أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أنهم يسرقون الله!














المزيد.....

أنهم يسرقون الله!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 23:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العنوان ليس مزحةً سخيفة، كما يتبادر إلى عقول الأسوياء قرّاء المقال. ولا مبالغة شعرية، جمح بها خيالُ شاعر مجنون. ولا خيالا ديكتاتوريّا مريضًا، عَنّ في رأسٍ معطوب لمتطرفٍ، سرعان ما تراجع مخافةَ أن يفضحه الناسُ ويُجرّسوه، كما يُجرِّسُ القرويون اللصوصَ والزُّناة. بل هو واقعٌ بشع وصل فيه الإقصاءُ والفاشية الدينية آمادًا لا معقولة، وتجاوز فيه الإرهابُ الفكري كل سخافات الوجود!
كان هذا مناشيت أحد الصحف: "محكمة تمنع غير المسلمين من استخدام لفظ ’الله‘." يا الله!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! علامات التعجب التي تتواثبُ أمام عينيك، من عندي أنا. ولو أنني "صمويل بيكيت" أو "هارولد بنتر" أو أيًّا من كُتّاب "مسرح العبث"، لأكملتُ المقالَ بعلامات التعجّب، ثم أنهيتُه بضحكة ساخرة، تحملُ المُرَّ والوجع.
حدث بالفعل، في أحد بلاد الله فوق هذا الكوكب التعس، أن حرّمت محكمةٌ قضائيةٌ مواطنيها من مناجاة الله باسمه، لأنهم غير مسلمين! دعوني أولًا أشكر الَله أن ذاك البلد ليس مصر. ثم اندهشوا معي أن تلك الدولة تُسمى: "ماليزيا"!!! نعم، ماليزيا! بلد العظيم "مهاتير محمد" الذي انتقل ببلاده من دولة زراعية نامية إلى دولة صناعية متقدمة، أحد النمور الآسيوية الصغيرة، وأحدث طفرة فائقة في التعليم والبحث العلميّ. البلد التعدديّ المثقف الذي احتضن كافة الأديان في سلام؛ فعاش المسلمُ جوار البوذي والمسيحي والهنودسي والكونفوشيوسي والطاوي واللا ديني في تحابٍّ ووءام دون نزعات طائفية تُذكر. الدولة التي يضمن دستورُها للمواطن حريةَ العقيدة.
في هذا البلد، رفع مجموعةٌ من المتطرفين لافتاتٍ فاشيةً إرهابية تقول: Allah just for Muslim, fight no Fear. “الله فقط للمسلم. قاتلْ ولا تخف"! وبدلا من أن تعتقلهم الدولةُ بتهمة شقّ الصف ومحاولة "اختطاف" اسم "الله"، لفصيل دون غيره، بينما هو إله البشر كافة، بدلا من إعادة تأهيل أولئك المارقين لكي يتهذّبوا مع الله، ومع خلق الله، ويتعلموا أنهم لم يحتكروا الله لأنفسهم دون سواهم، بدلا من كل هذا، حكمت المحكمةُ لهم بما أرادوا من جنون، وحرمّت على المسيحي والبوذي والطاوي أن يتذوقوا حلاوة "اسم الله"، بألسنهم! تُرى كيف يناجون الله؟
بدأت "النكتة" المُرةّ عام 2009، حين منعت الحكومةُ آنذاك صحيفةَ "هيرالد" الكاثوليكية في ماليزيا من استخدام لفظ "الله" في نسختها باللغة الملايوية. فتوجهت الصحيفةُ إلى المحكمة التي رفضت قرارَ الحكومة؛ وأقرّت للجميع حق استخدام لفظ الجلالة خالق الكل ورب البشر. فاستأنفت على حكم المحكمة العادل العاقل، الحكومةُ العنصرية (التي تغازل الأغلبية المسلمة)! وظلّت القضيةُ معلّقةً نحو أربع سنوات حتى صدور الحكم الأخير منذ أيام، حيث حصرت لفظ "الله" على المسلمين وحدهم دون سواهم، بما يعد انتكاسة لجهود الدولة في دعم قانون حماية الأقليات الدينية. بينما ترى تلك الجماعاتُ المسلمة المتطرفة أن استخدام لفظ "الله" لغير المسلمين سيشجع على اعتناق المسلمين الديانةَ المسيحية! تصوروا كيف وصل بهم الفكرُ الساذج القشريّ!
سذاجتُهم تبدأ من اختصارهم ربَّ العزة، مالك الملك، وملك الملوك، خالق السموات والأرض، وخالق الكون الشاسع الذي لا تحيطُ به خرائطُ ولا تحدُّه خطوطُ طول وعرض، ولا يتصور مداه عقلٌ، في مجرد "مفردة" في معجم! الكونُ الذي يسافر فيه شعاعُ ضوء بسرعة 300 ألف كيلو متر/ ثانية، في خط مستقيم، سنواتٍ وعقودًا وقرونًا ضوئية، ولا يصل منتهاه. خالق مثل هذا الكون الهائل المُعجز، يختصرونه في كلمة! وتنتهي سذاجتُهم عند تصورهم أن محض "مفردة" بوسعها أن تخلع إيمانَ إنسانٍ من قلبه؛ فيتحول من الإسلام إلى المسيحية، أو العكس! مرورًا بعشرات السذاجات مثل اختطاف قيمةٍ عُليا كأنما ورثوها من الله ذاته. الإرهابيُّ قد يسرق "الروح"، فيقتل. أو يسرق "الأرض" فيهدم كنيسةً أو معبدًا أو تمثالا. أو يسرق "المال" فيسطوا على محل مجوهرات يمتلكه مسيحي. أو يسرق "النفس" و"العِرضَ" فيختطف أنثى ويجعلها جارية مما ملكت يمينه. لكن "عشنا وشفنا" إرهابيين يسرقون "الله"!!
هل يمكن أن يحدث مثل هذا "الهطل" في مصر؟! الإجابة: “لا"، حاسمةً. لماذا؟ لأنني أثق أن شعبَ مصر المحترم، الذي أنجب: "الست عواطف" (أم أشرف، التي صفعها الإخوانيُّ الجهول)، وأنجب السير د. ومجدي يعقوب، شعبًا مثل هذا مستحيلٌ أن ينجرف إلى مثل تلك التراهات. لماذا اخترتُ هذين النموذجين بالذات؟ لسببين. أولا: هي سيدةٌ أُميّة بسيطة، وهو رجل من أعظم وأعلم عقول الأرض. وبهذا فقد جمعتُ القوسَ من قُطبيه ليضمَّ ما بينهما من مستويات علمية وثقافية متراوحة ومتباينة. وثانيًا: لأن السيدةَ البسيطة، مسلمةٌ، قالت: “مصر للمصريين، وقبل المصريين الأقباط". دعك من الارتباك في المصطلحات، فإنما تقصد: “أن مصر للمصريين مسيحيين ومسلمين”. وأما الرجلُ الطبيب، فمسيحيٌّ، يعالج قلوبَ أطفال المسلمين، قبل أطفال المسيحيين. لأنه ببساطة ينظر إلى العِلّة في القلب الصغير المعطوب، ولا ينظر إلى عقيدته.
بلد مثل هذا مُصانٌ بأمر الله من فوق سبع سموات، ولا خوفٌ عليه من بلاهة المتطرفين. أما سارقو الله، فلهم الله!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفتح الجاكيت، أقفل الجاكيت
- سيفٌ في يد الشيماء
- بسطاؤها نُخبة
- عمر خيرت.. فارسُ الحرب القادمة
- الله أكبر أيها الأشرار!
- ماسبيرو... الهرم العائد
- بيسكليت في جامعة أسيوط
- هويدا، أخلفتُ وعدي معك!
- بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!
- -متكسروش بخاطر مصر-
- بلبل لبنان الذي طار
- مراسلات أدباء مجانين
- لماذا نحب؟ وكيف نكره؟
- الست مبسوطة، أغنى امرأة في مصر
- سيدني، وتعويذة الفراعنة
- العذراءُ في بيتي!
- النورُ في نهاية النفق
- وثالثهما الشيطان
- ازدراء الأديان فى شريعة الإخوان
- نجاح جمعة الحسم


المزيد.....




- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أنهم يسرقون الله!