أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - قوارير ذكورية والجوهرة المصونة














المزيد.....

قوارير ذكورية والجوهرة المصونة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 08:59
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



أستاذ التشريح فى كلية الطب كان يقول عن زميلاتى «قوارير» لأنهن لا يلمسن بأصابعهن الرقيقة محلول الفورمالين، الذى تحفظ فيه الجثث داخل الصناديق فى المشرحة، وهو سائل نفاذ الرائحة قوى التركيز يؤثر على نعومة الجلد والأظافر، كانت البنات الطالبات حسب التقاليد ومفهوم الأنوثة يعتبرن نعومة الأنامل أهم من تحصيل العلم والطب، لهذا تركن الجثث والفورمالين لى وحدى، وكان أستاذ التشريح (الدكتور البطراوى) يعاملنى باحترام مثل الطلاب المتفوقين، ويدرك قيمة عقلى ولا يمكن أن يضمنى إلى القوارير.

بحثت عن كلمة القوارير فى التاريخ فوجدت أن المطرب «أنشجة» كان يغنى لإبل القافلة لتسرع الخطو، فإذا بالإبل لا تسرع بل تتعانق من شدة الطرب بالغناء الجميل، فقال له الرسول محمد: رويدك يا أنشجة رفقا بالقوارير.

تصورت أن القوارير تعنى إناث الإبل وليس النساء، وتضاعفت قيمتى فى نظر نفسى.

فقدت المرأة عبر التاريخ قيمتها الإنسانية لتصبح من القوارير، أصبح واجب الفرسان النبلاء حمايتها والحفاظ على طبيعتها الأنثوية، وأصبحت المرأة قارورة فى نظر الرجال المحافظين والمتحررين، اليسار واليمين، سواء كانت محجبة أو سافرة، أصبحت ترتدى الماكياج والأساور والخواتم، تنتف حواجبها وتلون شفتيها، تتأرجح على الكعب العالى، وإن احتلت منصب الوزيرة أو رئاسة المجالس القومية العليا، وإن أصبحت الشيخة الضليعة فى الدين، أو المنتقبة السلفية، أو السافرة العلمانية، فهى تقف ضمن القوارير فى الطوابير لانتخاب الذكور، وتتحدث فى الفضائيات بصوت ناعم وقور.

إنه العصر الرأسمالى ما بعد الحديث، أكبر أرباح السوق الحرة تأتى من تجارة الأسلحة والمخدرات وأدوات الزينة للنساء، تقود هيلارى كلينتون وكاترين أشتون وغيرهما من نساء أوروبا وأمريكا الثقافة الأنثوية الاستهلاكية، التى سادت العالم منذ السادات ورونالد ريجان، وتشجيعهما للقوى السياسية المسيحية واليهودية والإسلامية.

تم ضرب الحركات التحريرية فى العالم منذ السبعينيات، منها حركات النساء والسود والشباب والفقراء، وتم تشويه صورة المرأة المفكرة أو الفتاة الثائرة بدون الماكياج، واعتبارها رجلا مخنثا أو أنثى مسترجلة.

نشرت الصحف المصرية (١٤ نوفمبر ٢٠١٣) صورة «جنيفر بسكاى» المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، ابتسامتها الأنثوية تطل مثل بطلة فى فيلم إغراء، وشعرها الناعم الطويل ينساب فوق كتفيها مثل فتاة عذراء، فتحة الفستان الواسعة تكشف عن صدر ناهد، وعنق من رخام يحوطه عقد اللؤلؤ والمرجان، صورتها تفيض عذوبة ورقة، تتناقض مع تصريحاتها الخشنة، وأوامرها الغليظة توجهها إلى الحكومة المصرية ترشدها إلى الطريق الديمقراطى الصحيح، تحثها بلغة الكاوبوى لاستكمال تنفيذ خارطة الطريق حماية للشعب المصرى، كأنما تحرص على الشعب المصرى أكثر من حرصه على نفسه، وتعلن بذكورية المندوب السامى عن موافقتها على رفع حالة الطوارئ، وتأمر الحكومة بعدم اللجوء إلى العنف واحترام حقوق كل المصريين فى التشريعات الأمنية التى تفكر فى إصدارها.

صفاقة استعمارية تتخفى تحت الجلد الناعم، تلدغ كالثعبان الذكر وهى تبتسم برقة وتهلل الصحف لها كما هللت لأختها كاترين أشتون، وإن أقل أنوثة وإغراء، لكن الماكياج المتقن هو، والكعب العالى هو كعب هيلارى كلينتون وكونداليزا رايس ومادلين أولبرايت.

إنهن النساء الأجنبيات المقاتلات كالذكور كالنمور، كما يصفهن الزعيم السلفى، النساء العاصيات للأمر الإلهى، فالله لم يكتب على المرأة القتال والصراع السياسى، وكل ما لا يتفق مع طبيعتها الرقيقة، وكونها الجوهرة المصونة، الواجب على الرجال إخفاؤها، واسمها عورة يستبدل بوردة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحدة من النساء تكفي
- أيضحكون على دقون النساء؟
- القمة والحضيض.. عودة الوعى وغيابه!
- فقط لأنها ليست ولداً؟
- لماذا أصبحت المعرفة خطيئة؟
- الأسئلة البديهية الطفولية
- هل نتعلم مما يحدث فى أمريكا؟
- الشيوعية. والإسلام. وجدتى
- الطفلة والشيخ العجوز
- قانون العيب المزدوج
- اقتلاع جذور التفرقة
- لجنة الخمسين والسقف المحرم!
- الجمال والإبداع والنرويج
- ذكرى ثورات كانت ولا تكون
- مكياج الوجوه القديمة
- إقناع أنفسنا قبل إقناع الآخرين
- بناء عقل مصر فى دستور جديد
- الثورة والحسم وسقوط الكذب
- هل تتشابه الملامح مع إدمان الكذب؟
- الصوت الباقى فى الوجدان


المزيد.....




- السعودية تترأس لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة رغم ان ...
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام السجينات في مراسم خميس العهد ...
- السعودية رئيسا للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة عام 2025
- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - قوارير ذكورية والجوهرة المصونة