أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - منعم زيدان صويص - الإبحار إلى الهلاك















المزيد.....

الإبحار إلى الهلاك


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4266 - 2013 / 11 / 5 - 21:17
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


في 4 تشرين أول الماضي مات أكثر من 300، معظمهم من الصومال وأريتريا، عندما غرق قاربهم في البحر المتوسط بعد أن إنطلق إلى إيطاليا من الساحل الإفريقي المقابل. وفي نفس الشهر قضى 34 لبنانيا غرقا عندما انقلب قارب يحمل لاجئين في طريقه إلى أستراليا. وتستمر القوارب المنكوبة المحملة بالأفارقة واللاجيين من دول شرقي المتوسط في رحلاتها إلى أستراليا. وتقول الإحصائيات أن 30 ألفا أبحروا إلى أيطاليا بين 1 كانون ثاني و 30 أيلول 2013 ، منهم 7500 سوري، هربوا من الحرب في بلادهم، و7500 إرتري، هربوا من النظام الحكم الأريتري القاسى، و 3 آلاف هربوا من العنف في الصومال. وتقول الأنباء أن طالبي اللجو في إوروبا في عام 2012 بلغوا 330 ألفا وأن المانيا وفرنسا وبريطانيا والسويد وبلجيكا قبلت 72 بالمئة منهم، أما إيطاليا فمنحت اللجوء ل 16 ألفا. وتقول الأنباء أن 400 سفينة، تحمل أشخاصًا يسعون للجوء، وصلت إلى أستراليا خلال السنة الماضية وأن عدد الذين سعوا إلى اللجوء بهذه الطريقة منذ أواخر 2007 بلغ نحو 45 الفا.

الهجرة بدافع اليأس من بلدان إفريقية وآسيوية إلى أوروبا وأستراليا ظاهرة جديدة، فريدة من نوعها في التاريخ، وتستحق دراسة جدّية. فالآلاف من الهاربين من الحروب والفقر في ما يسمى دول العالم الثالث يتركون كل ما يملكون خلفهم أو يبيعونه ويدفعون كل ما يجمعون من المال لشركات تهريب تضعهم على قوارب متجهة إلى سواحل أوروبا الجنوبية أو أستراليا، وكثير منهم يصطحبون أطفالهم ونساءهم على امل ان يحصلوا على اللجوء. ويُخاطرهؤلاء المساكين في ركوب بعض القوارب غير الملائمة لرحلات كهذه فتغرق ويغرقون معها. وتقول الأنباء أن سوريين ولبنانيين ولاجئين فلسطينيين، بينهم العديد من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أفارقة، يدفعون أجور سفر عالية نسبيا تصل إلى 1300 يورو لكل شخص ليهاجروا بهذه الطريقة إلي أوروبا أوأستراليا هربا من "الجحيم" الذي يعيشون فيه، ويفضلون الموت على الرجوع إلى البلدان التي خرجوا منها.

وقبل أيام قال التلفزيون البريطانى أن بعض العائلات الهاربة من شمال إفريقيا -- سوريين وفلسطينيين وأفارقة -- واجهت خيارا لا يمكن أن يواجهه أي إنسان ويبقى متمسكا بالحياة، فقد كان على عائلة أن تختار مَن مِن أطفالها تريد أن تبقي أحياء و من ستضحي بهم أثناء مأساة غرق قاربهم على مسافة ليست ببعيدة عن الساحل الشمالى لإفريقيا. لم يسبق لنا أن سمعنا أو قرأنا عن مثل هذه الحالات إللا في قصص الخيال المأساوية.

هل هذه الهجرة مؤقتة أملتها ظروف معينة وستنتهي بانتهاء تلك الظروف؟ من الصعب الإعتقاد بذلك، لأن هذه الشعوب ستظل فقيرة، وخاصة بسبب النمو السكاني الذي لا يقابله تحسن إقتصادي. لا بديل عن هذه الهجرة إلا إذا إرتفع مستوى المعيشة في العالم الثالث بما يكفى للناس أن تعيش بشكل مقبول، وهذا تقريبا شبه مستحيل لأمور مادية وثقافية -- وأعني بذلك العادات والتقاليد والمعتقدات. وبما أن قواعد إقتصاد السوق هي المتبعة في معظم دول العالم فإن الدخل القومي يذهب إلى جيوب الرأسماليين والأغنياء ويزداد عامة الناس فقرا. ومن المحتمل في المستقبل أن ترُدّ أوروبا وأستراليا المهاجرين على أعقابهم وتمنعهم بالقوة من الإقامة في البلدان التي يقصدونها إذا أثروا على إقتصادها وسببوا لها المشاكل، وسينتج عن هذا المنع مآ سي لم يشهد التاريخ لها مثيلا. الفقر في العالم يزداد بزيادة البشر، وخاصة في إفريقيا، والغنى الفاحش يزداد أيضا ولكن بشكل أبطأ وبطريقة أقل وضوحا.

ومن المتوقع أن تحصل كوارث أخرى ينتج عنها هجرة الناس لأسباب طبيعية من صنع البشر وبسبب التقدم الصناعي والتكنولوجي، كالتغيير المناخي مثلا. فإذا إستمرت درجة حرارة الأرض بالإرتفاع، كما يتوقع العلماء، فسيرتفع سطح البحار والمحيطات نتيجة لذوبان الجليد على القطبين الشمالي والجنوبى للكرة الأرضية، وسيؤدي هذا إلى غرق مناطق منخفضة كثيرة على سطح الأرض تحت مياه المحيط المالحة، ومعنى هذا أن العالم سيشهد هجرة سكانية مخيفة من هذه الأراضي، وستغمر المياه المالحة ما كان من أراضي خصبة تطعم الملاين من البشر. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تغمر مياه المحيط خلال عقود مساحة كبيرة من بنغلاديش يسكنها عشرات الملايين. فأين سيذهب هؤلاء؟ إن الدول المجاورة -- الهند وبورما -- لن تستقبلهم، ولقد رأينا المذابح التي إرتكبت ضد مسلمي الروهينغا في برما. حتى بنغلاديش المسلمة لم تأت لتخلصهم من الموت وتستقبلهم على أرضها، مع أن إعدادهم ليست بالكثيرة، وذلك لإزدحام هذا البلد بالسكان، إذ تبلغ مساحته 144 ألف كم مربع يعيش عليها 153 مليونا من البشرمعظمهم فقراء. وبالمقارنه فإن مساحة تونس 163 الف كم مربع ويعيش عليها أقل من 10 ملايين.

قبل هذا العصر كانت المجاعات وبعض الحروب تحصل بدون أن يعلم بها العالم الخارجى، ولكن بعد أن جعلت الإنترنت وثورة المعلومات العالم كتلة واحدة متصلة، أصبح الناس على علم بما يدور في الدنيا وخلق لديهم الطموح لكي يهاجروا ويغيروا حياتهم، وكثير منهم نجحوا في ذلك. ويمكن لحرب مذهبية أو دينية في بلد معين أن تحرك عواطف شعوب أخرى وتتسبب في حروب مماثلة في مناطق عدة من العالم ينتج عنها مآسى ومذابح وهجرة شعوب. وقد أصدرت الأمم المتحدة تحذيرا قبل أيام من أن حربا دينية قد تنشب بين المسلمين والمسيحيين في جمهورية إفريقيا الوسطى "سينتج عنها مذابح مخيفة."

إن إرتفاع معدلات النمو الإقتصادي في الهند والبرازيل لا يصاحبه حل لمشكلة الفقر والبطالة، فرغم تقدم الهند العلمي والإقتصادي الذي مكنها من إرسال مركبة فضائية إلى المريخ، لا يزال العمال الهنود يتدفقون على دول الخليج وأجزاء أخرى من العالم، ولا يزال الفقراء البرازيليون مستمرون في التظاهر العنيف ضد الدولة. أما في الصين فالوضع مختلف لأن الحكومة تطبق نظاما صارما لمنع الحمل وتجنب الزيادة في السكان، ولكن حتى في الصين هناك فقرٌ أيضا، رغم الزيادة في عدد الأغنيا بعد إرتفاع معدل النموالإقتصادي هناك -- الأعلى في العالم. هل تستطيع دول العالم الثالث أن تفرض أنظمة مشابهه لإيقاف النمو السكاني؟ ومما يزيد الطين بلة أن أسعار الأغذية في إرتفاع مستمر في جميع أنحاء العالم.

والآن لننظر إلى الجانب الآخر، وأعني به دول اللجوء. هل تستطيع الشعوب المتمدنة والغنية أن تمنع هذه الهجرة؟ ما هي الوسائل التي ستتبعها؟ يمكن أن تسمح دول اللجؤ لهؤلاء المهاجرين أن يعيشوا بين شعوبها في البداية لحاجتهم إلى الأيدي العاملة الرخيصة، وسيتعاطفون معهم لأنهم قليلون نسبيا، ولكن عندما يستقرون سيشجعون غيرهم من أبناء جلدتهم على الإنضمام إليهم، ونظرا لأن حياتهم تحسنت سيزداد معدل تكاثرهم في أوطانهم الجديدة، كما كان يحصل في أوطانهم الأصلية، ولن يمضي عقد أو عقدان من الزمان حتى يشعر المحليون بأن هؤلاء الغرباء ينافسونهم ويهددونهم بلقمة عيشهم وعندها ستبدأ النزاعات العنصرية، التى نرى بوادرها بوضوح في معظم الدول الأوروبية، حيث بدأ الناس هناك يشعرون تدريجيا أن "الغرباء" يضايقونهم إقتصاديا وثقافيا. أنظر ماذا يفعل النازيون الجدد في اليونان والمانيا والنمسا. إن كره الأجانب سينتشر في هذه البلدان وغيرها، وفي النهاية ستربح الأحزاب العنصرية الإنتخابات وتتسلم السلطة. ومع مضي الوقت ستتدهورالأخلاق والمبادىء الإنسانية كما نعرفها الآن وربما تبدأ الشعوب بتقتيل بعضها البعض ويصبح البقاء للأصلح، أو دعنا نقول للأقوى.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصْرُ البرابرة
- الضجّة حول البرنامج النووي الإيراني جَمّدتْ قضية فلسطين لمصل ...
- -الجزيرة- الأمريكية
- الإقتراح الروسي طوق نجاة للإدارة الأمريكية وللنظام السوري
- دروس الربيع العربي
- الجزيرة تُخضِع سياسات قطر للبحث والتمحيص !!
- التغيير في قطر وحُكْمُ العجائز
- هل حسّن التقدم العلمي وثورة المعلومات والإتصالات الحديثة من ...
- هل سيتقرر مصير حزب الله في الحرب السورية؟
- الجمود ومقاومة التغيير وغياب المرونة أهم أسباب الفشل في حل ا ...
- أين وصل الإسلام السياسي؟
- كيف إستُخدمت قضية فلسطين أداة لفرقة العرب
- المصالحة الحقيقية الحلّ الوحيد لسوريا والعراق
- يا أسود يا أبيض
- من الغزو اللغوي إلى الغزو الثقافي
- أوقفوا تسليح المعارضة السورية
- هل قَتلُ الإرهابيين يقضي على الإرهاب؟
- هل بإمكاننا أن نكون أقل تشاؤما؟
- من قتل محمد سعيد البوطي؟
- طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!!


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون
- في مسعى لمعالجة أزمة الهجرة عبر المتوسط / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - منعم زيدان صويص - الإبحار إلى الهلاك