|
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-24-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 02:47
المحور:
الادب والفن
البحث عن الحاضر الغائب -رواية- 24- ************************** - يطلب مني أن أشرف على عملية اغتيال ، وكأن الاغتيال لعب أطفال ، أو لدينا معارضا ثوريا يشبه غيفارا ، أو بول بوط . لا يدرك هذا المعتوه أو رؤساءه أن قرار القتل يكون الحل الأخير في مهماتنا ، وفي حالات استثنائية جدا ، كأن يمثل المعارض خطرا حقيقيا على أمن الأمن الوطني . فهل يمكن أن يشكل محام ممسوس بايديولوجيا ميتة خطرا على أحد ؟ . كان يشرح لعبد المنعم الذي بدت عليه سمات التماهي مع كلام أحمد أنه يوافقه ويتعاطف معه ، على الأقل ظاهريا ، فيما يقوله . نظرات الشباب تتشابه ، وتتقاطع في طموحاتها ، فهم يعيشون نفس الهواجس تقريبا ، خاصة اذا كانوا شبابا طموحين . لكن الشباب العربي حدث له انهيار حاد في ترتيبات أولوياته ، وانقطاع خطير مع مسار التاريخ . كلاهما يدرك ذلك جيدا . وطبيعة وظيفتهما تجعلهما يحترسان من بعضهما البعض. فأحمد حين كان يفضي لعبد المنعم برأيه ، كان يرمي من ذلك ارسال ثلاث رسائل ، الأولى للمعنيين بالأمر ، والثانية لعبد المنعم نفسه ، والثالثة لنفسه كي يخفف من أثقال عبء يبدو له فارغا في أصله . - نحن شباب متحفز يا أخي عبد المنعم ، وذكاؤنا يفوق ذكاءهم ، ورؤيتنا للعالم تختلف عن رؤيتهم ، يجب أن يعترفوا بهذه الحقائق ، فنحن نتوفر على ذكاء كوني ، وهم بالكاد يستطيعون الاطلالة من سراديبهم وأقبيتهم المظلمة . توقف عن حكيه قليلا ، وعاد الى عادته في تأمل السطح ، ثم ختم كلامه : -لا فسحة في الظلام ، الظلام بطبيعته ضيق ، عكس النهار والنور ؛ مداهما اوسع ولا محدود . ابتسم عبد المنعم ، وعقب عليه : - هل تدرك أخي أحمد كم يعجبني عمقك في شرح القضايا والموضوعات التي تطرقها ؟، أحس كأنك تترجم أفكاري . لكنك تعلم أكثر مني أنهم يقبضون على ادارة الاستخبارات بيد من حديد . يخافون أن يقترب الى مملكتهم أغراب ، نحن أغراب بالنسبة اليهم . كثيرا ما تتولد في نفسي مشاعر الخيبة والحيرة ، ولا ادري هل أنا عميل في قسم محاربة التجسس أم مجرد " مقدم " ينقل أخبار مواطنيه ؟ . أووووووووف ....اشرب يا أحمد اشرب .. في هذه الأثناء اقتربت منه صديقته وهي تعاتبه على اهماله لها . لم يعرها اهتماما ، وهو المعروف بصرامته وحدته رغم الانطباع الذي يوحي به وجهه الهادئ ، لكنه حين يثور أو يغضب يتحول الى شخص آخر .عادت صديقته الى مكانها والغضب باد على وجهها الأبيض . طلب من النادل أن يمنحها شيئا تشربه . وانخرط مع أحمد في نقاشهما . سأل أحمد عبد المنعم عن صديقته ، فقال له أنه يضعها في مكانها المناسب . لكنه ألح عليه بالحذر ، فكثيرا ما توقع الثقة الزائدة صاحبها فيما لا يعيه . بدأ الرواد يتقاطرون على الملهى ، " فندق ايبيس " له رواده الخاصين ، وهذا ما يثير غيض أحمد ، هو لا يطمئن الى مثل هؤلاء ، فقد تعلم أن لعبة الاطمئنان الى الأشخاص من أخطر الأساليب التي توقع بالمخبرين وتفضحهم . فهم يمثلون نفس الأدوار ، ويبدون نفس المواقف ولا يتغيرون ، مما يجعل الآخرين يطمئنون اليهم ويفتحون لهم صدورهم ، عكس اولئك الذين يتلونون ويتغيرون ويلبسون في كل مرة قناعا مختلفا ، يكون تفاديهم سهلا ، وانطفاؤهم سريع . وجه أحد الرواد بدا على احمد جديدا وغير مألوف ، مما جعله يسأل عبد المنعم عنه : - هناك شخص جديد اليوم هنا ، انه يجلس قرب المزهرية المركونة أمام النافذة المطلة على المسبح ، هل تعرفه ؟ . انتظر عبد المنعم قليلا قبل أن يستدير نحو صديقته ويطلب منها الولاعة ، في هذه الأثناء رمق بنظرة خاطفة وجه الرجل الذي كان مشغولا بالحديث مع صديقين له يتقاسمان معه الطاولة . -في الحقيقة لم أره قبل اليوم ، سوف أستقي أخباره . عاد أحمد الى حديثه الذي يبدو أنه يريد أن ينهيه الليلة . بعض القضايا تتراكم في حوصلة ذهننا وتجثم على أنفاسنا متسببة في غلق قنوات التنفس . مجرد أفكار صورة غير ملموسة تستطيع سد قنوات التنفس . -هل رأيت لا نملك أي معلومات دقيقة حول مجتمعنا ؟ . لا أتحدث بالطبع عن هذا الوافد الجديد . بل أتحدث بشكل عام . حين أطلع على بعض التقارير تخجلني قراءتها ، تقارير ممسوخة وجافة وسخيفة . اسم الشخص او الأشخاص ، طبيعة عمله ، علاقاته ، تطور ثروته ومصدرها ،ان كانت لديه ثروة ....يعني أشياء قد يعرفها أيها شخص آخر . في حين أن المخابرات العصرية والحديثة انتقلت الى مستويات الاستنباط والاستقراء ووضع مسارات وامكانيات تطور الشخص . وهم حتى وان استعانوا بأحدث تقنيات التكنولوجيا ، فان الدماغ البشري يظل هو سيد كل عمل .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايران حصار بصيغة الانفتاح
-
فرار الى قمة الحلم
-
عودة المثقف ومثقف العودة . أي مثقف وأي عودة ؟
-
قمم صارت سفوحا
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-23-
-
في مفهوم السيادة وأشياء أخرى
-
مثقفو أحوال الطقس
-
حروب الظلام
-
غربة الشعر ،منظور جديد
-
رحيل أقسى من الخنجر
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -3-
-
الأنبياء لا يندهشون
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -2-
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-22-
-
حصن اللغة
-
الياس العماري وقضية علي أنوزلا
-
ضد مركزية الثقافة وتركيزها
-
يوم خارج التقويم
-
مؤشر الحلم والكابوس - قصة قصيرة -
-
ملامسة قشرة الحياة
المزيد.....
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|