|
قراءة في المشهد الانتخابي المحلي
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 23:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة في المشهد الانتخابي المحلي شاكر فريد حسن من نافلة القول ، ان الانتخابات الأخيرة للسلطة المحلية حملت بداخلها ، وفي طياتها ، آفات خطيرة وظواهر مدمرة لها انعكاسات سلبية على تطور ورقي ونهضة مجتمعنا العربي ، ومستقبل العمل السياسي الحزبي والأهلي المدني في هذه البلاد . وهي ظواهر تكشف بكل وضوح وجلاء عمق الأزمة الحادة الراهنة التي تجتاح مجتمعنا ، أزمة فكر ، وأزمة أخلاق ، وأزمة قيادة ، وأزمة تنظيمات سياسية . لقد أثبت المشهد الانتخابي المحلي الأخير ان الثقافة السياسية السائدة هي ثقافة عصبوية قبلية عائلية حمائلية عشائرية وطائفية ، وان الانقسامات الاجتماعية ، التي تكرس الانتماءات التقليدية ، تدق مساميرها في نعش العمل الحزبي والتنظيمي . فقد عادت العائلية والطائفية السياسية وكشرت عن أنيابها من جديد ، وبقوة ، وبرز التفسخ الاجتماعي والاحتراب الحمائلي ، قياساً بالثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي ، عندما انتصرت الجبهات المحلية في العديد من الأماكن والمواقع . كذلك اتسعت رقعة المحسوبيات واللهاث وراء المصالح الانانية والفردية الضيقة ، وانتشرت أساليب الاغراء والاغواء وشراء الذمم والضمائر والأصوات واستغلال اصحاب الاحتياجات الخاصة وضعاف النفوس ، فضلاً عن تلاشي القيم والمعايير الاخلاقية ، التي نشأنا وتربينا عليها وشربناها مع الحليب من أمهاتنا . في حين هزمت الأحزاب والقوى والتيارات السياسية الفكرية والعقائدية ، التي كانت فاعلة على الساحة . ولا أغالي إذا قلت ، انها اندحرت وتهاوت في هذه الانتخابات ، وخاصة الجبهة الديمقراطية ،التي تلقت ضربة قوية في اعقاب الهزة السياسية العنيفة بفوز علي سلام من الجولة الأولى ، الذي انشق عنها ، وخسارتها للمجلس البلدي في الناصرة ، الذي ظلت في ادارة شؤونه لأكثر من اربعين عاماً . ان الأمر الغريب والمؤلم ، هو الموقف الانتحاري ، السياسي والاجتماعي والأخلاقي ، والعمل المعيب والمخجل ، الذي مارسته وقامت به قيادة الجبهة ورامز جرايسي ، بالتوجه الى المحكمة لمنع نشر نتائج الانتخابات إلا بعد فرز أصوات الجنود..!. فهذا العمل فاق كل التوقعات ، وشكل صدمة كبيرة لكل الشرفاء والعقلاء ، وللقوى والأوساط الوطنية الغيورة على الجبهة صاحبة التاريخ النضالي والوطني والسياسي ، التي لم تستوعب بعد مثل هذا الموقف المخزي والمشين ، الذي يفتقر للمصداقية الأخلاقية والفكرية والسياسية والعقائدية ، وأضر بها ، وأساء الى تاريخها العريق . وإذا كان التجمع الوطني أحرز بعض النجاحات في بعض المواقع إلا انه تراجع أيضاً . وقد خسرت النائب حنين الزعبي المنافسة الانتخابية لرئاسة المجلس البلدي في الناصرة ، وعادت بخفي حنين الى الكنيست بعد ان أشبعتنا كلاماً وتنظيراً وأوهاماً بأنها قاب قوسين أو أدنى من الرئاسة ، ويا دوب حصلت على حوالي اربعة ألاف صوت ..!. كما ان التجمع ذاب في قلب قوائم عائلية ومستقلة ، كما حدث في ام الفحم ، حيث انخرط في قائمة الشيخ خالد حمدان ، الذي خرج على قرارات الحركة الاسلامية وخاض الانتخابات بدونها شكلياً ، ولكن في العمق ووراء الستار بدعمها ومؤازرتها . أما بالنسبة للحركة الاسلامية فقد غابت واختفت عن الساحة الانتخابية بعد أفول نجمها ، الذي سطع في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي . وفي قراءة لمجريات ومسار المشهد الانتخابي يستدل أن المرشحين للرئاسة فاق عددهم كل التوقعات والتصورات ، ما يثبت ويؤكد ان رئاسة السلطة المحلية أصبحت في زماننا أكبر مشروع اقتصادي استثماري ، وأهم مركز للنفوذ والسيطرة والوجاهة الاجتماعية . وفي المقابل برزت في هذه الانتخابات مشاركة المرأة في الحملات الانتخابية والدعائية ، رغم تهميشها في أماكن العضوية . وكان للشباب الحضور الساطع والمؤثر والمشاركة الفعالة والدور البارز والهام في الحراك الانتخابي ، والمساهمة في صنع واتخاذ القرار وتنفيذه ، وفي عملية التحشيد وجلب الأصوات يوم الانتخابات الى صناديق الاقتراع سعياً لاحداث التغيير المرتجى والمشتهى . وعلى ضوء ما تقدم يمكننا القول بالمختصر المفيد ، ان الصراع والتنافس على السلطة المحلية لم يكن تنافساً سياسياً ، بل هو صراع على المناصب والمقاعد والغنائم . وان العائلية والطائفية السياسية التي تسيطر على المشهد الانتخابي ، ويساهم في تجذيرها وتعميقها أناس ينتمون الى شريحة "المثقفين" و"الاكاديميين ، ويشاركون في برايمرز العائلة أو القبيلة ، هي وباء اجتماعي يجب التخلص منه واستئصاله من حياتنا ، لكي ننهض بمجتمعنا ونبني واقعاُ مختلفاُ وجديداُ . وعلى الأحزاب السياسية التي هزمت واندحرت ، وفي مقدمتها الجبهة الديمقراطية ، اجراء مكاشفة حقيقية وشفافة ، ونقد ذاتي ، وجلد للذات ، وحساب للنفس ، لمجمل مسيرتها واجندتها ومواقفها ، والتعلم من الأخطاء المتراكمة ، واستخلاص العبر من افرازات المنافسة الانتخابية .عدا عن الانفتاح على الآخرين وقبول مبدأ التعددية السياسية والفكرية ، وتغيير النهج والتكتيك السياسي ، والاقتراب من الناس وهمومهم ، وسماع نبض الشارع ، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية ، والقيام بمبادرات جديدة وانشطة وفعاليات تعيد ثقة الناس بها .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتائج الانتخابات المحلية وانتصار المشروع الوحدوي في طلعة عار
...
-
صدور عدد جديد من شهرية (الإصلاح) الثقافية
-
الموقد الثقافي
-
الروائي محمد شكري صاحب -الخبز الحافي- في ذكراه العاشرة
-
صفحة من تاريخنا الثقافي الفلسطيني
-
محمد دكروب .. وداعاً أيها الشيوعي الاخير ..!
-
على هامش عملية الوراق الارهابية ..!
-
شفيق كبها .. الغياب القاسي !
-
اصدار عدد تشرين أول من مجلة (الإصلاح) الثقافية
-
هموم انتخابية ..!
-
مصمص يا بلدي !!
-
في أزمة مجتمعنا..!
-
التحرش الجنسي آفة اجتماعية خطيرة ، فهل نتخلص منها ؟!
-
الحالة السورية وسقوط مثقفي -اليسار- ..!
-
الإسلام السياسي ما بين الصعود والأفول ..!
-
المساجد للعبادة وليس للسياسة ..!
-
ماذا وراء الهجوم على الأزهر وشيخه الدكتور احمد الطيب ..؟!
-
إنهم يحرقون الكتب ويغتالون الفكر ..!
-
سوريا تصنع تاريخها ..!
-
رحيل المقكر والكاتب الفلسطيني د. فوزي الأسمر
المزيد.....
-
-انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا
...
-
لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
-
ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة-
...
-
أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال
...
-
سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها
...
-
مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو
...
-
مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا
...
-
علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
-
إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
-
مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|