أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - صالح بوزان - وجهة نظر في بيان جماعة الاخوان المسلمين حول القضية الكردية















المزيد.....

وجهة نظر في بيان جماعة الاخوان المسلمين حول القضية الكردية


صالح بوزان

الحوار المتمدن-العدد: 1220 - 2005 / 6 / 6 - 07:01
المحور: القضية الكردية
    


مقدمة
لا بد الإشارة منذ البداية إلى هذا الموقف الايجابي المتأخر لهذه الجماعة حول القضية الكردية. وربما يعني هذا الموقف الجديد أن الجماعة بدؤوا يدركون معاناة الشعب الكردي السوري، وأن الظلم الذي يمارس بحقهم حقيقة واقعة لا بد الاعتراف بها والسعي لإزالة هذا الظلم التاريخي. وربما يعني شيئاً آخر، أقصد محاولة الاستفادة من الإمكانيات الكردية التي ظهرت على الساحة السياسية السورية، وفي الشارع السوري (غم تواضعها)، من أجل تحقيق حلم الجماعة للوصول إلى السلطة بدعم من الأكراد، ومن ثم ليكون لكل حادث حديث، وهذا ما يخيف الأكراد.
لقد أصبح الغزل تجاه القضية الكردية حالة غير نادرة اليوم، بل يأتي من جهات غير متوقعة أحياناً. وكانت المفاجأة الكبرى عندما اعترف رئيس الجمهورية الذي هو الأمين العام لحزب البعث السوري بالقومية الكردية. هذا الحزب الذي لم يخطر على بال أي كردي أنه سيحين يوم يعترف فيه أمينه العام بالأكراد علناً. لم يأت اعتقاد الأكراد هذا من فراغ، بل يستند إلى بنية هذا الحزب الفكرية والايدولوجية المؤسسة على إلغاء الآخر كائناً من كان، وكذلك نتيجة ممارساته في الواقع العملي خلال أربعة عقود من الحكم المضني. ورغم ذلك لم يجسد النظام السوري هذا الاعتراف في الواقع العملي، مما خلق انطباعاً لدى الأكراد أن الحديث عنهم اليوم من قبل النظام موجه للخارج وليس تلبية لاحتياجات داخلية.
من هنا يحق للأكراد أن يبدوا حذرهم من هذه الانعطافات المفاجئة والتي قد تحمل معها كوارث جديدة للأكراد كما حدث في كل من تركيا والعراق وإيران خلال القرن الماضي.
ومع ذلك، أسجل لهذه الجماعة هذا الموقف الإيجابي من خلال دعوتهم للحوار المفتوح( تدعو جماعتنا إلى فتح قنوات الحوار مع الأشقاء المواطنين الأكراد، من خلال كل القوى الممثلة لهم، على الصعيدين الرسمي والشعبي..). وأتمنى ألا تكون هذه الدعوة مشروطة ضمنياً كما يفعلها بعض أطراف المعارضة السورية، الذين إذا نطقوا بشيء إيجابي تجاه الأكراد يسارعون إلى تقديم دروس الوطنية لهم، وكيفية التصرف حتى يكونوا مقبولين من هذه الأطراف. سأنطلق من هذه الدعوة لإبداء وجهة نظري حول بعض الأفكار الواردة في بيانهم السابق الذكر، وهي وجهة نظر خاصة يجب عدم تحميلها لأية جهة كردية رسمية كانت أو شعبية.
الإسلام السياسي والقضية الكردية
لقد ورد في بيان الجماعة (.. وفي هذا السياق تنوه جماعة الإخوان المسلمين في سورية، أن من بين أبنائها الكثير من إخوتنا الأكراد، يشغلون مواقعهم في صفوف الجماعة، من قاعدة الهرم التنظيمي إلى قمته، في حالة من التآلف يرتجى لها أن تكون الأنموذج للعلاقة الوطنية في الغد المأمول).
أعتقد أن الجرح الكردي التاريخي بدأ من هذه الرؤية التي وضعت التربة الخصبة لكل المظالم التي وقعت على رؤوس الأكراد فيما بعد. فهناك مشكلة كردية تاريخية مع الإسلام السياسي، هذا الإسلام الذي كان له الدور الكبير ليس في اضطهاد الأكراد فحسب، بل في تضييع هويتهم الكردية خلال قرون وقرون. ودون الدخول في حيثيات الوقائع التاريخية، فالإسلام لعب دوراً مركزياً في منع تكوين الشخصية الكردية وملامحها القومية لاحقاً. وبعكس ما يقول البيان( إن انتماء الأكراد للأمة الإسلامية ، يعزز انتماءهم الوطني، فلقد صهرهم الإسلام ... في الكيان الجمعي للأمة، فاندمجوا فيها..) فقد كان هذا الاندماج كارثة على الأكراد. فلو أخذنا على الصعيد الثقافي والفكري نجد أن كتلة كبيرة من الكتاب والمفكرين الأكراد وضعوا كل مواهبهم في خدمة الإسلام كدين وبالتالي في خدمة الثقافة العربية التي سميت اصطلاحاً بالثقافة العربية الإسلامية. هناك أمهات الكتب المختلفة المواضيع التي قام بتأليفها علماء أكراد باللغة العربية، ويحفظ التاريخ أسماءهم. لقد جرى كل ذلك على حساب اللغة الكردية التي بقيت على حالها، بل تخلفت عن بقية لغات المنطقة، كما لم يتطور التراث الفكري والثقافي الكرديين نتيجة تفرغ الكتاب الأكراد لإغناء التراث العربي(وغير العربي) الإسلامي. وإذا أخذنا المسألة من الناحية الشعبية، فقد كان الأكراد هم الجنود المخلصون للخلفاء والسلاطين الذين سخّروهم لتحقيق تطلعاتهم الخاصة والعامة والتي انصبت في المحصلة لصالح الأمة العربية على حساب الأمة الكردية. لا شك أنني لا أدين أحداً بهذا الكلام، بل مجرد أسرد الحقائق التاريخية التي أخذ الأكراد يدركونها اليوم.
وهكذا اندمج الأكراد في بوتقة "الأمة الإسلامية"، هذا الاندماج الذي يفتخر به البيان والذي يشكل غصة حقيقية للقسم الأعظم من أكراد اليوم. وإذا كان التاريخ يسجل ( للإخوة الأكراد أروع البطولات في الدفاع عن الأرض والمقدسات، وأصبح البطل صلاح الدين، ملكاً لتاريخ الأمة كلها..) كما يقول البيان، فإن نتائج هذه البطولات كلها كان التعريب والتشريد والحروب الكيميائية والأنفال. لقد حدث كل ذلك تحت راية الإسلام؛ سواء تلك البطولات أو تلك المظالم. فهل أدان جماعة الإخوان المسلمين جلاد بغداد عندما استباح الأكراد على نموذج القرون البدائية، أم كانوا متحالفين معه، في تكتيكهم ضد العدو المشترك أي النظام السوري حينئذ. بكلمة أخرى، يريد الأكراد شركاء نزيهين ومخلصين، لا يستخدمونهم كورقة ضغط لغايات لا علاقة للأكراد بها، ولا ينقلبون عليهم عند الاستقواء.
ودون أن يكون الكلام موجهاً لجماعة الإخوان المسلمين، فقد مل الأكراد من الركض وراء مقولات استخدمها المستبدون عبر التاريخ لتوظيفهم لمصالحهم مثل "المسلمون سواسية كأسنان المشط"، و"لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى". لقد كانت هذه الشعارات كلها خادعة في الإسلام السياسي، بل استخدمت للتمويه على التمييز والتفريق وممارسة أشرس أنواع الاضطهاد والنهب. وعندما كان الأكراد يطالبون بالمساواة و بشيء من حقوقهم، كان الرد هو المزيد من الاضطهاد والظلم من قبل هؤلاء العرب والترك والفرس الذين طالما اعتبروا أنفسهم سادة على الأكراد.
شكل كل ذلك مع الزمن ذهنية عربية عامة ضد الأكراد، وبرزت تجلياتها الفاضحة أثناء الحرب الأمريكية ضد العراق وبعد احتلاله، وخصوصاً خلال انتفاضة الأكراد في آذار 2004 . فاجتاحت نزعة شوفينية عارمة ضد الأكراد في الشارع العربي السوري ، خصوصاً في محافظات دير الزور والرقة والحسكة. واتُهموا بكل الصفات السيئة. هل كان كل ذلك نتيجة لحظتها؟ طبعاً لا، بل كان تعبيراً عن الخلفية التراثية التي أشرنا إليها، إضافة إلى ما عززه بامتياز حزب البعث من رؤية عنصرية ضد الأكراد خلال أربعة عقود، وعمم هذه الرؤية على الشارع العربي السوري والتي امتدت حتى إلى ذهنية القوى السياسية السورية الموالية منها والمعارضة بهذه الدرجة أو تلك.
إن العقلية العربية والتركية والفارسية المستبدة التي توارثتها الأنظمة والحكام لا تستطيع استيعاب أن يقف الكردي إلى جانبهم وهو في وضعية عدم التبعية لأحدهم، ناهيك أن يكون شريكاً يملك كامل حقوق هذه الشراكة. فمن يدرس ما تسرب مما كان يتداول في الاجتماعات الثلاثية التي كانت تعقدها الأطراف السورية والتركية والإيرانية حول القضية الكردية، ليدرك أن ما أقوله لا يأتي من مجرد ردة فعل. لقد كان وما زال الهم الرئيسي عند هذه الأطراف ألا تخرج الشخصية الكردية للعلن، فعليها أن تبقى كالسابق في النسيان وأن يقبل الأكراد بذلك.
وسأقول كلمة مختصرة حول صلاح الدين الذي يفتخر البيان بذكراه. ففي كل تاريخ سوريا المعاصر لا توجد إشارة لا من قريب ولا من بعيد على أن صلاح الدين كردي الأصل، بل كنا ندرس في كتب التاريخ المدرسية أن صلاح الدين بطل عربي.، كما لا توجد في جميع الحركات الإسلامية السياسية العربية أية إشارة إلى الدور الكردي، حتى في تعزيز الإسلام. فمن يطلع على قواميس الأعلام العربية يجد أن الكثير من الشخصيات العلمية التي تنتمي إلى قوميات غير عربية قد أصبحت عربية في هذه القواميس، وفي بعض الأحوال لا تذكر قوميته بتاتاً، أي لا يقال أته غير عربي، بعكس القواميس الأجنبية التي تذكر كل المعلومات عن الشخص، موضوع البحث، بكل نزاهة علمية. وعلى أساس هذا المنطق أصبح صلاح الدين بطلاً عربياً وكذلك يوسف العظمة وإبراهيم هنانو وغيرهم.
أتسال ألا يحق للأكراد أن يبدوا موقفاً انتقادياً لاذعاً ضد صلاح الدين ويوسف العظمة وإبراهيم هنانو الذين عززوا واقعاً تحول فيما بعد، بدون رغبتهم طبعاً، إلى بؤرة لممارسة شتى أنواع الظلم ضد بني جلدتهم.
رغب الأكراد أن تتعامل معهم جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم بأنهم ما عادوا أكراد الأمس الذين تم استغلالهم وخنق تطلعاتهم باسم الدين،( كما تجري محاولات قمع هذه التطلعات اليوم باسم الوطن والوطنية). لقد دخل أكراد اليوم العصر من خلال العولمة والمعلوماتية، و خصوصاً من خلال مبدأ الحرية والديمقراطية. لقد تخلوا عن الكثير من "المقدسات" القديمة، وتركوا نهائياً ذلك الدور الذي كانوا يقومون به للمساهمة في تاريخ غيرهم، هذا الغير الذين تنكر لهم تكراراً ومراراً، بل غدر بهم في عز الظهيرة أحياناً. إنهم يريدون أن يكون التاريخ تاريخاً مشتركاً يعترف بالجميع ويسجل لكل ذي حق حقه. فكم أُضطُهِد الأكراد باسم الإسلام في الماضي ومازالوا يُضطهدون باسمه في الحاضر، من خلال النماذج الإسلامية الحديثة كالخمينية والآردوغانية وغيرها.
لقد عانى الأكراد من الظلم والتخلف أكثر من أي شعب في الشرق الأوسط، إنهم يريدون التحرر اليوم من هاتين الآفتين. وإذا كانت مصيبة الأكراد التاريخية أنهم كانوا دائماً واضحين وصادقين حتى الموت مع من يصادقهم، فإنهم غير قادرين الانسلاخ من جلدهم، ولكنهم مازالوا يبحثون عن شركاء حقيقيين وواضحين لبناء مجتمع سوري متحضر بكل معنى الكلمة. إنهم لا يريدون أن يستخدم الدين غطاء لممارسة الاضطهاد العام أو الخاص. فليبق الدين لله والوطن للجميع. لقد كانت كل الدينات عبر التاريخ وسيلة للاستبداد عندما كانت نظاماً سياسياً للحكم ومورس باسمها شتى أنواع المظالم الوحشية، وهذا ما حدث مع اليهودية والمسيحية والإسلام. كفانا اضطهاداً باسم الإسلام وغير الإسلام. وكفى التخندق تحت لواء شعار معاداة الحضارة الغربية، هذه المعاداة التي لم تجلب لنا سوى التخلف وتعزيز الاستبداد والمستبدين.
بالرغم من أن أغلبية الأكراد مسلمين فلا توجد لديهم مشكلة مع الحضارة الغربية، بل إنهم يتوقون إلى دفع مجتمعاتهم إلى هذا النمط المتطور، مع الحفاظ على كل الجوانب الجميلة لخصوصيتهم وتطويرها. وهم يعتقدون أن ما يفيد المجتمع البشري سيبقى متداولاً مهما قدم، وما لم يعد يفيده سيموت حتى لو دافع عنه كل طغاة العالم.
* * *



#صالح_بوزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول شهيد للفكر التنويري في سوريا اليوم
- الماركسية إلى أين؟
- مظاهرة قامشلي والدرس الكردي
- من وراء اختطاف الشيخ معشوق الخزنوي؟
- تنويم الشارع السوري يعرقل التغير
- أزمة التغير في سورية
- العفو الرئاسي والتسامح الكردي
- الحوار العربي الكردي يحتاج إلى تغير العقلية السابقة
- حداث قامشلي ونظرية المؤامرة
- خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء
- حل المسألة الكردية في سورية استحقاق وطني
- العراق الموعود وتناقض المواقف
- تحية إلى التجمع العربي لنصرة القضية الكردية
- أي دور للدولة؟
- كلمة شكر ولكن
- لابد من العلمانية
- هل من طريق إلى وحدة الشيوعيين السوريين؟!


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - صالح بوزان - وجهة نظر في بيان جماعة الاخوان المسلمين حول القضية الكردية