أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحمّار - تونس: المآسي وراء الحوار الوطني الأساسي














المزيد.....

تونس: المآسي وراء الحوار الوطني الأساسي


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 17:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن خاب أمل التونسيين جراء الإعلان (في 5-11-2013) عن تعليق الحوار الوطني على إثر احتقانه في مسارَيه الاثنين، الحكومي والتأسيسي، مثلما خاب موازاةً وتزامنًا مع ذلك أملُ الفاعلين الثقافيين جراء زَيغ معرض الكتاب في تونس هذه السنة عن كل سنن التألق، ومثلما أفلس الآباء والأمهات في سبيل ضمان حدٍّ أدنى من التكوينٍ المتين لمنظوريهم التلاميذ والطلبة وهو تكوين أفلست المنظومة التربوية في ضمانه لهم، ومثلما تبخرت رغبتنا الشخصية في حضور تظاهرة لغوية الأولى من نوعها (من 16 إلى 31 أوت 2013) وربما المشاركة في فعالياتها، هل يعني هذا أنّه قد خاب أمل التونسيين جميعا في العلم وفي المعرفة كما خاب في السياسة؟

في الحقيقة لا نعجب لحصول خيبة الأمل في العلم والمعرفة طالما أنّ بلدنا، مثل أشقائه إن واقعيا أم افتراضيا، أصبح منتجا للألم وللألم الموازي على غرار المجلسَين التأسيسي والموازي و"الأمنَين" الجمهوري ونظيره والتجارتين المنظمة و"البمومنديلية" (نسبة لنهج سيدي بو منديل، الحصن الحصين للتجارة الموازية) والمهنتين الرسمية و"المتدبَّرة" (نسبة لـ"تدبير الرأس")، وربما كما هو الشأن أيضا عند بعض العقليات الذكورية، الزوجتين الشرعية والموازية.

إذا أضفنا إلى هذه الخلطة رَزحَ الناشئة المتمدرسة منذ ما يناهز العقد من الزمن تحت نير الدروس الخصوصية كمدرسة موازية، وهو ما يتوازى بدوره مع تدهور القيمة الرياضية للمباريات حيث اختفى دوري البطولة الوطنية وراء ستار قانونِ "بدون حضور الجمهور"، الذي يُعرف بالـ"وِيكلو"، وربما كان ذلك احتفاءً بالدوري الموازي الذي تنقل فعالياته القنوات التلفزيونية المشفرة من أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا على مدار الساعة للشباب التلمذي والطلابي وأيضا للشباب المعطل عن العمل، فربما كان هذا القليل من الكثير مؤشرا على موت الكتابة والقراءة كركيزتين للعلم والمعرفة وعن استبدال الجهل كبديلٍ موازٍ مكانهما.

ولو أنه ليس من باب الإعجاز أن نتحدث عن موت الكتابة والقراءة لكنّ المصيبة تكمن في كَون التراجيديا التي حفّت بهاتين الممارستين الاثنتين، وهما موازيتان أيضا، جاءت بواسطة الضربة القاضية هذه المرة بعد أن سجل الخاص والعام خسارتهما بالنقاط على امتداد عقدين اثنين من الزمن حسب التقديرات المتفائلة.

وكيف لا نصدق فناء هذين الزوجين المتلازمين والحال أنه تبيّن للـ 12 ميلون نسمة الذين تعدّهم بلادنا، شيبا وشبابا، نساء ورجالا، رضّعا وأطفالا، أنّه بإمكانهم الانتظار إلى ما لا نهاية له حتى تحلحل الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد منذ ما لا يقل عن ثلاثة أشهر؟ وهل يعني الإعلان مؤخرا عن تعليق الحوار الوطني إلى أجل غير مسمى شيئا آخر غير حصاد التونسيين للمحصول الناجم عن انخرام النظم الرمزية، والتي ترتكز على الكتابة الشعرية والنثرية، القصصية منها والمسرحية والسينمائية والتلفزيونية والصحفية على حدٍّ سواء، والتي من شأنها أن تصقل العقل المجتمعي، بما فيه عقول السياسيين، حكاما كانوا أم معارضين، حتى يكونوا متمتعين بالموارد الفكرية والمعرفية والعلمية الضرورية للارتقاء الذهني والتألق في مجال الأداء المباشر وصناعة القرار السياسي؟ وهل يعني هذا شيئا آخر غير عدمية الإنتاج الرمزي السمعي والبصري الذي لم يفعل شيئا سوى أنه أغرق المتقبّل في بحر من الأوهام بينما من المفترض أن لا يشكل هذا الإنتاج سوى ملحقا، موازيا، للأدبيات المكتوبة؟

نخلص بالقول إنّ استشراء الجهل والتجهيل اللذين فرضا نفسها كبديل موازٍ عن العلم والمعرفة قد انعكس بصفة كارثية على الأداء السياسي في تونس، مما ساهم في إفشال الحوار الأساسي (الوطني) لفائدة حوار وَهمي (مواز).

ولكي تنفرج كربتنا من هذا الهم المستشري وينكبّ الجميع على إنجاز العمل الصالح لا بد من استجابة الفرد والمجتمع لقانون القدوة الحسنة، وهي قدوة بالكبير وبالوليّ وبالمفكر وبالمعلم وبالمجرّب وبالخبير. فالإبل تمشي بكبارها كما يقول المثل الشعبي وبالتالي فإنّ خروج مجتمعنا عن النص السياسي يتطلب الاستجابة لرؤوس أقلامٍ صادرة عن كل قدوة حسنة حتى توضع السياسة والسياسيون على سكة النص الأصلي من جديد.

وهذا ليس بعزيز إلا على من يشيرون إلى التونسيين، ولن يفلحوا في مسعاهم، بأن يتوخوا الهروب إلى الأمام على أنه قوتٌ يوميٌّ بينما البلاد تزخر بالطاقات المفكرة والمبدعة التي لم تطلها يد الفُصام والقادرة على التحكم بمسار التموين العلمي والمعرفي السليم وما يؤَمّنه هذا التموين للأجيال الصاعدة من أسباب الرقيّ السياسي والاجتماعي والثقافي.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس بين تشبيب الشيوخ وشيخوخة الشباب
- تونس: الجري مثل الوحوش وحكومة الريتوش
- تونس: الكُتّاب الفاسدون وعودة الرجعية
- تونس بين الإرهاب والفهم المتجدد للإسلام
- تونس: اغتيال الأمنيين واغتيال العقل
- هل سيخرج التونسيون إلى الشارع؟
- في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب
- تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث
- تونس: الإسلام بين اليمين و اليسار والحوار بين النفاق والوفاق
- إدماج الإسلاميين لإنجاح المبادرة الوطنية التونسية !
- تونس على ذيل وزغة !
- تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ
- نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحمّار - تونس: المآسي وراء الحوار الوطني الأساسي