أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم المطير - ضرورة صياغة دستور بلا محاور استبدادية 3















المزيد.....


ضرورة صياغة دستور بلا محاور استبدادية 3


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1216 - 2005 / 6 / 2 - 13:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ضرورة صياغة دستور بلا محاور استبدادية (3)
يتداول العراقيون في بيوتهم ونواديهم وجمعياتهم ولقاءاتهم موضوعة " الدستور " باعتباره شكلا رئيسيا من أشكال الإرادة الشعبية لا يمكنهم التنازل عنها .
وكمبدأ عام فأنهم من ناحية ثانية لا يمكنهم القبول بأن تؤول حقوق " حيازة " الدستور " كلياً " إلى أية كتلة من كتل لجنة الصياغة من دون التمثل العقلاني في تجارب سابقة أو من دون الانتباه إلى المواهب العراقية الكثيرة الموجودة في الجامعات العراقية ولدى العراقيين العاملين في الجامعات الأجنبية . كذلك من الضروري أن يسارع بعض أعضاء اللجنة وغيرهم للتحرر من اختراع المواعظ والمقدسات والبركات وغيرها من الأمور الدينية في محاولة من هذا " البعض " لتنشيط منتجات جديد النوع في " التمييز " المتعدد الأشكال ، وهي منتجات فكرية عفا عليها الزمان وسقطت في كل مكان ، جميع أنواع " الأفكار المقدسة " . فالفرق بين العصور القديمة والعصر الحديث فرق شاسع ونحن نعيش في عصر الحوار . وكل فكرة قابلة للحوار ، أي لا يمكن وجود فكرة أو مادة أو فقرة تثبت في الدستور يمكن أن لا تخضع للحوار .
إن صنع " الدساتير " هو إنتاج إنساني (عقلي – سياسي – قانوني ) هو بالضبط مثل العمل بين إنتاج شيء وإعادة إنتاجه ، أي خلق إنتاج جديد يعاد صياغته وفق ما وصلت إليه الحياة الإنسانية من تقدم هائل في جميع نواحي العلاقات الإنسانية . . إن الدستور لا ينتج عن فروض قبلية أو حزبية أو دينية ، بل ينتج بالأساس من أفكار الناس وحرياتهم وذاكرتهم وما تعلموه من الحياة من أنواع مختلفة الأشكال من " الاستبداد " الذي حازت وتحوز عليه " القوة " وليس " العقل " مما يستوجب أن يكون العقل الإنساني هو النموذج المطلق للخلاص من الاستبداد بواسطة عفوية الدستور وقوته الإنسانية الخلاقة وبإبداعات صائغيه . فهل يكون العقل العراقي والتجربة الشعبية هما أساس صياغة دستور عراقي جديد بلا استبداد ..؟
أُعلِن رسميا في بغداد أن لجنة صياغة الدستور العراقي الدائم، ستباشر جلساتها ابتداء من يوم 28 أيار 2005 وهي لا تزال في حالة حركة متواصلة من امتلاك زمام أمورها كلجنة وطنية عليا لصياغة الدستور ولكي تضمن أن لا يكون وجودها ونتاج عملها شكلا من أشكال الإكراه بالنسبة لبعض مكونات الشعب العراقي مهما كان هذا ( الشكل ) جزئياً .. ومن الضروري أن تركز اللجنة أسس نجاحها في ابتعادها عن التصور بأنها لجنة مصطفاة و مفضلة أو أنها فوق الحوار والنقد .. فأن ما يعتبر مكسبا ايجابيا حقا هو ابتعاد اللجنة عن هذه الصفة وأن لا تجعل نفسها حقا لجنة مقدسة ، وأن تدرك كل - كتلة داخلها - أن ليس بإمكانها ممارسة الإكراه في قراراتها وفي التزاماتها المتبادلة ، وسط مساعي أطراف عدة لتوسيع مشاركة العرب السنة في العملية السياسية الانتقالية مثل جميع العراقيين الآخرين • الشيء الذي يجب التأكيد عليه أن تضع هذه اللجنة نفسها وعملها لخدمة الشعب كله ولضمان حقوقه كلها .
قال رئيس اللجنة النائب الشيخ همام حمودي:
(ستجتمع اللجنة لمناقشة عملية صياغة الدستور، وقد شكلنا لجنة فرعية للاستماع لوجهات نظر أخوتنا العرب السنة ودراسة مقترحاتهم للاتفاق على طريقة مشاركتهم )•
وكان وزير النفط العراقي الدكتور إبراهيم بحر العلوم قد قال في وقت سابق قبل اجتماع اللجنة الأول و بعدما استقبله المرجع الشيعي العراقي الأعلى السيد علي السيستاني في النجف :
(إن هذه الزيارة تأتي ضمن الزيارات التي نقوم بها لسماحته لأخذ التوجيهات والإرشادات في كافة المحاور الدستورية والتنفيذية )•
وتابع قوله :
(نأمل أن نكون عند حسن ظن العراقيين وان نقوم بمهامنا على أحسن وجه )•
وردا على سؤال صحفي عن إمكانية تدخل المرجع الشيعي في كتابة الدستور، أُعلِن بحر العلوم ( أن السيد علي السيستاني لم يتدخل في التفاصيل وترك القضية لأعضاء الجمعية الوطنية وأعضاء اللجنة الدستورية ) .
من الملاحظ ان التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وهو تيار ديني متشدد عرف خلال العامين الماضيين بشعوره المنغلق تجاه القوى والأحزاب الوطنية بما فيها الأحزاب الدينية قد تجاوز هذا المنطلق متحولا من الهيكل الجزئي المسلح في الشارع العراقي الى الهيكل السياسي العام ضمن العملية السياسية كلها ، ودعا الى مشاركة جميع شرائح الشعب العراقي في كتابة الدستور الدائم والعمل على عدم تهميش أي فئة• وقال كبير مساعدي الصدر، الشيخ حازم الأعرجي خلال خطبة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة (إننا نطالب بإشراك الجميع في كتابة الدستور ونريد أن يُكتَب بطريقة تضمن العدالة لجميع أطياف الشعب وأن لا تظلم أو تهمش أي فئة ) •
وعسى ان تكون مثل هذه التصريحات خطوة فعلية للتحرر من الممارسات المتشددة السابقة . وأضاف : (السيد مقتدى الصدر مستعد للسعي لإدخال الإخوة السنة في مشروع كتابة الدستور وبقية الأقليات الأخرى حتى يكون الدستور عراقيا 100% ومقررا من قبل كافة المذاهب والطوائف والأقليات في العراق )•

يلاحظ مما سبق أن الحديث يجري داخل لجنة الصياغة وحواليها عن " الشيعة " وعن " السنة " في عشية بدء الحوار الاستراتيجي بين أعضاء لجنة الخمسة والخمسين . لا بد من التأكيد هنا انه من الضروري ان يستند أي حوار وأي قرار بعيدا عن الحجج القائلة ان هناك أكثرية " شيعية " وأقلية سنية ومن ثم أقلية صابئين ومسيحية ويزيدية و" كرد فيلية " تماما كما كان يجري خلال العامين الماضيين . ألا يوجد بديل عن هكذا حوار أو مداولات ..؟ لماذا لا يتداول أعضاء اللجنة حقوقا دستورية لمواطنين عراقيين متساوين في الحقوق والواجبات ..؟

إن أشد ما يغضب بعض الأقليات العراقيين ويؤذي مشاعرهم ويقود إلى نوع من التوترات هو الحديث عنهم أو التعامل معهم كأقلية أو طائفة‏ من الدرجة الثانية أو الثالثة بينما ‏ يحلو لهم دائما ،وهو الأصوب وطنياً وإنسانياً ، التعامل معهم باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع العراقي كله الذي انصهر في بوتقة واحدة وتكونت منه سبيكة متينة علي مر التاريخ المرير الذي لم يخلو من الظلم والظلام لزمن طويل شمل جميع العراقيين ‏.‏ أن اختلاف الدين لا ينال من وحدة الدم والمصير بين أبناء العراق جميعا‏.‏ ولهذا ناضل جميع العراقيين صفا إلى صف ضد جميع الغزاة وغيرهم من الحكام الظالمين وآخرهم صدام حسين ‏.‏ وكذلك ضد عصابات الإرهابيين ممن لا دين لهم ولا أي شعور بالإنسانية ، فهم يقتلون العراقيين من دون تمييز ومن دون تفرقة‏,‏ فضحاياهم هم من المسلمين الشيعة والسنة والصابئة واليزيديين ومن العرب والأكراد والتركمان ، ومن العلماء والعلمانيين ، من الأطفال والنساء والشبان والشيوخ ..لذلك تنزه الإسلام من أن تنسب إليه هذه الجرائم التي لا تجد سندا لها في دين أو أخلاق يشارك مع بقايا النظام الفاشي السابق بعض العرب والأجانب من أعداء الديمقراطية ‏.‏ ورغم جميع محاولات تفرقة أبناء الشعب العراقي التي لعب ومازال يلعب الدور الرئيسي فيها أطراف عديدة من الأعلام العربي ، صحفا وفضائيات وأحزابا وتكتلات وأحيانا تأتي من بعض دول الجوار ، فأن النسيج الاجتماعي – الوطني سيظل موحدا وقويا ومتماسكا خاصة إذا ما نجحت لجنة صياغة الدستور الدائم في تقوية عناصر هذا النسيج وتدعيمه بتوثيق وتعميم مبادئ النافع والمنتفع بمختلف مواده وفقراته ووضوحها التام وبشكل يساوي بين جميع المواطنين .
ولا بد من تذكير الأحزاب والقوى الإسلامية العراقية بان تجارب العمل الإسلامي السياسي في غالبية البلدان العربية ( الجزائر .. الأردن .. مصر .. سوريا .. الأردن .. السعودية .. فلسطين .. لبنان .. ) برهنت أن " الديمقراطيين الإسلاميين " ليسوا ديمقراطيين على الإطلاق .. إنهم لا يكافحون إلا من اجل فرض سيطرتهم على المجتمع وهناك أقلية منهم ترى أن من غير الممكن التفاهم والتحالف لا مع الحكومات العربية ولا مع الديمقراطيين المتنورين في الغرب ، وأشير هنا إلى أن هذه الجماعات لم تتمكن من فرض تأثيرها على غالبية الأحزاب والقوى الإسلامية العراقية التي تضمنت مواثيقها وبرامج عملها مبادئ ديمقراطية خاصة الديمقراطية البرلمانية .

نلاحظ في الخطوات العراقية الأخيرة كلاما كثيرا عن ضرورة إشاعة الوفاق الوطني وربّ أن تكون أفعال اللجنة الدستورية قادرة على تحقيق أفضل انسجام ممكن بين الأفكار والمصالح المتنوعة والمتنافرة أحيانا للتجمعات المختلفة للشعب العراقي عن طريق المشاركة الجماعية والابتعاد عن التشريع المفروض باسم الدين أو القومية أو الطائفة ، وان تظل العلاقات الديمقراطية والحوار الديمقراطي في عصر الديمقراطية هي الأساس في الصفات المشتركة بين جميع القوى السياسية والمكونات الاجتماعية .
ذات يوم قالت القيادية الشيوعية روزا لوكسمبورج برأي ٍ واضح ٍ وصريح ٍ في بداية ثورة أكتوبر 1917 حين كانت الثورة تعد وتعمل لخلق المؤسسات الدستورية الجديدة في بلد معقد التكوين الاجتماعي في الإمبراطورية الروسية الشاسعة ( مما لا شك فيه أن لكل مؤسسة ديمقراطية حدودها ونقائصها وهذا ما تشترك فيه مع جميع المؤسسات الإنسانية الأخرى ولكن الدواء الذي ابتكره كل من لينين وتر وتسكي أي القضاء على الديمقراطية عموما هو أسوأ من الداء الذي يراد الشفاء منه لأنه يسد المعين الفياض الذي يمكن أن تتدفق منه وحده التصحيحات الضرورية لجميع ضروب التقصير الملازمة للمؤسسات الاجتماعية ونعني به الحياة السياسية الفاعلة التي لا عائق أمامها والنشيطة لأوسع الجماهير في الوطن ..) .
وبالتأكيد هناك أمثلة عن نظريات وأفكار أدلى بها بعض أعضاء وأحزاب لجنة الصياغة وهم ينادون بها باسم الديمقراطية بينما هي بعيدة عن الديمقراطية عند صياغة الدستور العراقي الجديد . أوردتُ ملاحظات روزا لوكسمبورغ للتعقيب على تصريح الدكتور إبراهيم بحر العلوم ( أن السيد علي السيستاني لم يتدخل في التفاصيل وترك القضية لأعضاء الجمعية الوطنية وأعضاء اللجنة الدستورية ) .
رغم أنني سأتناول في حلقات قادمة علاقة الدين بالدولة إلا أنني أعقب قليلا هنا على التصريح الذي أدلى به الدكتور بحر العلوم وهو يعكس وجود شقين في سطر واحد : " ظاهر " و " باطن " .
(الظاهر ) إن السيد علي السيستاني ( لم ) يتدخل في التفاصيل الدستورية .
أما ( الباطن ) فهو أن السيد علي السيستاني ( تدخل ) في غير التفاصيل أي في الأمور الأساسية ، وإذا لم يكن هناك ظاهر وباطن في موقف السيد علي السيستاني فأن ذلك يعني أن تصريح إبراهيم بحر العلوم لم يكن دقيقا كل الدقة . وهذا ما أفكر فيه شخصيا في الوقت الذي يعتبر فيه جميع المسلمين وغير المسلمين في العراق وغير العراق – وأنا منهم - أن السيستاني يملك ميزات ومعايير عالم ديني كبير متفوقا في عصره بمعنى انه لا ينتسب لداينميكا المحركات السياسية التي تتنوع فيها أساليب مختلفة واختلاطات مختلفة ومشايع مختلفة وامتدادات مختلفة لا يمكن تصور تطابقها مع العلوم الدينية ومع أسس الدين الحنيف مما يؤكد حقيقة عدم دقة بحر العلوم في تصريحه ..
ورغم تطلع العراقيين عموما إلى الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والسلم الاجتماعي فأننا نجد الأحزاب الوطنية والديمقراطية مختلفة في مضمون المفاهيم وفي الوسائل الكفيلة بتحقيقها بحيث تظهر في بعض الأحيان صراعات أو مواقف سياسية متباينة تنشا عن هذه الاختلافات . وكثيرا ما وجدنا وما زلنا نجد أن كثيرا من الغايات الوطنية ( قد ) مزقتها التناقضات الوطنية لا بسبب الخلاف حول تفسير المفاهيم بل لصعوبة التوفيق بين الحرية والمساواة والعدالة في مجتمع متأزم كالمجتمع العراقي واختلاف القانونيين والسياسيين على حدودها . ولا تزال هذه المسائل بعيدة عن الحل حتى في البلدان التي حققت الديمقراطية دستوريا وحياتيا في دول غربية عديدة سبقتنا بقرنين من الزمان .
(ملاحظة : لا ادري لماذا استخدم بحر العلوم حرف الجزم ( لم ) بدلا من حرف النفي (لا ) ) اللهم إلا لأنه أراد أن يأتي بالباطن الأحادي الجانب بينما كان السيد علي السيستاني قد أعلن في السابق أكثر من مرة بمنطق سليم انه لن يتدخل في السياسة ولا في الدستور ولا في شكل الدولة القادمة .
لا أريد الغوص في صميم هذا الموضوع الذي يرتكز على التباس في تصريح الدكتور بحر العلوم بين التدخل وعدم التدخل في موقف السيد السيستاني ولا ادري بالنتيجة هل كان الالتباس فنيا أو منهجيا .
الشيء المهم الجدير بالتذكير أن ليس للمواطنين الشيعة موقف سياسي واحد ،فهم موزعون على غالبية الأحزاب العراقية وفيهم نسبة كبيرة من المستقلين الذين لا يجدون فرقا بينهم والآخرين من المذاهب والأديان الأخرى . فالجميع عراقيون ولم يبدو من المرجعية السيستانية أي تدخل لا في " الشئون الكبرى " ولا في " الشئون التفصيلية " سوى بعض التدخلات من وكلائه وباسمه خلال الانتخابات البرلمانية .. ولا أشك أن جهده تركز في الإرشاد والتوجيه الموجه إلى ( جميع ) أبناء الشعب العراقي نحو التماسك والوحدة الوطنية .
لقد مر التاريخ الشيعي من أعمال إلى أعمال ، ومن آمال إلى آمال ، ومن أحداث إلى أحداث ، ومن نتائج إلى نتائج ، وقد أصبح كل ذلك جزءا من التاريخ العراقي ، القديم والحديث ، ومن تاريخ الشعب العراقي كله
وقد نتج عن سقوط نظام صدام حسين منطق جديد أمام الشيعة في العراق بعد نالوا حريتهم في التعبير وبعد أن كان تسلسل النتائج الفعلية أن الزمن العراقي الجديد يبلغ الشيعة العراقيين بخير نراه يمضي وسط إصرار القوى الإرهابية والعفلقية على أن يرتد العراق إلى نظام الشر والأذى ، أي النظام السابق ، بعد تحوله من نظام إرهاب الدولة إلى نظام إرهاب الشارع من دون أن تحسب بعض القوى الشيعية حسابا مدروسا دقيقا يرتكز على التجربة العراقية كلها .
لماذا لا يتحول مثلا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بعد منطلقات التغيير الكبير الذي حدث بعد سقوط النظام عام 2003 إلى تغيير اسمه ومعناه حيث لم يعد مفهوم ( الثورة الإسلامية ) متطابقا مع منطق الواقع العراقي والمفاهيم العراقية السياسية الحالية يمكن تحويله إلى حزب عراقي صميم أو إلى تنظيم بدون تسميته ( حزبا) إن لم يكن ( الفقه الشيعي ) يجيز تأسيس (حزب ) غير حزب الله . يمكن للشكل التنظيمي الجديد أن يضم في داخله كل عراقي يحب وطنه وان يتحول إلى حزب قادر على امتلاك حرية الحركة والمناورة والمساهمة في تطوير المجتمع العراقي كله والاستفادة من منجزات الثورة العلمية والتكنولوجية العالمية في تحقيق ازدهار حقيقي في حياة أبناء الشعب العراقي المضطهدين منذ زمان طويل وكذا يمكن القول عن حزب ( الدعوة الإسلامية ) وربما تكون التسمية صحيحة لو كان الإسلام ظاهرة دينية جديدة وليس في وقت صار فيه العالم يضم مليار وربع من السكان المسلمين . يمكن تغيير الاسم إلى حزب الدعوة الديمقراطية أو الإنسانية مثلا أي إلى حزب عراقي خالص . وقد لاحظنا خلال الانتخابات ظاهرة ايجابية بوجود أسماء غير شيعية ضمن قوائم ترشيح التنظيمين الشيعيين الرئيسيين .
هذه الملاحظة نفسها تشمل العديد من الأحزاب الإسلامية الأخرى التي تظهر هياكلها السياسية والثقافية المتنوعة أن الشيعة صاروا" شيعا " وان السنة صاروا " سننا " وان المسلمين جميعا صاروا " شعبويين " بالمئات وهناك نرى انقسامات كلدو- آشورية . . حتى يمكن مشاهدة انقسامات تركمانية أيضاً .
كل هذا الاختلاط له علاقة مباشرة بمفهوم المجتمع المدني الذي يجمع الكل على ضرورة بنائه ولن يكون غير الدستور المرتقب بصياغة ديمقراطية - إنسانية أداته النفيسة والثمينة والصلبة في هذا البناء .
من الممكن أن تتضاءل فرص الدستورية الديمقراطية وان تنمو فرص ظهور( أشكال استبدادية ) جديدة كلما تعمقنا في سياق تحليل الصراعات السياسية والحزبية التي قد توسع الخلافات ولا تضيقها إذا ما وجدت ( بعض ) قوى اجتماعية – سياسية أنها غير متشابهة الأهداف مع القوى الأخرى بل قد تجد هذه القوة أو تلك أنها (المتفوقة ) في أفكارها أو في مراكزها التصويتية داخل البرلمان وهذا بدوره يؤدي إلى تعدد اصطفاف " الشعبوية الدستورية " بديلا لـ"لوحدة الدستورية" .
لذلك فان الهدف الرئيسي الذي يحتاجه بناء مجتمع مدني هو البحث عن كل متطلباته وعن كل القوى التي تكونه بصفتها مجموعة من العوامل الجوهرية القادرة على تنقية أجواء مجادلات أعضاء لجنة صياغة الدستور وعن أبعاد كل شكل من أشكال الاستبداد بالرأي أو المواقف التي تؤدي إلى خطر انتشار التلوث في النقاش أو التحول إلى الانحراف أو الجمود العقائديين .
منذ سقوط النظام الدكتاتوري العراقي في التاسع من نيسان 2003 فان الأسس التي قام عليها النظام نفسه لم تسقط أو أنها لم تسقط كلها واعني بذلك أسس الاستبداد ولم تخلو أي وزارة أو دائرة منذ ذلك اليوم وحتى الآن عن استبداد الأقوى في ( الدولة ) ضد الأضعف في خارجها .. لقد خلف هذا النوع الجزئي من السقوط مؤسسات كثيرة تمثل الحكومة الجديدة وتدعي أنها صارت تمثل الشعب بعد تحرير رقبتها من أيدي صدام حسين ونظامه كما ادخل مصطلح الديمقراطية وغيره من المصطلحات الحديثة على الصحافة والاجتماعات الحزبية لمختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية بما فيها الطبقات والأحزاب الدينية الإسلامية وسادت الدعوات بين الأحزاب السياسية حول ضرورة تمتعها بعلاقات " المصالح المنسجمة " عن طريق ما يسمى بالتوافقية والمحاصة وغيرها من أفكار ورؤى لا تخلو من الحبور والسعي نحو توزيع المناصب التي تصب جميعها باتجاه إعادة بناء الدولة على أسس دستورية ، لتأسيس مجتمع منسجم المصالح .
لكن الفترة الحالية نفسها كشفت بشكل أو آخر عن وجود حالة من تنافر مصالح كل أجزاء المجتمع العراقي مثل تنافر المصالح في قضية كركوك وتنافر المصالح عند مباحثات تشكيل أول حكومة عراقية من داخل برلمان منتخب وقد أدت رؤية المصالح إلى رفع مستوى الوعي الشعبي إلى درجة لا تساوي ولا تعادل ارتفاع مستوى الوعي الذاتي والوعي الحزبي والوعي القومي لدى الأكراد والتركمان والوعي الطائفي لدى السنة والشيعة وغدت هناك رموز كثيرة ومتعددة لهذه المصالح غدا معها واضحا ان الرأي العام في الشارع العراقي أصبح مهمشا ومتفرجا على النزاعات السياسية والاجتماعية الجارية في المجتمع خاصة في ظروف فقدان الأمن الحقيقي بعد تعاظم الأعمال الإرهابية والتخريبية .
إلى جانب هذا الوضع وفي داخله ظهرت بوضوح اتجاهات تنمية الثروة الفردية في حركتي استيراد البضائع التجارية وتصديرها مصحوبة بظاهرة الفساد الإداري وزيادة سلطة الرشاوى في العلاقات بين الموظف الأدنى والموظف الأعلى داخل المؤسسات الحكومية وامتدت أنشطتها إلى العلاقة بين المواطن والدولة فانعكست أثار سلبية كثيرة من مؤسسات الدولة على حياة المواطنين في مجال الخدمات العامة المختلفة . بعض الخدمات الترفيهية منعتها السلطة الاستبدادية لبعض القوى والأحزاب الإسلامية ولم تمنعها الحكومة ( حوادث طلبة كلية الهندسة في جامعة البصرة ومنتزه الأندلس ، نموذجها الصارخ ) . هذا النوع من الاستبداد أصبح فوق القانون وهو بالتالي أصبح ميزة لحياة سياسية تتعارض مع السلوك الحضاري والإنساني ولتطلعات الشخصية العراقية في اقامة علاقات انسانية داخل مجتمع مدني مأمول تتعايش فيه الشخصية المدنية العراقية ( المواطن ) بلا نزاعات ينحصر فيه تفكيره وجهده بالالتزامات الاجتماعية العامة وليس فقط بافراد عائلته او قريته او مدينته او حزبه او مجموعته العرقية او طبقته الاجتماعية او مهنته ( أدوارد بتلس /السلوك الحضاري والمجتمع المدني ) متأملين نموا ميكانيكيا سريعا في عمل لجنة صياغة الدستور التي يحلم بها العراقيون ان تنطلق من معطيات معينة لبلوغ هدف معين تتحقق فيها مهمتان أساسيتان الأولى ان تكون الدولة العراقية الجديدة ( الدولة الدستورية ) عاملا أساسيا في تحقيق الديمقراطية اما الثاني فهو الأمل بان تبلغ جميع القوى والأحزاب الوطنية ان يخلقوا دستورا جديدا من ( غير استبداد ) الحزب الأقوى على الحزب الأضعف ويكون ضمانة لـ" كل " المواطنين في المستقبل ضد الاستبداد .



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2الدستور وثيقة ضمان حرية المواطن العراقي
- عن الخطوة الاولى نحو صياغة الدستور العراقي / الحلقة الأولى
- أجمل وأظرف وأقصر كلمة هي : طــــز ..!!
- عاش إرهابيا من عاش بلا إعدام ..!!
- مسامير جاسم المطير 907
- أنا أدعو المرأة للتحرر من الحجاب ..!
- لا اكتب عنك .. اكتب عن الوطن ومعاناته ..!
- مسامير جاسم المطير 903
- مسامير جاسم المطير 901 - البرلمان العراقي معرض للملابس الفول ...
- وطن الدراويش .... ورموز الإنقاذ البعثي
- وزراؤنا لا يقربون الكومبيوتر ..!
- الشهيد العراقي لا يعادل ثمن قطة ..!
- أسوأ عقيدة سياسية هي الطائفية ..!
- عيش وشوف يا معيوف ..!
- هاشم الشبلي ديمقراطي بالرضاعة ‍..!
- الثقافة العراقية بين فضاء البراري والقضبان الطائفية ..!
- ديمقراطية للكَشر ..!
- إلى الوزراء الديمقراطيين الجدد
- الإرهابيون المراهقون .. والمراهقات ..!!
- عيش وشوف يا معيوف ..!!


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم المطير - ضرورة صياغة دستور بلا محاور استبدادية 3