أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جواد الديوان - هروب من ماضي














المزيد.....

هروب من ماضي


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 13:37
المحور: سيرة ذاتية
    


تلاحقه اشباح ضحاياه في التسعينات من القرن الماضي، اضافة الى انتشار للعنف وقوده الثاروالطائفية. امضى السنوات الاخيرة خارج العراق، غسل فيها ذنوبه، وتطهر بطقوس دينية فحج البيت الحرام وتصدق وامور اخرى. ولن يعرفه احد بعد ان احرقت الحرب الاهلية الاخضر واليابس من شهود على وقائع حكم صدام ومطالبين بالثار واخرين. ويتاكد باليقين له ثقب في ذاكرة العراقيين تغادرها الشخصيات ومعالمها وتاريخها وجرائمها واثامها، واسائاتها، وتاخذ بيده احزاب السلطة ليتـسنم منصبا. ويتحقق الحلم "يتربع على راس مؤسسة". انها دعوات والدته وبره بها، هكذا حدث نفسه مرارا، وشكر الله كثيرا.
مثلا لم يحلم يوما برئاسة جلسة يحدد فيها وقتا للمتكلمين من كبار القوم او علمائه، و قد يطلب من احدهم ان يكتفي من مداخلاته او ليسكت عن موضوع. "عصامي" قالها بصوت عال، كلمة تليق به وتصفه، فقد بنى نفسه بنفسه، وانتشى حال قراءة الاوامر والتعليمات وتوضح اسناد المهمة له، ويردد امام ضيوفه قول النابغة الذبياني ممتدحا ذكاء الشاعر وحلمه وقابلياته:
نفس عصام سودت عصاما وعلمته الكر والاقداما
وتزاحم نشوته ذكريات من سنواته السابقة, ايامها تمر الاعوام، وهو يرتعد خوفا امام المسؤول الفني وكذلك الاداري او السياسي (الحزبي)، ولم يستطع التواصل معهم بالنظر. يقف مثل التلميذ، ويتصنع الضعف والانكسار ليقدم الاحترام، وليشعر المسؤول بالقوة والسطوة والهيبة. يضع يداه على صدره، وخط نظره يتصل بالارض مباشرة وتحت قدميه، وهو يستمع للنصائح والاوامر والارشادات والانتقادات يرافقها التهديد والوعيد، وربما بذاءات هولاء المسؤولين. يبدا الكلام بالاستاذ، كلمة تتكرر متناثرة بين الجمل، وكلماته الاخرى المبعثرة عندما يوضح او يجيب على سؤال، وتزداد الحالة سوءا بدفاعه عن نفسه او بتقديم اعذار.
يدعو الله ليتجنب تلك المواقف، او على الاقل يقل زمن استمرارها، ولا يطول وقوفه بين يدي الاستاذ. وبعضهن تـنتبه للضعف والذل، مع الحيرة، ربما لانه من محافظة ... او هذا هو الاسلوب الامثل للنجاح في الحياة العملية والعلمية، وياخذن منه موضوعا للتندر والقصص المبالغ فيها. ويتوسل للائمة الاطهار لتجنبه تلك المواقف، فهو يتصبب عرقا خلالها حتى في الشتاء من التوتر والاضطراب، ويلاحظه كل من حوله.
تاكد بشكل قاطع من محاولات المسؤولين ليبقوه فترات اطول، او ربما تمتعوا باضطرابه وتوتره وضعفه وخوفه. "ساديون" ردد في سره مرات، لذتهم بالم الاخرين ومعاناتهم. اضحى متاكدا بعد ان ساورته الشكوك حول تكرار المواقف بوجود نساء، سكرتيرات ومتدربات او موظفات بعناوين كثيرة. لاطفته احداهن في قراءة وتكرار ابيات للجواهري منها:
لم يعرفوا لون السماء لفرط ما انحنت الرقاب
ولفرط ما ديست رؤوسهم كما ديس التراب
تيقن انها تسخر منه، وتشجع غيرها كذلك. لعنها سرا، كما صب جم غضبه على الشاعر. وحيرته صورة ترسمها الابيات بدقة متناهية. ترى هل عرفت الفتيات بانفعالاته ذليلا امام ...، "لا فالجواهري حالة خاصة". يقنع نفسه بذكاء الشاعر او بعواطفه، ولكن للمتدربات وللموظفات ولغيرهن هموم اخرى في الحياة. وزاحمت ذكرياته الفرح برئاسة الجلسة! ويفشل ان يمثل بطل النابغة الذبياني فلم تعلمه نفسه الكر والاقداما.
في حياته اجتاز الامتحانات والمطبات بسهولة ويسر، فلم يجد اساتذته فيه منافسا لهم في المهنة. وتاكدوا من ضعف قدراته في اتخاذ قرارات علمية وعملية، يتحمل معها مسؤولية اكبر. يتردد في وصف الاحداث! وينتظر تكامل ظهور الصورة ليسمي الاحداث بمسمياتها. وهكذا يفضلونه الاساتذة عن اخر يقدم وصفا للاجزاء الناقصة من الصورة، لينطق باسم الحدث، محددا ذلك بكل دقة مع الادلة والاستنتاج، ويجذب انظار الناس عندها. كما يعرف اساتذته بانه لا يحبذ الظهور العلني ولا لعب دور الاول او الناجح والرابح، ولا يملك الشجاعة المطلوبة لخوض مغامرة. فهو الافضل من الاخرين، فقد تغير زمن النابغة الذبياني، واختفى الكر والاقداما فعليا دون معانيها.
في حياته العملية، تمنى لو يبتعد عنه منافسيه في التملق والخضوع وتقديم الولاء والطاعة، كما ود لو اختفى من امامه الاذكياء وكذلك الشجعان. وتمنى لو لم ينافسه احد على قلب فتاة!. ونصحه بعضهم ان يتحدث بصوت خافت ومنخفض عن ازدراء هؤلاء للولاة والحكام وعبيد الله في السلطة. لم يشعر وقتها بالاثم ولا الذنب لاختفاء الاخرين، المهم تربعه على هذا المنصب.



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول شخصية الفرد العراقي
- دوافع وحاجات (مشاهدات من العراق)
- هذيان سياسي
- الجلبي يكرم الاول على الرياضيات – كلية العلوم في جامعة بغداد
- شخصية رحامية (افكار خاصة)
- ثقافة العنف: نظرة خاصة
- لو يسعى التيار الديمقراطي من اجل كتلة سياسية
- ملاحظات حول مستقبل العراق
- تغيرات في اليات التعليم الطبي
- نائب
- شخصية نرجسية (ملاحظات خاصة صدام حسين)
- نموذج ام عراقية (والدتي)
- ادوار سياسية
- الاكاديمي والعمل السياسي في العراق
- غضب الاطفال
- اغنية خي خي وذكريات خاصة
- العراق بحاجة لتحالف القوى الديمقراطية
- ترقية علمية 1 - 2
- نحو تحالف للقوى الديمقراطية في العراق مرة اخرى
- احتفالية اليوم العالمي للفتاة في بغداد


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جواد الديوان - هروب من ماضي