أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - الحزب الشيوعي العراقي - الاصلاح والتغيير مرهون بارادة الشعب ووحدة عمل قواه المدنية















المزيد.....



الاصلاح والتغيير مرهون بارادة الشعب ووحدة عمل قواه المدنية


الحزب الشيوعي العراقي
(Iraqi Communist Party)


الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 09:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي :
الاصلاح والتغيير مرهون بارادة الشعب ووحدة عمل قواه المدنية


عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يوم الجمعة، 8 تشرين الثاني 2013، في بغداد، اجتماعها الاعتيادي الدوري، الذي جاء متزامنا مع بدء احتفالات الحزب بذكرى تأسيسه الثمانين. وباعتزاز كبير بالذكرى واستلهام لمعانيها ومدلولاتها الغنية، توقف المجتمعون عند اهمية احيائها بما يليق بها وبدور الحزب حاضرا ومستقبلا، وقرروا اصدار نداء في هذه المناسبة العزيزة على الشيوعيين وعامة العراقيين الوطنيين.

في بداية الاجتماع نهض الحاضرون وقوفا في ذكرى من رحلوا خلال الأشهر الماضية من الرفاق والأصدقاء، ومن شهداء الشعب، ضحايا الارهاب وجرائمه.

وتدارس الاجتماع تقريرا انجازيا عن عمل واداء الحزب وهيئاته القيادية ومنظماته ولجان الاختصاص، وتوقف عند مؤتمرات لجانه المحلية التي انجزت للتو، وصادق بالاجماع على نتائجها. وقيم عاليا النجاحات المتحققة بهمة الشيوعيين ونشاطهم وارادتهم في استنهاض الهمم، وتطوير المنظمات وتعزيز دورها، وتخليصها من الثغرات والنواقص، والابداع في تنفيذ قراراتها وتوصياتها، وصولا الى الارتقاء بالاداء وتحسينه. كذلك العمل على رص الصفوف، وتنظيم القوى، وتعزيز التلاحم مع الناس وتبني مطالبها والدفاع عنها والوقوف معها لانتزاع حقوقها.

وبعد دراسة التقرير المالي ونشاط الحزب في هذا الميدان تمت المصادقة بالاجماع على التقرير مع التوجهات اللاحقة ذات العلاقة.
ودرس المجتمعون التطورات السياسية منذ الاجتماع السابق للجنة المركزية في 3 ايار الماضي،واقروا اصدار المتابعة السياسية الاتية :

ان الأوضاع في بلادنا تشهد المزيد من التعقيد والتشابك والتدهور على الصعد المختلفة، في ظل ازمة بنيوية عامة تطحن البلد، وتزيد من معاناة المواطنين وقلقهم على مستقبل وطنهم وآفاق تطور الاحداث فيه، والخشية من انزلاقها الى ما هو اسوأ.

واكد الحضور ان اس البلايا، وهو نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، ولّد ويولّد ازمات متعددة يعانى منها البلد ولا يزال، في وقت يفضل فيه المتنفذون المتصارعون على السلطة والقرار والمغانم والنفوذ، وعلى رسم حاضر ومستقبل البلاد، سياسة تدوير تلك الازمات والمراهنة على عامل الوقت الى حين اجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، ويفضلون سياسة المناورة وعقد الصفقات، على المنهج السليم الديمقراطي والدستوري لإخراج البلاد مما هي فيه من ازمة خانقة واستعصاء سياسي، مقدمين مصالحهم وما يمسكون به من كراسي السلطة، على مصالح الشعب والوطن العليا.

وتجلت أزمة نظام الحكم وآليات تسيير الدولة السائدة والمتبعة، في الادارة غير الكفوءة لمؤسسات الدولة، التشريعية والتنفيذية، وعجزها عن القيام بواجباتها المناطة بها، وفي الشلل الاقتصادي، والتدهور في الاوضاع المعيشية لقطاعات واسعة من المواطنين، وارتفاع معدلات البطالة، وتدني الخدمات العامة، والازمات المتلاحقة في النقل والسكن والتعليم والصحة واسالة الماء وتجهيز الكهرباء (الذي تحسن حاله نسبيا في الفترة الاخيرة)، فيما بقيت نسبة من هم تحت خط الفقر مرتفعة، رغم التزايد المستمر لموارد البلد النفطية.

ولعل التطور الاخطر هو ما يتجلى في التدهور المريع للوضع الامني، وتصاعد وتيرة العمليات الارهابية وتنوعها، واتساع الرقعة التي تستهدفها، وما ادت اليه من ازهاق ارواح المئات والآلاف من العراقيين. ومما ضاعف مخاطر ذلك، تعمق طبيعته الطائفية المقيتة، وما رافقه من تهجير على اساس الهوية، ضمن مساع مريبة لفرض حقائق ديموغرافية جديدة على الارض، ما اضر كثيرا بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي لشعبنا.

وبالاضافة الى سعة الخلافات السياسية وعمقها بين الكتل المتنفذة الحاكمة والممسكة بالقرار، وفقدان الثقة بين اطرافها، وتواصل المناكدات والتراشق الاعلامي والتسقيط السياسي والاجتماعي، وعدم حصول تطور ملحوظ في العلاقة بين الاقليم والحكومة الاتحادية، برزت في الفترات الاخيرة ظواهر زادت الوضع تعقيدا وسوءا، وتجلت في العديد من المعطيات والمؤشرات مثل :

1- استخدام مؤسسات الدولة كأداة للابعاد والتهميش واقصاء الآخر المختلف، ضمن منهج يفرط بالطاقات والكفاءات الوطنية، مقابل تجميع الانصار والمريدين، وشراء الذمم واغداق العطاءات والمكرمات، وتسخير التوظيف في اجهزة الدولة، المدنية والعسكرية، لخدمة هذا التوجه، وتشجيع الولاءات الشخصية والحزبية الضيقة، ومظاهر العودة الى ممارسات الحزب الحاكم المقرر وسياسة التفرد والاعتماد على الدائرة المقربة.

2- تعمق مظاهر التمييز على اساس الموالاة والتحزيب الضيق لمؤسسات الدولة، وبالاخص المؤسسة العسكرية، وتفاقم معاناتها من المحاصصة على حساب الكفاءة والمهنية، ما يثير الكثير من الاسئلة عن الاهداف التي تقف وراء ذلك، وما يزيد القلق من احتمال توجيهها بما يتعارض مع ما هو محدد لها من مهام دستورية، في ظل الصراع السياسي المحتدم خارج سياقاته.

3- تفاقم المعالجات الفردية للتحديات والمصاعب التي تواجه المجتمع والدولة، في ظل غياب رؤية استراتيجية متكاملة لبناء الدولة، واللجوء الى اجراءات مبتسرة ترقيعية تبدد المال العام والوقت والجهود.

4- التشابك المريب بين الفساد كمؤسسة وبعض المتنفذين في اجهزة الدولة، وفئات البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية واوساط من التجار الكومبرادور.

5- سيادة نمط تفكير لدى القوى المتنفذة يتسم بالتزمت واللاديمقراطية، وبالابتعاد عن الواقعية والعقلانية والمرونة والتسامح ورحابة الصدر وسعة الافق عند التعامل مع شؤون البلد وقضاياه.

6- اعتماد اساليب غير شرعية في العلاقة بين القوى السياسية المتعاركة كالاستعانة بالمليشيات والقوى الاجنبية، وتشجيع الانقسامات والتشرذم في صفوفها.

7- عجز مجلس النواب عن القيام بدوره التشريعي والرقابي، وطغيان عمل السلطة التنفيذية عليه، ما ولد العديد من التقاطعات بين السلطتين، وكان مردوده سلبيا على المواطن، وادى الى التلكؤ في تشريع العديد من القوانين الهامة.

8- التفريط بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وسيادة عقلية الهيمنة، وتداخل الصلاحيات، ما اربك عمل الجميع واصابه بالشلل. ويثار في هذا الصدد العديد من التساؤلات المشروعة عن مدى حيادية واستقلالية مؤسسات القضاء العليا، ارتباطا بمواقف اتخذتها المحكمة الاتحادية والعديد من الهيئات القضائية.

9- قضم استقلالية الهيئات المستقلة، والتدخل الفظ من جانب الحكومة في شؤونها وفي ترتيب مجالسها ورئاساتها، ما اضعف كثيرا دورها وعطل قيامها بمهامها على وفق ما حدده لها الدستور.

10- استهانة الاوساط الحاكمة بالمخاطر الاقليمية والدولية الكبيرة المحيقة بالعراق والمنطقة وما يطبخ لهما في الدوائر الغربية واسرائيل، وعدم ارتقاء الاداء والمعالجة الى مستوى تلك التحديات والمخاطر. ونتيجة للفشل المتلاحق للقابضين على السلطة، تتزايد اعداد الداعين الى الاستعانة بالخارج لايجاد مخارج للازمة القائمة.

11- استمرار المساعي الجارية بصيغ مختلفة، للتضييق على الحريات العامة والخاصة، وتشويه قيم الديمقراطية الحقة ومسخها، وتكميم الافواه، وتكريس الموقف المعادي لتظاهرات المواطنين ومطالبهم العادلة، واللجوء الى العنف المفرط والاعتقالات والتعذيب، وتقليص فضاءات الحياة المدنية.

ورغم معاناة الناس، وتدهور أوضاع البلد وانفتاحها على احتمالات شتى، وحالة التشابك بين ما يجري في بلدنا وعلى صعيد المنطقة، لا سيما في سوريا، وانعكاساتها السلبية على بلدنا، وانطلاق العديد من الأصوات الوطنية المحذرة، فان الكتل السياسية المتنفذة ظلت سادرة في مواقفها، وعاجزة عن تقديم البدائل والحلول، بحكم طبيعتها وتكوينها، واصرارها على التمسك بالمحاصصة رغم ما تطلق من نقد لها ، وابتعادها عن الخطاب الوطني الموحِّد، ملحقة المزيد من الاضرار ببلدنا، ومضيعة فرصا ثمينة للاعمار والبناء، اهدرتها على مذبح مصالحها وتشبثها بالحكم والسيطرة.

وإزاء توالد الأزمات وتعمقها، وانعكاس آثارها على مجمل احوال البلاد، وانفتاح الأوضاع على اسوأ الاحتمالات والمآلات، لم يدخر حزبنا جهدا في تنبيه جميع الاطراف المشاركة في العملية السياسية، والقوى المتنفذة على تباين درجة مسؤوليتها عن تدهور الأوضاع، إلى جذور الأزمة في العملية السياسية، وتداعياتها وتجلياتها في أزمات الحكومة والبرلمان وفي ضعف ادائهما، الجذور التي تكمن في نظام المحاصصة الطائفية والأثنية.

ولأجل تجنيب البلاد المخاطر التي تتهدد النسيج الوطني والسلم الأهلي والسيادة الوطنية، والتي تفاقمها التدخلات الخارجية، فضلا عن تدهور الواقع الاقتصادي والخدمي، جرّاء المماطلة والتسويف والتصلب والتخندق في المواقف، في مواجهة القضايا العالقة والمختلف عليها بين القوى السياسية، بادرنا الى الدعوة لاجراء انتخابات مبكرة، تتيح العودة الى الشعب كحل دستوري ديمقراطي للازمة. كذلك دعوة القوى السياسية جميعا إلى الشروع بحوارات ثنائية ومتعددة الاطراف، تمهيدا لاجتماع او مؤتمر وطني شامل يضم سائر القوى المشاركة في العملية السياسية ، داخل السلطة وخارجها، لمراجعة الواقع المأزوم للعملية السياسية، وتدارس مختلف جوانب ازمة البلاد، والخروج بحلول وتوافقات وخطط عمل مشتركة، من شأنها إعادة العملية السياسية إلى السكة السليمة، وتنقية أجواء العلاقات السياسية، وجدولة اجراءات وخطوات عملية متوافق عليها لتفكيك عقد الأزمات والقضايا العالقة والمؤجلة.

الا ان هذه الأفكار والمقترحات لم يجر التعامل معها بجدية رغم اعلان الترحيب بها، بل على العكس استقبلها بعض القوى المؤثرة بتوجس، وعمل على افراغها من مضاميتها الحقيقية، بالتسويف والاختزال وتضييق معانيها ودائرة المشمولين بها. ومع مرور الوقت وتدهور الاوضاع وامتداد تداعيات الأزمة إلى الوضع الأمني، وتفاقم الصراع في سوريا، وظهور حركة احتجاجات واسعة في بلادنا، جرى التعامل معها بصورة خاطئة وتوظيفها لتأجيج الاستقطاب الطائفي، ومع تنامي اتجاهات التفرد، والنبرات وردود الفعل المتشنجة، اتسعت فجوة الخلاف، وتعسّر تحقيق التفاهمات، وازدادت مظاهر ضعف الأداء بل وشبه الشلل الحكومي والبرلماني. وزادت هذه العوامل والتطورات مجتمعة من تعقيد الاوضاع، وضيقت فرص تطبيق ونجاح الحلول التي كانت متاحة، واشاعت مشاعر احباط وقلق عميقين في مختلف الاوساط الشعبية والسياسية، بما في ذلك داخل القوى النافذة نفسها.

واكد مسار الاحداث ومواقف القوى المتنفذة المتحاصصة، أن لا رغبة لها ولا مصلحة في الخلاص من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، وانه لا يمكن توقع اتخاذ خطوات عملية وجادة للانفكاك، إلا بتغيير الموازين السياسية في المجتمع لصالح اصحاب المشروع الوطني والمدني الديمقراطي. وهذا لا يتحقق إلا ببناء تحالف وطني عريض وواسع، عابر للطوائف والاثنيات، يشكل بداية النهاية للمحاصصة الطائفية- الاثنية المقيتة، ويفتح برنامجه الابواب نحو المصالحة الوطنية الحقة، ونحو حفظ وحدة البلاد وتجنيبها مزالق التقسيم والاحتراب الاهلي.

وفي هذه الظروف العصيبة فان جهدا كبيرا ينتظر جماهير شعبنا، والتيار الديمقراطي وقواه وشخصياته، وكل قوى المجتمع المدنية والديمقراطية، للارتقاء بدورها وزيادة فاعليتها، وتوسيع صفوفها ، وبناء تحالفها المدني الواسع، وجعله رقما كبيرا في موازين القوى على الارض، لصالح مشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تدهور الوضع الامني

توالى التداعي في الملف الامني، وشملت جرائم الارهابيين محافظات عدة، بعضها كان يعتبر من المحافظات الآمنة. وتنوعت وسائل ازهاق ارواح العراقيين، حيث التفجيرات، الاحزمة الناسفة، العبوات، الاغتيالات بالكواتم، الاختطاف، مهاجمة البيوت الامنة وهدمها على رؤوس ساكنيها، الهروب من السجون كما حصل في ابي غريب والتاجي، المدن والسيطرة عليها ولو لفترة معينة، وغيرها.

وتنوعت الاماكن والاهداف المستهدفة وتعددت: الحسينيات، ومسيرات الزوار، والجوامع، ومجالس العزاء، واجهزة الشرطة والجيش، ومؤسسات الدولة، والمقاهي الشعبية، والملاعب الرياضية والاسواق والمدارس..

ورافقت جرائم التقتيل عمليات تهجير ذات نفس طائفي، شملت مناطق ومواقع عدة في محافظات الوطن: ديالى والبصرة والموصل وصلاح الدين وكركوك وذي قار وبغداد، في اجواء صمت حكومي مطبق.

وما ميز اعمال الارهابيين الاجرامية هو سعتها، وتنظيمها، وتنسيق تنفيذها في اماكن عدة في آن واحد، وتصاعد وتيرتها ووحشيتها وطابعها التدميري، وتزايد اعداد ضحاياها.

ولم تعد خافية على ابناء شعبنا غايات القتلة على اختلاف عناوينهم واجنداتهم السياسية، فهم يريدون الحاق اقصى الاذى بالعراقيين وترويعهم، تأليب بعضهم ضد بعض، واثارة فتنة طائفية مهلكة، والحاق هزيمة معنوية بالقوات الامنية واظهار ادائها بمظهر الهزيل العاجز. أنهم يريدون تعطيل الحياة العامة، وإضافة كوابح جديدة في طريق العملية السياسية، والعودة بها القهقرى، وتعميق حالة اللااستقرار والفوضى، وتنفيذ مخططهم الظلامي باسقاط العملية السياسية والمؤسسات الدستورية، والعودة ببلادنا الى القرون الوسطى ونموذجها قندهار بصيغه المتعددة.

وبات واضحا ان الارهابيين ومختلف المجاميع المسلحة الخارجة عن القانون، وجدوا متنفسا جديدا لهم في التطورات الجارية في سوريا، وفي ظلال موجة التعصب والتحريض الطائفي التي ما انفكت دول في المنطقة تعمل على ادامتها وتأجيجها، مقدمة دعمها اللوجستي والمادي السخي لفصائل القتل والتدمير، فضلا عن مواقف اطراف دولية تريد الحاق الضرر بدول المنطقة لصالح اسرائيل.

على ان سوء ادارة بلدنا وتردي الاحوال فيه، والتخبط وانعدام الحكمة والمرونة، والموقف المتعنت من مطالب المعتصمين في المحافظات الغربية والشمالية ، وعدم الاستجابة لما هو مشروع منها، والبطء والترهل، هذا وغيره دفع اعدادا متزايدة من الشباب المشاركين في الاعتصامات الى الشعور بالاحباط، واليأس من امكانية تحقيق مطالبهم سلميا، وهم في الاساس يعانون من بطالة حادة، يضاف الى ذلك التعامل الخاطئ مع الصحوات. هذه الامور كلها وظفتها التنظيمات الارهابية لصالحها، ووجدت لنفسها حواضن آمنة وامدادات بشرية جديدة، فيما بقيت تتعالى اصوات غالبية اهالي هذه المناطق، مطالبة بتخليصهم من سطوة الارهابيين.

ان مداخل معالجة الثغرات الجدية في هذا الملف، لا بد ان تنطلق من حقيقة تعدد مقاربات هذه المعالجة، وعدم اقتصارها على الجانب الامني – العسكري، على الرغم من اهميته. فلا مفر من الاقدام على مجموعة اجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واعلامية، وعلى تطوير المؤسسة العسكرية – الامنية وتخليصها من العناصر التي تلكأت او فشلت في مهامها، ومن العناصر الفاسدة ايضا، والكف عن مساعي تسييسها وكسب الولاءات داخلها، بما يشظيها طائفيا وقوميا وسياسيا، والمباشرة باعادة بنائها على اسس سليمة ووفق معايير الكفاءة والنزاهة والاخلاص ، بحيث تغدو مؤسسة وطنية بحق، تحظى بثقة العراقيين جميعا.

ان من شأن استمرار غياب هذه المعالجة ان يلحق افدح الاضرار بالمؤسسة، وبقدرتها على الامساك بملف الأمن، الذي يصعب الحديث عن اطلاق فعلي لعملية البناء والاعمار والاستثمار التي تأخرت كثيرا، من دون تحقيق انجازات حقيقية فيه وإلحاق الهزيمة بالارهابيين ودحرهم.

ولا يقل عن هذا ضررا السعي المحموم لاعادة الحياة الى " ميليشيات " و " جيوش " مختلفة العناوين والمسميات. والانكى ان تحظى بدعم ظاهر ومبطن من اجهزة ومؤسسات وافراد في الدولة، بما يعد خروجا صريحا وانتهاكا فظا للدستور. ويبقى مطلب حصر السلاح بيد الدولة مشروعا وضروريا، للحؤول دون رفع وتيرة العنف في مجتمعنا، واستخدامه في فرض حقائق سياسية على الارض.

من جانب آخر تمس حاجة عوائل ضحايا الارهاب الى الرعاية والعناية والاهتمام من قبل الدولة ومؤسساتها المختلفة، وتعويض من فجع منهم بسبب جرائم القتل وتضرر ماديا اومعنويا، والاقدام على ذلك سريعا وتخطي الروتين المرهق في مؤسسات الدولة.

التأجيج الطائفي

يتواصل التحشيد والتأجيج الطائفيان على عدة مستويات، وتنشط الجماعات الارهابية لمفاقمة الامر عبر عملياتها الاجرامية التي تريد خلط الاوراق واثارة فتنة طائفية، من خلال استهدافها الجوامع والحسينيات ومجالس العزاء ومسيرات الزائرين، والتركيز على منطقة معينة ومكون معين في فترة محددة، ثم الانتقال الى اخرى في وقت آخر. وايضا تحت تأثير صراعات المصالح في المنطقة بلبوس طائفية، وما يحصل في سورية بفعل ازدياد دخول العراق على خط الازمة فيها وبعناوين مختلفة، وان لم يتخذ طابعا رسميا.

على ان التأجيج الطائفي غدا سلاحا وورقة ضغط بيد السياسيين، وخصوصا المتنفذين، وهم يصعدونه كلما اقتربت الانتخابات، ليضمنوا نفوذهم ومصالحهم وحصولهم على مواقع متقدمة في مؤسسات الدولة.

ونشهد خلال ذلك لجوء بعض السياسيين، فضلا عن رجال دين ومثقفين ووسائل اعلام، الى خطاب تصعيدي بدل الدعوة الى التهدئة ومد جسور الحوار وتمتين النسيج الاجتماعي الذي يتعرض الى تهديد جدي.

والاخطر بمكان ان تطلق الدعوات الى تشكيل مليشيات وجيوش على اسس طائفية، وان تخول هذه التشكيلات نفسها صلاحيات مؤسسات الدولة وتأخذ القانون بيدها، في تجاوز واضح وصريح وانتهاك فظ لسلطة الدولة.

ولمواجهة التحديات الجدية امام بلادنا، والتي سبق ان حذرنا من مخاطرها، نكرر الدعوة إلى وقف التصريحات المتشنجة والمؤججة للعواطف، والسعي الى كسب الاصوات ولو على حساب استقرار البلد ووحدته الوطنية، ونؤكد ضرورة الاستجابة السريعة للمطالب العادلة للمعتصمين والمتظاهرين، وحل اشكاليات ابناء الصحوات، والسير بثبات نحو المصالحة الوطنية الحقيقية، والتعامل مع العراقيين كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.

وتتوجب ايضا على اصحاب القرار والمتنفذين، اعادة النظر بكل الاجراءات التي تتقاطع مع تمتين الوحدة الوطنية، واعادة اللحمة الى صفوف المواطنين، ومعافاة الحياة السياسية، وانتشال البلاد من حالة الشلل. فهذا هو طريق التصدي للتدخلات الخارجية التي ما انفكت تسعى الى العبث بمقدرات الوطن والشعب.

اخطبوط الفساد

كثر الحديث عن مكافحة الفساد، واطلقت حملات لمكافحة الرشوة، وعلت الاصوات المطالبة بانزال القصاص العادل بالفاسدين والمفسدين. ومع هذا، ورغم تعدد وتشعب هيئات الرقابة والنزاهة والجهات المشابهة، فان ارقام الفساد في تصاعد متواصل. وليس ادل على ذلك مما تذيعه هيئة النزاهة ذاتها من ارقام، ومن عدد المفسدين الهائل الذي لا يزال، كما تقول، يحال الى المحاكم.

و يدلل هذا على ان أي مسعى للتصدي الناجع للفساد، لا بد ان يضع في الاعتبار مجموعة من الحقائق التي لها صلة باسبابه وتشعباته ودوافعه، والاشكال المتعددة التي يتجلى فيها، كما بابعاده المالية والادارية والسياسية.

فليس من الصحيح قصر الفساد على الرشى في مؤسسات الدولة مثلا، او سرقات المال العام المباشرة، على ضخامة حجمها وسعة انتشارها، وعدم الوقوف على كل انماط هدر المال العام، والتلاعب به بصورة مباشرة وغير مباشرة.

على ان من المهم، وقد تكدست " خبرة " جيدة عند المفسدين، الانتباه الى كون العديد من عملياتهم تتم بشكل "قانوني" ظاهريا ووفق السياقات القانونية وفي انسجام تام مع التعليمات الحكومية النافذة.

ومن الملفت ان تتركز عمليات الفساد الكبيرة، وكما يُعلَن من طرف ذوي العلاقة انفسهم، في العقود الحكومية التي يفترض ان تجري بشفافية عالية، لا سيما وهي تتم باشراف الحلقات العليا في مؤسسات الدولة على اختلافها.

ويقترن استشراء الفساد بالتداخل الكبير والترابط المخيف بين اخطبوط مؤسسة الفساد وكبار المتنفذين في الدولة، مما اشاع الكثير من اللامبالاة وعدم الاكتراث في مؤسساتها، وصعّب كثيرا من مساعي التصدي للفساد، وحوّل عمل مؤسسات مكافحته الى ملاحقة ما سهل رصده وصغر حجمه من القضايا. بل ان مؤسسات المكافحة بدت احيانا كمن لا حول له ولا قوة امام المؤسسة السياسية، التي صارت هي الاخرى تغذي مؤسسة الفساد، وتتبادل معها عناصر القوة. ويكفي ان نذكّر بعدم الاعلان عن اية قضية جرى حسمها امام المحاكم، اذا كان اي منها قد حسم اصلا. فيما التهديد بكشف الملفات قائم، ومن مختلف الاطراف، للضغط والابتزاز وشراء الذمم والتسقيط السياسي والاجتماعي.

ويبقى ان نشير الى ان تفشي الفساد المالي والاداري والسياسي، وتحوله الى مؤسسة اخطبوطية تخترق باذرعها مفاصل الدولة جميعا، ومثلها المجتمع، يشكل موضوعيا افضل خدمة لشبكات الارهاب والجريمة المنظمة، ويؤمن تعمق الروابط بينهما.

ان الناس مندهشة حقا امام ما يعرض من قضايا فساد بمبالغ هائلة تصل المليارات، تطال كبار المسؤولين ، ومن تلاعب مريب بعقارات الدولة والاراضي الزراعية وغيرها، وما تتعرض له من نهب متواصل بذرائع مختلفة، وما خفي منها هو الاعظم ربما. وتبقى الاجراءات المضادة دون المطلوب، بل تكاد لا تذكر امام هذا الغول المستشري.

اننا ندرك جيدا، شأن ابناء شعبنا، ان المعالجة الجذرية للفساد ستصطدم بمعوقات وعراقيل شتى من جانب الفاسدين المفسدين، وانها لا بد ان ترتبط بجملة اجراءات ومعالجات تضع حدا للمحاصصة، ولحماية السياسيين مناصريهم الفاسدين، واطلاق عملية تنمية حقيقية، وخفض معدلات البطالة، وتحسين الخدمات، وتأمين الامن والاستقرار، وضمان حيادية القضاء، وتفعيل دور اجهزة الرقابة المتعددة ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين والرأي العام والاعلام.

الوظيفة العامة

اصيبت الوظيفة العامة بخلل كبير، وهي مرتبطة بالاوضاع العامة في البلد، وبمنهج وآليات ادارة الدولة،التي توارثت العديد من الاشكاليات من النظام المقبور، وزيد عليها ما زيد بعد التغيير، ما افقدها الكثير من مزاياها وخصائصها، واضعف قدرتها على لعب دورها المرتجى في ادارة مؤسسات الدولة وفي ادائها لمهامها، لا سيما تلك المرتبطة بحياة الناس مباشرة وبتقديم الخدمات لهم، او التي لها صلة بضمان الأمن والاستقرار، وانطلاق عملية البناء والاعمار.

ويبدو الخلل واضحا في الفوضى المنتشرة في مجموعة الانظمة والقوانين الناظمة والمؤطرة والتعليمات المتقاطعة، والكثير منها وضع او شرع ايام النظام المقبور. تضاف الى ذلك الاجتهادات غير المعللة والصلاحيات التي تمنح لهذه الجهة او تلك، او لهذا الوزير ومن بدرجته او ذاك.

ويبقى اسناد الوظيفة العامة يفتقد المعايير الواضحة والصريحة، كما انه يخضع للمحاصصة، وللمحسوبية والمنسوبية، ولاغراض جمع المريدين، وللواسطات والرشى، والاغداق على ذوي القربى. وقليلة هي الحالات التي يجري التعيين فيها عبر الاعلان واختيار الشخص المناسب للوظيفة المعلنة.

ومن النادر ان يوجد في دولة كم هائل من المناصب القيادية الرئيسية، المدنية والعسكرية، التي تدار بالوكالة، كما هو الحال في العراق اليوم، والتي تقدر نسبتها باكثر من 80 بالمئة. وشاغلوها يتعرضون طبعا، بحكم كونهم غير اصلاء، للكثير من الضغط والابتزاز، ويعانون حالة من اللااستقرار.

ولم تفلح حتى الآن الدعوات المتتابعة المطالبة بتشكيل مجلس الخدمة العامة، لتنظيم عملية اعداد الضوابط والمعايير للوظيفة العامة، ومراقبة تنفيذها بحيادية وشفافية، بما يتيح للمواطنين التقديم الى الوظيفة على وفق الكفاءة والتأهيل، وبما يوفر الفرص المتكافئة امام العراقيين جميعا، ليتنافسوا بحرية ومن دون تمييز لاي سبب او ذريعة .

ان تحقيق هذا الهدف سيتيح تحقيق جانب من العدالة الاجتماعية، وتفعيل مبدأ المواطنة، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بدل الفوضى التي تعم ميدان التعيينات حاليا، وعلى مختلف المستويات.

انتخابات مجلس النواب القادمة

تكتسب الانتخابات القادمة اهمية كبيرة، وهي تعد استثنائية في مجرى التطورات التي يشهدها البلد اليوم، ويمكن ان تكون مدخلا لاعادة اصطفاف القوى لمصلحة تحقيق مشروع التغيير، ووضع العملية السياسية على السكة السليمة، وصولا الى اقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والمؤسسات والقانون.

وبهذا المعنى فانها تشكل تحديا كبيرا للجهات والقوى والاحزاب والشخصيات والمواطنين المطالبين بالتغيير، وبجعل الانتخابات المقبلة محطة انطلاق نحوه. كما تشكل تحديا لجميع الكتل والاحزاب السياسية، المطالبة باجراء مراجعة نقدية واستخلاص الدروس ، وضم جهدها الى جهود الآخرين لاطلاق عملية تصحيح مطلوبة، بعد كل ما عاناه البلد واهله من كوارث ومآسي، وبعد فشل المتنفذين في الايفاء بوعودهم ووضع مصالح الوطن والشعب العليا فوق اعتبارات المصالح الضيقة، ايا كان عنوانها.

ان انتخابات بهذه الاهمية كانت تتطلب الاعداد الجيد والمبكر لها، وتلافي الثغرات والنواقص التي رافقت عمليات الانتخابات السابقة، سواء لمجالس المحافظات، ام لمجلس النواب.

وقد طالبنا مع سوانا بحسم العديد من الامور على طريق التهيئة لهذه الانتخابات، ومنها اجراء الاحصاء السكاني، وتشريع قانون الاحزاب، واعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات ودوائرها في المحافظات واجهزتها المختلفة،على اسس جديدة تعتمد الكفاءة والنزاهة والمهنية، بعيدا عن المحاصصة وتدخلات الكتل السياسية، وبما يضمن حياديتها وشفافية عملها وصدقيته.

وكان مطلوبا بالحاح ان ينجز مجلس النواب قانون الانتخابات في وقت مبكر، وان يأتي قانونا عصريا ديمقراطيا حقا، لا يعطي امتيازات مسبقا لهذه الكتلة او تلك، ويسهم في ترسيخ الممارسة الديمقراطية وضمان حق الناخبين في خياراتهم الحرة وفقا لما جاء به الدستور، وفي استقرار البلد، وتوسيع المشاركة في ادارة شؤونه، وضمان تمثيل مختلف التيارات الفكرية والسياسية، وتجسيد التعددية التي تسم مجتمعنا العراقي بعناوينها المختلفة، وتأمين التمثيل الجيد للنساء والشباب.

ولتحقيق ذلك طالبنا، مع غيرنا، بجعل العراق دائرة انتخابية واحدة، واعتماد الطريقة النسبية والقائمة الوطنية المفتوحة، كونها انسب وأرقى آليات الانتخاب، وأفضل معبر عن رأي الشعب بكل مكوناته، وكونها تنسجم تماما مع الرغبات والدعوات إلى استبعاد المحاصصة وإعمال مبدأ المواطنة، وتساهم في تعزيز الوحدة الوطنية. كما انها تسمح بأن يكون مجلس النواب ممثلا لكل العراقيين ولمصالح الوطن العليا بعد أن تم انتخاب مجالس المحافظات لتمثل سكانها، وتتيح لكل المكونات السياسية والدينية والقومية والمذهبية أن يكون لها حضورها، وتوفر الفرصة للكيانات السياسية سواء أكانت أحزابا أو أفرادا للتقدم والترشيح في الانتخابات. إن هذه الآلية تجمع كل حسنات النظم السياسية، ويمكن ان تضمن التعبير عن آراء ومصالح كل الشعب العراقي، لا فئة منه دون أخرى. وهذا عامل مهم يبرر ويدعم اعتماد الطريقة النسبية والدائرة الانتخابية الواحدة، وينسجم تماما مع التطلع الى عراق موحد، لا الى مصالح فئة أو طائفة معينة.

وكان على مجلس النواب الاستجابة الى قرار المحكمة الاتحادية، الذي رفض تجيير اصوات الناخبين للكتل التي لم يمنحها الناخبون اصواتهم، وهو ما يعد مخالفة صريحة للدستور، ومصادرة لحق الاختيار وسرقة مكشوفة لاصوات الناخبين. وقد اهتدى مجلس النواب عند مراجعة الموضوع وقت اعداد قانون انتخابات مجالس المحافظات الى طريقة " سانت ليغو " في توزيع المقاعد واعتمدها، وكان ذلك موضع ترحيب نظرا الى قربه من تحقيق العدالة وانصاف الناخبين، وضمان عدم سرقة اصواتهم كما حصل في الانتخابات البرلمانية السابقة عندما استحوذت الكتل المتنفذة عليها ، الا ان مجلس النواب استبعد هذه الطريقة، وتبنى بدلا عنها طريقة سانت ليغو المعدل كآلية لتوزيع المقاعد. وهو ما يضيق الفرص امام الاحزاب والقوى والشخصيات المدنية والديمقراطية والليبرالية.

وعند دراسة قانون الانتخابات الجديد، اشر اجتماع اللجنة المركزية العديد من الثغرات والنواقص فيه، وعدّه تحديا كبيرا امام الاحزاب والقوى المدنية والديمقراطية، المناصرة للمشروع المدني والمناهضة للطائفية، بما يحفزها على تعبئة القوى والتنسيق والتعاون، وبناء تحالفها المدني الديمقراطي الواسع لضمان نيل عضوية البرلمان، وجعله منبرا اضافيا للدفاع عن حقوق الجماهير وخدمة ابناء الشعب، والانتصار لمصالح الشعب والوطن العليا. وفي الوقت ذاته دعا الاجتماع جماهير شعبنا الى المساهمة الفعالة في الانتخابات، الى تحمل مسؤوليتها والتوجه الى صناديق الاقتراع واختيار الافضل والاكفأ والنزيه، اختيار القوى المعول عليها فعلا للمباشرة بمشروع الاصلاح والتغيير.

انتخابات اقليم كردستان

جرت انتخابات برلمان الاقليم بمشاركة العديد من الاحزاب والكتل والشخصيات، وتم انتخاب 112 نائبا بضمنهم ممثلو الاقليات في الاقليم.وكانت نسبة المشاركة جيدة، قياسا الى مثيلتها في انتخابات مجالس المحافظات، عدا محافظات الاقليم.

وافرزت الانتخابات معطيات جديدة في الاقليم، وتناسبا للقوى غير معروف سابقا، لا سيما لجهة حلول كتلة التغيير " كوران " ثانيا بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبات الاتحاد الوطني الكردستاني في الموقع الثالث برلمانيا. فيما حقق الاتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الاسلامية زيادة معينة في مقاعدهما.

وقد اشرت منظمات المجتمع المدني والمراقبون ثغرات ونواقص في انتخابات الاقليم، لكنها سجلت الاقبال الكبير على الاقتراع، رغم ان التصويت ما زال بعيدا عن ان يتم على اساس البرامج السياسية.

وسيكون للتغييرات المذكورة، من دون شك، اثر في تركيبة الحكومة وتوزيع السلطات في الإقليم، كما قد تنعكس في طبيعة تحالفات القوى السياسية فيه.

وتؤشر النتائج ايضا صعوبة تشكيل حكومة من حزب واحد، وكون الواقع الجديد سيفرض تحالفات معينة، وقد يقود الى تشكيل حكومة واسعة التمثيل.

وفي خصوص تمثيل الحزب الشيوعي الكردستاني في البرلمان الجديد بمقعد واحد ، يتوجب القول ان ما حصل عليه الحزب من اصوات لا يرقى الى طموح الحزب ومنظماته ورفاقه. وهو ما كان موضع دراسة من جانب الحزب، ومراجعة تقويمية لمختلف جوانب العمل: السياسية والفكرية والتنظيمية، والعلاقة مع الجماهير، وخاصة الكادحين، وتبني اهدافها وطموحاتها.

وحرصا على تمتين الوحدة الوطنية في الاقليم وتعميق مسيرته الديمقراطية، نرى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الاحزاب والكتل السياسية الكردستانية، وتعمل على ترسيخ الديمقراطية ومؤسساتها، ومحاربة الفساد، وتحسين احوال المواطنين المعيشية، وتأمين التقدم المضطرد للاقليم وتطوير مساهمته في بناء العراق المدني الديمقراطي الفيدرالي الموحد.

التطورات على الصعيد الاقتصادي

صدرت عن جهات حكومية ومنظمات دولية، خلال الفترة القريبة الماضية، دراسات وتقارير وخطط واستراتيجيات تناولت جميع جوانب الاقتصاد العراقي وبحثت فيها، سواء على صعيد الاقتصاد الوطني ككل، مثل خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013-2017، ام على اصعدة قطاعية كالاستراتيجيات الوطنية للاسكان، والكهرباء، والتربية والتعليم، والشباب، والبيئة، والصناعة، والاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة وغيرها. وبلغ عدد الأستراتيجيات التي اقرها مجلس الوزراء او لا تزال قيد الاعداد، اثني عشر استراتيجية تشمل مختلف القطاعات والانشطة الاقتصادية والاجتماعية، المتعلقة بالموارد المادية والبشرية.

وقد وفرت هذه التقارير والأبحاث والوثائق معطيات كافية تؤشر وقوف العراق واقتصاده على مفترق، وتبين انه في حال استمرار الوضع الراهن واتجاهات مساره، فإن العطل في الاطار الاقتصادي العام للبلاد سيتعمق، ويلقي تداعيات ثقيلة على عملية الاستثمار الضرورية للاعمار والتنمية، ويشدد مظاهر التفاوت والاختلال في البنية الاقتصادية-الاجتماعية، بكل ما تعنيه من تعميق الطابع الريعي، واستمرار حالة التقلص والانحسار في دور ووزن القطاعات الانتاجية، الصناعية والزراعية والخدمية، ورواج النشاطات الطفيلية وتفاقم التبعية للخارج والاعتماد عليه.

وبفضل ارتفاع اسعار النفط العالمية وازدياد معدلات انتاج وتصدير النفط، حقق الاقتصاد العراقي خلال السنوات الماضية معدلات نمو مرتفعة، وزيادات سريعة في ايراداته ودخله القومي. حيث ارتفع الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات 2009-2011 بمعدل نمو سنوي بالاسعار الجارية قارب 19 بالمئة. ومن المتوقع ان يكون معدل نموه عام 2012 قد بلغ حوالي 12 بالمئة، وهي من أعلى المعدلات العالمية.

وخلال الفترة ذاتها ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي بمعدل سنوي قدره 15.9 بالمئة. حيث ازداد من 3259 دولارا سنويا للفرد عام 2009 إلى حوالي 4840 دولارا عام 2011. علما أن هذا المؤشر يمثل متوسطا حسابيا لا يأخذ بعين الاعتبار نمط توزع الدخل اجتماعيا.

وبلغة الأرقام المطلقة ارتفع الناتج المحلي الاجمالي من حوالي 45 مليار دولار عام 2006 إلى 109 مليارات عام 2011، بنسبة زيادة قدرها 140 بالمئة تقريبا.

ورافق هذه الزيادات، التي مصدرها العوائد النفطية بالدرجة الأساس، تعميق للطبيعة الأحادية لهيكلية الاقتصاد العراقي. اذ بلغت نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي الاجمالي عام 2011 بالاسعار الثابتة، حوالي 43 بالمئة (وحسب بعض التقارير الصادرة عن منظمات دولية 65 بالمئة) مقابل 7.6 بالمئة للقطاع الزراعي و2.7 بالمئة للصناعة.

وخلال السنوات 2004-2013 تم تخصيص ما يزيد على 160 مليار دولار للنفقات الاستثمارية للوزارات والمحافظات والاقليم، من خلال الموازنات العامة. إلا انها لم تنعكس ايجابا على الواقع المعيشي والحياتي لعموم المواطنين. فبسبب سوء الادارة والتصرف بهذه الاموال، فان ما تحقق على الارض غاية في التواضع والمحدودية، يشهد على ذلك ضعف وتهالك البنى التحتية، ورداءة انجاز الجديد منها.

وتعاني الغالبية العظمى من المشاريع الحكومية من التلكوء وسوء التنفيذ أو عدمه. ولم تتجاوز نسبة المشاريع المنجزة على عشرة بالمائة من اصل اكثر من ستة آلاف مشروع.

وعلى مدى السنوات الماضية، لم تكن ضآلة المنجز وتعمق الاختلال البنيوي في الاقتصاد العراقي بمعزل عن استمرار السياسات والنهج السياسي والاقتصادي، المفتقر إلى الرؤية والوجهة الواضحتين، اللتين توفران شروط تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية متوازنة.

فرغم ضخامة الايرادات والموازنات الحكومية، يحتل العراق اليوم موقعا متدنيا في مؤشرات التنمية البشرية، ويظل حوالي 20 بالمئة من الشعب تحت خط الفقر، واكثر من 10 بالمئة آخرين قريبا منه، وأكثر من 24 بالمئة من الشباب الخريجين من دون عمل، فيما العشرات من العشوائيات التي تفتقر إلى ابسط الخدمات الاساسية تنتشر في انحاء مختلفة من العاصمة والمدن العراقية الكبرى ومحيطها، ويتعمق الاعتماد على الخارج بحيث تم انفاق ما بين 50 إلى 60 مليار دولار، العام المنصرم، على استيراد البضائع والمنتجات الزراعية والخدمات.

وتؤكد هذه المعطيات ان المعضلة الكبيرة التي تواجه الاقتصاد العراقي تكمن في مستويين أساسيين :
- الأول في المحتوى الاقتصادي – الاجتماعي لتوجهات السياسة الاقتصادية وتطبيقاتها، التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ التغيير، والتي يجمعها هدف الانتقال بالاقتصاد العراقي إلى اقتصاد السوق، وهو تعبير ملطف يقصد به اقتصاد رأسمالي بصيغته اللبرالية المندمجة بالسوق والمنظومة الرأسمالية العالمية.

- والثاني يتمثل في صراعات وتشظيات نظام حكم المحاصصة، الذي يقف حائلا دون بلورة وانتاج رؤى وتصورات مشتركة وموحدة واضحة ومنسجمة، تؤطر سياسة دولة وخطط وبرامج عملها وتشريعاتها، ما ينعكس في شكل تخبط في القرارات السياسية الاقتصادية، وفي سوء استخدام وتوظيف للموارد النفطية وتوزيعها بشكل عادل وكفوء، وفي عدم قدرة على تنفيذ خطط التنمية والاستراتيجيات القطاعية وبرامج الاصلاح الاقتصادي.

لكن عملية الانتقال تصطدم بكوابح ومعوقات موضوعية ترتبط بالضعف البنيوي للقطاع الخاص، الذي تغلب عليه صفة المشروع الفردي والمنشأة الصغيرة، وبالدور المهيمن الذي يلعبه القطاع العام في الاقتصاد العراقي. فهو المشغل الرئيس للعمالة، حيث يتراوح عدد العاملين في الدولة بين 3.2 إلى 4 ملايين شخص حسب مصادر مختلفة، وهو المستثمر الأراس بحصته التي تزيد على 96.3 بالمئة من تكوين الرأسمال الثابت. ويقترن هذا بإرث مؤسسي وثقافي ومنظومة مصالح لشرائح وفئات اجتماعية واسعة ومؤثرة، ترتبط باستمرار القطاع العام وتتوجس من التوجه نحو تقليصه وتفكيكه.

وازاء ذلك لا بد من تأكيد ضرورة تبني استراتيجية وطنية علمية متكاملة ، تبعث الحياة والنشاط في قطاعات الانتاج، العام والمختلط والخاص والتعاوني، وتدفع نحو تكاملها، وتوفر الدعم للنهوض بالقطاع الخاص، واصلاح وتوطيد القطاع العام.

الموازنات العامة الاتحادية للسنوات 2013 و 2014

تشترك الموازنة العامة الاتحادية لعام 2013 وتقديرات الموازنة العامة لعام 2014 بالملامح والسمات ذاتها التي طبعت الموازنات الحكومية طيلة السنوات الماضية، فضلا عن انها تقدم دون حسابات سنوية ختامية.

ويمكن اجمالا تأشير الارتفاع المتواصل والمتسارع في حجم الموازنات،اذ ارتفعت النفقات الاجمالية للموازنة العامة من 96,7 ترليون دينار في 2011 إلى 117,2 عام 2012، والى 138,4 ترليون دينار عام 2013، ولتقفز إلى 174,6 ترليون دينار في تقديرات موازنة 2014.

اما هيكلية الموازنة على صعيدي الايرادات والنفقات، فهي لا تختلف عن سابقاتها باستثناء تغييرات طفيفة. كما انها تعكس البنية الاحادية للاقتصاد العراقي، إذ تبلغ نسبة مساهمة ايرادات النفط في اجمالي ايرادات الموازنة أكثر من 93 بالمئة في تقديرات موازنة 2014، مقابل الضمور المتواصل للمصادر غير النفطية، كالصادرات غير النفطية والايرادات الضربية التي لا تزيد نسبتها عن 1,2 بالمئة.

ومن جهة النفقات، يتأكد الطابع التوزيعي للتصرف بالريع النفطي، اذ مثّل مجموع تخصيصات القطاعين الزراعي والصناعي نسبة 3,3 بالمئة في 2013، لينخفض إلى 3.1 بالمئة من النفقات الاجمالية في تقديرات موازنة 2014 (التي لم ترسلها الحكومة بعد إلى مجلس النواب)، وبقيت قطاعات الطاقة (النفط والكهرباء) والأمن تحظى بالاولوية، مستحوذة على 21,3 بالمئة و14,2بالمئة على التوالي من اجمالي تخصيصات موازنة 2013، و22,3 بالمئة للطاقة و12,6 بالمئة للامن والدفاع في تقديرات موازنة 2014، ما يؤكد استمرار اتجاه العسكرة.

ويغلب على موازنة السنة القادمة الطابع التوزيعي، إذ تنخفض فيها حصة الموازنة الاستثمارية من 39,8 بالمئة إلى 36,7 بالمئة، فيما ترتفع المبالغ المخصصة للموازنة الجارية او التشغيلية بنسبة 32,6 بالمئة.

وبتأثير الأجواء الضاغطة التي ولدتها التظاهرات والاحتجاجات الشعبية والمطالبات المتزايدة الشدة، ارتفعت حصة الخدمات الاجتماعية في تقديرات موازنة 2014 بنسبة 42 بالمئة مقارنة مع 2013، نظرا لتخصيص 7,8 ترليون دينار للبطاقة التموينية ولدعم محصولي الحنطة والشلب، و3 ترليون دينار لتغطية كلف الرواتب الجديدة. وليس واضحا ما اذا يشمل ذلك التخصيصات اللازمة لتطبيق قانون التقاعد الجديد في حال اقراره وتشريعه.

وتخلو تقديرات موازنة 2014، شأن الموازنات السابقة، من اية اهداف اقتصادية اجتماعية يتوخى تحقيقها من خلال تنفيذ الموازنة وتاثيرها على المتغيرات الاقتصادية الكلي كمعدلات البطالة والتضخم ونمو القطاعات المختلفة ومعدلات الاستثمار والاستهلاك.
ويتوقع ان تكون لها آثار تضخمية وان تزيد من حجم الاستيرادات. ومن الصعب الحكم على مدى ترابط مشاريع الموازنة الاستثمارية وخطط الوزارات وانسجامها مع اهداف وأولويات خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013-2017، بسبب طابع الخطة غير الالزامي وآليات اعداد المشاريع من قبل الوزارات. وتتأكد سنة بعد اخرى ضرورة مغادرة موازنة البنود نحو موازنة البرامج، وتجاوز سلبيات التقسيم الحالي للمسؤولية عن وضع شطري الموازنة، بين وزارة التخطيط للاستثمارية ووزارة المالية للتشغيلية.

خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013-2017

في كانون الثاني 2013 تم اعلان خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013-2017، وكان ذلك قبل انتهاء فترة خطة التنمية للسنوات 2010-2014. وكان من اهم اسباب عدم مواصلة العمل بالخطة القديمة، الانحرافات الكبيرة جدا للمتحقق عمليا خلال السنوات الثلاث من العمل بها عن الاهداف الموضوعة في الخطة. فقد جاءت النتائج المتحققة بعيدة جدا عن هذه الاهداف الموضوعة، ما عكس تقديرا غير سليم لحجم وقوة المعوقات لخطة التنمية الوطنية للسنوات 2013-2017، ومبالغة في تقدير امكانات القطاع الخاص.

وقد اعتمدت الخطة الجديدة تسع فرضيات كمنطلق، اهمها :تحقيق تنمية متوازنة كمدخل لتغييرهوية الاقتصاد العراقي من ريعية إلى اقتصاد منتج، ارساء بيئة تمكينية تستحث العوامل البنائية لتهيئة الاقتصاد العراقي لمرحلة الانطلاق في عام 2017، كذلك اعتبار القطاع العام والقطاع الخاص شركاء ستراتيجيين خلال سنوات الخطة. وهي تسعى ايضا إلى إعادة بناء القطاع الخاص ليكون دوره تكامليا مع القطاع العام، الذي سيبقى دوره استراتيجيا طيلة سنوات الخطة. وتضع الخطة اهدافا لجميع القطاعات اكثر واقعية من تلك التي وضعتها سابقتها.

ان النجاح في تحقيق نسب تنفيذ مرضية للخطة مرهون إلى حد كبير بإدخال اصلاحات اقتصادية وادارية، وبلورة سياسات اقتصادية واضحة. فمن العوامل الاساسية التي اعاقت تنفيذ الخطة السابقة كونها تفتقر إلى وسائل وسياسات عملية ومشاريع محددة وتوقيتات زمنية ووجهات مسؤولة عن متابعة تنفيذها، فضلا عن ضعف الترابط بين السياسة والتخطيط ووضع الموازنة.

الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة

اعلنت مؤخرا استراتيجية وطنية متكاملة للطاقة في العراق، تم وضعها من قبل شركة عالمية تحت اشراف هيئة المستشارين في مكتب رئيس مجلس الوزراء بالتعاون مع البنك الدولي. وهي تشمل جميع المكونات الرئيسية لقطاع الطاقة : النفط بعملياته الاستخراجية والتحويلية، والغاز الطبيعي، والطاقة الكهربائية، والصناعات المرتبطة.

وتغطي الاستراتيجية فترة زمنية تمتد حتى عام 2030 وقد حددت رؤيتها واهدافها بتطوير قطاع الطاقة بصورة مترابطة ومتماسكة ومستدامة وصديقة للبيئة، لتلبية احتياجات الاقتصاد المحلي وتحقيق نمو اقتصادي وطني متعدد الجوانب، لتحسين مستوى معيشة المواطنين العراقيين وخلق فرص عمل جديدة، ووضع العراق في موقع لاعب رئيسي في اسواق الطاقة الاقليمية والعالمية.

وفي اطار الاستراتيجية، تم وضع ثلاثة سيناريوهات لانتاج النفط الخام : الانتاج العالي : 13 مليون برميل يوميا بحلول 2017. الانتاج المتوسط : حوالي 9 مليون برميل يوميا بحلول عام 2020. والانتاج المنخفض: حوالي 6 مليون برميل يوميا بحلول عام 2025. وتوصي الخطة بتوسيع البنية التحتية الخاصة بمنظومة تفريغ النفط الخام (وتشمل شبكة انابيب نقل النفط الخام ومحطات الضخ وكل ما يتصل بنقل النفط من البئر حتى منافذ التصدير) في شمال العراق عبر تركيا، وفي الجنوب, وتدعو إلى رفع الطاقة التكريرية من 800 الف برميل في اليوم حاليا إلى 1,4مليون برميل يوميا بحلول عام 2019. كما تؤكد ضرورة اعداد خطة شاملة لاصلاح منظومة النقل والتخزين والقياس وخدمة التجزئة.

وتضع الاستراتيجية ثلاثة سيناريوهات لزيادة انتاج الغاز الطبيعي ومعالجة الهدر الحالي لما يزيد على 40 بالمئة من الغاز الطبيعي في عملية الحرق التي تتم في الحقول، وتدعو إلى انشاء البنية التحتية اللازمة لمعالجة الناتج من الغاز وتوزيعه.

وتدعو الاستراتيجية ايضا إلى بناء 40 محطة كهرباء جديدة حتى عام 2016. ويترافق ذلك مع العمل على توسيع وتعزيز وحل مشكلات النقل والتوزيع، وتطوير ست صناعات مرتبطة: الطابوق، الاسمنت، البتروكيمياويات، الاسمدة، الصلب والالمنيوم.

ويتطلب برنامج التطوير الذي اوصت به الاستراتيجية 620 مليار دولار بين عامي2012 و2030، تخصص الحكومة العراقية ما يقارب 60 بالمئة منه. ومن المتوقع تحقيق ايرادات للحكومة تقرب من 6 تريليونات دولار امريكي على مدار الفترة التي تغطيها الاستراتيجية (حتى عام 2030)، وخلق 10 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2030.

ولكن تحقيق هذه الأهداف مرهون إلى حد كبير باجراء اصلاح مؤسسي في كل الوزارات ذات العلاقة (النفط، الكهرباء، الصناعة والمعادن).

ان مبدأ التكامل في الرؤية الأستراتيجية لجميع فروع ومكونات قطاع الطاقة، وما بين الانشطة المختلفة داخل كل قطاع، يمثل وجهة سليمة. كذلك الربط الاستراتيجي بين قطاعات الطاقة والصناعات الوثيقة الارتباط بها.

وقد جرى تأشير عدم تكامل هذه الاستراتيجية مع خطة التنمية الوطنية 2013-2017 واعتمادها فرضيات مختلفة بشأن توقعات اسعار وكميات النفط والغاز المصدّر وعوائدهما.

وتثير السياسة النفطية القائمة على تعظيم الأنتاج تساؤلات جدية، منها ما يتعلق بضعف التركيز على تنمية قدرات العراق الذاتية للاستثمار المباشر للثروة النفطية، وبضآلة ما تحقق على صعيد تصنيع النفط، وبقدرة استيعاب السوق العالمية لهذه الكميات المنتجة، وبمدى الحكمة في الاسراع بتوقيع هذا العدد الكبير نسبيا من عقود الخدمة مع الشركات العالمية، وذلك ارتباطاً بمدى توفر القدرة والكفاءة اللازمة لدى الأجهزة الحكومية المعنية بمتابعتها، وارتباطا ايضا بما تعنيه هذه الزيادات الكبيرة في انتاج وتصدير النفط الخام من تكريس للطابع الريعي للاقتصاد العراقي.

مشروع قانون الاصلاح الاقتصادي

اقر مجلس الوزراء اخيرا مشروع قانون الاصلاح الاقتصادي الاتحادي، الذي يتم بموجبه تأسيس مجلس للاصلاح الاقتصادي يرتبط بمجلس الوزراء، ويحدد المشروع اهدافه ووسائله. وتنص اهم اهداف المشروع على" اعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وفقاً لاقتصاد السوق الحر والمنافسة العادلة والمشروعة "، وهو يدعو إلى تسهيل خصخصة الشركات العامة والشراكات بين القطاع العام والخاص.

وينبغي القول ان بعض عناصر ومفردات الاصلاح مطلوبة، كتلك الرامية إلى رفع كفاءة الأداء في الاجهزة الحكومية، والى الاصلاح الاداري وتقليص الروتين ومراجعة التشريعات والنظم. غير ان المضمون الاجتماعي الاقتصادي للاصلاح ليس محايداً، وينطوي على خيارات استراتيجية لها آثار وانعكاسات على دور الدولة، وفي مدى قدرة البلد على بناء اقتصاد انتاجي متنوع، وعلى العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والدخل.

وتبقى طبيعة الاصلاح المطلوب ميدانا رئيسا للصراع السياسي والفكري. وسيعتمد مضمون هذا الاصلاح وعمقه ومداه، في المطاف الأخير، على موازين القوى بين الاطراف الاجتماعية المستفيدة والمتضررة. ومن الضروري ايلاء اهتمام أكبر لبلورة مفردات ملموسة وواقعية، لبرنامج اصلاح بديل للنموذج الذي يروج له ثالوث البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الدولية.

وينبغي ان يشمل الاصلاح تنظيم السوق وضمان حقوق المستهلك وجودة السلع والخدمات المتداولة، ووضع تشريعات تمنع الاحتكار وتشجع الصناعة والمنتجات الوطنية.

ويهمنا ان نؤكد موقفنا الرافض لاعتبار الخصخصة المنفلتة وصفة عامة وشاملة لحل مشكلات الاقتصاد، واعتمادها وسيلة لتحقيق التنمية في مطلق الاحوال. فمن الضروري الحرص على الدراسة المتأنية لواقع المؤسسات والشركات المملوكة للدولة، بعيدا عن المواقف المسبقة والمؤدلجة، وبما يساعد على اعادة اصلاحها وتأهيلها، خاصة منها ذات الجدوى الاقتصادية.

الحراك الجماهيري

تشهد بلادنا المزيد من التوترات والاحتقانات، التي زادها سوءا التدهور في الأوضاع الأمنية وما صاحبه من انتكاسات متواصلة وخروقات مدمرة، وتفاقم الصراع السياسي وتعمق الهوة بين فرقائه، وشلل اجهزة الدولة، التشريعية والتنفيذية، وتواصل مساعي تكميم الافواه وتضييق الهامش الديمقراطي، والاهمال العمد للقطاعات الانتاجية الوطنية، فيما لا أفق يلوح لتحسين الخدمات، ولوقف تردي الاحوال المعيشية، ووضع حد لمستويات البطالة العالية، خاصة بين الشباب ومن خريجي الجامعات، والهوة الكبيرة بين رواتب الدرجات الدنيا والعليا، وارتفاع نسبة المواطنين الذين يعانون تحت خط الفقر، مقابل ما يتمتع به العاملون في الرئاسات الثلاث وذوو الدرجات الخاصة من امتيازات، وبقاء شريحة المتقاعدين تصارع من اجل الحياة، وتأخر اصدار قانون التقاعد الموحد، والتلكوء الواضح في تأمين الضمان الاجتماعي لكافة العراقيين. هذا كله وغيره، دفع المواطنين ويدفعهم الى تنظيم الاحتجاجات والاعتصامات والمسيرات، متمتعين بحقهم الذي كفله لهم الدستور في التعبير عن مطالبهم العادلة سلميا.

وبدلا من التعامل الايجابي مع مطالب الناس وحقهم الدستوري في التظاهر، جاء موقف السلطة متبرما، منزعجا، حتى انها لجأت الى اساليب حسبها الناس قد دفنت مع النظام المقبور. وبدا التضايق واضحا في الاجراءات الرامية الى الحد من التظاهرات ولاي سبب، حتى لو كانت ضد الارهاب وجرائمه، فيما تقدم التسهيلات الى تجمعات الموالاة و " البيعة ". وتجسد تضايق السلطة في اجراءات قمعية بوليسية، وحالات اعتقال وتعذيب منافية لحقوق الانسان. ومن المفترض الا تتحول الاوضاع التي يمر بها البلد والصعوبات الامنية التي تواجهه، الى ذريعة لملاحقة المطالبين بحقوقهم العادلة، ولقمع الناس. على العكس تماما، يفترض الاستناد اليهم، عبر تلبية مطالبهم المشروعة، في ملاحقة فلول الارهابيين والمجرمين القتلة.

اننا نرى في الحراك الجماهيري السلمي مظهرا طبيعيا للتعبير عن الرأي والموقف، بما فيه المعارض لمواقف السلطات المختلفة واجراءاتها، وهناك الكثير في مواقفها ونهجها وادائها مما يستحق النقد والمعارضة وتسليط الاضواء، وبوسائل متعددة الاشكال، تنسجم مع الدستور والممارسة الديمقراطية.

ونحن نرى في الحراك الجماهيري ايضا وسيلة حضارية مشروعة للضغط على المعنيين، كي يستجيبوا لمطالب الناس العادلة، ويعملوا على تصحيح المسارات وتقويم الاداء. فالسلطة، اية سلطة،غير معصومة من الاخطاء والنواقص والثغرات، ويفترض فيها بداهة ان ترحب بمن يظهر لها عيوبها ان صدقت النوايا، وتطابقت الاقوال مع الافعال.

اننا باقون مع الناس ومطالبهم العادلة والمشروعة، وسندعم توجهاتهم السلمية والديمقراطية لانتزاع حقوقهم، وهي ليست منة من احد، ولا مكرمة من هذا المسؤول او ذاك. بل ان المواطنين مطالبون اكثر من اي وقت مضى بان يأخذوا قضاياهم العادلة بايديهم، ويدافعوا عنها ويرغموا المتنفذين على الاستجابة لها، وان يواصلوا ذلك في اتجاه بلورة معالم الاصلاح والتغيير في مجمل نظام الحكم، وتخليصه من ثغراته ونواقصه. وسنكون نحن الشيوعيين معهم، في الصفوف الاولى من المدافعين والمطالبين بالحقوق، وباحداث تحولات جذرية في العملية السياسية تعزز التوجه والنهج الديمقراطي الحق.

ضرورة التغيير

امام انسداد افق حل الازمة السياسية، واصرار المتنفذين على مواقفهم، وتقاتلهم من اجل الاحتفاظ بمواقعهم ونفوذهم، وتغليبهم مصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية الضيقة، واستخدامهم من اجل ذلك اساليب غير ديمقراطية، ولا دستورية، والاستعانة بالمليشيات والقوى الخارجية لترجيج هذا الموقف او ذاك، واستمراء المحاصصة المقيتة والتأجيج الطائفي، فقد اصبح التغيير ضرورة ملحة. التغيير في المنهج واساليب الاداء ونمط التفكير، وما يتبع ذلك من تغيير في الشخوص، واعادة الاصطفاف لصالح حراك يفضي الى تكتلات وتحالفات جديدة، وطنية، عابرة للطوائف، تتبنى مشروعا وطنيا للتغيير، يستجيب لحاجات الوطن والناس، وتتصدى للتحديات التي تواجه العراق والمنطقة.

وهذا ما يتطلب تنمية الحراك الشعبي والجماهيري، وتنويع أدواته ووسائله، والارتقاء بادائه، وتنسيق اهدافه ومنطلقاته وتأمين وضوحها، وتوحيد قياداته، والاعتناء بالحركات النسوية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني، وتشجيعها على المبادرة والتحرك، كذلك المدافعة منها عن حقوق الانسان وضمان ادائها لدورها المطلوب.

وتتوجب مواصلة السعي للارتقاء بدور التيار الديمقراطي وقواه وشخصياته، وتوسيع نشاطه وعطائه، وتطوير برامجه ومشاريعه، وتوسيع صلاته مع مختلف القوى المدنية والديمقراطية ، ومع كل من تعز عليهم مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره، وبناء تجربة ديمقراطية حقة، وحياة مدنية في ظل دولة مؤسسات وقانون، تحترم فيها حقوق الانسان، وتسود قيم المواطنة والعدالة.

ان هذا يلقي مسؤولية خاصة على الحزب ومنظماته ورفاقه، في الداخل والخارج، كي يرتقوا بدوره، ويسدوا الثغرات ويعالجوا النواقص، ويلتصقوا بالناس ومصالحها ويدافعوا عنها ، ويعملوا بدأب على تحويل الحزب الى كيان فاعل، ديناميكي، واسع الصلات مع الجماهير، يتمتع بالقدرة على التطور والتجديد، وتحسين ادائه السياسي والفكري والجماهيري والعلاقاتي والاعلامي، على صعيد المركز وفي المحافظات المختلفة وبين ابناء الجالية العراقية في الخارج، ليتمكن من اداء دوره المنشود.

التطورات في البلدان العربية

لا تزال الموجات الارتدادية التي اطلقتها الانتفاضات الشعبية والحراكات المجتمعية الجماهيرية الجامحة في المنطقة منذ اواخر 2010، والتي اسقطت انظمة الاستبداد والتفرد والفساد في تونس ومصر وليبيا واليمن، تتفاعل تأثيراتها في بلدان عربية اخرى. وقد اوجدت التغييرات التي حدثت في المنطقة لوحة سياسية جديدة، وحراكاً وتبدلاً في موازين القوى على صعيد كل بلد، وفي منطقة الشرق الأوسط ككل. وهو ما بات ينعكس ليس فقط في احتدام الصراع حول شكل ومضمون النظام السياسي والاقتصادي الاجتماعي، الذي يحل محل الانظمة البائدة في بلدان الربيع العربي، وانما في مجمل الخارطة الجغرافية - السياسية (الجيو سياسية) للمنطقة.

وتؤكد الاحداث التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة ان انتفاضات الشعوب وحراكها الجماهيري، في الشرق الاوسط وعموم بلدان العالم العربي، تجسّد عمق الأزمة البنيوية المستعصية التي تعيشها المنطقة، والحاجة الملحة والآنية لحلها ومعالجة آثارها بكل أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كما تؤكد مجدداً ان هذه الانتفاضات وعموم الحراك الجماهيري الواسع، ليس مؤامرة خارجية او دسيسة امبريالية، انما فرضته حاجة الشعوب وارادتها للخلاص من المعاناة والمآسي متعددة الأوجه، وللتمتع بثروات اوطانها وخيراتها المنهوبة من قبل تحالف قوى الاستبداد الحاكمة (ممثلي الشرائح الطفيلية، البيروقراطية، الكومبرادور) مع الشركات الاحتكارية الرأسمالية، ومن اجل تأمين حياة حرة كريمة، انسانية، وثقافة متطورة تنسجم مع ما يشهده العالم من تقدم حضاري، علمي وتكنولوجي.

وقد نجح بعض حركات الاسلام السياسي في القبض على مفاتيح السلطة، كما حدث في مصر من قبل حركة الاخوان المسلمين، باعتمادها تكتيكات مراوغة في التفاعل مع الموجة الثورية وركوبها، بعد ان كانت اقسام كبيرة من هذه الحركات قد نأت عنها. وسعت قواها المتشددة والمتطرفة لقطف ثمار نضالات الجماهير، وفرض أجندتها الخاصة التي تضيق بالتعددية والديمقراطية والحياة العصرية.

لكن إرادة الشعب المصري وإصراره على التحرر من مختلف أنظمة الطغيان والاستبداد والاقصاء تجلت بقوة في 30 حزيران المنصرم، عندما نزلت الحشود المليونية المنتفضة إلى الشوارع والساحات، في القاهرة والعديد من المدن الأخرى، وأعادت لثورة 25 يناير روحها، وأعلنت صراحة وقوفها بوجه مَن يحاول سرقة الحلم بحياة مدنية ديمقراطية حقة، تسودها الحرية والامان والاستقرار.

وكان من بين الدروس الهامة لما حدث في مصر، أن الحراك الشعبي جاء نتيجة لرفض النظام وعجزه عن طرح مبادرة تسمح بإخراج البلاد من أزمتها السياسية المستعصية ومعالجة حالة الانقسام الحاد في المجتمع. كما أن وقوف الحركات المدنية والديمقراطية في صف واحد لمواجهة التحدي، كان عاملاً مؤثراً وسنداً قوياً لحراك الدولة.

وفتح هذا التحول في مصر باباً جديداً للأمل لكل الشعوب التي تناضل من أجل التخلص من التسلط والظلم، والراغبة في العيش الحر والكريم. وكان له تأثير مباشر على الوضع في تونس، حيث اعلنت حركة النهضة الاسلامية اخيرا الرضوخ لمطالب المعارضة وحركة الاحتجاجات الشعبية، بأن تقدم الحكومة استقالتها لتحل مكانها حكومة كفاءات، والشروع بحوار وطني يفضي الى صوغ دستور جديد وتنظيم انتخابات مبكرة.

وشهد السودان في ايلول الماضي تفجر تظاهرات شعبية اطلقت شرارتها زيادة أسعار المحروقات وتردي الأوضاع المعيشية لجماهير الشعب المكتوية بنار الغلاء والفقر. وتحولت التظاهرات الى هبّة جماهيرية ضد طغمة البشير الحاكمة، تشارك فيها كل التنظيمات السياسية الوطنية والقوى الحية في المجتمع. وبعد فشل نظام البشير في احتوائها وعجز قوات الأمن والشرطة عن إخمادها، لجأ النظام الى استخدام ميليشياته الخاصة، وأوعز لها بإطلاق النار على المتظاهرين العزل، ما أدى الى سقوط مئات الضحايا، بين شهيد وجريح. ورافقت ذلك حملة اعتقالات واسعة شملت نشطاء سياسيين، من ضمنهم رفاق قياديون في الحزب الشيوعي السوداني الشقيق، فضلاً عن إغلاق صحف ووسائل اعلام معارضة اخرى. وساهمت هذه الهبة الشعبية في إضعاف نظام البشير وحزبه الحاكم، وتعزيز التنسيق بين قوى المعارضة الوطنية وتطوير نضالها للخلاص من النظام المعادي للشعب وتحقيق بديل ديمقراطي مدني.

وفي سوريا اتسع نطاق الأزمة وتشابكت عناصرها، ولم تعد بحدود حقوق ومطالب الشعب السوري العادلة في الاصلاح والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وانما حولتها التدخلات الاقليمية المفضوحة، ومن أطراف عدة، وكذلك التدخلات الدولية، الى مشكلة عامة تنذر بالخطر على جميع دول الجوار الاقليمي والسلام العالمي. وهذا لا يتمثل فقط في قضية اللاجئين الذين يعدّون بالملايين، وانما بتدفق المسلحين، من ارهابيين ومليشيات، من كل صوب وحدب من دول الجوار ومن دول الاقليم البعيدة، ومن دول اوربية، وتتجاوز اعدادهم عشرات الآلاف، على سوريا، وفضلاً عن التدخل المباشر وغير المباشر، العسكري والسياسي والاعلامي، الذي لم يعد سراً على أحد، بل تبجح به بعض الحكومات علناً. وهو ما يضع عموم المنطقة على طريق الانزلاق الى حروب طائفية، وامام خيارات أخرى تنطوي على عواقب وخيمة على مصائر الشعوب والكادحين، ومنها انعكاسات ذلك على شعبنا وبلدنا.

ونحن في الوقت الذي نساند فيه حق الشعب السوري في الاصلاح والديمقراطية، نرفض اللجوء الى العنف والتدخل الخارجي، وندعو الى اعتماد الحلول السياسية والسلمية والتوجه الى مؤتمر جنيف 2، ومعالجة الازمة لصالح الشعب السوري.

ان الحراك الشعبي وضغط الجماهير والقوى المدنية والديمقراطية يتواصل في العديد من البلدان العربية (تونس، البحرين، اليمن وغيرها)، من اجل انتزاع الحقوق وفرض ارادة الشعوب وبناء الانظمة الديمقراطية الحقة.

واننا ونحن نتابع باهتمام هذا الحراك وما تجترحه الجماهير في مجراه من مآثر، نجدد تضامننا مع نضالاتها في سبيل الحريات العامة واقامة الانظمة الديمقراطية التي تتطلع اليها، وتحقيق التنمية والاستغلال الامثل لموارد بلدانها بما يحقق التطور والتقدم.

تحديات ومهمات أمام القوى اليسارية والديمقراطية

وعلى خلفية الاحداث والتطورات المتسارعة والعنيفة الجارية في المنطقة، تواجه قوى اليسار والتقدم والديمقراطية مهمة تعزيز مساهمتها في معركة التغيير السياسي والديمقراطي في العالم العربي، وإعلاء شأن قيم الاستنارة والعقلانية والديمقراطية والحوار في المجتمع. وتتطّلب مواجهة هذه التحديات والنهوض بالمهام التاريخية، التوصل بصورة جماعية، وعبر عملية حوارات جادة وصريحة ومنفتحة ومبدئية ذات طابع فكري وسياسي، إلى رسم التوجهات الاستراتيجية والتكتيكية الكفيلة بالارتقاء بوحدة عمل القوى اليسارية والديمقراطية، وتوسيع دائرة ائتلافاتهاا، لخلق موازين قوى مؤاتية لنضالها ولتحقيق مشروعها.

أن البلدان التي حدث فيها الحراك والانتفاضات، تمر في مجملها بمرحلة مهمات ذات طبيعة وطنية وديمقراطية، تتمثل في بناء دولة مدنية ديمقراطية وأنظمة دستورية تضمن الحريات الأساسية، وفي مقدمتها حرية التعبير والمعتقد والتنظيم، وتداول السلطة سلميا، وفصل السلطات، واعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية تحقق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، التي تضمن الحياة الكريمة لشعوبها. ويتيح هذا التحديد لطبيعة المرحلة والمهمات، تبعاً لخصوصية ظرف كل بلد، تشخيص التناقضات الناظمة لها وترتيبها، وعلى أساس ذلك يتم رسم الاستراتيجية المناسبة لبناء التحالفات الضرورية للقوى ذات المصلحة في تحقيق هذه المهام.

ان تنامي دور ونشاط الحركات السياسية القائمة على الهوية، وفي مقدمتها الأحزاب ذات النهج الطائفي، ووصولها إلى السلطة في أكثر من بلد، يدفع في اتجاه إضعاف وتفكيك النسيج الوطني في العديد من البلدان العربية. وهو ما يلتقي موضوعياً مع مشاريع تفتيت دول المنطقة إلى دويلات تقوم على أسس طائفية ومذهبية وإثنية. إلاّ أنه رغم تردى اوضاع المنطقة وازدياد تشظي مجتمعاتها، لا تزال شعوبنا تمتلك من الطاقات والقدرات ما يمكّنها من احباط هذه المشاريع. ويعتمد هذا إلى حدٍ كبير على تغيير موازين القوى داخل كل بلد لصالح القوى المدنية والوطنية الديمقراطية.

وارتباطًاً بهذه التحديات، يتعين على القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والشيوعية، العمل الدؤوب على مواصلة الحوار واللقاءات على مستويات عدة، ومنها لقاء قوى اليسار، واللقاء النقابي اليساري العربي الاول الذي عقد اخيرا في اربيل باستضافة حزبنا، وتوحيد نضالاتها على أساس برنامج محفز للنضال الجماهيري المثابر، تتجسد مفرداته في :

• بناء الديمقراطية، بأبعادها السياسية والاجتماعية، وحقوق الانسان واحترام المؤسسات وترسيخ دولة القانون المدنية. فلا ديمقراطية بدون تنمية والعكس صحيح.

• مكافحة وباء الطائفية والتصدي للارهاب والتطرف الديني المنفلت ("القاعدة" ومثيلاتها)، وحليفهما: الفساد والنهب المنظم لثروات الشعوب من قبل القوى المحلية المتسلطة والقوى الامبريالية وتوابعها وحلفائها.

• ان الأمن والاستقرار حاجة حياتية لتطور الشعوب في المنطقة، التي تعيش اليوم هذه الفوضى المصطنعة. فالفوضى لا تخلّف الاّ الفوضى.. ويصعب الحديث عن ديمقراطية وتنمية من دون أمن واستقرار، فيما تؤكد التجربة عدم إمكان معالجة التدهور الأمني بالأدوات العسكرية والامنية وحدها. فالأمر يحتاج الى خطة متكاملة ومتوازنة، بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعلامية.

• ضمان العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات، والاستثمار الوطني- العقلاني للثروات الطبيعية لصالح شعوب المنطقة، وتطوير قدراتها الانتاجية والخدمية المحلية وحماية البيئة والادارة السليمة لملف المياه وما يواجهه من تعقيدات.

• تطوير القدرات الاقتصادية لبلداننا عبر اعتماد استراتيجية علمية اقتصادية متوازنة، تنهض بالزراعة والصناعة والخدمات الانتاجية، وتكرّس لها نسبة متصاعدة من موارد الثروات الطبيعية وخصوصاً الناضبة.

• بناء علاقات سياسية - اقتصادية دولية، وما بين بلدان المنطقة، على أساس التكافؤ والتعاون والاحترام والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

• مساندة الشعب الفلسطيني في انتزاع حقه في تقرير مصيره واقامة دولته الوطنية المستقلة على أرض وطنه، وعاصمتها القدس، ضمن حدود 1967، وايقاف الاستيطان وضمان عودة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم وفق القرار الدولي 194.

• معالجة حقوق القوميات المتآخية في بلداننا الشرق اوسطية، بما ينسجم مع الشرائع الدولية وحقوق الانسان، وضمان حقها في تقرير مصيرها.

• السعي الدؤوب لتحقيق الوحدة الوطنية، الديمقراطية، ووحدة قوى اليسار - الممثلة لمصالح اغلبية جماهير الشعب والمدافعة عن حقوق الكادحين- لاستقطاب القوى الحية، واستثمار طاقات الشباب المهدروة وتوظيفها بالإتجاه السليم، وتفعيل قدرات الغالبية العظمى من النساء، المعطلة والمهمشة حالياً.

• العمل المتواصل على إشراك أوسع الجماهير في تقرير مصائرها والدفاع عن مطالبها وضمان مصالحها وانتزاع حقوقها، عبر النضال الواعي، المثابر، والمنظم، وعلى أساس برنامج واضح الاهداف، واستراتيجية علمية متوازنة ملموسة وواقعية.

أبرز تطورات الوضع العالمي

لا يزال النظام الرأسمالي العالمي يواجه آثار وتداعيات الآزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف به منذ 2008، وهو يواصل السعي الى حلّها وإنقاذ مؤسساته المالية والمصرفية من الانهيار والافلاس عبر القاء عبء الأزمة ونتائجها الكارثية على شعوب البلدان الرأسمالية وشغيلتها، وقضم المكتسبات التي حققتها عبر نضالات مريرة على مدى عقود، باللجوء الى برامج التقشف القاسية، وتجاهل ارتفاع معدلات البطالة، وخصخصة مؤسسات قطاع الدولة، وتفكيك انظمة الرعاية والضمان الاجتماعي، والهجوم على الحقوق النقابية والحريات العامة. ورغم ما تروج له وسائل الاعلام الرأسمالي من مؤشرات مفرطة في التفاؤل حول قرب انتهاء الأزمة والخروج من الركود الاقتصادي، فان الأرقام والمعطيات تؤكد ضآلة معدلات نمو اقتصادات البلدان الرأسمالية المتقدمة وهشاشة ما حققته حتى الآن.

وشهدت الأشهر الستة المنصرمة، في مناطق مختلفة من العالم، موجة جديدة من حركات الاحتجاج والتصدي لسياسات الليبرالية الجديدة وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية. واقترن ذلك في بعض البلدان بمواجهة سياسات الاستبداد والمطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ففي اسبانيا والبرتغال واليونان وايطاليا تواصلت الاضرابات العمالية التي قادتها النقابات وقوى اليسار وشارك فيها طيف واسع من الحركات الاجتماعية، احتجاجاً على البطالة المتفشية وخضوع الحكومات لاملاءات صندوق النقد الدولي والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي. وأدت سياسات التقشف وإفقار السكان الى انتعاش اليمين المتطرف، وبروز تنظيمات فاشية جديدة وصعود ممثليها الى برلمانات بعض البلدان، مما دفع قوى اليسار الى التحذير من مخاطرها والتحرك لمواجهتها وتعبئة الرأي العام لدحرها.

وفي نيويورك عادت "حركة لنحتل" إلى الوول ستريت في حزيران الماضي، في الموقع الذي انطلقت منه الحركة الاحتجاجية في أيلول 2011. وفي مطلع تشرين الأول اُعلن إغلاق نصف مؤسسات الحكومة الاتحادية الامريكية، بعدما فشل الكونغرس في إقرار الميزانية المؤقتة لتمويل أنشطة الحكومة، بسبب رفض الجمهوريين في مجلس النواب الموافقة على رفع سقف دين الدولة ما لم يتم تأجيل برنامج اوباما لاصلاح الرعاية الصحية. وهو الاغلاق الذي كان يعني اعلان الحكومة عجزها عن تسديد اقـساط دين الدولة الذي بلغ مجموعه 16,7 تريليون دولار في منتصف تشرين الأول. وكان هذا هو الإغلاق الجزئي الأول لمؤسسات الحكومة الأمريكية منذ 17 عاماً. وأدى الشلل الجزئي الناجم عنه الى تسريح حوالي مليون موظف فيدرالي، فيما كبّد الاقتصاد خسائر تصل الى 300 مليون دولار يومياً. ونظم العاملون في مؤسسات الحكومة الاتحادية مئات التظاهرات في ارجاء الولايات المتحدة مطالبين بالعودة الى العمل، ومحذرين من التداعيات الوخيمة لعدم التوصل الى اتفاق على مصالح الشغيلة والمنافع الاجتماعية وتعويضات العاطلين عن العمل. وجاء اتفاق اللحظة الاخيرة بين الجمهوريين والديمقراطيين ليسمح للحكومة ان تواصل العمل بمستويات الميزانية الحالية حتى 15 كانون الثاني 2014، وتمديد سقف الدين الى7 شباط القادم. أي اعطاء مهلة ثلاثة أشهر أخرى للتوصل الى حل وإبقاء الحكومة رهينة مواقف اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري. وتمثل هذه المواجهة جزءاً من معركة شرسة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري استعداداً لإنتخابات 2014 التي ستعيد رسم التوازنات في مجلسي النواب والشيوخ.

وفي اليونان، التي تعتبر اكثر البلدان تضرراً من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، نظمت نقابات عمالية وقوى يسارية وحركات اجتماعية من جميع البلدان الأوروبية في حزيران الماضي "قمة البديل"، للبحث عن بدائل مشتركة لسياسات التقشف القاسية، وهدم المكتسبات الاجتماعية، وقضم الحقوق النقابية، وهي السياسات التي ينفذها الليبراليون الجدد في بلدان جنوب أوروبا. وحفل جدول أعمال "القمة" بقضايا هامة مثل تأثير الأزمة على النساء في البلدان المتضررة من الأزمة، وانعكاسات الأزمة على قطاعات التعليم، الصحة، السكن، إلغاء الديون، الأزمة وصعود اليمين المتطرف، خصخصة المياه، الهجوم على الحقوق النقابية والحريات العامة، تأثيرات الأزمة على المهاجرين المقيمين في هذه البلدان. كما ساهم 150 الف شخص بتظاهرات في اثينا في ايلول الماضي تزامنت مع اضراب عام للعاملين في القطاع العام.

وتفجرت في اسطنبول ومدن تركية عديدة انتفاضة شعبية عارمة ضد حكومة اردوغان وحزب العدالة والتنمية، في أعقاب قمع الشرطة تظاهرات سلمية احتجاجا على اجراءات الحكومة لإزالة حديقة عامة وسط اسطنبول. وعبّر الطابع العفوي للحركة الاحتجاجية عن غضب جماهيري مكبوت تعمق في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الاستفتاء على الدستور عام 2010، عندما أصبح الوجه القمعي لهيمنة اسلاميي الليبرالية الجديدة واضحا على نحو متزايد، الى جانب خصخصة الاقتصاد، وأسلمة نظام التعليم، والحرب في المناطق الكردية، والاعتقالات ومحاكمة المئات من ممثلي الشعب المنتخبينن باتهامات باطلة، وحملات المداهمة والاعتقال ضد النقابيين، وناشطي مختلف المنظمات السياسية والاجتماعية ذات التوجهات اليسارية، واحتواء السلطة القضائية ووسائل الاعلام. واقترن ذلك بقضم تدريجي للحريات الشخصية وملامح الدولة المدنية ضمن خطة تهدف الى أسلمة الدولة، بما في ذلك العمل الجاد لتغيير الدستور بما يتلاءم مع محاولات اردوغان وحزبه إحكام قبضته على جميع مناحي الحياة في تركيا.

ومن التطورات اللافتة ايضا فوز ممثل القوى الاصلاحية في انتخابات الرئاسة الايرانية وتراجع نفوذ القوى المحافظة، وانعكاسات ذلك على علاقات ايران على الصعيدين الاقليمي والدولي.

وفي مواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، ورغم المصاعب الكبيرة الناجمة عنها، تمكنت قوى اليسار والاحزاب الشيوعية في عدد من البلدان من الحفاظ على مواقعها او إحراز تقدم في الانتخابات البرلمانية والمحلية. ففي المانيا، تمكن حزب اليسار للمرة الثانية من الاحتفاظ بالموقع الثالث في البرلمان الاتحادي في الانتخابات التي جرت في ايلول الماضي. وفي البرتغال، حقق "ائتلاف الاتحاد الديمقراطي"، الذي يضم الحزب الشيوعي والخضر ومجموعات اخرى، تقدماً مهماً في الانتخابات البلدية التي جرت في ايلول الماضي، وليحتل الموقع الثالث على المستوى الوطني، فيما تراجع تمثيل حزبي الائتلاف اليميني الحاكم. وفي ايطاليا، تخشى قوى اليمين التي يتزعمها برلسكوني من تحول نحو اليسار في حال سقوط الحكومة الحالية.

وفي تشيكيا، حيث جرت مؤخراً انتخابات برلمانية مبكرة في أعقاب فضيحة فساد كبرى، عاقب الناخبون تحالف اليمين الحاكم، فيما جاء الحزب الشيوعي التشيكي في الموقع الثالث بحصوله على 16 في المئة تقريباً (مقابل 11,27 في المئة في الانتخابات السابقة)، وهذا هو ثاني اكبر نجاح انتخابي يحققه الحزب منذ انهيار التجربة الاشتراكية في 1990. وعكست هذه النتائج معاناة الشعب تحت حكم الأحزاب اليمينية، التي هيمنت على المسرح السياسي غداة قيام الجمهورية التشيكية (بعد تقسيم تشيكوسلوفاكيا السابقة) أوائل التسعينات.

وفي تشيلي، في امريكا اللاتينية، يستعد الحزب الشيوعي في اطار تحالف "اكثرية جديدة" لخوض الانتخابات الرئاسية في 17 تشرين الثاني 2013، وهو تحالف يضم قوى عديدة من اليسار والوسط. وتبدو فرص فوز مرشحة هذا التحالف قوية جداً. وتزامنت الحملة الانتخابية مع الذكرى الأربعين للانقلاب الفاشي عام 1973ضد حكومة الوحدة الشعبية اليسارية المنتخبة في شيلي، بزعامة سلفادور الليندي. وأدى ذلك الانقلاب الذي خططت له وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية الى قتل واعتقال وتعذيب الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين من أعضاء احزاب التحالف اليساري الحاكم.

ان ما اشرناه من تطورات، على صعيد المنطقة والعالم، ومن انعطافات كبيرة وتغيرات جيو- سياسية واعادة اصطفاف في العلاقات السياسية، تضعنا نحن العراقيين امام مهمة ملحة عاجلة لاعادة ترتيب اوضاعنا الداخلية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتفعيل المؤسسات الدستورية، وحل الازمات القائمة، ومعالجة المشاكل المزمنة، ووضع البلد على الطريق السليم الذي يجنبه النتائج السلبية وكل ما يؤذي شعبنا ووطننا، ويؤهله لمواجهة المستحقات والتحديات الناجمة عن هذه التطورات، واستثمار زخمها لتعزيز البناء الوطني وإسهام العراق الايجابي في بناء علاقات اقليمية ودولية سليمة، متكافئة ومتوازنة لمصلحة الجميع، وتهيئة الظروف المناسبة لتقدم بلادنا وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.



#الحزب_الشيوعي_العراقي (هاشتاغ)       Iraqi_Communist_Party#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يدين اللجوء إلى العدوان ضد سوريا
- المجد للذكرى التاسعة والسبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي
- لا لاستخدام القوة .. نعم للحلول المسؤولة والعاجلة!
- كل الجهود لنزع فتيل الازمة ودرء مخاطر الفتنة الطائفية
- بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في ...
- التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوع ...
- بلاغ عن أعمال المؤتمر الوطني التاسع
- بيان بمناسبة الأول من أيار
- في الذكرى ال 78 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي حزب للعمل والأم ...
- ايضاح من الاعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي
- ثورة 14 تموز معلم وطني اصيل
- لنجنب شعبنا المزالق الخطرة جراء تعمق الازمة في البلاد
- ليتواصل الضغط الشعبي لاخراج البلاد من الازمة! / بلاغ صادر عن ...
- بيان - مناسبة الاول من ايار ، اليوم العالمي للعمال
- تحية للذكرى السابعة و السبعين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي
- لنسكت -كاتم الصوت-
- يوم ليس كباقي الأيام 8 آذار في أفئدتنا
- نطالب بالإفراج الفوري عنهم
- الإصطفاف مع الشعب خيارنا الثابت
- المجد لشعب مصر البطل! المجد للجماهير صانعة التاريخ!


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - الحزب الشيوعي العراقي - الاصلاح والتغيير مرهون بارادة الشعب ووحدة عمل قواه المدنية