|
( الحلقة التاسعة ) يوميات سكين
باسم محمد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4264 - 2013 / 11 / 3 - 22:46
المحور:
الادب والفن
رواية في حلقات لم يتفاجيء الشيخ بحديثي فقد سبق واطلع عليه ، لكنه لم يعلم بالتأكيد بمدى معاناتي ، التي وصلت حد نبذ النوم خشية من الكوابيس التي تتربص بي ، بل وتلتصق بي كظلي ، اما رغبتي التي لم اشأ ان اخفيها او اتجاهلها ، فكانت تتمثل بمعرفة سر هذه السكين ، التي فتحت علي باب جهنم وحولت حياتي إلى شقاء ، وبينما كنت اتبادل معه اطراف الحديث ، تلقى مكالمة هاتفية اجبرته لبرهة على قطع حديثه معي ، لكني شعرت ان للمكالمة علاقة بي ، بعد ان استهلها الشيخ بتوجيه نظرات عميقة مشوبة بالحيرة والتجهم ، فمن يا ترى هذا الذي كلم الشيخ واجبره على تشفير كلماته ؟ هل هو من طرف بائع السكين أم شخص آخر لا علاقة له بقصتي ؟ وبينما كنت اواجه ترددي ، سمعت جلبة وأصوات تكبير ، رافقت دخول قيادي جديد لم اعهده من قبل ، فقد كان هذا القيادي طويلا ، كث اللحية ، يجلجله الغموض من رأسه إلى أخمس قدميه ، ما جعلني اراقب حركاته واحصي سكناته ، عسى ان اجد ما يفك قيدي وينهي معاناتي ، وبعد ان جلس خاطبنا بلكنة غريبة : - انظروا إلى هؤلاء وأشار بيده إلى رجال اربع كانوا جالسين امام الجمع في وسط الغرفة ، وهم مكممي العيون وموثقي الأيدي : - انهم من اعدائكم لأنهم يدعمون العدو بعملهم الخدمي وجهدهم اللوجستي خاطبه احدنا : - يبدو من وجوههم انهم من العمالة الآسيوية رد القيادي : - هم كذلك فعلا أجابه المتكلم : - هل يستحقون المحاكمة ؟ رد القيادي : - نعم هم يستحقونها أيضا - ولكنهم ليسوا من ملتنا - نعم هم كذلك .. ولكن للجهاد شروط منها : ان يكون الشخص معاديا لك أو صديقا لعدوك - إذن ما الداعي لمحاكمتهم ؟ - حتى نسمح لهم بالدفاع عن انفسهم انطلاقا من سنن ديننا - يبدوا هذا منصفا - نعم .. ولكن صمت القيادي لبرهة ثم اكمل كلامه : - تواجهنا مشكلة التحدث معهم ثم وجه كلامه إلينا : - هل هناك من يتقن لغتهم ؟ فلم يرد عليه احد فعاد القيادي للكلام : - ربما سنتفاهم معهم بالإشارات فجأة رفع احد المتهمين يده وقال : - اسمحوا لي بترجمة الحديث فأنا احسن التكلم بلغتكم سر القيادي بذلك ، وأعلن بدأ المحاكمة ، مبتدءا بسؤال المتهمين عن اسمائهم واعمارهم ودياناتهم وبلدانهم ، وبعد ان تلقى منهم الأجابة ، وجه لهم سؤالا جديدا : - لماذا تساعدون العدو ؟ تحدثوا مع بعضهم قليلا ثم نقل صاحبهم المترجم ردهم : - اننا لا نساعد أحدا بل جئنا للعمل وحسب - ولكن أليس هناك عمل في بلدكم ؟ - نحن من بلد فقير وليس فيه فرص عمل كثيرة وان وجدت فلا تسد حاجتنا - الم تجدوا بلدا آخر يمكن ان تجدوا فيه عملا مناسبا غير هذا البلد ؟ - لو وجدنا هذا البلد لما جئنا إلى هنا وعرضنا انفسنا للخطر - هل كنتم تدركون هذا الخطر ؟ - نعم .. ولكن ليس إلى هذا الحد - أتغامرون بحياتكم من اجل فرصة عمل محفوفة بالمخاطر ؟ - انه الفقر يا سيدي - ولكن هل تنتظرون ان نرحمكم بسبب حاجتكم للعمل ؟ - هذا ما نأمله منكم لأن الرحمة من سمات الاديان - انكم تعينون عدونا بعملكم لديه ونحن وهذا العدو في حالة حرب يقتلون منا ونقتل منهم وانتم بعملكم لديه تساعدونه على قتلنا - لم يكن قصدنا - لكن هذا ما حصل - نحن آسفون لذلك - وهل الأسف يجدي ؟ - دعونا نغادر ارضكم - هذا يجعلكم تفلتون من العقوبة ؟ ما ان نقل المترجم هذا الكلام لهم حتى اجهشوا بالبكاء واخذوا يصرخون بصوت عال ويرددون كلمات بلغتهم ثم تكلم صاحبهم المترجم : - اننا نطلب الرحمة .. نحن فقراء رد القيادي : - لقد حكمنا عليكم بالموت بدى الرعب على وجه المترجم ، لكن ذلك لم يمنعه من نقل ما سمعه إلى زملائه ، الذين ما أن سمعوه حتى أجهشوا بالبكاء ، ورددوا نفس الكلمات التي رددوها من قبل ، ثم رد المترجم والأرتباك بائن عليه : - هل حكمكم نهائي ؟ - نعم وسينفذ في الحال - وما هو حكمكم ؟ - الموت وبطريقة اسلافنا ثم دعاني القيادي وثلاث اشخاص آخرين إلى تنفيذ الحكم بهم ، هنا اردت ان أدلو بدلوي في الأمر فقلت : - لماذا لا نطلب فدية منهم ؟ ابتسم القيادي وقال : - انهم من الفقراء وليس لديهم ما يدفعونه - ربما حكومتهم تستطيع ذلك - وهل تعتقد ان بلدهم الفقير يمكن ان يدفع من اجل فكاكهم - لنجرب ونرى - ليس لدينا وقت .. ثم ان لدينا سبب آخر لأصدار هذا الحكم وهو اننا نريدهم عبرة لغيرهم - اذن لا مناص من ذلك - نعم فتوكل على الله شعرت بعد هذا الحوار ، أنني أصبحت كالدمية التي يحركونها كيف يشاؤون وليس كما اريد ، فهم يدفعوني إلى فعل اشياء لا استسيغها ، لأن هؤلاء الفقراء يذكروني بعائلتي التي كانت تعاني من شظف العيش ، لكن يبدوا انه كتب علي ان اعاني وان اعيش مأساتي الخاصة ، شعرت بالجمع وهو يتمعن بي ، كأنني الشاذ بينهم ، بعد ان نفذ الآخرون ما طلب منهم ، لذا اسرعت إلى هدفي بكل ما اوتيت من خوف وقلق وارتباك ، كانت نظرات المترجم الذي عهد تنفيذ الحكم به الي تقطر رعبا ، لكن بعد ان لمح تلك السكين اللعينة ، هدأت حركته ، وضعفت مقاومته ، وبات كالمصدوم الذي لا يعي بما يحيق به ، وبينما كنت أهم به ، سمعت صوت الشيخ وهو يدعوني إلى الطعام الذي يبدوا انه قد جيء به على غفلة مني .
يتبع
#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحلقة الثامنة ( يوميات سكين )
-
للتذكير بحملتنا الرائدة لتخفيض رواتب وامتيازات المسئولين الع
...
-
( الحلقة السابعة ) يوميات سكين
-
لستم سادة ولسنا عواما
-
مراجع الدين وموضوع تحريم الرواتب والإمتيازات الخاصة
-
الاحزاب الدينية والوصاية على الدولة
-
الأحزاب الإسلامية والقومية بين مطلب الإلغاء وخيار تغيير البر
...
-
نحو مصالحة شعبية
-
العبودية العشائرية في العراق
-
لا سادة ولا عوام كلنا متساوون
-
في العراق هل القانون حقا فوق الجميع ؟
-
العراق وإسرائيل .. أنتفاء تبريرات الحرب المعلنة
-
أنساب السادة وأنساب العوام
-
زيارة الاربعينية .. وقفة تقييم
-
وأن كانوا يهودا ؟!
-
القراءة التأريخية لواقعة كربلاء
-
دعوة لفسح المجال لسياسيين جدد
-
في ذكرى 2 أب : يجب أن لا تُنسى المواقف الحسنة والطيبة
-
أننا مقصرون مقصرون مقصرون يا أخواننا المسيحيين
-
متى تنتهي مأساة أسرة مكمينيمي البريطاني المختطف في العراق ؟
المزيد.....
-
هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف
...
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|