أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - ماذا لو أكتشفنا وجود الله بعد الموت؟















المزيد.....

ماذا لو أكتشفنا وجود الله بعد الموت؟


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4266 - 2013 / 11 / 5 - 13:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماهو الموت؟ وهل هناك حياة بعد الموت؟ سؤآل يتكرر في الكثير من الرسائل التي تصلني, وأعتقد بأنهُ أول الاسئلة التي شغلت بالي عندما كنتُ طفلاً صغيراً يسكن بالقرب من أكبر وأقدم مقبرة في بغداد. عندما ينشأ الطفل في مجتمع ثقافتهُ تتمحور حول الموت وما بعد الموت, يبدو التفكير بالحياة شكل من أشكال الشذوذ فقط. كل شيء يجب أن يتمحور حول لحظة الموت وكيفية تخطي زفرات الموت والنفاذ من فتحة القبر الى الحياة الاخرى التي تنتظرنا جميعاً. فماهو الموت, وهل هناك حياة أخرى بعد الموت؟

منذ الآلاف السنين والاديان جميعها بلا أستثناء تقرع للإنسان طبول الموت. من أكثر هذه الطبول أنتشاراً رغم سذاجتها هي علامات الساعة و إشارات نهاية الزمان التي كما يبدو موجودة في كل عصر وزمان ولايكاد يخلو أي دين منها. الناس تصدق بسهولة أنها تعيش في آخر الزمان لسبب بسيط وهو تلك الرغبة الدفينة بأن نكون شهوداً على الأشياء التي نعتقد بها كي نتأكد بأنفسنا منها. ولانهُ لايوجد للزمان نهاية لهذا لاتظهر سلطة الآلهة في جميع الاديان الا في قصص مابعد الموت وتختبئ خلف خوف الإنسان من المجهول والعجز عن البقاء. الخوف من الموت دفع الإنسان ويدفعهُ لأختراع قصص غنية بالخيال عن الموت والحياة مابعد الموت والتي فيها سيكون له تماماً كل مايريد, ليس هذا فحسب بل ستكون الحياة مابعد الموت أبدية بلانهاية أو انقضاء.

نستطيع أن نلاحظ بكل وضوح بأن البيئة التي ينشأ فيها أي دين تؤثر بشكل مباشر على الحياة مابعد الموت التي يصفها ذلك الدين وكأنها صورة معكوسة تماماً للحياة قبل الموت. فإذا كان الدين نشأ في بيئة باردة أو مظلمة نسبياً كما في بلدان الشمال تصبح الابدية مليئة بالدفء والشمس المشرقة أو حتى عدة شموس. وإذا كان الدين نشأ في بيئة صحراوية ساخنة تصبح الجنة وكأنها حديقة دائمة الخضرة مليئة بسواقي المياه العذبة والانهار والظل الوفير. القاسم المشترك في قصص كل الاديان أن الإنسان لايحتاج للكفاح من أجل لقمة عيشهُ بعد الموت, وهذا أكثر شيء يقلق أي كائن حي بشكل عام لأنهُ يعيش حياتهُ يكافح ويجوع حتى يحصل على الغذاء المطلوب لبقائه, أما بعد الموت فأن الحاجة للطعام غير موجودة وإن وجدت فأن الطعام متوفر للجميع وبدون أي جهد حتى. وهكذا تستمر سلسلة صورة الحياة التي نعيشها بما يعاكسها في الآخرة لدرجة إننا لو رغبت بمعرفة الصورة المثالية للجنة الموعودة في أي دين, فعلينا فقط عكس شروط الحياة في البيئة التي ولد فيها هذا الدين وسنشاهد تطابق الجنة الموعودة مع هذه الشروط.

فماهو الموت أذن وأين يذهب الإنسان بعد الموت؟ كي نفهم الموت يجب أن نفهم ماهية الحياة؟ الحياة هي الصفة التي نطلقها على الكائنات القادرة على ممارسة النشاطات الحيوية الثلاثة وهي القدرة على التكاثر والتمثيل الغذائي والتفاعل مع المحيط الخارجي. الفيروسات على سبيل المثال لاتعتبر كائنات حية لأنها عاجزة عن التكاثر والتمثيل الغذائي خارج الكائن الذي تتطفل عليه. أي كائن يفتقد القدرة على ممارسة هذه النشاطات الثلاثة يفقد القدرة على الحياة, وهذا ما نطلق عليه نحن البشر أسم الموت. أين تذهب الكائنات التي يموت؟ أين تذهب المليارات من البكتريا التي تموت في أجسادنا عندما نتناول جرعة المضادات الحيوية؟ أين ذهبت الجزرة التي شربتَ عصيرها السنة الماضية والتفاحة التي قضمها نابليون بونابرت قبل 200 عام؟ أين ذهبت كل الاشياء التي كانت حية يوماً ما واليوم غير موجودة؟ في الحقيقة لايذهب الكائن الميت لأي مكان لانهُ بموتهِ فقد القدرة على التفاعل مع المحيط الخارجي فلا يستطيع أن يتنقل فيه أو يتجاوزهُ, بل يبقى كجزء لايتجزء منه كي يتحلل فيه تدريجياً الى مكوناتهِ الاولية التي يتألف منها.

لكن ماذا لو كان هناك شيء بعد الموت؟ ماذا لو أكتشفنا وجود الله؟ بعبارة أخرى يقول من يؤمن بوجود الله أو حياة أخرى بعد الموت فقط لأنهُ خائف من الموت بأنهُ مهما كانت أحتمالية وجود الله صغيرة فمن الاسلم تصديقها خير من الموت وأكتشاف وجوده بعد فوات الأوان. المشكلة هنا أن أحتمال وجود الله أو الجنة أو الجحيم لايختلف عن أحتمال وجود إله للجزر أو التفاح أو البكتريا التي نقتلها بالملايين كل يوم. كل مايمنع أن يكون الله عبارة عن بكتريا أو تفاحة عملاقة ستنتقم من البشر لأنهم يقتلون خلائقها المفضلة هي أننا نعتقد بأن الله يشبهنا, وأفكاره تشبه أفكارنا وبأنهُ من دون كل الكائنات الاخرى يمتلك مشاعر خاصة تجاهنا لدرجة أنهُ لايهتم لموت مليارات البكتريا والتفاح والجزر كل يوم لكنهُ يهتم بموتنا فقط. من هنا يتضح أن الله ليس سوى فكرة من أفكارنا التي أوجدناها خوفاً من الموت مايلبث أن يختفي مع أختفاء أفكارنا جميعاً لحظة الموت. أن أعتقادنا بوجود الله قبل أن نموت لايعني بأن الله موجود هناك بعد ان نموت. كذلك فأن أعتقادنا بوجود حياة أبدية حيث تتحقق الامنيات والعدالة الكونية, لايعني أن هناك حياة أبدية أو عدالة كونية حقيقية. الإنسان الناضج عقلياً يقبل ولو على مضض شروط الحياة هذهِ التي وجدنا أنفسنا فيها وإن كانت غير عادلة بعض الاحيان, لأنها الحياة الحقيقية الوحيدة التي نملكها ولم ولن نملك أي حياة غيرها. ولأنها الحياة الوحيدة التي نملكها فعلينا أن نسعى للعيش بسلام والابتعاد عن الشقاء والالم قدر الامكان.

أذن لماذا نخاف من الموت إذا كان شيئاً طبيعياً جداً؟ لماذا نستسلم للخوف الذي يجعلنا نتصرف بصورة غريزية ونصدق أشياء غريبة في محاولة يائسة للتخلص من الموت الذي يثير في الرعب؟ الجواب ببساطة هو أن الاعتقاد بالحياة الابدية هو شكل من الافكار الرغبوية, نصدقهُ فقط لأننا نرغب في أن يكون حقيقة. نرغب أن في نعيش مع أحبابنا وأطفالنا وأهلنا دون الم أو مرض أو خوف. نرغب في أن تتحقق العدالة المطلقة والمظلوم يسترد حقوقه, لكن هل رغبتنا كافية كي يكون مانتمناه حقيقياً؟ الحقيقة هي أننا لم ولن نتخلص من الموت... حتى لو أعتقدنا بألحياة الأبدية. جميعنا على الاطلاق سنموت حتى لو أعتقدنا بأننا سنتحول الى ذرات من الفحم تحوم في العدم الى الابد. سنموت وستموت أفكارنا و أحلامنا ومعتقداتنا معنا وسنعود الى حيث كنا قبل أن نكون. سنعود لنفس المكان الذي كنا فيه عندما كانت الديناصورات تتجول على الارض.. هل تذكر أين كنت حينها؟ تماماً... بكل بساطة لم نكن موجودين.. ولن نكون موجودين بعد أن نموت. فالموت رغم كل شيء ليس سوى جزء طبيعي جداً كما هو الميلاد والمسافة الكامنة بين الاثنين هي الحياة الوحيدة التي تملكها. أنت فقط من يقرر ما أذا كنت ستقضيها خائفاً من نهايتها الطبيعية أو أن تعيشها كفرصة أستثنائية لاتتكرر في كل هذا الكون الميت من حولنا. فعش بسلام وتمتع بحياتك بدل من أن تقضيها خائفاً من شئ طبيعي جداً كالموت, طبيعي كموت التفاحة التي أقضمها الآن.

بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهي المثلية الجنسية ولماذا نخاف منها؟
- خطر الإيمان بالسحر و الجن والله
- حول ندوة تهافت الفكر الالحادي
- ماهو مصدر الاخلاق؟
- كيف نعرف بأن الله غير موجود؟
- أعظم أسرار الدول العظمى وكيف تبنى هذه الدول
- ماهو سر أرتفاع نسبة الانتحار بين الملحدين؟
- جميعنا ملحدين... جميعنا مؤمنين
- ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟
- هل ترى عقلك أيها الملحد؟
- محاكمة الله بتهمة الاساءة للأديان
- هكذا مات الله
- الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان
- ليسقط الله و ليحيا الإنسان
- ماهي الغاية من وجود الله؟
- سقوط الدكتاتوريات وسطوع نجم الله
- الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد
- نهاية بشار الاسد وتحرير سوريا
- المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق
- قبلتُ تحدي الله فهل يقبل هو التحدي؟


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...
- عضو بمجلس الفتوى ببريطانيا يدعو مسلمي الغرب للتمسك بدينهم وب ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - ماذا لو أكتشفنا وجود الله بعد الموت؟