أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نادية محمود - الى رفيقي الحبيب ازاد احمد














المزيد.....

الى رفيقي الحبيب ازاد احمد


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 13:29
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


رحيل زميلي سائق الحافلة: الى رفيقي الحبيب ازاد احمد

صباح بلا أزاد..

من الان علينا ان نعتاد على حقيقة جديدة.. هي ..ان ازاد لم يعد هنا. انه ليس في الجوار.

من هذا الصباح..علينا ان نقبل نظاما اخرا و مختلفا في حياتنا و عملنا، نظاما ازاد ليس فيه و ليس جزءا منه بعد الان.

افكر باسرته، الفريق الاول والمباشر الذي اصابه هذا المصاب قبلي و قبل اي كان. زوجته و طفلته و طفله الذي لم يبلغ الثالثة من العمر بعد.

افكر باسرته..واتذكر كلمات جدتي حين كانت تصف و تطلق بمحبة على ابناءها: هذا عمود البيت.

ازاد كان عمود بيته.

اعطي الكثير لزوجته و لاطفاله.

هم ذو المصاب الاول.

لن تكون حياتهم بعد الان مثلما كانت قبله.

لقد تغيرت منذ الساعة الثانية عشر والنصف ليلا بتوقيت العراق في يوم 30 اكتوبر حين اتصلت زوجته تسال: لقد غادر ازاد في الساعة السادسة و النصف و لم يعد.

في اقل من ست ساعات، اختطفوا ازاد، قتلوه، ثم اضرموا النار في سيارته و هو فيها مقتولا.

في ساعة ربما في اقل من ساعة.

لن تكون حياتهم بعد الان مثلما كانت معه.

و لن يكون عملنا بعد الان مثلنا كان معه.

انتقل من عدم التصديق الى القبول. افكر به..حتى اضع حياته في منظور..

ازاد عاش اثنين واربعين عاما. عاش و الفرح جزء لا يتجزء من حياته. كان انسانا سعيد. كان لديه اسرة جميلة، زوجة طيبة و محبة له و طفلين جميلين يحبانه بشكل غير عادي. بنته تطلق عليه ان احسن اب في العالم. و هو استمع الى هذا التقييم منها عدة مرات. و لا بد ان كان يسر بهذا التقييم.

حين اخبرني فارس صباح يوم الخميس بامر فقدانه، مضيت بسرعة الى صفحته على الانترنت، لارى مالذي هناك، كانت صورتين لطفله و هو يلعب مع اصحابه، كان الصورة مؤرخة في يوم 29 اكتوبر، اي يوم واحد قبل موته.

احتجت الى ثلاث ساعات، حتى اصدق الامر. حين رأيت رفاق اخرين كرروا نفس الحدث. تاكدت و اذن الحدث صحيح، و قد وقع فعلا، و انه كان ازاد.

قتلوه السفلة المجرمين.

ساعات اخرى تمضي.. رفض التصديق، الغضب، الشعور بالذنب لاني لم اتكلم معه مؤخرا. اريد الاعتذار منه عما حدث له، اريد ان ارى مالذي حدث و كيف حدث، افكر بشعوره كيف شعر، هل خاف، هل ارتعب، مالذي فكر، و هل كان لديه وقت للتفكير، ام لم يتركوا له لحظات ليستعيد شريط حياته.

راح ازاد.

ساعات اخرى..تمر..

أفكر بحياته ذات الاثنين واربعين عاما.. انه كان لديه بيت جميل، وانه كان سعيد بانتقاله الى بيته الجديد، الذي جمعا هو وزوجته مبلغه كي يشترياه. كان سعيد بالبيت الجديد والجميل.

افكر انه رأى سعادات عديده. انه سافر مرات من اليابان الى كندا.

انه كان يعمل بجد حتى يهيأ وضعا اقتصاديا طيبا لاسرته.

انه كان يعمل باستعداد عال و بقيافة كاملة في الحزب، رغم صعوبات العمل و تحدياته التي لا تعد و لا تحصى، في وضع صعب و بالغ التعقيد. لكنه قبله و خاضه بدون تعب. لم يتململ، كان يضع افكار و يعمل عليها بجد، و يستانس حين يسمع فكره تعجبه. يطرب للشيء الذي يراه جديدا او خلاقا، و يحتفي به.

كان جادا و سعيدا في عمله السياسي.. كان عمله جزءا طبيعيا، و لا يتجزأ من حياته.

عاش حياة من اثنين واربعين عاما، عاشها ممتلئة، بايامها و لياليها.

لم يتوقف هاتف ازاد عن الرنين. و لم يتوقف هو عن الحركة، ولم يتوقف عن الضحك، و لم يتوقف عن الفرح، و لم يتوقف عن العمل، و لم يتوقف عن التخطيط. لم يكتب ازاد و لم ينشر،و لكن كان يعمل و يتحرك مع عقارب الساعة. في كل ساعة هنالك عمل عليه القيام به.

مرة سؤل عن لماذا لا يتوقف عن التدخين؟ اجاب لان العراقي لا يموت من التدخين، العراقي لا يموت ميتة طبيعية. العراقي يموت بحادث.

عملنا مع بعض لسنوات، و بفترات متقطعة، كنت اقول له ازاد انا وانت نشبة سائقي حافلة يقودان حافلتهم لساعات طويلة، ضربت له مثلا عن الحافلات التي تسير بين سلوبي في جنوب تركيا و انقرة، انه يقودها سائقان احدهما يقود الحافلة والاخر نائم لثماني ساعات، و حين يحين الوقت يتبادلان المواقع. قلت له انت وانا نشبة سائقي حافلة، احدنا يكمل عمل الاخر، وكل منا يثق بالاخر انه سيوصل الحافلة الى هدفها، و باطمئنان.

وحين كنت اعتذر عن غيابي، أتاسف له اني تركته لوحده يقود الشاحنة: و الجواب كالعادة، ضحكة عالية من التشبية.

غادر زميلي سائق الحافلة الان. و ترك لنا الكثير للقيام به، لانه ببساطة كان يقوم بالكثير بالكثير و دائما مبتسم.

اتمنى انه كان سعيدا.

اما العراق الذي ليس فيه من يموت ميتة طبيعية. علينا اعادة برمجته، هذا ما حاولناه و هذا ما نحاوله، هذا ما عملنا عليه، و هذا ما سنعمل له.

انه عملنا، لتنظيف المجتمع من هذه الادران، على تعبير احمد عبد الستار. انه عملنا.

انه عملنا يا ازاد، رفيقي الذي احببت واحب، رفيقي الذي اسعدت وافتخر واتشرف باني عمله معه.

لم يكن في العمل الحزبي فقط، بل شخصيا، كنت استشيره في اشياء اخرى خارج اطار الحزب: مرة اتصلت به وقلت: ازاد المسلمين يقولون الاسلام هو الحل. لكني اقول ازاد لديه الحل. يضحك كالعادة و يقول هات مالديك.. متوازنا و عقلانيا وواقعيا كان، لان كان محبا للحياة.

رفيقي الذي احببت وساظل احب.

ستبقى في قلوبنا الرفيق الحبيب، الشاب ذو الاثنين واربعين عاما، الذي كان جميلا، سعيدا و شيوعيا.

الحافلة ستظل تسير. واناس بمثل جمالك و مثل روعتك، سيكونون هناك.

لك محبتي واليك اعتذاري عما حدث لك.. اليك اسفي.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطالب الجماهير في الدول الراسمالية الانتاجية ، و الراسمالية ...
- علياء ماجدة المهدي: امرأة تتحدى!
- من انتصر في ليبيا؟ ومن المنتصر في الثورات في المنطقة؟
- بيان حول اجتماع ممثلي عدد من الاحزاب و المنظمات المشاركة على ...
- عالم و احد و طبقتان*
- حول ضرورة ألعمل المشترك لتقوية الاحتجاجات الجماهيرية في العر ...
- حركة طبقية جديدة تعلن عن ولادتها في تونس و مصر
- سياسة -اللاتسييس-... سياسة مغرضة!
- الهجوم على دولة الرفاه في اوربا و ضرورة تشكيل أحزاب شيوعية ع ...
- التحزب، ضرورة ملحة تطرح نفسها امام الطبقة العاملة في العراق!
- كيف جسدت منى علي( ليلى محمد) فحوى الشيوعية العمالية بالكلمة ...
- الى موون.. الحديث الاخير ...
- ما هي وظيفة منظمات المجتمع المدني في الوضع الراهن في العراق- ...
- أسترح ايها الرب، بامكاننا ان نقوم بعملك الان!
- النضال من اجل اعادة الخيار للانسان ...مهمة عاجلة!
- لن تبقى كردستان بعد مقتل سردشت ، كما كانت قبله!
- كلمة حول نداء منتسبي شركة مصافي الجنوب للحصول على مطالبهم..
- حول قرارات الحكومة الاخيرة حول المحارم و الفصل الجنسي
- اليكم جميعا ..ليكن عاما سعيد لكم.. عام لتحريك الجبال!
- الشيوعية العمالية و الانتخابات البرلمانية في العراق لعام 201 ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نادية محمود - الى رفيقي الحبيب ازاد احمد