أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - ملاحظات حول الدستور الدائم















المزيد.....

ملاحظات حول الدستور الدائم


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1217 - 2005 / 6 / 3 - 13:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدءً، أود التأكيد على حقيقة مفادها أن العبرة ليس بالدستور وعدالته وتقدميته فحسب، مع أهمية هذه الأمور، بل دور الدستور في حياة الناس ومدى تمسك السلطات بتطبيقه واحترامه. إذ كان في العهد الملكي دستور دائم يرقى إلى دساتير أرقى الدول العريقة في الديمقراطية ولكنه كان مهمشاً وحبراً على ورق، والسلطة هي التي كانت تتجاوز عليه في أغلب الأحيان، لذلك حصل ما حصل. بينما بريطانيا التي تعتبر قلعة الديمقراطية الحديثة وموطن ولادتها، لحد الآن ليس لها دستور مدون.

كذلك يمكن القول أن الدستور أو القانون الأساسي لأية دولة، هو أحد المؤشرات المهمة للمستوى الحضاري لتلك الدولة. فكلما أكد الدستور على المواطنة وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون وتمسك به الحكام، كان ذلك دليل على رقي ذلك الشعب ونزاهة حكامه. لذا أتمنى على القائمين بصياغة الدستور الدائم أن يأخذوا بنظر الاعتبار، واقع العراق وخصوصيات شعبه والظروف الدولية وما بلغته الديمقراطية والحداثة والليبرالية وحقوق الإنسان وحقوق الفرد ومكانة المرأة في المجتمع، من أهمية في حياة الشعوب.

لست من المتخصصين في القانون، لكن لي اهتمام كبير بالسياسة والفكر وقضية الشعب وحقوق الإنسان. والدستور قضية سياسية تخص جميع أبناء الشعب ومن حق كل مواطن إبداء رأيه في صياغته إن أراد. فقد جاء في المادة: الستون، الباب التاسع ـ من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية- في البند الخاص بمرحلة ما بعد الانتقالية: "على الجمعية الوطنية كتابة مسودة للدستور الدائم للعراق. وستقوم هذه الجمعية بإداء هذه المسؤولية بطرق منها تشجيع المناقشات بشأن الدستور بواسطة اجتماعات عامة علنية ودورية في كل أنحاء العراق وعبر وسائل الإعلام، واستلام المقترحات من مواطني العراق إثناء قيامها بعملية كتابة الدستور".

أغلب الظن أن الجمعية الوطنية ستتخذ من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، الذي تم التوقيع عليه بالإجماع من قبل أعضاء مجلس الحكم الانتقالي يوم 8/3/2004 ، أساساً لكتابة الدستور الدائم، فسيقومون بتعديل بعض فقراته وحذف فقرات وإضافة أخرى عليه حسبما تقتضيه ظروف العراق الجديد ومستقبله. فلما أصدر مجلس الحكم الانتقالي القانون المذكور، رحبنا به رغم ما كان فيه من ثغرات وعيوب، وذلك لأسباب عديدة، منها، أن وضع العراق بعد التحرير مباشرة كان هشاً ولا يتحمل المزيد من الجدال والنقد، إضافة إلى أنه كان قانوناً مؤقتاً لإدارة شؤون الدولة لمدة سنتين على أكثر تقدير يمكن تحمله رغم علاته. فكتبت عند صدور القانون مقالاً شبهته ب (ميثاق الشرف العظيم Magna Carta ) البريطاني الذي صدر قبل 800 عام بالضبط، ورغم اعتبار الميثاق البريطاني المذكور اللبنة الأولى للديمقراطية الحديثة، فقد تجاوزه الزمن الآن. لذا فترحيبنا بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لا يلغي حقنا الآن في نقد تلك الثغرات والعيوب واقتراح البديل الأفضل. وحتى إن ممثلي كتلة القوى الشيعية في مجلس الحكم الانتقالي آنذاك ترددوا في البداية في المصادقة عليه ولكنهم في النهاية وافقوا عليه وعلى مضض لتجنب المزيد من التعقيدات والعراقيل ولأنه كان قانوناً مؤقتاً يمكن تصحيحه وسد نواقصه عند كتابة الدستور الدائم.

لذلك، وبعد إجراء الانتخابات البرلمانية في 30 كانون الثاني/يناير من هذا العام، فالجمعية الوطنية المنتخبة والمخولة من الشعب العراقي، تتمتع بصلاحيات أوسع وشرعية أكثر من أية جهة أخرى ومن حقها تصحيح الأخطاء وسد النواقص التي عانى منه القانون المؤقت والذي صاغته جهة غير منتخبة حسب ما اقتضته الضرورة.
كذلك يجب التوكيد على أن العراق يمر الآن بظروف استثنائية مؤقتة، يعاني من مخلفات النظام البعثي الساقط لأن الحكم الجائر اعتمد سياسة فرق تسد في حكم العراق، فالمجتمع العراقي يعاني الآن من انقسامات طائفية وعرقية وعدم الاستقرار. هذه الأمور هي غريبة وطارئة على الشعب العراقي، يجب عدم السماح لها في التأثير على صياغة الدستور. بمعنى يجب عدم السماح للأمور الشاذة العابرة أن تترك آثاراً سيئة ودائمة على الدستور الدائم. فمن الصعوبة بمكان إجراء تعديلات على الدستور في المستقبل، لذا يجب تفادي تكريس الانقسامات الطائفية والعرقية التي يعيشها العراق في الوقت الحاضر، فهي طارئة ومؤقتة وقابلة للزوال في المستقبل القريب.

من الذي يجب أن يكتب مسودة الدستور؟
صحيح أن الجمعية الوطنية هي المخولة شرعاً من قبل الشعب لكتابة الدستور، إلا إن هذا لا يمنع من مشاركة أطراف أخرى وخاصة تلك الفئات التي حرمت من المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لأسباب أمنية وتهديد الإرهاب لها، ولكن مع ذلك تبقى اللجنة التي شكلتها الجمعية الوطنية لصياغة الدستور هي الجهة الشرعية المشرفة ويجب بالضرورة أن تمثل جميع مكونات الشعب العراقي. لأن الدستور الدائم يهم كل الشعب وليس فئة واحدة من مكوناته. كذلك يجب أن يكون الدستور فوق الاتجاهات والميول السياسية الحزبية، فهذه الاتجاهات هي متغيرة والدستور دائم.

مبادئ أساسية:
يجب أن يؤكد الدستور على عدد من المبادئ الأساسية التي لا يمكن التخلي عنها في العراق الجديد بعد أن عانى الشعب كثيراً من الأنظمة المستبدة والتمايز العراقي والطائفي. لذا يجب أن يؤكد الدستور على ما يلي:
1- العلمانية الديمقراطية وفصل الدين عن الدولة، أي تحرير الدولة من سيطرة رجال الدين وتحرير الدين من سيطرة الدولة، واحترام التعددية السياسية والدينية والقومية والمذهبية والفكرية...الخ
2- احترام جميع الأديان وضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع أصحاب الأديان والمذاهب بكل حرية وفق المواثيق الدولية،
3- التأكيد على فيدرالية كردستان وضمان حقوق التركمان وكلدو-اشوريين وايزيديين وصابئة وغيرهم الإدارية والثقافية في المناطق التي تشكل هذه المكونات كثافة سكانية معتبرة.
4- فصل السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية عن بعضها البعض، وخاصة استقلالية القضاء، وضمان حرية الصحافة (السلطة الرابعة) وحرية التعبير والتفكير.
5- تأكيد حقوق المرأة ومساواتها بالرجل في جميع المجالات، السياسية والمدنية،
6- الشخص المناسب في المكان المناسب في إحلال مناصب الدولة، فمن حق أي عراقي الترشيح لأي منصب بما فيه منصب رئيس الجمهورية بغض النظر عن انتمائه القومي أو الديني أو الطائفي،
7- التأكيد على حقوق المواطنة الكاملة، واعتبار جميع المواطنين من الدرجة الأولى وسواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات ومحاربة التمييز العنصري والديني والطائفي واعتبار أي ترويج لهذا النوع من التمييز جريمة يعاقب عليها القانون.
8- نظراً لتعقيد وضع مدينة كركوك وكونها تمثل العراق المصغر في ضمه لجميع مكونات الشعب العراقي المتآخية وفيها كثافة سكانية كبيرة متقاربة بين العرب والكرد والتركمان والكلدان والآشوريين وغيرهم، وفي هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق التي تجعله لا يحتمل المزيد من الصراعات، لذا نقترح إبقاءها كما هي على وضعها الحالي. وبعد أن يتخلص العراق من أزمته الراهنة ويتحقق فيه الأمن والاستقرار، عندئذ يمكن مناقشة هذه المسألة والوصول إلى حل مرض وفق مبادئ الديمقراطية. فالعراق ينوء تحت جبال من المشاكل المتراكمة عبر قرون ولا يمكن حلها بين عشية وضحاها و بالعصا السحرية. إضافة إلى أن هذا البرلمان هو مؤقت وليس من صلاحياته حسم الأمور الكبيرة المعقدة مثل قضية كركوك.
9- جميع الثروات الطبيعية، النفط، والكبريت والمعادن الأخرى والمياه الإقليمية والأنهر والفضاء العراقي تدار من قبل الحكومة المركزية،
10- الضريبة والمالية وميزانية الدولة من مسؤولية وزارة المالية في الحكومة المركزية في بغداد، على أن توزع الثروة على المناطق حسب الكثافة السكانية وحسب احتياجاتها ومعاناتها من الحرمان خلال حكم الأنظمة الجائرة المتعاقبة،
11- الدفاع والسياسة الخارجية والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات تبقى مرتبطة بالحكومة المركزية،
12- يمنع أفراد القوات المسلحة من ممارسة السياسة كما لا يحق لهم المشاركة في التصويت والترشيح في الانتخابات البرلمانية والبلدية، وفق مبدأ (أن وظيفة منتسبي القوات المسلحة حماية الديمقراطية وليس ممارستها!). ويحق للعسكري ممارسة السياسة فقط بعد استقالته أو تقاعده من القوات المسلحة. كما ويحرم على الأحزاب السياسية ممارسة أي نشاط سياسي داخل القوات المسلحة وجرها في الصراعات السياسية، أي يبقى الجيش فوق الميول والاتجاهات.

وبعد هذه المبادئ العامة، أود مناقشة الفقرات الخلافية في قانون إدارة الدولة المؤقت والمثيرة للجدل والاختلاف وأقترح البدائل لها. إذ في رأيي هناك عدة ثغرات في القانون المؤقت، لو بقيت في الدستور الدائم، فإنها ستشكل عقبات كأداء أمام العملية الديمقراطية وتخلق مشاكل بين مكونات الشعب في المستقبل وتفرغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي.

ثغرات في قانون إدارة الدولة المؤقت
كما ذكرت آنفاً، على الأغلب سيتخذ قانون إدارة الدولة الموقت الأساس للدستور الدائم وتجرى عليه التعديلات المطلوبة. لذلك أود الإشارة إلى الثغرات في هذا القانون من أجل تصحيحها وتفاديها في الدستور الدائم وذلك كما يلي:
أولاً، الفقرة(أ) من المادة الثالثة، تنص: (ان هذا القانون يعد القانون الأعلى للبلاد ويكون ملزما في أنحاء العراق كافة، وبدون استثناء. ولا يجوز تعديل هذا القانون الا بأكثرية ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية الوطنية. وإجماع مجلس الرئاسة.). في الوقت الذي أتفق فيه مع الشطر الأول من الفقرة، ولكن وضع شرط ".. بأكثرية ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية الوطنية" لتعديله قرار غير عادل. فالديمقراطية معناه موافقة 51 بالمائة أو أكثر، أي أغلبية بسيطة كما هو جار في جميع برلمانات العالم. والأخطر من ذلك أنه حتى في حالة حصول التعديل بأكثرية ثلاثة أرباع الجمعية الوطنية، فإنه يقتضي إجماع مجلس الرئاسة. وهذا يعني أن أي عضو من أعضاء مجلس الرئاسة الثلاثة، أي رئيس الجمهورية وأحد نائبيه، يتمتع بحق النقض، بمعنى أن صوت واحد من مجلس الرئاسة أعلى من أصوات ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية الوطنية. علماً بأن القانون المؤقت كتبته جهة غير منتخبة، لذا ونحن إذ نسأل: كيف يحق لجهة غير منتخبة أن تفرض رأيها على الجمعية الوطنية المنتخبة من الشعب؟
لذلك أقترح إلغاء هذه الفقرة ووضع البديل التالي: (.. يجوز تعديل هذا القانون بأكثرية بسيطة لأعضاء الجمعية الوطنية.) وما يدعم هذا الرأي هو ما نصت عليه الفقرة (ج) من المادة الثانية من نفس القانون: (ينتهي سريان نفاذ هذا القانون عند تشكيل حكومة منتخبة وفقا لدستور دائم.)

ثانياً، المادة السابعة: (أ): - ( الاسلام دين الدولة الرسمي ويعد مصدرا للتشريع ولا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها ولا مع مبادئ الديمقراطية والحقوق الواردة في الباب الثاني من هذا القانون، ويحترم هذا القانون الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية.). هذا النص مقبول في رأيي، وسبب إشارتي إليه رغم اتفاقي معه هو ما يشاع هذه الأيام عن مطالبة بعض المرجعيات الدينية والبعض من القوى الإسلامية ذات الأغلبية في الجمعية الوطنية، إعلان نظام إسلامي وأن يكون الإسلام "المصدر الوحيد" للدستور وتشريع القوانين, هذه المطالبة تشكل مصدر قلق للحريصين على مصلحة شعبنا، لأن فرض نظام إسلامي شمولي على العراق بعد خلاصه من النظام القومي الشمولي الفاشي، يعني إعادة دورات العنف والعذاب لهذا الشعب الذي نال من الظلم بما فيه الكفاية. وعلى الإسلاميين أن يتعظوا من التجربة الإيرانية. فحتى إيران هذه أصدر برلمانها قبل أشهر قانوناً ساوى فيه بين المرأة والرجل في الإرث ولم تعترض عليه لجنة صيانة الدستور. فإقامة نظام إسلامي في العراق مشروع انتحاري. لذلك أحذر من مغبة اعتبار الإسلام المصدر الوحيد للدستور والقوانين أو إلغاء قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، بل يجب تطويره وتعديله إلى الأفضل ليضمن كافة حقوق المرأة.

ثالثاً، هناك إشكالية حول ما جاء في الفقرة (أ) من المادة الثامنة والعشرين، ونصها:
"... ان عضو الجمعية الوطنية الذي يصبح عضوا في مجلس الرئاسة او في مجلس الوزراء يعتبر مستقيلا من عضوية الجمعية الوطنية."
أعتقد أن هذا القرار غير موفق، إذ لا نظير له في جميع دساتير العالم الديمقراطي المتحضر. ربما يصح لمجلس الرئاسة حيث يمكن انتخابهم من خارج الجمعية الوطنية كما ويمكن أن يكون الوزير من غير أعضاء الجمعية الوطنية ولكن ليس صحيحاً أن يعتبر العضو مستقيلاً من الجمعية الوطنية في حالة إستيزاره أو ترؤسه للوزارة. فالوزير العضو في البرلمان المنتخب من الشعب يتمتع بأهلية أكثر من غير المنتخب. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، من الذي سيملأ مقعد العضو المستقيل بسبب استيزاره؟ وماذا عنه لو استقال أو أقيل الوزير (النائب) من منصب الوزارة أو رئاستها؟ فهل من حقه استرجاع مقعده فيما بعد في الجمعية الوطنية وطرد الذي ملأ محله أيام إستيزاره؟ أعتقد أن هذه الفقرة غير صائبة وأقترح حذفها، لأن في بريطانيا مثلاً معظم الوزراء يتم اختيارهم من نواب البرلمان ويحتفظون بعضويتهم كنواب خلال استيزارهم ويحضرون جلسات البرلمان ويحتلون المقاعد الأمامية Front bench. لذا فمن حق عضو الجمعية الوطنية الوزير أن يحتفظ بمقعده وحضور جلسات البرلمان والتصويت في حالة استيزاره أو ترؤسه للحكومة أسوة بما يجري في الدول الديمقراطية الأخرى في العالم.

رابعاً، المادة الحادية والثلاثون- حول السلطة التشريعية الانتقالية- تنص: "تتألف الجمعية الوطنية من 275 عضوا." لقد أختير هذا العدد على أساس نائب واحد لكل مائة ألف من السكان. حيث اعتبر تعداد نفوس العراق حوالي 27 مليون نسمة (24 مليون وفق إحصائية عام 11997). ونحن نعرف أن الشعب العراقي يزداد بنسبة 3 بالمائة سنوياً أي يتضاعف كل 30 سنة. لذا فعلى الأغلب أن تعداد نفوس العراق الآن أكثر من 30 مليون نسمة. (نأمل أن تشن الدولة حملة لتحديد النسل وتنظيم العائلة، لأن الانفجار السكاني من أهم معوقات التنمية البشرية والاقتصادية). وعليه، أقترح أن يكون عدد أعضاء الجمعية الوطنية 301 للدورات القادمة.
أما مجلس الرئاسة المكون من ثلاثة أشخاص (رئيس ونائبيه) فيتمتع أعضاؤها بصلاحيات واسعة لا مثيل لها في الدول الديمقراطية، إذ يتمتع كل من هؤلاء الثلاثة بحق النقض لقرارات البرلمان وهذا يتنافى مع الديمقراطية. فالبرلمان المنتخب من الشعب هو أعلى مصدر للتشريع وصنع القرارات.
والبديل هو:
أن ينتخب البرلمان رئيساً شرفياً للجمهورية، كما هو الحال في الهند وألمانيا وإيطاليا وغيرها. وعادة يكون رئيس الجمهورية المنتخب من البرلمان، غير سياسي، كأن يكون أكاديمي معروف أو سياسي متقاعد عن السياسة، أو من الإتلجنسيا البارزين، وفي جميع الأحوال أن يكون من الذين قدموا خدمات جليلة للشعب. وفي كل دورة يتم اختيار الرئيس من أثنية معينة من مكونات الشعب، دون استثناء المرأة من هذا المنصب الشرفي الرفيع كاعتراف بحقها ومكانتها، خاصة وإن نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات الأخيرة كانت حوالي 65 بالمائة. وهذا يعني أما أن المرأة أكثر حرصاً من الرجل على النشاط السياسي، أو أن هذه هي نسبة المرأة من مجموع السكان، بسبب قتل الرجال إثناء الحروب وجرائم الإبادة التي شنها النظام البعثي البائد ضد الشعب العراقي. ولهذا الخلل بين نسبة الذكور والإناث في الشعب العراقي له تبعات اجتماعية واقتصادية وخيمة.

خامساً، الفقرة (ج) المادة الواحدة والستون. لقد أثارت هذه الفقرة اعتراضات كثيرة عند صدور قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية، وخاصة من قبل ممثلي الكتلة الشيعية، كما ذكرنا أعلاه وهي تخص الدستور الدائم واستفتاء الشعب عليه. إذ تنص الفقرة كما يلي: "يكون الاستفتاء العام ناجحا، ومسودة الدستور مصادقا عليها، عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق، وإذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات أو اكثر."
لا شك أن هذه الفقرة وضعت أساساً لحماية حقوق الأقلية من "دكتاتورية" الأكثرية المنتخبة! ونحن نعرف أن الديمقراطية لا تعني حكم الأكثرية المنتخبة فحسب، بل وتعني أيضاً حماية حقوق الأقلية من طغيان الأكثرية. وهذا حق لا جدال فيه. ولكن في نفس الوقت، هذه الفقرة تلغي وتنسف الديمقراطية من أساسها، إذ يحق لثلثي الناخبين في أي ثلاث محافظات نقض قرار اتخذه الناخبون في 15 محافظة أخرى، أي الأقلية تنقض قرار الأكثرية. وربما وضعت هذه الفقرة لحماية حقوق الشعب الكردي في الفيدرالية وحماية حقوق السنة العرب من الأغلبية الشيعية. ولكن هذه الفقرة يمكن أن تعمل العكس، أي يصوت ثلثا ثلاث محافظات عربية ضد الفيدرالية الكردية وهكذا...
وتأتي الفقرة (هـ) لحل الإشكالية بطريقة باهظة، إذ تنص ـ " اذا رفض الاستفتاء مسودة الدستور الدائم، تحل الجمعية الوطنية. وتجري الانتخابات لجمعية وطنية جديدة في موعد أقصاه 15 كانون الأول 2005 ....." أعتقد أن هذا الحل غير موفق بل هو الآخر صار مشكلة. لأن هذا يعني أننا سنبقى في دوامة مستمرة من الانتخابات والاستفتاءات إلى ما شاء الله! لذلك يجب البحث عن آلية أفضل، تحمي حقوق الأقلية من الأكثرية وفي نفس الوقت لا تتعارض مع الديمقراطية.
وعليه، أقترح على الجمعية الوطنية إلغاء هذه الفقرة والتي اعتبرها عبوة ناسفة للديمقراطية وإثارة المشاكل في المستقبل. والحل البديل هو إقرار الفيدرالية الكردستانية وتثبيتها في الدستور الدائم دون لف أو دوران، والإدارة االذاتية والثقافية للتركمان والسريان والكلدان في المناطق التي تكون هذه الأثنيات تشكل غالبية السكان في تلك المناطق.




#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية وأفق البديل الاشتراكي
- الدكتاتور عارياً!!
- انتصار المرأة الكويتية ترسيخ للديمقراطية
- أزمة قوى التيار الديمقراطي في العراق
- مخاطر الحرية المنفلتة
- شاكر الدجيلي ضحية القرصنة السورية
- الفتنة أشد من القتل... تضامناً مع العفيف الأخضر
- تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة
- حكومة الوحدة الوطنية وإشكالية المحاصصة
- فوز بلير التاريخي انتصار للديمقراطية
- المحاصصة شر لا بد منه!!
- حملة الانتخابات البريطانية والقضية العراقية
- محنة العراق وبن سبأ الإيراني
- فتنة المدائن صناعة بعثية
- هل البعث قابل للتأهيل؟؟؟
- ملاحظات سريعة في ذكرى سقوط الفاشية
- مغزى عولمة تشييع البابا يوحنا بولس الثاني
- علاقة سلوك البشر بالحيوان في الرد على بن سبعان
- لماذا الأردن أخطر من سوريا على العراق؟
- تحية للمرأة في يومها الأغر


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - ملاحظات حول الدستور الدائم