أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الرجل الذي أحب حمارا _قصة قصيرة















المزيد.....

الرجل الذي أحب حمارا _قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4277 - 2013 / 11 / 16 - 10:25
المحور: الادب والفن
    


الرجل الذي أحب حمارا
مفارقة جميلة أن تتخلى عن وجهك لتتعرى أمام وجه مخلوق لا ينتمي للوجود , فقط تحتاج لتكتب على أوراقك أنك في كامل قواك الجنونية , تنتهي هنا مأساتك وتصبح خرافة في زمن أمتهن الدجل ورفع شعار الموت من أجل الموت , قالها بسخريه وهو يخاطب حمارا جاء ليبحث عن سر وراءه تركه على دكة المقصلة التي ستشهد ولادة حدث قديم يتجدد مع كل صباح.
أقترح أولا أن يتبادل معي دور القيادة والمقود ومن ثم سوف أستعير له أسم من قائمة الأشياء الكريهة إنها طويلة جدا بما يكفي له من زمن ليحصي فيها ما يشاء من الكنى والألقاب والتي لا تحتوي إلا أسم واحد مرسوم بعدة أتجاهات ليعبر عن التنوع والتجدد والابتكار ,وثم هناك قائمة أخرى لمن لا يحب ان يختار.
عناوين ورموز كلها معروضة أمام ناظري الحمار الذي لم يبالي سوى بالبحث عن حشيش بطعم الفياغرا فهو على موعد قريب مع عيد التزاوج, الحيوانات أيضا تتفهم ضرورة الاحتفال بالأعياد وتعد العدة لها ,ليس هناك حدود للعيب في ذاكرة الحيوان تعلمها أيضا من معاشرته لكائن قديم وصديق حميم أسمه بشر , هكذا توصلت مع هذا الصديق الطارئ الذي وجده في لحظة ،نديم لا يسمع ولا يفقه لكنه يدعك تتحدث بمطلق الجنون ولا ينتقدك ولا يقاطعك فقط ينظر لك بين الفينة والفينة ليخبرك أنه لا يجيد فن الإصغاء الفلسفي.
أخرجت علبة السجائر من جيبي اليمين تعودت على ذلك طلبا للبركة وأحيا نكاية باليمين فأنا يساري منذ النشأة الأولى وأمقت كل ما له علاقة بالرجعية العربية التي كثيرا ما أعلنت الحمير تبرؤها من الإصطفاف الجبري المفروض عليها أن تتبعه ظلما وعدوانا, وقدمت السيجارة الأولى لصديقي الحمار عربون محبة, أمتنع أن يستقبلها مني لأنه مؤمن أن التدخين مضر بالعقل وسبب رئيسي لأمراض الأمة العربية وقواها المتفجرة من تحت مقعدها السفلي ,الحمار لا يجلس مثل القادة أو مثل القاعدة العريضة أنه يموت واقفا ,غبي يمكنه أن يموت منبطحا لكنه لا يفعلها كأغلب المفكرين الأغبياء.
يبدو أن صديقي الحمار بمزاج جيد ومستعد لكل الأحتمالات فهو ليس أمامه إلا أن يتلقى دوما أسوئها بكل أمتيازات السوء لذا سأطرح عليه سؤال وجودي وأطلب منه الإجابة أو سأضطر إلى قطع علاقتي بالعالم , البعض يظن أنها غير متناسبة تماما ولا مجدية اصلا, أنا أراها جد متناسقة وممتعة للغاية حينما تكون أنت المتسيد في الحوار بدون معارضة تنتزع منك المبادرة في كل مرة أو تحاول أن تحرمك من لذة الجلوس على كرسي السلطنة وأنت منتشي بخمرة مغشوشة تلوث مجاري العقل التنفسية.
سؤالي وحيد لا أم له ولا أب وبكل الشرف الشرقي طرحته على زميلي نعم لم تتعجب صار زميلي لقد تحولت الصداقة مع الحرية التي منحني إياها زميلي إلى طور جديد كما يقول سارتر الصداقة والحب دوما يعاني من مرض قديم هي تحديد لحرية المقابل , وبما ان السيد حمار الزميل المحترم أوسع لي وأثبت هذه لمقولة فقد منحني شجاعة لأن اسأله بعد هذا العمر الطويل الذي قضاه في الأرض لم لَمْ يتحول إلى إنسان في رحلة التطور, فقد فعلها القرد وهو بعيد عنا ولكن يا زميلي المحترم أنت أولى منه لطول المعاشرة أولا ومن حقك هذا ثانيا.
تصورت أنه سيضحك من عرضي هذا أو بالأحرى سيهزأ مني ومن غباوتي التي لا تفارقني في ساعات الصحو الفريدة التي أحرص على تجنبها لكي لا أتهم أنا بالحمرنة الإستاتيكية, أنا أتكلم بجد لا مزاح في القضايا العلمية طالما أن من حقنا أن نتعلم وأن نعلم غيرنا أو نستعلم منهم, لكنه وبكل أدب حيواني مقدس تركني أشرح أفتراضاتي وإشكالاتي دون أن ينبس ببنت شفه كما يقول الفراهيدي ,لكنني لأول مرة أحسست أنه ضجر مني وأصبحت ثقيلا على معدته التي تكاد تقترب من الامتلاء ,صار يهز ذيله بعنف إنه بحاجة إلى خلوة مع نفسه ليعيد ترتيب أولوياته , قد تكون الإجابة على سؤالي واحدة منها.
أعجب من الكثيرين الذين يتهمون الحمير بقلة الإهتمام الفكري أو لنقل بصراحة إنهم يعيبون عليه تلك اللا مبالاة المقيتة فهو مقابل علفه يمكن أن يتحمل أقسى الإهانات ... ضحكت في سري من هذه المقولة الغارقة بالأسن الفكري البشري ,هذه أيضا خصيصة يشترك بها هو مع كثير من الناس بل يمكنني اجزم أنها أحد أهم إنجازات البشر منذ أن جاء ضيف غير مرحب به ليزاحم الحيوان على الأرض.
بدأت أشعر بالضجر من هذا الرفيق الأحمق وودت لو أني لم ألتقي به هذا الصباح . كم من الغباء المغلف بالسخرية يعاملني بها كأنه ولي نعمتي لمجرد أنني اخترته صديق ثم زميل وقد تملقت له كي أمنحه شرف العضوية في حزب المغفلين ليكون رفيق لكنه يبقى حمارا رغما عنه وعني ,يبدو إني سيء في اختياراتي هكذا أنا فاشل دوما ومحبط علي أن أتعامل معه بنفس ما يمكنه أن يتعامل معي, سمعت للتو منه صوت ريح ما كنت أظن أن من أخلاقيات الحوار أن يفعلها.
قررت أخير الثأر لكرامتي بعد أن أستحمرني هذا العبيط الأهبل ولم يحفظ كل شروط الأتيكيت بين الرفاق وخاصة أنه مازال لم يرد على أي سؤال أو أقلها ان يعتذر ,فقط مستغرق في قضم ما يتيسر له وأمامه مفضلا الإهتمام بنفسه وشعوره بالأنانية المتضخمة وكأنه قد حفظ عن السلوكيين من علماء النفس نظرياتهم في قهر الخصم والتعالي العنصري الشيفوني, تبا لكل عنصريه بغيضة لا يعرف ما تسبب لي هذه لمعاملة من حساسية تجاه خصومي السياسيين فكيف يكون تأثيرها حاد ومقرف من رفيق وزميل وصديق.
هنا استوقفتني كلمات المجنون أبو الطيب تمر أمامي كإعلان تليفزيوني لا تسأل الحمار إلا والعصا بيدك ... إن الحمير جنس من المجانين, صرت أبحث بين الأشجار والشجيرات عن عصا صغيره أرهب بها هذا المتوحش الفج ,عثرت على طرف سعفة نخيل يابسه وهجمت كالليث الضاري عليه وقد أحمرت له عيناي وانتفخت أوداجي مستنهض كل نقمتي على الحمير, بأول ضربة انكسرت سعفتي , تمنيت أن يتكرم برفسة من قدميه الرقيقتين قياسا مما تلقيت من رفسات في رحلتي إلى العالم السفلي في يوم أسود بنكهة النضال القومي وروح النصر وهي تتألق في وجه جميل يضاهي وجه شمر بن أبي سفيان رضي الحجاج بن نيرون المغولي عليه وأرضاه.
أكتشفت أخيرا أن الإنسان ليس حيوان كاملا مؤهلا لقيادة الحضيرة الحيوانية فهو مجرد تلميذ غشيم ومقلد لبعض أطروحات الفهم الحيواني دون أي مبدئية ولا متبني لاستراتيجية متأصلة في ذاتيات لنهج والمنهج المستنبط من غائيات وأهداف الفصيلة اللا إنسانية والتي لا يمكنها أن تنفصل عن حقيقة أنها أمم تعيش مراسيمها الخاصة دون أن تفرض على بعضها البعض ما تؤمن به وإن تشابكت صلة القرابة بينهم, فلا أكاد أرى عنزا أجبر خروف أن يقلده في تسريحة شعره ولا بطة قلدت دجاجة في كيفية احتضان البيض إنه عالم يمارس الحرية بحرية.
ذهب رفيقي بعد أن أخذت موضع الاستناد على الحائط وأنا ألتقط أنفاسي بعد معركة غير متكافئة بين رفاق على مسألة عقلية كان يمكن حلها عبر طاولة مستديرة أو حتى مربعة وإن كنت اقترحت على هذا الغبي عقلي من قبل أنها تكون ثلاثية الأطراف أنا وهو ونحن نفهم ما نريد و ما نريد أن نفهمه ,لكن أحيانا هناك قوى متخفية بين لفائف المخ تسمى القوى الظلامية الإرهابية هي التي تتحمل مسؤولية زعل حبيبي الذي أعلن حبه أمامكم الآن وبدون استحياء ليس لجماله ولا لرشاقة بدنه ولكن لشفافية وصدق روحه الأصلية التي أبت أن تعاملني بإنسانية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار و الدولة المدنية
- كلام فوق المعقول
- مشروع الإنسان _الإنسان
- اليسار وافاق العمل المستقبلي
- اليسار العراقي وقراءة في مستقبله السياسي
- الأساس العلمي لدراسة النفس والسلوك
- مفهوم الوجود فلسفيا
- العقلانية ودورها في تثبيت دور العقل
- الوعي العلمي والتجريبي وفهم التأريخ
- الحرية قبل الدين
- التصنيف العقلي والديني
- تجربة الدين
- الورشة العلمية حول إعادة قراءة الشخصية العراقية واستراتيجيات ...
- شروط القراءة التاريخية
- التأريخ الإسلامي بين الأسطورة والتزييف
- أهمية التجرد والموضوعية في كتابة التأريخ
- حوار أم دوار
- يا سيدي يا حسين أمض بنا
- عالم أبيض وعالم أسود
- الدين السياسي وصورة الرب


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الرجل الذي أحب حمارا _قصة قصيرة