أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ضباط يوليو والإدارة الأمريكية















المزيد.....

ضباط يوليو والإدارة الأمريكية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 11:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ضباط يوليو والإدارة الأمريكية

بعد مرور أكثر من 60سنه على سيطرة ضباط يوليو على حكم مصر، لا يزال الناصريون يُدافعون عن هؤلاء الفاشيين الذين ارتكبوا عدة جرائم فى حق شعبنا المصرى ، بل إنّ بعض الماركسيين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم فى معتقلات عبد الناصر كتبوا فى مذكراتهم أنّ ما حدث فى 23يوليو1952 ((ثورة وطنية تحررية)) وذلك بالرغم من قتل عدد كبير من الماركسيين فى المعتقلات لأنهم رفضوا الهتاف للجلاد الأكبر ( عبد الناصر) ولأنّ قراءة مذكرات ضباط يوليو تـُعتبر شهادة مهمة على ما فعلوه ، رغم التناقضات البارزة فى بعض هذه المذكرات ، وهى التناقضات التى تـُبرزها مجمل المذكرات وربط بعضها ببعض بعد الفحص والتدقيق .
وتكتسب مذكرات خالد محيى الدين (والآن أتكلم- مركز الأهرام للترجمة والنشر- عام 92) مصداقية لعدة أسباب 1- أنّ ما ذكره عن وقائع مُحدّدة جاء مُتطابقــًا لما ذكره غيره من ضباط يوليو، أمثال محمد نجيب ، عبد اللطيف البغدادى وثروت عكاشة 2- أنّ بعض المعلومات التى ذكرها جاءتْ متطابقة مع ما ذكره بعض المؤرخين أمثال طارق البشرى ، عبد العظيم رمضان وجمال بدوى وما كتبه الوفدى الشهير إبراهيم طلعت فى مذكراته.
يعترف خالد فى البداية أنّ الإخوانى عبدالمنعم عبدالرؤرف هو من عرّفه بعبدالناصرعام 44. ثم بالصاغ محمود لبيب مسئول الجناح العسكرى فى الإخوان المسلمين. فذهب هو وعبد الناصر إلى بيت قديم وقابلهما عبدالرحمن سندى المسئول عن الجهاز السرى للإخوان ودخلا غرفة مظلمة. وردّدا يمين الطاعة للمرشد وأقسما على المصحف والسيف. وذكر خالد أنّ ثمة واقعة تـُحيّره وهو يكتب مذكراته عام 92فحواها علاقة عبدالناصر بعبد المنعم عبدالرؤوف (الإخوانى) حتى بعد تركه جماعة الإخوان. وعلاقة عبد الناصر بيوسف رشاد الذى كان يقود (الحرس الحديدى) التابع للقصر، وقام أعضاؤه بعدة محاولات لاغتيال مصطفى النحاس. وأنه بعد ضبط كراسة عن استخدام القنابل اليدوية لدى الجهاز السرى للإخوان ، كان فى أعلى الصفحة الأولى اسم البكباشى جمال عبد الناصر الذى اعترف بأنه هو من كتب تلك الكراسة. وأنّ إبراهيم عبد الهادى رئيس الوزراء رأف بحاله وأعفى عنه وقال له ((من الآن فصاعدًا أنت ضابط جيش وبس ولا علاقة لك بأحد)) (ص58) وبعد سيطرة الضباط على مصر، تم تقديم إبراهيم عبد الهادى لمحاكماتهم العسكرية. ولم يهتم خالد بربط المسائل ببعضها .
ظلّ عبد الناصر يحتقر اليسارى سيد سليمان رفاعى (الرفيق بدر) عندما علم أنه (ميكانيكى) ويُشير إلى خالد أمام زملائه الضباط بتهكم ((دا زعيمه ميكانيكى)) كان عبد الناصر يعرف الاسم الحركى فقط (الرفيق بدر) فظلّ يلح على خالد ليعرف اسمه الحقيقى ولكن خالد رفض الوشاية. بينما كان عبد الناصر شديد الإعجاب باليسارى أحمد فؤاد لأنه قاضى . ورغم ذلك طلب من خالد أنْ يقطع علاقته بأحمد فؤاد ولكن خالد رفض الاذعان . وأنّ أول من أطلع خالد على أدبيات الماركسية الضابط عثمان فوزى من سلاح الفرسان . ويعترف خالد أنّ (أهداف الضباط) كتبها بخط يده. وفيها القضاء على الاستعمار. وذكر فيها (الاستعمار الأمريكى) فاعترض عبدالناصر وقال ((هذا التعبير لا يستعمله إلاّ الشيوعيون)) يرتبط ذلك بما ذكره خالد من أنه بعد إلغاء معاهدة 36بدأ الكفاح المسلح ضد الإنجليز يشتد فى مدن القنال وأنّ من بين الفدائيين يساريون ((فأبدى عبد الناصر دهشته عندما أخبرته بذلك وقال أنا أعرف أنّ الشيوعيين بتوع كلام مش بتوع كفاح مسلح)) ويرتبط ذلك (ثانيًا) بما ذكره خالد من أنّ ضباط سلاح الفرسان كانوا يخشون من تدخل القوات البريطانية لإفشال حركتهم ((لكن عبد الناصر كان يتلقى هذه المخاوف بهدوء غريب. وعندما عبّر ثروت عكاشة عن مخاوفه من تدخل الإنجليز كان عبد الناصر هادئـًا وقال : إذا كان ثروت قلقان بلاش يشتغل. ثم سأل عن على صبرى ، مدير مخابرات الطيران وعلاقته حسنة بالملحق الجوى الأمريكى فى السفارة الأمريكية. وأنّ على صبرى سمعه يقول ((أنه فى حالة تحرك الجيش فإنهم سيطلبون من الإنجليز عدم التدخل إذا كانت الحركة غير شيوعية)) ومنذ الأيام الأولى بعد سيطرة الضباط على الحكم ((بدأ عبد الناصر فى أحاديثه معنا ينتقد الشيوعية)) وعن اليسارى (ملكون ملكونيان) الأرمنى الجنسية وعضو (حدتو) وكان يطبع منشورات الضباط (قبل يوليو) وبعد سيطرة الضباط على الحكم تم القبض عليه وعلى زملائه المسئولين عن طبع منشورات (الضباط) وحـُكم عليه بخمس سنوات ((قضاها كاملة))
وعن علاقة عبد الناصر الوطيدة بالإخوان ذكر خالد ((اتصل عبد الناصر بالإخوان وأبلغهم بالحركة وطلب مساعدتهم فى حالة تحرك الإنجليز ضدنا)) وبعد المذبحة التى نفذها الضباط ضد عمال كفر الدوار بعد ثلاثة أسابيع من سيطرتهم على الحكم ، فإنّ ((جماعة الإخوان المسلمين بدأتْ بشنْ حملة عاتية ضد عمال كفر الدوار المُضربين واتهمتهم بالخيانة وحتى (حدتو) نظرتْ للاضراب نظرة مستريبة. وصمّمتْ الأغلبية فى مجلس قيادة (الثورة) على موقفها من إعدام محمد البقرى ومصطفى خميس. وكان محمد نجيب أكثر الجميع حماسًا للإعدام ، رغم سيل البرقيات الهائل المنهمر علينا من الخارج مطالبًا بعدم تنفيذ حكم الإعدام الذى نـُفذ وسط صيحات الاستنكار العالمية)) تبع ذلك ((اعتقال كل قيادات الأحزاب السياسية ما عدا الإخوان)) وأنّ ((عبد الناصر كان قد رتــّبَ قبل (الثورة) علاقة مع الأمريكان عن طريق على صبرى)) وأنّ السفير الأمريكى كافرى ((كان يتصرف على أساس أنه يمتلك نفوذا فى صفوف (الثورة) وفى وثائق وزارتىْ الخارجية البريطانية والفرنسية أنّ كافرى كان يزهو أمام سفراء أوروبا بأنه على علاقة خاصة بالضباط ويتحدث عنهم قائلا My boys أى أولادى)) وأنّ المستشار السياسى للسفارة الأمريكية فى اجتماع حضره خالد محيى الدين وعبدالناصر وآخرين، هاجم حزب الوفد بشدة وقال ((إنّ عيب الوفد أنه يخضع للضغط الشعبى وأنّ خضوعه لهذا الضغط الشعبى ألغى المعاهدة وفجـّر الكفاح المسلح ومثل هذا المناخ يُشجع الشيوعية))
وفى المفاوضات مع الإنجليز للجلاء عن مصر وافق عبدالناصر على الشرط الذى أصرّ عليه الإنجليز، وهو عودة القوات البريطانية إلى مصر بحجة ((فى حالة الهجوم على أى بلد عربى أو فى حالة التهديد بالحرب ضد تركيا وإيران. وذلك مقابل أنْ تقف إنجلترا وأمريكا مع عبد الناصر ضد خصومه أثناء أزمة مارس54 فوافق عبد الناصر)) ولأنّ خالد محيى الدين لم يُعلق بكلمة واحدة على ذاك التدخل السافر فى شئون مصر الداخلية ، ومناصرة عبد الناصر ضد خصومه السياسيين، فإنّ العقل الحر يطرح السؤال المسكوت عنه: ما مصلحة بريطانيا وأمريكا فى حماية الدول العربية وتركيا ؟ أليس ما حدث عام 54هو ما يتكرّر الآن ونحن فى عام 2013؟
يرتبط ذلك بما فعله عبد الناصر بشهادة خالد محيى الدين الذى كتب ((اتفقنا فى الأيام الأولى على إصدار قرار بالعفو عن المسجونين السياسيين. ركـّز عبد الناصر وعدد من الزملاء على ضرورة الافراج عن السجناء من الإخوان المسلمين وكانوا جميعًا محكومًا عليهم فى قضايا إرهاب واغتيالات. وكان هذا الافراج تشجيعًا خفيًا للتيار المؤيد للإرهاب والعنف فى صفوف الجماعة. فإذا كان المحكوم عليهم فى قضايا قتل وإرهاب يُفرج عنهم بهذه السهولة فلماذا لا يُكرّرونها مرة أخرى؟)) والأكثر دلالة أنّ قانون العفو طـُبّـق على الإخوان ((ورفض عبدالناصر تطبيقه على الشيوعيين)) (ص197) فلماذا فعل عبد الناصر ذلك؟ الإجابة كما ذكر خالد ((أنّ عبد الناصر كان يُضمر فى هذا الوقت الدخول فى تصادم مع الأحزاب السياسية. فأراد أنْ يكسب الإخوان فى صفه فى هذه المعركة. وبدأ صدامه مع اليسار ومع (حدتو) المنظمة التى أسهمتْ فى تحركات ليلة 23يوليو52وأيّدتْ (الثورة) وبدأتْ خطة التصادم بمصادرة جريدة الكاتب ثم مجلة الواجب وكانتا تصدران عن حدتو)) (ص198) وإذا كان البعض لا يزال يُدافع عن ضباط يوليو بحجة أنهم ((ناصروا الطبقة العاملة)) فإنّ الوقائع تـُكذبهم مثل المذبحة التى تم تدبيرها لعمال كفر الدوار. وكذا ما ذكره خالد من أنّ ((الحركة النقابية كانت تستعد لعقد مؤتمر لإعلان إتحادها العام فصدر قرار من مجلس قيادة (الثورة) بعدم عقد المؤتمر)) وأنّ الذى اقترح منع قيام اتحاد للعمال كان سيد قطب أحد أقطاب الإخوان ، الذى كان مستشارًا لعبد المنعم أمين المشرف على وزارة الشئون الاجتماعية. وكانت حجة سيد قطب أنّ هذا الاتحاد سيكون مناوئـًا (للثورة) وأنّ الشيوعيين سيُسيطرون عليه. وأسهم سيد قطب فى إعداد مشروع قانون لعقد العمل الفردى . وتحمّس عبد المنعم أمين لهذا المشروع رغم أنه كان مُجحفـًا اجحافـًا شديدًا بحقوق العمال . فهو يُحرّم الإضراب ويسمح بالفصل التعسفى)) وأنّ جميع الضباط فى مجلس القيادة وافقوا عليه بما فيهم اليسارى يوسف صديق ولم يرفضه إلاّ خالد محيى الدين (204، 205)
وعن المذبحة ضد الديمقراطية وضد الأحزاب السياسية وخصوصًا حزب الوفد ، التى دبّرها الضباط بقيادة عبدالناصر والأفاقين من ((أساطين القانون الدستورى)) عن تلك المذبحة كان خالد مُنصفـًا عندما ذكر أنّ زعيم الوفد مصطفى النحاس ((كان بكل المعايير زعيمًا وطنيًا)) وكانت نتيجة المذبحة (خاصة حكاية أنّ على أحزاب أنْ تـُطهر نفسها) أنْ انقسم الوفديون. وأكثر من ذلك أنّ عبد الناصر اتبع أسلوب التجسس على زملائه ضباط سلاح الفرسان (209) وتطابق موقف عبد الناصر مع الأمريكان فى العداء للشيوعية. فبعد ثلاثة أعداد من ظهور مجلة (التحرير) قال عبد الناصر إنّ ((المجلة شيوعية ويتعيّن تغيير رئيس التحرير أحمد حمروش وبالفعل تم عزله. واستدعى ثروت عكاشة وقال له (فى حضور خالد) ((أنا عاوزك تمسك المجلة بشرط ألا يسيطر عليها الشيوعيون)) وبعد فترة وجيزة تم إبعاد ثروت عن المجلة وأرسله ملحقــًا عسكريًا فى برن ثم فى باريس (ص211) وتم القبض على ضباط المدفعية. وفى 18يناير53 شنّ الأمن حملة اعتقالات واسعة شملتْ 14 من قادة الأحزاب و39شخصًا بتهمة الاتصال بجهات أجنبية و48 شيوعيًا أغلبهم (أو ربما) كلهم من حدتو (ص212) وكان مصير كل من يعترض من الضباط على سياسة عبد الناصر والمناصرين له الهلاك فقد ((تم القبض على عدد من الضباط وضربهم ضربًا مُبرحًا. ومن سلاح الفرسان تم القبض على حسن (اسمه لدى معظم المؤرخين حسنى وربما الخطأ غير مقصود) الدمنهورى المعروف بتوجهاته الليبرالية ونقده لتصرفات الضباط الذين استولوا على السلطة. فكان رأيهم الحكم عليه بالإعدام . فلما اعترض خالد قال له صلاح سالم ((أرجوك وافق على الإعدام لكى نـُخيف الضباط وأعدك أنْ نطلب من نجيب عدم التصديق على الحكم)) وقضى حسنى الدمنهورى عشر سنوات فى السجن (ص 225)
ورغم أنه تم الغدر بمحمد نجيب فإنّ شهادة خالد حسمتْ حيرة البعض بين التعاطف معه ومسئوليته عما جرى فكتب ((بضمير مرتاح أقول أنّ محمد نجيب كان من أكبر المُتحمسين لانفراد مجلس قيادة (الثورة) بالسلطة- كل السلطة- وكانت هذه وجهة نظر العديد من الضباط ، لكن نجيب يتحمّل مسئولية كبرى ، فقد كان يدفع الأمور دفعًا فى هذا الاتجاه. وكذلك يتحمّل الإخوان المسلمون مسئولية أساسية فى ذلك لأنهم حرّضوا وواصلوا التحريض ضد الحياة النيابية وضد الأحزاب السياسية بأمل أنْ يفرضوا سيطرتهم على (الثورة) ولكن الأمور انقلبتْ عليهم (ص213)
وفى مساء الخميس 25فبراير54 أعلن صلاح سالم فى الإذاعة قبول استقالة نجيب. وعن هذا اليوم كتب خالد شهادة ذات دلالة خاصة عندما قال صلاح سالم فى الإذاعة أنه وضع نفسه فى السجن الحربى ((فقد أثار لدى الناس تعليقات مليئة بالسخرية. أنا نفسى كنتُ فى وسط البلد مساء الخميس . وجدتُ الناس متجمعين أمام أحد المحلات يستمعون لخطاب صلاح سالم . علق أحدهم قائلا ((دول طلعوا ولاد كلب)) وقال صلاح سالم أنّ أولاده هاجموه. وأنّ خادمه مرّ على محلات العباسية ليشترى طلبات للمنزل لكن البائعين رفضوا أنْ يبيعوا له. وأقارب زكريا محيى الدين (ابن عم خالد) هاجموه. والضباط عامة ما إنْ نزلوا الشارع حتى ووجهوا برفض جماهيرى شامل وانتقادات حادة. ولما ذهب عبد الناصر إلى سلاح المدرعات هاجمه الضباط بشدة . ولم يستطع أنْ يكسبهم إلى صفه. بل لم يستطع أنْ يـُقنع أحدًا منهم بموقفه ( من 254- 257) أى موقف عبد الناصر المُعادى للديمقراطية. وقال عبدالناصر للضباط ((يا جماعة.. بصراحه كدا ما فى ش حد مقتنع بعودة الديمقراطية والحياة النيابية إلا خالد (من 258- 261) وطالب الضابط أحمد المصرى بإلغاء الترقيات الاستئنائية بما يعنى عودة عبدالحكيم عامر إلى رتبة صاغ (عبد الناصر صعّده إلى رتبة لواء) وقال له ضابط آخر ((حضرتك جئت للمناقشة والتعرف على وجهات نظرنا أم لتحديد أشخاص معارضيك واعتقالهم؟)) وتحوّلتْ المناقشة إلى جلسة استجواب لتصرفات المجلس ، خاصة المصروفات السرية. فلما دافع عبد الناصر عن نفسه. ردّ عليه الضابط أحمد المصرى ((ولكنك مسئول عن كل تصرف خاطىء يرتكبه أى واحد منهم)) ثم تحدث البعض عن استغلال الضباط لمناصبهم وعمليات الإثراء غير المشروع (وهذا الكلام فى مارس 54 أى قبل تمام عاميْن من سيطرة الضباط على الحكم- ط . ر) وما قيل عن اختلاس بعض أموال مقتنيات أسرة محمد على ونقل بعضها إلى منازل بعض الضباط وحملات الاعتقال الواسعة ضد الشيوعيين والإخوان)) وسأله الضابط محمود حجازى (ما هو تصور البكباشى عبد الناصر كمسئول عن هذه التصرفات فى ظل غياب الديمقراطية. وعن إحساس البعض بأنه لا يمكن محاسبتهم فى ظل هذه الأوضاع البعيدة عن الحرية)) فقال عبد الناصر أنّ ((الشعب لا يستطيع تحمل مسئولية الحرية)) فردّ عليه أحد الضباط ((لا يمكن الحجر على الناس بحجة أنهم ليسوا أكفاء للاستمتاع بالحرية)) وعندما سمع عبد الناصر صوت الدبابات سقطتْ السيجارة من يده ((وظلّ يحفظها فى نفسه ولفترة طويلة عندما انتهتْ عاصفة مارس . وبدأتْ مرحلة الانتقام ممن عارضوه)) (من 265- 274) يرتبط ذلك بموقف عبد الناصر الذى أفرج عن (مرشد) الإخوان الهضيبى يوم 26مارس 53 ولم يكتف عبد الناصر بذلك إنما زاره فى منزله. وبعد الافراج عن كل الإخوان ((لم يؤيدوا عودة الحياة النيابية)) وهو ذات موقف عبد الناصر الذى ((حشد عددًا من الضباط حوله لرفض الديمقراطية ، بحجة أنها ستقضى على (الثورة) كما أنّ عبد الناصر خطط ونفذ إضراب عمال النقل العام الذين هتفوا بسقوط الديمقراطية. واعترف عبد الناصر لخالد بالواقعة قائلا ((لما لقيتْ المسألة موش نافعه قررت أتحرك وقد كلفنى الأمر أربعة آلاف جنبه. إما الثورة وأما الديمقراطية)) (من 289- 309) وما لم يُعلق عليه خالد أنّ مبلغ الأربعة آلاف جنيه تم صرفهم من خزانة الدولة وليس من جيب عبد الناصر.
رغم الجرائم التى ارتكبها ضباط يوليو برئاسة عبد الناصر(العداء للديمقواطية، الاعتقالات، استغلال النفوذ، العداء لأى صوت معارض خاصة الليبراليين والشيوعيين إلخ) باعتراف خالد محيى الدين ومع ذلك كتب ((أهم ما أريد أنْ أسجله هو أنّ مصر كانت حسنة الحظ بهؤلاء الرجال فقد كانوا يملكون قدرًا كافيًا من إنكار الذات. مكـّنهم من أنْ يتباعدوا عن أى تفكير فى الانقضاض على بعضهم البعض. ومن ثمَ الانقضاض على (الثورة) بل وعلى مصر نفسها)) (327) أى أنه نظر للموضوع من زاوية واحدة أنهم لم (ينقضوا على بعض) وتغافل عن هزيمتىْ 56، 67 وقتل جنودنا فى اليمن وزرع الألغام وقتل يمنيين ، وهى الحرب التى استنزفتْ موارد مصر إلخ.
عمل خالد فى أوروبا (فى جنيف وزياراته لباريس وروما إلخ ورغبة عبد الناصر فى أنْ يكون خالد سفيرًا لمصر فى تشيكوسلوفاكيا أو فى الفاتيكان. كما كان يتمتع بحصوله على جوار سفر دبلوماسى. وتعلمه اللغة الفرنسية هو والسيدة زوجته. رغم كل ذلك اعتبر عمله فى أوروبا أنه كان ((فى المنفى)) وبعد عودته من (المنفى) كانت مكافأته تعينه رئيس تحرير جريدة المساء. وحصوله على معاش أميرالاى أى فوق مرتبه أربع مرات (من 340- 351) فهل هذه المزايا التى حصل عليها هى ما دفعته لمديح الضباط الذين خرّبوا مصر، لأنها ((كانت حسنة الحظ بهؤلاء الرجال الذين كانوا يملكون قدرًا كافيًا من إنكار الذات)) ؟!
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكوتة لا تحقق المواطنة
- من سيسل دى ميل إلى يوسف شاهين
- رد على الأستاذة أحلام أحمد
- الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب
- مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
- التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
- التعليم فى مصر القديمة
- صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
- حُمّى السيادة على العالم
- الدولة State والدسلتير
- اليهود البشر واليهود النصوصيين
- تركيا من أتاتورك وإسماعيل أدهم إلى أردوغان
- سراب اسمه (تجديد الخطاب الدينى)
- موتسارت : طفل معجزة وحياة بائسة
- التوراة بين التاريخ والعلم والأساطير
- النقد العلمى لأسطورة هيكل
- مدينة أون والادعاء العبرى
- اسم مصر
- قاسم أمين : أحد رموز التنوير
- شهر مصرى صُغنتوت من خمسة أيام


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ضباط يوليو والإدارة الأمريكية