أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابن الزهراء محمد محمد فكاك - مليون تحية وتحية لشهيدات وشهداء الثورة الجزائرية العظمي،















المزيد.....



مليون تحية وتحية لشهيدات وشهداء الثورة الجزائرية العظمي،


ابن الزهراء محمد محمد فكاك

الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 16:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الجمهورية المغربية الخطابية الوطنية الديمقراطية التقدمية التحررية الشعبية المدنية العلمانية الاشتراكية الثورية الوحدوية المستقلة- في 2963/2013/11/01
هذه شرارت ثورة الملايين من الشهيدات والشهداء في الجزائر الرفيقة الصديقة الشقيقة، تملأ الرحاب والساحات والميادين،فقم بنا يا صاح... نهد ونقدم قمرا أحمر لكل طفل شهيدة،وطفلة شهيد،من العوسج والريحان والزهر والأقاحي.
ابن الزهراء الزهراء حمال ألوية وشعلة وجمرة وزهرة الشهيدات والشهداء،وسقاء شجرة السنديانة الماركسية اللينينية البلشفية الشيوعية الحمراء:
محمد محمد ابن عبد المعطي ابن الحسن ابن الصالح ابن الطاهر فكاك. نداء إلى الشعب الجزائري
هذا هو نص أول نداء وجهته الكتابة العامة لجبهة التحرير الوطني
إلى الشعب الجزائري في أول نوفمبر 1954

" أيها الشعب الجزائري،
أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية،
أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا ـ نعني الشعب بصفة عامة، و المناضلون بصفة خاصة ـ نُعلمُكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكُم الأسْباَبَ العَميقة التي دفعتنا إلى العمل ، بأن نوضح لكم مشروعنا و الهدف من عملنا، و مقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون و بعض محترفي السياسة الانتهازية.
فنحن نعتبر قبل كل شيء أن الحركة الوطنية ـ بعد مراحل من الكفاح ـ قد أدركت مرحلة التحقيق النهائية. فإذا كان هدف أي حركة ثورية ـ في الواقع ـ هو خلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية، فإننا نعتبر الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الاستقلال و العمل ، أما في الأوضاع الخارجية فإن الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي و خاصة من طرف إخواننا العرب و المسلمين.
إن أحداث المغرب و تونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحرري في شمال إفريقيا. ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة.
إن كل واحد منها اندفع اليوم في هذا السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث، و هكذا فإن حركتنا الوطنية قد وجدت نفسها محطمة ، نتيجة لسنوات طويلة من الجمود و الروتين، توجيهها سيئ ، محرومة من سند الرأي العام الضروري، قد تجاوزتها الأحداث، الأمر الذي جعل الاستعمار يطير فرحا ظنا منه أنه قد أحرز أضخم انتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية.
إن المرحلة خطيرة.
أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة و مصممة، أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص و التأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة و التونسيين.
وبهذا الصدد، فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة و المغلوطة لقضية الأشخاص و السمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى، الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية.
و نظن أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم : جبهة التحرير الوطني.
و هكذا نستخلص من جميع التنازلات المحتملة، ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب و الحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر.
ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي.
الهدف: الاستقلال الوطني بواسطة:
1 ـ إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
2 ـ احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.
الأهداف الداخلية: 1 ـ التطهير السياسي بإعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي و القضاء على جميع مخلفات الفساد و روح الإصلاح التي كانت عاملا هاما في تخلفنا الحالي.
2 ـ تجميع و تنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري.
الأهداف الخارجية: 1 ـ تدويل القضية الجزائرية
2 ـ تحقيق وحدة شمال إفريقيا في داخل إطارها الطبيعي العربي و الإسلامي.
3 ـ في إطار ميثاق الأمم المتحدة نؤكد عطفنا الفعال تجاه جميع الأمم التي تساند قضيتنا التحريرية.
وسائل الكفاح:
انسجاما مع المبادئ الثورية، واعتبارا للأوضاع الداخلية و الخارجية، فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا .
إن جبهة التحرير الوطني ، لكي تحقق هدفها يجب عليها أن تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد وهما: العمل الداخلي سواء في الميدان السياسي أو في ميدان العمل المحض، و العمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعة في العالم كله، و ذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين .
إن هذه مهمة شاقة ثقيلة العبء، و تتطلب كل القوى وتعبئة كل الموارد الوطنية، وحقيقة إن الكفاح سيكون طويلا ولكن النصر محقق.

وفي الأخير ، وتحاشيا للتأويلات الخاطئة و للتدليل على رغبتنا الحقيقة في السلم ، و تحديدا للخسائر البشرية و إراقة الدماء، فقد أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت هذه السلطات تحدوها النية الطيبة، و تعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
1 - الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية و رسمية، ملغية بذلك كل الأقاويل و القرارات و القوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية رغم التاريخ و الجغرافيا و اللغة و الدين و العادات للشعب الجزائري.
2 - فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري على أسس الاعتراف بالسيادة الجزائرية وحدة لا تتجزأ.
3 - خلق جو من الثقة وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ورفع الإجراءات الخاصة و إيقاف كل مطاردة ضد القوات المكافحة.
وفي المقابل:
1 - فإن المصالح الفرنسية، ثقافية كانت أو اقتصادية و المحصل عليها بنزاهة، ستحترم و كذلك الأمر بالنسبة للأشخاص و العائلات.
2 - جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم الاختيار بين جنسيتهم الأصلية و يعتبرون بذلك كأجانب تجاه القوانين السارية أو يختارون الجنسية الجزائرية وفي هذه الحالة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات.
3 - تحدد الروابط بين فرنسا و الجزائر و تكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة و الاحترام المتبادل.
أيها الجزائري، إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا و العمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، و انتصارها هو انتصارك.
أما نحن، العازمون على مواصلة الكفاح، الواثقون من مشاعرك المناهضة للإمبريالية، فإننا نقدم للوطن أنفس ما نملك."
فاتح نوفمبر 1954
الأمانة الوطنية.


الرجـوع

د/ حسينــة حماميـد -جامعة الحاج لخضر باتنة-

مـقـدمة
لا شك في أن هذه الملتقيات تهيئ المناخ المناسب للكتابة التاريخية، بهدف فهم التاريخ الوطني، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهي تصنع المناخ الذي يساعد على فهم البعد الاستراتيجي الذي كان الاستعمار الفرنسي قد خطط له، على المدى القصير وعلى المدى البعيد بأجهزته وتنظيماته للدور الذي كانت تمثله المرأة الجزائرية إبان أحداث الثورة الجزائرية، لكونها كانت قاعدة أساسية وخلفية للثورة والثوار.
والثابت تاريخيا أن المرأة الجزائرية عانت معاناة شديدة من جراء سياسات البطش والقهر، والضرب المبرح، والتعذيب الجسدي والنفسي الذي أدى في أكثر الأحيان إلى التشويه والقتل، إما جسديا أو معنويا. وقد سجل التاريخ ما فعلته الآلة الاستعمارية في أجساد الجميلات الجزائريات، وفي عقولهن، وفي عفتهن إلى درجة أصبحت فيها معظم ممن نجو من هول ذلك الجحيم غير قادرات على تصور جسامة ما
شاهدنه، وما عايشنه، وعاجزات عن نقل ذلك إلى حقل التاريخ حتى يسمح للباحثين دراسة وتحليل وتفسير حلقات المادة التاريخية لكتابة تاريخ وطني نزيه.
هناك إشكال يثيره هذا الملتقى : لماذا هذا الفصل في الجهاد بين المرأة والرجل؟ ألا يدخلنا هذا في لعبة المفاضلة أو التمييز! لأن الثورة الجزائرية ببساطة نجحت في صنع امرأة واعية ناضجة وقادرة على تحمل مسؤولياتها.
إذن نحن أمام إشكالية محورية تتمثل في أن النساء الجزائريات المجاهدات ومنهن جميلة بوحيرد، يمثلن مصدرا أساسيا لحفظ الذاكرة الثورية، وشهادتهن سواءا شفاهيا أوعن طريق كتابة المذكرات سوف تساهم في القضاء على فكرة المفاضلة أو التمييز بينها وبين الرجل.لأن الكتابة كفعل ذاتي وفردي، سيعطي المجاهد أو المجاهدة الانطباع بأنها أو بأنه ساهم في بلورة الفعل الثوري، على خلاف ما روج بأن البطل الوحيد كان هو الشعب. هذا الطرح الذي بدأ منذ عام 1962، ونعثر على جذوره في مرحلة الحركة الوطنية الراديكالية التي لم تسمح ببروز المناضل المستقل. لكن إذا كان هذا المجاهد أو المجاهدة يرفض أو ترفض الادلاء بالشهادة ، ولا يريد أو تريد أن تكتب مذكراتها فكيف السبيل ألى معرفة الحقيقة.
يقودنا ما سبق ذكره إلى محاولة البحث عن ماهية المجاهدة جميلة بوحيرد،ماهية تلك الأسطورة التي يلقبونها بالشهيدة الحية، لأن الأساطير مغلفة دوما بهالة من الغموض. فمن تكون جميلة بوحيرد؟ وما علاقتها بالثورة الجزائرية؟ وكيف كانت نظرة الثورة إليها؟ وكيف كان نضالها؟ وماذا عن قضية تعذيبها؟ وما سر في صمتها؟ وأخيرا ماذا تمثل جميلة لأجيال ما بعد الاستقلال؟ هذه الأسئلة وغيرها نطرحها مغامرين في رحلة البحث عن كنه وحقيقة هذه المرأة اللغز.
سأحاول الإجابة عن هذه الاشكالية وفق الخطة التالية:
1-الثورة الجزائرية غيرت المفاهيم
2- جميلة بوحيرد مثال للمراة الجديدة التي صنعتها الثورة الجزائرية
3- قصة نضالها كمجاهدة فدائية
4- قضية اعتقالها
5- قضية تعذيبها
6-جميلة بوحيرد بعد استقلال الجزائر وقضية صمتها
خاتمة
توصيات
لنستهل دراستنا أولا في محاولة فهم لماذا الفصل بين جهاد المرأة والرجل؟

1- الثورة الجزائرية غيرت المفاهيم
سطرت فرنسا منذ احتلالها للجزائر استراتيجية لتدمير بنيان المجتمع الجزائري من أساسه، تمثلت في الترويج لحقائق مزيفة مفادها أن المرأة الجزائرية ليست كائنا مستقلا بذاته، وأنها عبارة عن عبدة يمتلكها الرجل، اشتراها بموجب مقدار من المال (صداق) من أهلها، يضربها متى يشاء ، ويكلفها بأعمال تفوق طاقتها. كما أنها كانت تمثل للرجل متاعا ليس إلا.
تطورت الأمور على هذا النحو ، وترسخت في ذهن الساسة الفرنسيين فكرة ضرب المجتمع الجزائري المحافظ، ويكون ذلك عن طريق الحرب النفسية والمعنوية، وأشار فرانس فانون إلى تلك السياسة في مؤلفه " الجزائر ترفع نقابها " : " لنعمل على أن تكون النساء معنا وسائر الشعب سوف يتبع، إذا أردنا أن نضرب المجتمع الجزائري في سياقه المتلاحم، وفي مقدرته على المقاومة والصمود، فينبغي أولا أن نستولي على المرأة من وراء حجابها حيث تختفي، وفي المنازل حيث يخفيها الرجل."[i]
لذلك تبدو المرأة الجزائرية غير المتعلمة والمحجبة المعطلة كالجزائر بأكملها حسب الطرح الاستعماري،غير مهيأة للقيام بأعباء مهمات ثورية لأن تلك المرأة تخجل من جسدها، ومن كونها حتى امرأة أمام ذويها. فالقيود الاجتماعية المحافظة، والقيود الاستعمارية جعلت دورها محصورا فقط في الزواج والأمومة[ii].وكأن هذا الطرح يقول بأن اللغة الذكورية تفترض القوة والحروب، بينما تفرض لغة الأنوثة تصالحا مع الأمومة والفطرة.
غير أن تلك القيود – كما يقول فانون- تحطمت مع الفعل الثوري لأن الثورة خلافا للاصلاح هي مد زاحف يهدف إلى تغيير مجرى التاريخ، وبالتالي فهي تهز أركان المجتمع لتهدمها لتضع أسس مجتمع جديد. فكانت استراتيجية الثورة منذ البداية تهدف إلى تجنيد جميع القوى الشعبية، وتوجيهها لتحقيق أهداف الثورة. ففي بعض فقرات بيان أول نوفمبر جاء ما يلي :" يا أيها الجزائري ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك أن تنضم إليها لإنقاذ بلادنا والعمل على أن تسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، وانتصارها هو انتصارك... [iii]
وواصلت القيادة الثورية اهتمامها بدور المرأة حيث ركز المؤتمرون في مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 على دور المرأة الجزائرية في تدعيم الكفاح التحرري كما يلي :" توجد في الحركة النسائية امكانيات واسعة تزداد وتكثر بإطراد، وإننا لنحيي بإعجاب وتقدير ذلك المثل البطولي الذي ما انفكت تضربه في الشجاعة الثورية الفتيات والنساء والزوجات والأمهات، وأخواتنا المجاهدات اللائي يشاركن بنشاط كبير، أو بالسلاح أحيانا في الكفاح المقدس، من أجل تحرير الوطن..." [iv]
وفي تلك الفترة كذلك، قرر مناضلو جيش التحرير الوطني فرض تسمية "إخوة وإخوات" بغرض المساواة بين المجاهدين والمجاهات. [v]
يتبن لنا مما سبق ذكره أن القيادة الثورية وجهت نداءها ودعوتها إلى كل شرائح الشعب الجزائري، ولم تستثن المرأة، لمد يد العون لجبهة التحرير الوطني من أجل تحرير الوطن. بكلمة أخرى نقول بأن القيادة الثورية تتماهى مع حرية المرأة ودخولها في التاريخ –كما يقول فرانز فانون- "إن هذه المرأة التي تنقل عبر طرقات الجزائر أو قسنطينة القنابل اليدوية، أو خزانات البنادق أو البنادق الرشاشة ، هي المرأة التي سوف تنتهك غدا وتعذب، لم تعد تستطيع التفكير مرة أخرى في التفاصيل الخاصة جدا بتصرفاتها المسلكية القديمة، إن هذه المرأة التي تكتب الصفحات البطولية في التاريخ الجزائري، تعمل على نسف العالم الضيق، اللامسؤول، الذي كانت تعيش فيه فتمضي جنبا إلى جنب متعاونة مع الرجل في تحطيم النظام الاستعماري وفي ميلاد امرأة جديدة." [vi]
ما قلناه سابقا يجرنا إلى نتيجة مفادها أن الثورة الجزائرية صنعت امرأة جديدة بدأت تمظهراتها تتجلى في الفلك المتحرك للتاريخ، وهي تفعل ذلك فإنها تدعو أباها وأخاها وزوجها إلى نوع من التحول ومن تجاوز الذات، الذي بدا واضحا في شخصية الرجل والأخ والابن وفي تقديره للخطوة الهائلة التي خطاها المجتمع من أجل تحرير الوطن، لذلك فإن طبيعة الكفاح الشاملة سوف تفرض تصرفات سلوكية لم تكن منتظرة . ولعل ذلك ما تعنيه الكاتبة الفرنسية "سيمون دوبوفوار" عندما ذكرت في كتابها "الجنس الثاني" ،بأن المرأة لا تولد امرأة بل تصبح كذلك نتاجا للمجتمع.
2- جميلة بوحيرد مثال للمراة الجديدة التي صنعتها الثورة الجزائرية
تنتمي جميلة بوحيرد إلى مجتمع المدن الذي تختلف فيه حياة المرأة عن مجتمع الريف.[vii] هذا الأخير الذي لا يتعدى فيه دور المرأة الانجاب والطبخ، وبعض الأعمال البدائية كغزل الصوف ونسج البرانس والزرابي، ومساعدة الرجل في أعماله الزراعية بالحقول. كما كانت المرأة الريفية تعاني من الأمية، فلا يحق لها دخول الكتاب ولا الزوايا التعليمية. [viii]
على خلاف ذلك، اقتحمت بعض نساء المدن بحياء وتستر مدارس البنات بعد الحرب العالمية الأولى، ولكنهن كن قلة قليلة أخذت تزداد في الأربعينات. في تلك الفترة الانتقالية ولدت جميلة بوحيرد في حي القصبة في الجزائر العاصمة سنة 1935. وهي ذات أصل بربري بيجاوي، ويرجح أن أهلها انتقلوا إلى العاصمة الجزائرية في وقت مبكر من القرن العشرين.[ix] كانت جميلة البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها، فقد أنجبت والدتها سبعة شبان. ولأن جميلة من سكان المدن-كما سبق الذكر- فقد دخلت المدرسة الفرنسية وواصلت تعليمها المدرسي.ذلك أن أهلها بحكم معايشتهم للأوروبيين، وبحكم قربهم من مراكز النشاط الثقافي والسياسي التي كانت تقوم به حركة الاصلاح، وكذلك الحركة الوطنية، تأثروا كغيرهم من هؤلاء السكان، وتغيرت نوعا ما نظرتهم للأمور. مع أن هذه التغييرات لم تشمل أسس نظام الأسرة وتركيبها، وسير السلطة فيها. إنما حدث تفتح نسبي فيما يتعلق بالتعليم وتعليم البنات على الخصوص. ومن ثم التحقت جميلة بمعهد الخياطة والتفصيل، وقيل أنها كانت تهوى تصميم الأزياء. وخلافا لما روجت له بعض الكتابات بأن جميلة دخلت إلى الجامعة فذلك غير صحيح، حيث يقول ياسف سعدي بأن جميلة تنتمي إلى نفس القالب الذي ينتمي إليه أطفال الأحياء الفقيرة، ولذلك فقد كتب عليها منذ ولادتها بأنها لن تدخل الجامعة.مع ذلك فهي تتقن الحديث باللغة الفرنسية.[x]
وبخصوص ميولاتها النضالية فقد تولدت عند جميلة منذ طفولتها؛ فعندما كانت تلميذة في المدرسة الفرنسية تعرضت للعقاب الشديد بسبب أنه عندما كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أمنا كانت جميلة تصرخ وتقول الجزائر أمنا، فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح وعاقبها بشدة، لكنها لم تتراجع عن ذلك.أضف إلى ذلك فقد كانت جميلة تنتمي إلى عائلة وطنية وضالعة في السياسة، حيث تقول جميلة: "أمي من عائلة وطنية ومسيسة، إخوتها وأبناء عموميتها كانوا منتمين إلى مختلف الأحزاب الوطنية، ولذلك كانت تحدثنا باستمرار عن استقلال الجزائر ...وأتذكر ذات مرة، وكان عمري اثنى عشر عاما، أنني عدت من المدرسة وقرأت في درس التاريخ:" أسلافنا هم الغالوا" (أي شعب الغال الذي ينتمي إليه الفرنسيون)، لم تتحمل أمي هذه العبارة فقالت غاضبة : هذا كلام الاستعمار، وأنت تقرئينه لأنه مفروض، لكن يجب أن تعلمي أن الجزائر هي وطنك والاسلام هو دينك... [xi] بالاضافة إلى ذلك كانت مرحلة طفولة جميلة تمثل أنشط مرحلة من مراحل الحركة الوطنية، حيث تقول جميلة:" كنت أتابع عن قرب الاجتماعات الوطنية، وهكذا كبرت مع الأفكار الوطنية، أخوالي كانوا ضالعين في الحركة الوطنية، وأحدهم سجن، وعذب وكان عمره ستة عشرة سنة فقط..." [xii]
هذا وقد كانت نهاية الحرب العالمية الثانية فرصة لكي تستفيد منها المرأة الجزائرية من اجراءات تسمح بدخولها للمعترك السياسي، حيث استطاعت أن تفتك من دستور 1947 حق التصويت الذي فتح لها مجال النشاط السياسي.وتجلى ذلك بتأسيس منظمة النساء المسلمات الجزائريات سنة 1947 بمبادرة من بعض الطالبات وبعض المثقفات.[xiii] وتعتبر هذه المنظمة من الخلايا التابعة لحزب الشعب الجزائري.تمثلت استراتيجية هذه المنظمة في تحقيق أهداف وطموحات من أهمها : الاهتمام بقضايا المرأة من تعليم وتثقيف وتكوين سياسي، زيادة على تقديم المساعدات لعائلات المناضلين الجزائريين الذين اعتقلتهم السلطات الاستعمارية.
بطبيعة الحال لم تكن جميلة بعيدة عن هذا الوسط الذي بدأ يتبلور فيه مفهوم الوعي السياسي والوطني لدى المرأة الجزائرية. بالاضافة إلى ذلك، فإن منطقة القصبة كانت من بين القواعد الأساسية التي تأسست فيها فروع لجمعية النساء المسلمات الجزائريات، والتي كان الغرض منها تعبئة النساء الجزائريات من أجل فكرة الاستقلال. ولما اندلعت الثورة الجزائرية 1954 حلت الجمعية النسائية، في نفس الوقت الذي حلت فيه حركة انتصار الحريات الديمقراطية من طرف الادارة الاستعمارية.ومنذ ذلك التاريخ لم ينقطع تردد الشرطة على المقر الكائن بقلب القصبة، وبالتحديد في 1 شارع مارنغو، للقيام بحملات تفتيشية، الشيئ الذي لم يمنع مناضلات الجزائر من مواصلة النضال من أجل تحرير الوطن.[xiv]
هكذا يتبين لنا مما سبق ذكره بأن جميلة بوحيرد ولدت ونشأت في وسط يعد الخلية الأساسية للنشاط الوطني في الجزائر العاصمة، وبدون شك في أن جميلة تعلمت وتكونت فكريا وعمليا. ومن خلال ذلك الوسط أيضا أثبتت وعيها ونضجها الفكري ، واستعدادها النفسي للنضال.
وعن صفات جميلة فإننا سنركزبالضرورة على صفات الفدائية لأن أي امرأة لا يمكن اختيارها إلا إذا كانت تتوفر على صفات معينة. كانت جميلة من المتطوعات الأوائل اللواتي استجبن لنداء ياسف سعدي قائد المنطقة المستقلة للتجنيد في خانة فدائية حيث يقول سعدي: "لقد تم اختيار المتطوعات بمقاييس دقيقة وخاصة أهمها المظهر الجسدي واللباس الأوروبي،[xv] وتكفي ابتسامة أو مزحة لكي تخترق تلك الفتيات دورية الحراسة بكل بساطة حيث تسمح لهن بالمرور دون تفتيش أو طلب لاستظهار الأوراق المدنية." [xvi] أما أهم الصفات التي تشترطها القيادة الثورية فهي الشجاعة والجرأة، والنفس الطويل وقوة الاحتمال. [xvii] ويمكن تشخيص أهم صفات الفدائية التي تجسدت في جميلة من خلال اعترافات الجنرال جاك ماسو في كتابه: La vraie Battaille d’Alger: "لقد حملت المرأة الجزائرية القنابل ووضعتها في الأماكن المناسبة وأصبحت جماعة تشكل شبكة حقيقية بفضل أجهزتها وجمالها الفاتن والبراءة المصطنعة في سلوكها استطاعت بكل سهولة أن تخترق الأوساط التي تريدها دون إثارة انتباه العدو ولا سيما في المرحلة الأولى من الثورة التي كثر فيها الاحتراز والشك ، وبصفتها مسوؤلة عن الاتصال تمكنت من تنفيذ مهام ذات ثقة..." [xviii]
كما أن انتماء جميلة لمنطقة القصبة يعد سببا آخر في اختيارها، لأن طبيعة المدن وتعقيداتها تقتضي إسناد مهمة الفداء داخل المدن إلى مناضلين من سكان المدن نفسها، لأنهم أدرى بشوارعها وممراتها التي تساعدهم أكثر في التحكم في العمليات المسلحة المراد تنفيذها. [xix]
3- قصة نضالها كمجاهدة فدائية
بدأت جميلة بوحيرد العمل مع الثوار وعمرها عشرون سنة، وكانت آنذاك طالبة في معهد الخياطة والتفصيل. تقول جميلة في هذا الشأن بأن الأمر كان صعبا في البداية، وكان بواسطة صديقة تناضل في صفوف أحد الأحزاب. [xx] يضيف سعدي بأن اتصالها الأول بجبهة التحرير الوطني يرجع إلى اليوم الذي أسندت فيه لمختار بوشافة مهمة تجنيد امرأة للعمل كضابط اتصال. لكن بعد اعتقال بوشافة في بداية شهر أوت 1956 بقيت جميلة تنتظر إلى أن توسع ونشط مخبر القنابل، ثم تطورت العلاقة حتى وصلت إلى مرحلة رمي القنابل أي بصفة فدائية في شبكة قنابل منظمة حديدوش. [xxi] لتصبح بعد ذلك أمينة سر لياسف سعدي رئيس منطقة الحكم الذاتي في الجزائرالمسؤول عن العمليات الفدائية[xxii]. هذا وقد كانت القصبة هي المقر الرئيسي لياسف سعدي الذي أصبح يسيطر بصفة مطلقة منذ جوان 1956 على 70.000 شخص الذين يمثلون سكان القصبة حسب شهادة العقيد قودار.ربما لهذا السبب يسميه "إيف كوريار" بقائد القصبة، [xxiii] لأنه أصبح المسؤول الأول عن خلايا جبهة التحرير الوطني بالجزائر العاصمة والتي كانت تقدر بـ 1400 فدائي، ويشمل هذا العدد مجموعة من الفيدائيات أشهرهم كانت جميلة بوحيرد حسيبة بن بوعلي، زهرة ظريف وسامية الأخضاري، جميلة بوعزة . [xxiv] هذه الأخيرة تم اختيارها من قبل جميلة بوحيرد بسبب مواصفاتها التي تشبه الأوروبيات.
وعن أهم العمليات الفدائية التي اشتهربها اسم جميلة بوحيرد في الكتابات العربية والأجنبية بخاصة، كانت تلك التي وقعت بتاريخ 30 سبتمبر 1956 من تنفيذ جميلة بوحيرد، زهرة ظريف وسامية الأخضري.روى ياسف سعدي في مذكراته كيف استطاع أن يقنع جميلة وزميلتيها بضرورة الرد على الاستفزازات الفرنسية الدموية،وذكرهم بحادثة تفجير قنبلة في قلب القصبة بنهج "دوثيب"[xxv]Rue de thébes في ليلة 11 أت 1956 ، الذي أسفر عن هدم مجموعة من المساكن. كانت الحصيلة البشرية في بيان نشرته جبهة التحرير الوطني حوالي خمسين قتيلا، وحوالي مئة جريح.وكان هذا العمل الاجرامي ضد المدنيين من تنفيذ المصالح الفرنسية الخاصة بالتنسيق مع بعض المتطرفين الأوروبيين.[xxvi] كما أقنعهم -ياسف- بأن جبهة التحرير الوطني وجدت نفسها مجبرة على تطبيق فكرة "حرب عصابات حضرية" في العاصمة نفسها بهدف الشروع، إلى جانب العمل العسكري الفردي، في عمل جماعي يعطي الأولوية لما سمي بـ"استراتيجية القنابل".[xxvii] وكانت مجموعات "سعدي" المسلحة موزعة على كل أحياء المدينة، وكذا شبكة القنابل التي تم فصلها عن بقية التنظيم بهدف ضمان انعزال صارم بين أقسام الهيكلة. كان الغرض من هذه الاستراتيجية هو الانتقام من سياسة الاعدامات والقتل الذي انتهجتها السلطات الفرنسية ضد الجزائريين الذين لم يجد قادتهم حل آخر سوى المعاملة بالمثل. كما تم إخطار جميلة وأخريات من طرف ياسف أيضا بأن القيادة الثورية أعطت تعليماتها لاغتيال المدنيين الأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و 54 سنة ويستثنى من ذلك الأطفال والنساء والشيوخ. [xxviii]
وطبقا لتعليمات ياسف سعدي، تم تنفيذ عملية 30 سبتمبر 1956 في قلب الأحياء الأوروبية؛ فانفجرت القنابل[xxix] : الأولى في "ميلك بار Milk-Bar" بشارع ايزلي (بن مهيدي حاليا) من قبل زهرة ظريف.والثانية في "كافيتيريا La Cafétéria " بشارع ميشلي (ديدوش مراد حاليا) وكانت من تنفيذ سامية الأخضاري. لكن القنبلة الثالثة التي من المفروض أن يتم تفجيرها في قاعة استقبال شركة الخطوط الجوية الفرنسية في عمارة "موريتانيا Maurétania" من قبل جميلة بوحيرد لم تنفجر لسبب تقني يقول ياسف سعدي. أسفرت تلك التفجيرات عن ثلاثة قتلى وحوالي خمسين جريحا ، من بينهم حوالي عشرة بترت بعض أعضائهم. [xxx]
غيرت العمليات السالفة الذكر مجرى الأمور حيث بينت بأن نشاط جبهة التحرير الوطني، وبمدينة الجزائر قد اجتاز الحدود المألوفة إلى الإقدام على أكثر الأعمال جرأة. وتطورت الأمور حيث تم تصعيد المواجهة الدموية بين السلطات العسكرية الفرنسية وقوات جبهة التحرير الوطني.هذه الأخيرة التي قررت شن اضراب لمدة ثمانية أيام بهدف لفت أنظار الرأي العام الدولي إلى القضية الجزائرية التي كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة تستعد لمناقشتها في دورتها الثانية عشرة .بالاضافة إلى ذلك فقد صعدت القوات الفرنسية من عمليات القمع والإرهاب بخاصة عندما تم تكليف الجنرال ماسو بمهمة الأمن وشؤون الشرطة في العاصمة من قبل المقيم العام "روبير لاكوست" ،بحيث أعطيت له تعليمات بتجنيد عدد كبير من المظليين من أجل تفكيك خلايا وشبكات ياسف سعدي في العاصمة. [xxxi] كما تم تعيين العقيد قودار مسؤولا عن منطقة القصبة التي ينشط فيها فدائيو وفدائيات ياسف سعدي.واشتد الخناق على القصبة وتحكي زهرة ظريف كيف كانوا في بيت مصطفى عم جميلة يصنعون القنابل حيث كانت جميلة وزهرة وفتيحة بوحيرد زوجة عم جميلة ومجموعة من الخاوة كما تقول.وفجأة تم تنبيهنا بأن المنطقة محاصرة من قبل مظليي الجنرال ماسو فقمنا بتخبئة الخاوة في سطح العمارة، وكانت التعليمات الموجهة إلينا أن نمنع بأي طريقة هؤلاء العسكر من الصعود إلى السطح. فحضرت فتيحة قهوة الصباح لأن الساعة كانت تشير إلى الساعة السابعة صباحا وشغلنا الراديو على الموسيقى الكلاسيكية ، كما قمنا بتزيين أنفسنا لكي لايشك هؤلاء الجنود.وعندما دخلوا علينا وجدوا أجواء لا تدعو إلى الريبة أبدا حيث دعوناهم لشرب القهوة، وكان يجب أن يلبو دعوتنا بقصد منعهم من الصعود إلى السطح. وقال أحدهم وقد كان نقيبا لجميلة : " أتوق لمعرفة ماذا يوجد وراء عينيك الجميلتين." أجابته جميلة قائلة: "وراء عيناي يوجد شعري". ومازحته. ولكي لا يشكو دعتهم زهرة للصعود إلى السطح لأن المنظر من هناك جميل جدا. لكنهم رفضوا وانصرفوا. [xxxii] وبتلك الطريقة المزاحية والمراوغة كانت جميلة وزهرة والأخريات يصرفن أنظار وشكوك العدو عن الفدائيين.
وفيما يخص إضراب الثمانية أيام فقد بذلت جميلة بوحيرد مجهودات من أجل إنجاح ذلك الإضراب، فحسب شهادة زهرة ظريف كانت هي وجميلة وحسيبة بن بوعلي ينظمون لقاءات واجتماعات مع النساء الجزائريات في أسطح العمارات بقصد توعيتهن وحثهن على مواصلة الكفاح،وتقول زهرة أن جميلة هي التي كانت تتكلم بحماس بيننا.وأنهن نجحن في مهمة تعبئة تلك النسوة لأنهن ساعددننا في الاختباء بعد مجيئ مصالح حفظ الأمن للبحث عنا بعد نصف ساعة فقط من انطلاق ذلك اللقاء. [xxxiii] واعترف ياسف سعدي بأهمية العنصر النسائي خلال ذلك الاضراب حيث قال "إن الأوضاع تتطور من السيئ إلى الأسوأ ونحن في أجواء الاضراب ودور المرأة أصبح مهم أكثر فاكثر فهن من يشرح للناس وهن من يآزر وهن من يأوي ..." [xxxiv] ولذلك تفطنت السلطات العسكرية الفرنسية للدعم الذي كانت تقدمه المرأة للمجاهدين ،وأصبحت تلك المرأة مستهدفة مثلها مثل الرجل، كما أصبحت جميلة بسبب تفجيرات 30 سبتمبر 1956 و إضراب الثمانية أيام المطاردة رقم واحد.
4- قضية اعتقالها
يقول "إيف كوريار" بأنه منذ 10 فيفري 1957 لم يعد لا للزي الأوروبي ولا لجمال شبكة فتيات ياسف سعدي أي تأثير وبخاصة وأن بعض المعتقلين من جراء الاضراب ، وتحت وطأة التعذيب إعترفوا بأسماء وبأوصاف جميلة وزهرة وسامية والأخريات ، الشيئ الذي دفع بياسف سعدي لمنعهم من مغادرة القصبة.وحتى ياسف أصبح مسجونا داخل المخابئ كأنه في معتقل ، وهو الذي كان قبل عام من ذلك التاريخ يسبح في القصبة كالسمك في الماء، لكنه لم يعد كذلك لأن ذلك الماء أصبح مسموما، وأصبح معه ياسف يعيش في سرية تامة ،و لم يعد يبرح القصبة إلا متنكرا في زي النساء.ولذلك قرر أن يبقي اتصاله فقط مع سبعة أشخاص[xxxv] أصبحوا يمثلون هيئة قيادته الجديدة. وفيما شكلت حسيبة بن بوعلي فريق مع علي لابوانت، احتفظ ياسف بجميلة وزهرة حيث أوكلت لهما مهمة السكريتارية.كانت جميلة مسؤولة عن مكتب ياسف سعدي الذي يتمثل في منشفة كبيرة من الجلد سوداء تحوي أوراق إدارية لجبهة وجيش التحرير الوطني، وبطاقات هوية مزورة، وأختام جبهة التحرير الوطني، بالاضافة إلى مبلغ مالي قدره 500.000 فرنك فرنسي. [xxxvi]
بالرغم من هذه الاستراتيجية الجديدة الذي وجد سعدي نفسه مجبرا على اتباعها،فقد اشتد الخناق أكثر وأكثر على منطقة القصبة وبخاصة عندما رسم الزواف مخطط بياني للقصبة يتم فيه مراقبة تحركات كل سكانه. [xxxvii] وبدأت مأساة جميلة بوحيرد بالاكتشاف المظليين مصنعا لصنع القنابل في بيت عمها مصطفى بوحيرد في القصبة. ثم تطورت الأمور عندما قرر ياسف سعدي تغيير مكان إقامته لتفادي جنود الزواف الذين أغلقوا كل المنافذ عليه ومجموعته.وأثناء ذلك التنقل تم القبض على جميلة بوحيرد في 9 أفريل 1957.وحدث ذلك عندما اصطدمت دورية الزواف أثناء ساعات منع التجوال بأربعة أشخاص متنكرين بزي النساء (الحيك) هم : ياسف وسي مراد ، وزهرة وحسيبة وبعيدا بعض الشيئ كانت جميلة بزيها الأوروبي تحمل بيدها مكتب ياسف سعدي. كانت جميلة تلعب دور السكرتيرة المتوجهة إلى مكتبها لكي لا تثير أي شبهات، لكنها أثارت انتباه قائد دورية الزواف عندما صفر على الأربعة الآخرين وذلك عندما تراجعت إلى الخلف. [xxxviii]
وبدأت لحظة الاشتباك ، وأصيبت جميلة برصاصة وتم توقيفها بمفردها لأن الآخرين كانوا قد لاذوا بالفرار حسب شهادة زهرة ظريف[xxxix]. يكشف "إيف كوريار" بأن "ياسف" شاهد بأم عينيه كيف تم القبض على جميلة بوحيرد ، وبحوزتها كل وثائق جبهة التحرير الوطني. فكر "سعدي" وحسب الأمر في ذهنه بسرعة بأن جميلة امرأة ، وبما أنها اعتقلت فذلك يعني بأنها ستتعرض للتعذيب، وسيكون من الصعب عليها كإمرأة أن تتحمل أنواع التعذيب دون إفشاء للأسرار.ولذلك قرر أن يتخلص منها ويتفادى جميع المشاكل، فنزع الحيك وأطلق النار، ليس على الزواف لكن على جميلة التي أصيبت من جراء ذلك وسقطت أرضا[xl].وكان "إيف كوريار" قد أشار في صفحات أخرى من كتابه (حرب الجزائر زمن الفهود) إلى أن ياسف كمسلم متعصب لم يكن يثق في النساء بتاتا عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجادة ، فما بالك بالقضايا الخطيرة كتفجير القنابل. [xli] ولم نجد من يكذب ما سبق ذكره سواءا من قبل زهرة ظريف أو من قبل جميلة بوحيرد، أو من قبل ياسف سعدي نفسه الذي لم يشر أصلا لهذه المسألة في كتابه (معركة الجزائر) .مع ذلك نجد الكاتب الصحفي "ألستير هورن" يذكر بأن محاولة اطلاق النار على جميلة ذكرها فقط إيف كوريار" ، وأن ياسف سعدي حاول عدة مرات تحرير جميلة من سجن مايو العسكري لكن بدون نتيجة. كما يذكر حادثة تم فيها تسريب رسالة إلى جميلة أخبرها فيها ياسف بأن تدعي جميلة بأنها تعرف مكان "سعدي" ثم أعطاها تعليمات بأن تقودهم إلى حي Impasse de la Grenade في القصبة ثم تلقي بنفسها أرضا كإشارة ليطلقوا النار على المظليين ويحرروها. لكن جميلة رفضت ذلك العرض، لأنها لم ترد أن تعرض حياة ياسف والمجاهدين رفقاءه إلى الخطر من أجل تحريرها. كما حاول ياسف تحريرها مرة أخرى من سجن "مايو" العسكري لكن المظليين أحبطو تلك المحاولة في دقائق.[xlii]
5- قضية تعذيبها
كانت جميلة جريحة عندما تم القبض عليه، مما قطع اتصالها بالمجاهدين إلى غاية سجنها.وظلت وحيدة بين يدي عناصر الفيلق العاشر للمظليين ،تحت قيادة الجنرال ماسو المعروف باستخدامه لأبشع طرق التعذيب[xliii]، خصوصا وأنه كان يدرك جيدا حجم علاقاتها بقادة الثورة مثل العربي بن مهيدي وياسف سعدي وعلي لابوانت. وخلال فترة سجنها تعرضت جميلة للعقاب البسيكولوجي، إلى جانب تدنيسها وذمها، من أجل دفعها إلى الكشف عن رفقائها.واضطرت بسبب التعذيب الحيواني إلى الاعتراف بأنها كانت تعمل أمينة سر لياسف سعدي، كما أقرت ببعض العناوين غير المهمة، وبعض المعلومات التي كانت موجودة سلفا في الوثائق التي كانت بحوزتها.لكنها لم تعترف بالأماكن التي يمكن أن تقود المظليين إلى ياسف سعدي ورفقاءه. [xliv]
يدعي الجنرال "أوساريس" في مذكراته[xlv] بأن جميلة دلت الجيش الفرنسي على مخبأ كبير للقنابل دون أن تتعرض لأدنى تعذيب.ويدعي كذلك بأن زوجة الجنرال "ماسو" السيدة سوزان لعبت دور كبير في دفع الأذى عن جميلة بوحيرد، حيث كانت السبب في نقلها – بالرغم من اقتناعها بمشاركتها في هجمات عديدة- من دائرة النظام العادي للحركة القمعية، وحالت دون ذهابها إلى فيلا الأبراج الصغيرة لحمايتها من التعذيب لأن ذلك المكان سوف لن يسلم منه أي ارهابي. أما السبب الذي دفع السيدة سوزان لفعل ذلك ،فيقول "اوساريس" بأن زوجة ماسو بعطفها على بعض واضعات القنابل ، تريد أن تكسب ود النساء الجزائريات. يضيف أوساريس بأنه تم تسليم جميلة بوحيرد إلى النقيب "جان غرازياني" ، مساعد " لومير" في المكتب الثاني.وتقول سوزان ماسو بأن "غرازياني" هذا مهذب ورقيق[xlvi]. ولكي يؤكد " أوساريس" بأن جميلة لم تتعرض للتعذيب قال :" كانت جميلة بوحيرد جد محظوظة لأنني لن أتردد لحظة واحدة في قتلها لو كانت بين يدي." [xlvii]
إن شهادة أوساريس تحتاج لبعض التحليل ؛ لقد اعترف "اوساريس" بأن النقيب غرازياني لم يكن رقيقا كما ذكرت زوجة الجنرال ماسو، غير أنه تظاهر بذلك وعامل سجينته بلباقة كبيرة، واشترى لها الملابس ثم قادها إلى مطعم الوحدة للغداء أمام أعين زملائه الحاقدة. [xlviii] وعلى خلاف ما ذكر أوساريس " كشف "كوريار" بأن جميلة عذبت لكن الزواف لم يستطيعوا انتزاع أي حقائق حول مكان ياسف سعدي . ولكي تنهي عملية التعذيب أقرت ببعض المعلومات التي كانت موجودة في الوثائق التي كانت بحوزتها عندما قبض عليها ، أعطتهم بعض العناوين التمويهية- كما سبق الذكر-.لكن فيما يخص قضية النقيب "غرازياني" مع جميلة بوحيرد فنجد نفس الطرح تقريبا عند " إيف كوريار" الذي ذكر بأنه بعد أن عجز الزواف عن إجبار جميلة على الاعتراف، تم تسليمها إلى قوات المظليين بقيادة الجنرال ماسو، الذي سلمها بدوره إلى النقيب "غرازياني" . يقول كوريار بأن هذا الأخير كان وسيما وذكيا ولبقا. وأنه أراد أن يجعل جميلة تعترف بطرائق أخرى غير التعذيب، حيث كان يزورها باستمرار في المستشفى، وكان يعاملها بلطف. كانت جميلة تضن في البداية بأنها خدعة، لكنها سرعان ما انسجمت معه. كما ادعى كوريار" بأن جميلة وقعت في غرام "غرازياني"، وأن زملاء هذا الأخير هم من أكدوا ذلك لـ"كوريار". وسرعان ما تسربت تلك الأخبار إلى مناضلي جبهة التحرير الوطني في العاصمة.وبدأت سلسلة الانتقادات والاتهامات الكاذبة لقصة مفبركة يعترف "كوريار" .مع أنه يضيف بأن اثنين من أصدقاء غرازياني، وبعض أعضاء شبكة ياسف سعدي أكدو له صحة تلك المعلومات.[xlix]
يذكر "هورن" بأن القصة الرومنسية التي اخترعها المظلي "غرازياني" باءت بالفشل، لأنه لم يستطع – بوسامته ولباقته- أن ينتزع من جميلة معلومات تقودهم إلى مخبأ "ياسف سعدي".[l] أما الاعتراف الذي نراه يثبت بأن تلك التهمة مفبركة ضد جميلة بوحيرد من قبل فهود "جاك ماسو" فهي شهادة النقيب غرازياني نفسه لمراسل فرانس-باريس "جان لارتيقي" في 11 أفريل 1958 ،[li] يقول هذا الصحافي بأن جميلة بوحيرد هي الوحيدة التي قالت بأنها عذبت على طاولة العمليات من 9 إلى 26 أفريل 1957 وقالت بأن غرازياني هو المسؤول عن تعذيبها.بخلاف زهرة ظريف وجميلة بوعزة وجاكلين قروج اللواتي أنكرن مسألة التعذيب .يضيف بأن النقيب "غرازياني" كذب ماقالته جميلة، وأنكر ما قالته حول تعذيبها ليكشف بأن جميلة تدعي بأنها عذبت لتخفي ضعفها وخيانتها، حيث -يقول- بأنها وبالرغم من نعتها له بالاستعماري والوغد والدنيء، اعترفت بعد أن صفعتها ثلاث مرات فقط. ويقول غرازياني بأن جميلة استمرت تعترف لتكشف عن معلومات لم نطلبها منها.وإن تلك الجميلة التي يراد أن تكون " جان دارك" التمرد ،اعترفت بكل أعضاء شبكتها من أول استنطاق، وهي من دلتنا على مكان جميلة بوعزة. ويضيف بأننا بفضلها تمكننا من إيقاف شبكة القنابل، لقد كانت ثلاث صفعات كافية لتستسلم تلك البطلة. وقال كذلك بأنه عندما أنهى مهمته معها قال لها: "إنني أحبك لكنني سأفعل المستحيل لكي يتم اعدامك،لأنني لا أحب واضعات القنابل الذين يقتلون الأبرياء." فأجابته جميلة:"سيدي النقيب سيحكم علي بالاعدام ، لكنني لن أعدم لأن الفرنسيين لا يعدمون النساء، ومنذ هذه الفترة ستكون خمس سنوات كافية لنكسب الحرب سواءا على المستوى العسكري أو السياسي، وسيحررني شعبي، وسأصبح بطلة وطنية". [lii]
نستخلص مما سبق ذكره ، بأن غرض النقيب من تلك الشهادة هو تشويه صورة المرأة البطلة جميلة التي تحدته ولم يستطع معها سبيلا لإجبارها على الاعتراف، أضف إلى ذلك فقد أراد ذلك النقيب إحباط معنويات المجاهدين والمجاهدات لكي يعترفوا. كما أراد أن يثبت بأنه قوي وليست امرأة مثل جميلة من تنتصر عليه.إذن هو لا يريد أن يعترف بأنه فشل معها. لكن ما قالته جميلة له في نهاية لقاءهما –حسب شهادته- لهو برهان على أن جميلة قوية فعلا، وأنها لم تستسلم له كما قال.
ولم يكتف غرازياني وزملاءه بتلك التلفيقات بل كلفوا طبيب على مقاسهم ،يزعمون بأنه شرعي اسمه "قودار" يإعداد تقرير طبي ينفي فيه آثار العنف التي كانت جميلة تعاني منها ،واكتفى في تقريره بتشخيص رسمي لبعض الجراح القديمة كآثار لمرض السل كانت جميلة تعاني منه. وجاء التقرير الطبي الذي أعدته الطبيبة التابعة لجبهة التحرير الوطني "جانين بلخوجة" التي كانت مع جميلة في السجن، والتي فحصتها بعد رفع نظام السرية عنها في السجن المدني (بربروس) في مدينة الجزائر أوائل شهر ماي 1957 ،ليثبت بأن جميلة بوحيرد تعرضت لأبشع أنواع التعذيب .[liii] وتكشف زهرة ظريف بأن جميلة بوحيرد عذبها عشرة مظليين مع ذلك ظلت صامدة. وتذكر "جاكلين قروج" -زميلة جميلة في السجن والكفاح- في مذكراتها بأن جميلة عندما جيئ بها إلى سجن بربروس، كانت في حالة يرثى لها، فقد كانت مصابه في كتفها وأنها لم تتعافى بسبب التعذيب. [liv] وحتى في السجن عزلت جميلة بوحيرد في حجرة انفرادية كانت تعرف بـ"المستوصف" Infirmerie . لكنها لا تحوي على أي تجهيزات طبية ، ولذلك فهي تقول بأن ذلك الاسم المزعوم لتلك الحجرة كان للتمويه فقط، وأنها تستعمل لعزل المعتقلين المهمين. [lv]
وحتى في السجن لم تسلم جميلة من التعذيب النفسي حيث وظفوا لها وللسجينات الأخريات المحكوم عليهن بالاعدام والمعزولين عن الأخريات ، حارسة مزعجة اسمها "تيكسيي" كانت تحمل لهن مجلات مصورة حول قصص الشنق والاعدام.وتحكي "جاكلين" كيف جاءت تلك الحارسة في إحدى الليالي وأيقضت جميلة بوحيرد وأخبرتها بأن العسكر جاءوا لأخذها للمقصلة، وقالت لها: "جميلة لقد جاء دورك هيا استعدي إنني أسمع الحراس قادمين " ليكتشف بعد ذلك أن "تكسيي" تكذب.[lvi] وما كان يهون على جميلة وزميلاتها سوى الحكايات حيث ذكرت "جاكلين" بأن جميلة كانت بارعة في قول الحكم (بكسر الحاء). [lvii]كما كانت السجينات الأخريات يستعملن الكتابة على الحائط ، ورسم صور جميلة بوحيرد للتعبير عن حالة السجن المزرية. [lviii]
انتهت تلك القضية بإعلان حكم الاعدام ضد جميلة بتاريخ 15 جويلية 1957 ،ولو كان كلام النقيب غرازياني والجنرال أوساريس وسوزان ماسو صحيحا لما عوقبت جميلة بتهمة تفجير القنابل وقتل الأبرياء .ولو كان كلام "إيف كوريار" صحيحا -حول محاولة "ياسف" قتل جميلة- لما أعلن وأذاع أي "ياسف" مهددا بأنه سيفجر مدينة الجزائر بأكملها إذا نفذ حكم الاعدام في حق جميلة.[lix] وكانت التهم الموجهة لجميلة حسب ادعاءات الجنرال "جاك ماسو" بأنها المسؤولة عن تفجير قنبلة Milk-bar وليست زهرة ظريف ،لأن "طالب عبد الرحمان" هو من إعترف بذلك. وتركزت اتهامات أخرى ضدها استنادا إلى إعترافات جميلة بوعزة. هذه الأخيرة التي اعترفت – حسب ادعاءات الجنرال ماسو دائما- بأنها جندت من قبل جمـيلة بوحيرد، التي زودتها بالقنابل التي انفجرت في 9 نوفمـبر 1956 في شـارع Michelet ، وتـفجيرات 26 جانـفي 1957 فيCoq Hardi. [lx] وعلى هذا الأساس صدر حكم الاعدام ضد جميلة بوحيرد. تلك كانت مهزلة –يقول الكاتب جورج أورنو-الشيء الذي جعل جميلة تنفجر ضحكا عند صدور حكم الإعدام ضدها.و تعجب رئيس الجلسة من ذلك وقال لها :"لا تضحكي إنه لأمر خطير." نفس الكلام ذكره "جورج أورنو" حيث قال بأن ذلك القاضي كان على حق؛ إنه لأمر خطير أن يكون حكم الإعدام ضد جميلة ، وضد براءتها الحقيقية . وأضاف "أورنو" بأن اللوم لا يعود إلى خطأ قضائي الذي أعلن قرار الإعدام، وإنما الإشكال يكمن في أنه لا علاقة بين هذا الحكم والعدالة القضائية. [lxi]
وبسرعة هتف "جورج أورنو" إلى المحامي "جاك فرجاس " الذي كلفته جبهة التحرير الوطني للدفاع عن جميلة، وكتبا مرافعة بعنوان: " دفاعا عن جميلة بوحيرد Pour Djamila Bouhired"، التي قبل نشرها مدير منشورات "منتصف الليل" السيد "جيروم لندون" بعدما رفضها مدير منشورات "ريني جيليار". ونشرت المرافعة في شكل كتاب، ولم تمضي ثلاثة أسابيع على صدوره حتى أصبح معروفا لدى الرأي العام الفرنسي. واتهمت الادارة الفرنسية السيد "جيروم " بتواطئه مع جبهة التحرير الوطني بسبب الدعاية التي أقامها لذلك الكتاب.وفضح ذلك الكتاب أساليب التعذيب الفرنسية ، ووصف بدقة مثيرة عملية التعذيب التي تعرضت لها جميلة بالاستناد إلى التقرير الذي أعدته الطبيبة "جانين". كما أدان وإتهم الأطباء العسكريين وبخاصة الطبيب النقيب الجراح Brisgand والطبيب العقيد Delvoye الذين وظفهم العقيد قودار لفبركة عرض عن حالة جميلة ينفي فيه أي أعراض للتعذيب.[lxii]
وحسب شهادة زهرة ظريف ، فإن المعلومات حول تعذيب جميلة بدأت تتسرب وهي في السجن لأن جبهة التحرير الوطني لم تبق مكتوفة الأيدي ، بل جندت مجموعة من المحاميين[lxiii] وكلفتهم بمهمة الدفاع عن الجزائريين والجزائريات ، وفي هذا الصدد ذكرت "جاكلين قروج" بأن الهدف الأول لهؤلاء المحاميين الذين كانوا أغلبهم شيوعيين، هو انتزاع المفقودين من أيادي الشرطة، أو المظليين الفرنسيين، وإجبارهم على تقديمهم للمحاكمةمن أجل إنقاذ حياتهم ، ووضع حد لعمليات التعذيب الممارسة ضدهم. كما كانوا يناضلون من أجل تخفيف الحكم عن الذين حكم عليهم بالاعدام. بالاضافة إلى ذلك فقد كان هؤلاء المحاميين متطوعين لأن نضالهم كان في إطار المقاومة السياسية.وبرزت فعاليتهم وتأثيرهم بخاصة في معركة الجزائر،حين منحت السلطات الاستعمارية كامل الصلاحيات للعسكريين بهدف تفكيك خلايا جبهة التحرير الوطني مما سبب الكثير من الاعتقالات المتتابعة. [lxiv] كما تم تكليف "فرجيس" من قبل جبهة التحرير الوطني بفرع الاستعلامات والدعاية. وكان فرجيس عضو فعال ضمن تلك المجموعة ، حيث استطاع من خلال استماعه لشهادة الجزائريين والجزائريات القابعين في السجون ، أن يجمع معلومات خطيرة حول ثلاثة آلاف من المختطفين ، في كراس أخضر اللون.وطلب منه الكاتب " جاك شاربي" بأن ينشر تلك الكراسة في مجلة الأزمنة الحديثة تحت عنوان : "الكراس الأخضر: شهادة المختطفين في الجزائر." لكن الادارة الفرنسية صادرت ذلك العدد من المجلة. [lxv]
لكن هؤلاء المحاميين والنشطاء الأحرار لم يستسلموا ، بل جعلوا الكلام عن التعذيب يأخذ بعدا دوليا بعد أن قرر جاك فرجاس و جميلة أن يجعلا من محاكمتها فرصة لمحاكمة فرنسا الاستعمارية وأساليبها في إطار المقاومة الشرعية المناهضة للاستعمار. وتقول زهرة ظريف بأنه نادرا ما ارتفع في تاريخ أمتنا صوت بقوة صوت جميلة بوحيرد، مسمعا لكفاح الشعب الجزائري. وما جعل جميلة تصبح امرأة رمزا ، وهي لا تزال كذلك، هو أن تكتب الصحافة الدولية برمتها عن شجاعة وكرامة هذه المرأة التي وقفت لوحدها أمام جلاديها، وهي مرتدية لباسا بألوان علمنا الوطني صارخة في وجه أعدائها " أنا جزائرية، وليس لكم الحق أن تحاكموني ، نعم أنا مسؤولة عن كل ما فعلت، نعم أنا مستعدة لأن أموت ، نعم سأحمل السلاح من جديد فور استرجاع حريتي لأفعل ما فعلته من قبل." [lxvi] كانت صرخة جميلة تلك في قاعة المحكمة المكتظة بحشد من الأقدام السوداء الذين كانوا يطالبون برأس جميلة وهم يصيحون " الموت ، الموت للفلاقة... [lxvii] تضيف زهرة بأن جميلة استمعت إلى قرار المحكمة القاضي بإعدامها برأس مرفوع وهي تغني نشيد من جبالنا رفقة عبد الغاني مرسالي وعبد الرحمان طالب. و استغلت القيادة الثورية صرخة جميلة في المحكمة لتذيع نداءا إلى كل الجزائريات للانضمام ومساندة والثورة حيث خاطبتهن قيادة الولاية الرابعة:"...أيتها الجزائريات ، ألم تسمعن صرخات الجزائريات المعذبات والجزائريين المعذبين...ألم تسمعن النداء المشرف لجميلة بوحيرد...[lxviii]
بعد مضي 27 سنة مازالت جميلة تتذكر ذلك اليوم حيث قالت:" كان أجمل يوم في حياتي،لأنني كنت مقتنعة بأنني سأموت من أجل أروع قصة في الدنيا ، ثم إنها لحظة تميز...وحظوة ...إذ في شكل آلي يفصل الانسان انتماءه عن الحياة...ويشعر بأنه ينتمي إلى الموت. [lxix] ولا يمحى ذلك اليوم من ذاكرتها تقول جميلة ، وتقول بأنها وزميلاتها عندما عدن من قاعة المحكمة إلى السجن، وصرخ الإخوة المساجين يسألوننا عن مضمون الحكم ، أجابت جميلة وزميلاتها بالنشيد الذي كان ينشده المحكومون بالاعدام :" الله أكبر...تضحيتنا للوطن...كنت أنا وجميلة بوعزة ، وكانت لحظة مؤثرة.[lxx] وتقول زهرة كذلك بأن سكان القصبة والبلاد برمتها تابعو محاكمتها التي أصبحت على إثرها جميلة رمزا للتضحية يحتذى به، رمزا للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي ، والكفاح من التحرير عبر العالم أجمع.[lxxi]
هذا وقد أثار حكم الاعدام ضد جميلة وزميلاتها عاصفة في الرأي العام العالمي، حيث طالب بعض زعماء العالم فرنسا بالعفو عنها ، وكان من بينهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والرئيس الهندي جواهر لالال نهرو ، والزعيم السوفياتي خروتشوف [lxxii]. وأرسلت مئات الرسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة "هامر شولد" تطالبه بإنقاذ جميلة.وفي مصر قرر المخرج الشاب يوسف شاهين آنذاك أي سنة 1958 إنجاز فيلم "جميلة الجزائرية" جسدت دور البطولة فيه الفنانة المصرية ماجدة الصباحي ، ليبرز فيه الكرامة العربية ووجوب الدفاع عنها. [lxxiii] أضف إلى ذلك فقد فرضت قضية جميلة إنقساما في الرأي العام الفرنسي ، حيث طالب الأحرار الفرنسيين ضرورة العفو عن جميلة.ولكل الأسباب التي سبق ذكرها، اضطرت السلطات الفرنسية إلى إلغاء حكم الإعدام وتخفيفه.وبقيت جميلة في السجن إلى أن أقر الاستقلال.تتذكر جميلة يوم إطلاق سراحها ،حيث نقلت هي ورفيقاتها إلى باريس وهناك أفرج عنهم . تقول جميلة للصحافي قصي:" صدقني ضللت أمشي في شوارع باريس ثماني وأربعين ساعة بلا انقطاع، وعلى غير هدى ...وقد أعجبتني باريس إلى درجة تساءلت فيها بسذاجة : ما دامت بلادهم جميلة إلى هذا الحد فلماذا يطمعون ببلادنا." [lxxiv]
نستنتج مما سبق ذكره بأن جبهة التحرير الوطني بتكليفها لمجموعة من المحاميين من أبناء فرنسا ذاتها، بمهمة فضح أساليب التعذيب اللانسانية الممارسة من قبل الجيش الفرنسي في الجزائر، هي التي صنعت من قضية جميلة بوحيرد قضية رأي عام دولي .لأن استرتيجية جبهة التحرير الوطني تقتضي استغلال الجانب الاعلامي والجانب النفسي ؛ الأول يتمثل في التشهير وفضح السياسة الفرنسية الاستعمارية أمام العالم.ويهدف الثاني لاستغلال الحدث لصالح الثورة عن طريق تكثيف العمل الدعائي بقصد رفع معنويات الشعب الجزائري . وفعلا أثبتت الأحداث السالفة الذكر بأن جبهة التحرير الوطني نجحت في استثمار قضية جميلة بوحيرد حيث أثرت تاثير إيجابي على معنويات الشعب الجزائري، وعلى الرأي العام الفرنسي والدولى، في حين انعكست آثار تلك القضية سلبيا على معنويات المستوطنين الأوروبيين في الجزائر، وعلى سمعة فرنسا أمام العالم.
6- جميلة بوحيرد بعد استقلال الجزائر وقضية صمتها:
بعد استقلال الجزائر، أحيطت جميلة بوحيرد بهالة من التقدير والتمجيد حيث استقبلتها الجماهير العربية مع زهرة ظريف في أكثر من عاصمة عربية في سوريا والعراق ومصر والكويت.وهي مواطنة شرف في سوريا والعراق ، وتحمل رتبة شرفية في الجيش السوري.[lxxv] كما أشاد ببطولتها وشجاعتها الكتاب والمؤرخون والمخرجون السينمائيون . وألهمت الشعراء حتى أن البعض أحصى ما يقرب من 450 قصيدة كتبها 171 شاعرا عراقيا وسوريا معضمها في جميلة،[lxxvi] كتبها عنها أشهر الشعراء في الوطن العربي مثل نزار قباني ، صلاح عبد الصبور، بدر شاكر السياب والجواهري وعشرات آخرين. [lxxvii] حتى تحولت إلى أسطورة تاريخية.وفيما يخص حياتها الخاصة، فقد تزوجت جميلة من محاميها "جاك فرجيس" وأنجبت منه ولدين مريم وإلياس. [lxxviii] بعد طلاقها تولت –مع زهرة ظريف-إدارة الفرع الجزائري لـ"شركة Max factor . [lxxix]
وفيما يخص بعض الملاسنات الإعلامية التي تقول بأن الدولة الجزائرية همشت جميلة بعد الاستقلال فذلك غير صحيح وهذا استنادا لشهادتها، حيث تقول جميلة بأنه عرض عليها لكي تكون نائبة في البرلمان فرفضت لتترك المكان لمن هو أكفأ منها.وكان لها حضور في الحياة السياسية في الجزائر حيث أدانت تلك الاعدامات التي تمت بعد الاستقلال وطالت بعض القيادات التاريخية ، بحيث ذهبت إلى بن بلة وقالت له " هذا لا يجوز" .وعلى رغم خلافها مع بن بلة ، فقد توجهت إلى الراحل هواري بومدين وسجلت احتجاجها ضد حادثة 19 جوان 1965 وطلبت زيارة بن بلا في السجن. كما تدخلت عند بومدين كذلك لطلب العفو لإنقاذ شخصيات مهمة ، وكان لطلبها وقع مميز لدى الرئيس الراحل الذي إحترمها ولبى طلبها.وفي هذا تقول جميلة " إنني كسجينة سياسية سابقة ، وكمحكومة بالاعدام، لا أستطيع إلا أن أكون ضد الإعدام، وضد سجن الرأي ، أي كان هذا الرأي، لكن الديمقراطية في عالمنا العربي بعيدة ...لأن الإقطاعية لا تزال تسكن رؤوسنا." [lxxx] تضيف جميلة بأنها كانت تقابل الراحل بومدين من حين لآخر من أجل حل بعض قضايا بعض الإخوان المناضلين.كما كانت حادة في انتقادها لبعض الأمور، وكان الرئيس الراحل يتقبل ذلك منها. [lxxxi]
ولصمت جميلة حديث آخر ، فقد قال لها ماوتسي تونج سنة 1963» إذا لم تتحدثي عما قمت به ، فسيأتي آخرون ليتحدثوا بدلا منك عما لم يقوموا به. « فهناك من يرى بأنها تخجل من الحديث.[lxxxii] وهناك من يرى بأن صمتها تترجمه المقولة الشهيرة للشاعر الفرنسي "شارل بودلير" الشهيرة " كوني جميلة، واصمتي" ففي هذه الثنائية تكمن الأنوثة وهي الجمال والصمت عن الكلام تماشيا مع تقاليد العالم الشرقي التي تصور المرأة التي تتكلم في خانة المسترجلة سليطة اللسان التي تصبح منبوذة اجتماعيا وثقافيا ،لأنها تتكلم في عشيرة الرجال بلسانها السليط الذي يلغيها من مرتبة الأنوثة الصامتة المرسومة لها سابقا. وسبق وقلنا بأن الثورة الجزائرية نجحت في تغيير الذهنيات، لكن علينا أن نفسر ماذا يعني هذا الصمت الذي يتداوله الكثيرون.
الكثير يحاول ربط ذلك الصمت بـرفض الظهور والتحدث أمام الكميرات، وللصحافة والاعلام سواء كان محلي أو أجنبي. لذلك ذكرنا بعض المحاولات التي تزعم بأنها كسرت جدار الصمت. ففي سنة 1984 تمكن الصحافي "قصي صالح الدرويش" أن يجري معها حوار على مدى ثلاث جلسات في الجزائر،وأخرى رابعة في باريس ، حيث كشفت له جميلة عن سر رفضها الحديث للصحافة الأجنبية والعربية بخاصة التي خيبت أملها عام 1963 عندما قالت أمام الصحافيين شيئا ، فنشروا في اليوم التالي أشياء أخرى. [lxxxiii]
وكان مبعوث مجلة أخبار الأدب المصرية الصحفي " محمد شعير" هو رقم الثاني من رفع شعار كسر صمت جميلة بوحيرد،[lxxxiv] و ذكر سبب القطيعة بينها وبين الصحافة، حيث كتب بأن الروائي "طاهر وطار" هو سبب تلك القطيعة. ونقل عن وطار قوله بأن كراهية جميلة للصحافة لها الكثير ما يبررها.وروى "وطار" لأخبار الأدب قصته مع بوحيرد قائلا:" في عام 1964 كنت رئيسا لتحرير جريدة الأحرار، وكانت أول جريدة أسبوعية جزائرية، وذهبت مع الرئيس "أحمد بن بلا" ووفد كبير من المسؤولين لزيارة القاهرة، وعندما التقيت أحد الوزراء المصريين لإجراء حوار مطول معه فاجأني بالسؤال : هل صحيح أن جميلة بوحيرد تزوجت فرنسيا؟ ارتبكت أمام سؤاله ، لم أكن أعرف حقيقة الأمر...وعندما عدت إلى الجزائر تأكدت، فصدر غلاف الأحرار ويتصدره رسم كاريكاتير لجميلة وبطنها منتفخة بالحمل لطفل يرتدي "برنيطة" (قبعة) ".[lxxxv] بمعنى أن جميلة تزوجت مظلي فرنسي. وربما يكون ما سبق ذكره سببا جعل جميلة ترفض الاستجوابات الصحافية، ولا سيما خارج الجزائر. وحسب ما ذكره ذلك الصحافي فإن الكثيرين لم يفهموا ، وربما لم يغفروا لجميلة أنها تزوجت محاميها وهو فرنسي .ترد جميلة على هذا السؤال :" جاك فرجاس (زوجها السابق الذي طلقت منه) ليس فرنسيا، وإنما هو من جزيرة " رينيون"[lxxxvi] ، المستعمرة هي الأخرى من قبل فرنسا، وهو مناضل وهب حياته لقضايا التحرر ولا سيما منها القضايا العربية بدءا بالجزائر وانتهاءا بفلسطين . وقبل ذلك كله فقد اعتنق الاسلام قبل أن أتزوجه، وما كنت لأتزوجه أبدا لو لم يسلم. [lxxxvii]
هناك سبب آخر أرجح –حسب تقديري- أن يكون منطقيا حول قضية صمتها تم التماسه من حديثها للصحافي "قصي" عندما ذكرها بأنها أسطورة وأنها تعني الكثير بالنسبة لملايين العرب من أبناء جيله وغير جيله. حيث أجابته " إنها طريقة الدعاية التي استعملها محامي الدفاع عني في المحكمة ، وإثارة الرأي العام العالمي بحيث أخذت حجما أكبر من حجمي. وهذا يجعلني أشعر بعقدة الذنب تجاه آلاف الإخوان والأخوات الذين أعطوا دماءهم، ولقد كنت ضد طريقته في الدفاع عني ." تضيف جميلة:" أنا لم ألتزم الصمت ، وأنا مازلت هنا ولم ولن أترك الجزائر ،أعيش حياتي اليومية كملايين الجزائريين بكل تناقضاتها ، ومشاكلها .قد لا أكون راضية ، وأنا لست غائبة كما يعتقد الناس ولم ألتزم الصمت ، لكنني أعبر عن نفسي يوميا حيث يجب التعبير."ونلخص حقيقة صمتها بهذه العبارات وعلى لسانها: لا أحب الدعاية ولماذا الدعاية ؟ وعن ماذا ؟ لقد أخذت أكثر من حقي، وتكلموا عني الكثير، وأنا لم أقم إلا بواجبي .[lxxxviii]
نستنتج مما سبق ذكره بأن جميلة بوحيرد ليست مهمشة ولا معزولة كما روج –وما يزال يروج لذلك- لأنها هي من اختارت طريقة الحياة التي تناسبها، والحقائق التي تم ذكرها سابقا تعبر عن ذلك. فحياتها تعبر عن امرأة عايشت أجواء الوطنية بنضالها وتواضعها ، ومازالت تجسد تلك الوطنية في حياتها اليومية.
خـاتـمة
- أحدثت الثورة الجزائرية التحريرية انقلابا جذريا في المفاهيم والأفكار، فيما يخص مشاركة المرأة كشريك مهم إلى جانب الرجل ، وتجسد ذلك في دعوة القيادة الثورية إلى كل شرائح الشعب الجزائري للنضال إلى جانب جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار.
- أدى تجنيد كل الشرائح البشرية إلى تغيير التصرفات الانسانية ، وإلى تغيير نظرة الناس إلى المجتمع نفسه حيث تلاشت الأنانية والنزعة الفردية المفرطة، وصار الواحد في خدمة الكل، والكل في خدمة الواحد ، ويعني ذلك ميلاد مجتمع جديد قاعدته الفرد للمجموع والمجموع للفرد يقول مالك ابن نبي-في كتابه: ميلاد مجتمع-.
- بهذه الفلسفة الثورية، كشفت الثورة الجزائرية عن استعدادات فطرية وطنية كانت مكبوتة لدى المرأة الجزائرية تحت غطاء التقاليد والعادات المحافظة.
- بتلك الاستراتيجية الثورية، صنعت لنا الثورة نساء مثل جميلة بوحيرد التي بالرغم من كونها امرأة، فذلك لم يمنعها من النضال حيث تقول " بنضالي أكون قد حررت نفسي من الاستعمار ومن سلطة الإخوة المناضلين . لقد كان نضالا مزدوجا...أنا لست من مناضلات حركات تحرر المرأة ، ولا أحب أن أسقط في مطب النسوية...أنا مع تحرير المجتمع الذي يحرر الانسان. فعبر ذلك فقط تتحرر المرأة.
- إن جميلة بوحيرد لم تكن حالة فردية بل تجسيدا لنضال المرأة والفرد في الجزائر.
- إن الدعاية التي نشطتها جبهة التحرير الوطني من أجل جميلة بوحيرد لم تخدمها هي فقط بقدر ما خدمت القضية التي تحملها جميلة، وهي التحرر من الاستعمار.
- كانت جميلة بوحيرد تحلم بأن يقوم مجتمع العدالة والحرية فور استقلال الجزائر. ولذلك أصيبت بنوع من الصدمة، عندما شاهدت تناقضات بداية الاستقلال التي أدت إلى إصطدامات بين رفاق الأمس.
-إن كنت أتفق مع جميلة فيما قالته حول رفضها للقاءات الصحافية وللدعاية الاعلامية، فذلك لا يعني بأنها على حق في كل شيئ ،لأن جميلة اليوم ملك للذاكرة الجماعية وللتاريخ والحاضرأيضا .وليست ملك للماضي فقط .والصمت الذي نفسره نحن في الأوساط الأكاديمية يعني غياب مذكراتها، وغياب شهادتها في الدراسات الأكاديمية [lxxxix]. ولمواصلة نضالها كما تقول يجب على جميلة أن تكتب مذكراتها، وترد على التهم الموجهة ضدها من قبل جنرالات فرنسا.وهي تفعل ذلك فهي بالتأكيد ستترك لنا مصدرا أساسيا لكتابة تاريخ الثورة الجزائرية وبخاصة وأنها تمتلك لحقائق مهمة ودقيقة حول الثورة الجزائرية .
- بالاضافة إلى ذلك ، فنحن بصدد انطلاق ما وصفته زهرة ظريف بـ"القراءة السلبية للتاريخ"، فقد حان الوقت لندق جرس الانذار فمجتمعنا مريض ، ومستقبل الجزائر شعبا وأمة سيكون مهددا إن لم نسترجع الحقيقة التاريخية لنضع حدا لممارسات القذف هذه المشينة التي تمس برموزنا. [xc]
- إننا في عصر الانكسار العربي الاسلامي هذا أحوج ما نكون إلى بعث النقاط المضيئة في تاريخنا وشخصيتنا القومية.
تـوصـيات
- ضرورة نشر الوعي حول حقيقة الرموز في الجزائر لأن جميلة تعتبر رمزا وغياب الرموزالوطنية لدى الشباب الجزائري أدى إلى إحداث شرخ مخيف على مستوى الذاكرة الجماعية فتكونت لحظة الفراغ والعدمية ، وتحول هاجس الثورة إلى هاجس سلبي ومخيف ، بدل أن يصبح رمزا يوحد الجزائريين ويؤسس لوطنية إيجابية.
- من حق هذه الأجيال أن تجد رباط يشدها إلى مرحلة النهوض. بدلا من التزعزع في رموز الانكسار والهزيمة.وبخاصة وأن المدرسة الجزائرية صنعت لنا جيل "روبو" يقول "التاريخ في المزبلة".
- إذا كانت جميلة قد سجلت تحفظاتها ضد الفيلم الذي أنتجه يوسف شاهين، والفيلم الذي أنتجه ياسف سعدي بسبب عدم سعيهما لمعرفة الحقيقة كاملة . فلماذا تبخل هي علينا بتلك الحقيقة الكاملة التي تعرفها.ولماذا لا تسعى هي لانتاج فيلم يجسد حقيقة شخصيتها ونضالها.
- نقول لجميلة "تكلمي" فإن الزمن لا يرحم ، والذاكرة لحقها النسيان ، وأغلبية المجاهدين والمجاهدات فارقوا الحياة ، والبعض الآخر ينتظر... لأن ما قدمته في هذه الدراسة المتواضعة لا يعدو أن يكون سوى مجرد غيض من فيض ، وقليل من كثير مما يجب الإلمام والإحاطة به.

من أجل عروسة وسيدة الشهيدات والشهداء جميلة بوحريد، أحتفي وأحتفل بالذكرى التاسعة والخمسين لانبثاق الثورة الجزائرية العظمى،اليوم الأول في الوطن العربي وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وفي العالم أجمع.
ولست أدري كيف شاب بعض التيارات الانتهازية الشوفينية في المغرب بقضية الثورة الجزائرية الخلط المبيت المتعمد عن سابق إصرار وترصد،بين مبادئ الثورة الجزائرية العظمى وبين الثورة الردوية المضادة بقيادة بومدين وامتداداته حتى بوتفليقة ، كأساس لوجودها وسيطرتها،ومسقطة ومقصية ومستبعدة غير مريديها وتلاميذها وأصحاب المصالح .فالثورة المليونية لا يمكن أن تختزل في نظام بوتفليقةأو تصبح حكرا لحكم طغمة سطت وسرقت الثورة الجزائرية ،وأسقطت القائد الرائد العظيم الرئيس أحمد بنبلة. لأن هذا الاتجاه الشوفيني من القضية الثورية الجزائرية ،لن يقوي ويعزز ويعزر إلا موقف النظام الملكي الجلاوي الخياني الارتزاقي اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي والتابع تبعية بنيوية مكسشوفة للأمبريالية والصهيونية،والذي يشكل وحده أداة نكداء وعقبة سوداء في وجه وحدة الشعوب المغاربية والعربية والأفريقية . ولا يعقل ول يقبل مطلقا، أن يمس أو تخرق حرمة العلم الرمز الوطني للثورة الجزائرية شقيقة الشعب المغربي، في يوم فاتح عرس الشعب الجزائري العربي والأممي . وما يحز في النفس ويؤلم الروح أن هذا التجرؤ و هذا التجاسر على قدسية العلم الرمز للثورة الجزائرية،لم نجد له أبدا مثيلا عندما يتعلق الأمر بقيام النظام الجلاوي الخياني بالتطبيع والركوع والخنوع أمام الصهاينة ،العدو الرئيسي والجوهرى الدائم للشعوب العربية. ومهما بلغ من تفاقم و تأزيم العلاقات السياسية بين النظامين في المغرب والجزائر،فلا ينبغي أن تنساق وتنجر دون وعي وطني الجماهير الشعبية والطبقات المضطهدة المحرومة إلى مستنقع ومزبلة وخرائب النظامين القائمين في المغرب والجزائر.
فهل لأن ا لنظام في الجزائر في صراع مع النظام الملكي الجلاوي الرجعي يبرر لنا الرفض القاطع والعداء السافر للثورة الجزائرية التي قدمت للعالم ومن أجل العالم مليوني شهيدة وشهيد،ألا يبدو هذا الموقف اللامبدئي اللاثوري ،وهذا العداء المذهبي السافر أمرا مستغربا ومتطرفا وانتهازيا بل وفاشيا،وكمظهر من مظاهر الحقداوية السوداوية ضد وعلى الثورة الجزائرية التاريخية الخالدة ،والتي لن تكون إلا مدانة ومطعونا فيهامن قبل كل مناضلات ومناضلي الشعب المغربي الأحرار. والسؤال المحرق الكبير هو: هل أن اتخاذ موقف مثل هذا الغباء والغلواء من الثورة الجزائرية ،هل هو فعلا وحقيقة وصراحة موق صريح معاد ومناوئ ومتبرئ من الثورة البومدينية البوتفليقية المضادة للثورة الجزائرية؟ألسنا نجد أنفسنا كتقدميين في أشد الحرج، لنصطف وندرج في خندق واحد حفره وعمقه النظام الملكي الجلاوي الرجعي وعمداؤه وأزلامه وبلطجياته وعبيده وخدمه وحشمه بشكل واضح مكشوف وفاشي؟ مالذي نربحه نحن التقدميين الوطنيين الوحدويين حين يزيد تحمسنا في العداء ومقاطعة الشعب الجزائري الشقيق ذي المليونين من الشهيداتوالشهداء؟ألسنا نكون متحيزين للمعسكر الملكي الجلاوي التابع للأمبريالية والاستعمار والصهيونية ضد الثورة الجزائرية؟ألا يبقى الشعب المغربي وفيا ومخلصا للثورات المغاربية والعربية الوحدوية،ولا يلتفت إلى تناحرات النظامين القائمين في المغرب والجزائر باعتبار هذه الخناقات والإحن لا تصب إلا في معسكر الملكية الجلاوية الخيانية التابعةللأمبريالية والاستعمار والصهيونية والرجعية السياسية الكومبرودارية النيوليبارية المتوحشة والرجعية الدينية اليمينية الاخوانجية الاسلامنجية الارهابية الظلامية الإظلامية؟بل لا يجب أن يكون لهذه التطاحنات المصطنعة والمزيفة والمعادية والمتناقضة أساسا وبالضرورة مع مصالح الشعوب المغاربية والعربية والأفريقية،أي تأثير بأي حال من الأحوال على مبادئ الإخاء وحسن الرفاقية والمطامح المشتركة بأفق الثورة والتحرر والانعتاق والحرية والكرامة والعيش الكريم والمساواة والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعمراني والحضاري واللغوي؟بل إن واقع كون الثورة البومدينية البوتفليقية المضادة للثورة الجزائرية ومبادئها الثورية وشهيداتها وشهدائها،قد استطاعت بالقوة والقهر حتى اليوم أن تسيطر وتهيمن وتسود في الجزائر،يجب ألا يغير شيئا،فيما يتعلق بما تعنيه الارتباطات البنيوية العضوية للثورتين المغربية والجزائرية ،من القائد الخالد عبد الكريم الخطابي إلى الثورية جميلة بوحريد الشهيدة والقائد الرئيس أحمد بنبلة سيد الشهداء المهدي بنبركة من معان ودلالات وإشارات؟
وإذا أراد المتزايدون المستغلون للوضعية المتأزمة بين النظامين،وسمحتم لنا بإجراء مقارنات ومفاضلات بين النظامين في كل من المغرب والجزائر من بداية تصفية ودحر الثورة الجزائرية والغدر بها وإسقاط الحكم التقدمي الوطني الثوري بقيادة الأخ الرفيق القائد الرئيس أحمد بنبلة،فسةف نستخلص وفق التصور المادي للتاريخ، والمقولة العلمية الرائعة للينين:" التحليل الملموس للواقع الملموس،والتزمنا جانب الموضوعية،فماذا نستنتج؟ لاأحد ينكر أو يستطيع بقاء النظام الجزائري البوتفليقي محافظا على طابعه الوطني والتقدمي بالنسبة إذا قارناه بطبعة النظام الملكي الجلاوي اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي بل والمستغرق من قدميه حتى أذنيه في مستنقع الرجعية و الأسطورية والطوطمية والتخريفية والعنصرية والعرقية والجنسية والطبقية والتبعية البنيوية الهيكلية المطلقة للاستعمار ةالأمبريالية الأمريكية والأوروبية الغربية والصهيونية العالمية.
إنني لا أنكر بل أقر إقرارا ،أن الانقلاب الردوي الفاشيستي الانتهازي البومديني البوتفليقي وإسقاط الثورة ورئيسها الشرعي أحمد بنبلة،وإلقائه دون رحمة في غيابة الجب والسجن والزنزانة،دون السماح له حتى بالتمتع بمقابلة أمه، كان هذا الانقلاب نقطة التحول الجذري التي خرج فيها مسار تطور الجزائر عن سكة والطريق الثوري المستقيم بل وهزيمة واضحة للثورة المغاربية برمتها ،وانقطاع الخط الثوري التقدمي لمسار كل الثورات في الوطن العربي والأفريقي والعالمثالثي والعالمي،بل وأقر وأعترف بحق الشهيدات والشهداء ،أن هزيمة الثورة الجزائرية قد خلقت كارثة خطيرة مبينة سوف يبقى أثرها السلبي وانعكاسها المدمر لعدة قرون وأجيال
لقد فتحت الثورة الجزائرية أمام الشعوب المغاربية والعربية والعالمثالثية،آفاقا وآمالا بعيدة المدى، فكان لابد للتحالف العدواني الرباعي الملكي الجلاوي الرجعي في المغرب،والاستعمار الفرنسي ،والأمبريالي الأمريكي،والكيان الصهيوني العالمي،أن يخدد ويتآمر ويكيد ويدس من أجل إسقاط واغتيال هذه الآمال في المهد. وما كان لهذا التحالف العدواني أن يحقق خطوة واحدة على طريق إجهاض ثورة المليون شهيدة وشهيد، بل ما كانت الثورة الجزائرية والمغربية والعربية والأفريقية والاشتراكية ثكلى، لولا هذ الدويلات اللقيطة السقيطة وقائد أجواقها السفاح الذباح عميل الاستعمار وكلب حراسة مصالحه الحسن الثاني المنبوذ الملعون القادم من أخبث سلالات و "تريكت لجلاوي وبنعرفة والبغدادي وغديرة والديلمي وأوفقير والبصري والمحمدي وكريم العمراني... خميرة الصهيونية والفرانسيس والأمريكان.فكانت ردة بومدين- بوتفليقة، بالقيام بالثورةالردوية المضادة،وخيانة ومؤامرة وتواطؤ الحسن الثاني القذر الوسخ المتجرئ والمندفع والأحمق المتوحش لافتراس وامتصاص دماء ملايين الشهيدات والشهداء،كان يعني تكريس وتعزيز وتأبيد وتوطيد دويلات رجعية فاشية مغولية تتارية يأجوجية مأجوجية متعفنة وتجزيئية طائفية عنصرية عرقية عشائرية طوطمية قبائلية ،لأمراء دمويين سفاحين جلادين ذباحين بيروقراطيين ،بلاطيين انعزاليين انشقاقيين بدويين متوحشين غابويين ، خائنين رجعيين شذوذيين مخصيين مستعبدين تبعيين ذيليين تخلفيين تخليفيين جبناء قساة وحشيين لا إنسانيين لا آدميين بل ويشكلون أوراما خبيثة في رئات الشعوب.
بل إن نظام الحسن الثاني وامتداداته المتمثلة في ابنه ووريثه محنذ السادس ما زال يلعب الدور الرئيسي في العصر الأمبريالي الصهيوني لصياغة الايديولوجية الرجعية فكريا وثقافيا وفلسقيا وسياسيا ومذهبيا وأدبيا واجتماعيا وتاريخيا وفنيا وشعريا وسينمائيا وأغنية وإعلاما ودينيا بل وصيلغة ثقافة التزلف والتمدح والتملق والمكر الرخيص والكيد البليد والتبعية البنيوية المنقطعة النظير المرضية المشوهة،إلى الحد الذي أصبحت فيه الاتجاهات الرجعية والانتهازية والارتدادية تسود،حتى تجد من هذه الطغم الافتخار والتنافخ والتباهي بكونهم سلفيين ومريدين مخلصين وشركاء كاملين في الجرائم الكبرى التي ارتكبها أكابر المجرمين الدوليين الحسن الثاني ضد الانسانية.
لم تعد الثقافة المغربية الوطنية التقدمية الثورية في العهدين الغاشمين الخائبين الخائنين،الحسن وابنه تحمل في عظمتها وسموها وجلالها وكبريائها السياسي والثقافي والفلسفي والحضاري والانساني سمات وملامح وبصمات التاريخ المغربي،بل أصبحت مرا مريضا وثقلا سرطانيا فيروسيا فتاكا مضادا لعمالقة الثقافة المغربية الرائدة :ابن طفيل وابن رشد وابن خلدون.
يا كل هؤلاء الجناة العداة البغاة وكل أولئك الحاقدين حتى الموت على الثورة الجزائرية العظمى،اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الشهيدات والشهداء،يوم تعرضون على محكمة التاريخ،وتقفون حفاة عراة وخصوما لعبد الكريم الخطابي وجميلة بوحريد والمهدي بنبركة وأحمد بن بلة....
تحيا الثورة الجزائرية،وتحيا الثورة المغربية وتحيا الثورة الياسمينية التونسية،وتحيا الثورة المصرية العربية لأم الدنيا وأرض الكنانة،ورمزها الخالد الرائد القائد السائد العائد :جمال عبد الناصر.
ابن الزهراء الزهراء محمد محمد فكاك.



#ابن_الزهراء_محمد_محمد_فكاك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال بمناسبة الأسبوع السينمائي الصيني الذي يشرف عليه النادي ...
- بيان تضامني مطلق مع الشاعر القطري محمد بن ذيب العجمي
- يامهدي ياعمر لابد من الانتصار وخير طريقة للاحتفال بذكرى الشه ...
- لا لا لا أخطأت ثانية أيها التقرير العالمي
- يا عالم تعالوا اشهدوا معي ،الوكيل العام للملك،
- في الرفض الصريح،والتفنيد الفصيح،لما جاء في خطاب الملك
- إسمع يا مملوك الأمبريالية والصهيونية
- من يجرؤ على حب الطغاة الاخوانجيين المتأمركين المتصهينين،
- إذا كان السادات ومبارك وومحمود مرسي ومحمد السادس وبن علي وفه ...
- لماذا كانت خريبكة جوهرة ،لؤلؤة،كزهر اللوز أو
- ماهذا المملوك وما محكومته لابن كيران الاخوان
- ألم تجد نساء ورجالا من عواتك وأسود المغرب
- ان كان لمصر والوطن العربي من يليق بربيع الثورة العربية ويستح ...
- ماذا وراء خطاب منصف المرزوقي في الجمعية العمومية للأمم المتح ...
- باسم الشعب،كل الشعب،باسم الثورة
- عاشت كفاحات الشعب المغربي والبروليتاريا المغربية
- ارفع أيديك القذرة المجرمة عن المحامي والمناضل في سبيل الشعب
- من قال :إن عبد الناصر رحل
- يا محمد السادس ، أبعد ما سألك الشعب المغربي الرحيل،
- يا محمد السادس سجل عندك،سوريا عنواننا وسوريا زهرتنا


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابن الزهراء محمد محمد فكاك - مليون تحية وتحية لشهيدات وشهداء الثورة الجزائرية العظمي،