أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم محمد السيد - عبودية الفكر














المزيد.....

عبودية الفكر


كريم محمد السيد

الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 22:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأت العبودية مظهرا من مظاهر الانحراف الإنساني بعد أن خلق الله الناس أحرارا بمنحهم الإرادة والاختيار,الأمر يبدو جليا لمن يتأمل قليلا بقصة هبوط أبو البشر آدم إلى الأرض, فـ(لا تقربوا الشجرة) أمر من الله يحمل بين جنباته إحتمال المخالفة, وهي إمكانية أن يقوم آدم بالاقتراب من الشجرة, لكن المنع والتقييد جاء لعلّة في مصلحة, وهو شرط واقف يبنى على أساسه الهبوط للأرض بعد تحقق الشرط وهو الاقتراب. لكن المغزى ان آدم كان حرا بإختياره وما ترتب عليه ولم يقيد بمنع لا علّة فيه ومصلحة.
ومن هنا نعرف ان الاصل في الانسان حريته, والاستثناء منها عبوديته بإستلاب ارادته لغير مصلحته, أو لغير مصلحة المجتمع.
بدأت العبودية طريقا للجمع الذي تسعى المجتمعات البشرية لتعبيده بالحرية, فتعمل جاهدة بأدوات الإرادة والعدالة والمساواة, ذلك الطريق الذي عُبّدت ارضه باللون الأحمر من دماء الأنبياء والمصلحين, أصحاب الكلمة الأنصع والأنقى بين كم الاضطهاد والتضييق الذي انتهجه متعطشوا السلطة والغرور من النبلاء والإشراف عديمي الشرف والنبل والرفعة.
كانت العبودية تأخذ مظهرها بالرق واستغلال أجساد العبيد وقوتهم لبناء الحضارات والإمبراطوريات, لا ذنب لهم في هذه الحياة سوى أنهم ولدوا لعوائل مستعبدة, او بيعوا بأسواق الرقّ يافعين, ولم يولدوا لعوائل الأشراف والمتنفذون. ومضت القرون وهم يقبعون تحت جِزم أولائك المستكبرين إلى أن أشرقت شمس الحرية في الشرق والغرب تواليا, فجاءت الأديان السماوية حاملة في يمينها مشعل الحرية لتلك المجتمعات المقسمة الى طبقات تسحق بعضها بعضا, فتعتاش الأقوى على جهد الأضعف وتموت الأضعف بسيف الأقوى.
أضحت العبودية بمنظورها الجسدي الاستغلالي العام صورة من صور العجرفة والنبذ, إذ إن الأمم باتت تضع مناديلها على آذانها يوم تستمع لمن يقص عليها تاريخ العبيد ونضالهم لأجل الحرية, والمكسب الذي تحقق في عصرنا اليوم, وبعبارة مقتصرة جدا, هو إيقاف ذلك الاستلاب الإنساني الذي تمارسه السلطة ضد الإنسانية بشكلها العام وبعض الشعوب بشكل خاص.
والنتيجة المنطقية لمرحلة العبودية هذه أنها جعلت من الإنسان رخيصا بكل شيء, جسده وقوته وكرامته ودمه, ولكن الإسلام (على سبيل المثال) كدين سماوي جعل لدم الإنسان وعرضه وشرفه وجسده حرمة, وجعل لكل إنسان سلطان على نفسه بالخصوص وحق المجتمع بالعموم, وهذا من أهم ما جاء بها الإسلام, وربما تحقق ذلك في العشر التي كانت بحكم المؤسس نبي الإسلام محمد (ص) إلا أنها عادت مرة أخرى ومن خلال الفتوحات وقصور الحكّام وزبانيتهم, وتحول دين تحرير العبيد إلى دين يستعبد الناس عنوة باجتهاد سوء لا يمت للإسلام بصلة.
ولكننا نجد اليوم محاولات لعودة العبودية في عصر انتصار المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهنا لا اتكلم عن الاتجار بالبشر والاحصائيات الخطيرة التي تصدر سنويا عن الامم المتحدة والتي تقول آخرها إن هناك ما يقارب (30) مليون شخص يعيشون عبودية حقيقية في العالم. ولذلك نجد أن تلك العبودية باقية هي هي, بل ربما شملت مدى أوسع خصوصا في بلداننا التي لم تعرف الاستقرار يوما, فكان ان ذابت عبودية الجسد لتحل محلها عبودية الفكر والارادة.
هذا اللون من العبودية مظهر عصرنا الجديد, بعد ان توسع مفهومه وتغيرت ادواته. سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها, وعلى أكتاف عقول عبيد الفكر تبنى الحضارات كما كانت من قبل. لعبودية اليوم مظاهر عدّة, خذ العولمة مثلا, ثم أعرج على السيطرة العلمية على العقول, فجعلت تستعبد العقول وتسوقها لبناء المجد الذي تنشده, نجد ذلك واضحا في مقولة لينكولن: قدرنا ان يكون القرن أمريكيا" وكذلك ما قاله تشرشل وزير الخارجية البريطاني: ان بريطانيا ستدافع عن كرامتها حتى آخر جندي هندي!" وهذه لأشد مظاهر عبودية العصر وضوحا.
ولا زالت نتائج هذه الظاهرة تسقى بدماء المستعبدين, بجهل نرى آثاره هنا في الشرق وتحديدا منطقتنا العربية التي صدرت لها الايدولوجيات المريضة التي تستعبدهم بما يعتقدون وما يدينون, حتى وصل الى أكل لحوم البشر استعباد النساء تحت عباءة ما يسمى بجهاد المناكحة وغيرها.
إن العالم اليوم مطالب بأن يحرر نفسه من هذه العبودية وقيدها بالتنوير الانساني, كي لا نترك أهراما من التأريخ الدموي تسجل بصفحاتنا لا ترحمنا الأجيال منه.



#كريم_محمد_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناقد الفكري قامعا
- اضطهاد الثقافة
- تصحيح ما بعد التغيير
- السياسة والنشأة الافلاطونية
- عن صراع العلم والايمان
- الكاريزما الثقافيه
- الادلجه الفكرية للمثقف
- صراع المعتقد في دائرة الاقناع البشري
- القاصد والقصيده الاعلاميه
- اين المفكر؟
- رفقا ببغداد
- التطاول على المقدس ظاهره مُدانه
- التفاؤل يدحض الخوف من الاتي
- في عيد المرأه
- المثقف قائدا
- ثقافة السب واللفظ المعيب
- الانظمه الجوفاء , حل ام مشكلة؟
- امير الفقراء فاسد
- هل يمكن ان يكون الاختلاف افيون الانسانيه؟
- انفلونزا طائفيه


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم محمد السيد - عبودية الفكر