السطحية التي ألف الناس سماعها من رواتهم وجداتهم. وبالتالي استعمال الدارجة في التعليم سينتج عنه جيل ضعيف لغويا في المهارات الأربع التي تطمح كل لغة أن توجدها عند المتعلمين (القراءة والكتابة والمحادثة والاستماع)، ويزداد هذا الخطر كلما تقدم الطالب في مراحله التعليمية، لتحل اللغات الأجنبية محل اللغة العربية في التعليم الجامعي، ويصبح تابعا ثقافيا وحضاريا لغيره.
إن قضية اللغة العربية الفصيحة بالمغرب، ترتبط ارتباطاً عضوياً بالهوية والسيادة الوطنية، مثلها مثل الدين الإسلامي و الراية الوطنية والحدود الجغرافية، وهي بذلك لا يجوز أن تقصى وتحتقر في تعليمنا، فمن " الإهانة للشعب أن تنسب إليه العامية في وجود الفصحى " كما قال الدكتور طه حسين. ولو عزمنا أن نعدد مساوئ البعد عن اللغة الفصيحة ما انتهينا، ونصبح ساعتها كمن تنوح على ميت، فلا الميت براجع ولا العزاء بمُنْتَه.



#المامون_حساين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المبدع مجنون؟
- عشوراء بين-الشعالة-و-الكديدة-
- خبث السياسة
- هل هناك فعلا ارادة في اصلاح التعليم ؟
- التمثلات والفلسفة : اتصال أم انفصال
- تأملات
- أوهام الربيع العربي تتهاوى
- حكم الردة سياسي وليس ديني
- هرسوا هرسوا الحكومة تخلصوا
- الدورة الثانية للأيام الربيعية للثانوية التأهيلية بئر أنزران
- عملية تشجير بثانوية بئر أنزران بالجديدة
- عميد كلية الحقوق بمراكش يحاضر حول الجريمة الاخلاقية
- لماذا لا يفرض الحجاب على الرجال؟
- من يوقف المهزلة؟
- مأساة المغرب العميق في فاجعة -تيشكا-
- يوميات مصحح مادة الفلسفة
- برامج التلفزة بين اغناء التفاهة وتفقير التقافة
- الأستاذ كائن إضرابي
- أوهام الانتقال الديمقراطي بالمغرب


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - المامون حساين - الدارجة مجددا؟؟