أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سردار محمد سعيد - حاموت رواية وفاء عبد الرزاق















المزيد.....

حاموت رواية وفاء عبد الرزاق


سردار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 10:25
المحور: الادب والفن
    


فة الموت في رواية حاموت
للأديبة وفاء عبد الرزاق

رواية تتحدث عن واقع عبرت أسواره وفاء ببراعة ولكنه واقع بكل مافيه من تفاصيل الحياة ، اللذة والمتعة ، والظلم والألم و للقارىء العادي الرواية لا تفصح عن شيء إلا إذا تعمق في رموزها ودلالات أبعادها ،لأنه واقع غير معقول ويعتقد أنه غير قابل للمعايشة لأنه غير واقعي ، وقد تفننت وفاء في غير المعقول هذا وتخيلاتها التي خلقته لتعبر – حاموت - حدود الرواية العربية التقليدية وهذا التخيل أعطاها صفة اللامحلية فضمنت لها موقع قدم على ساحة الأدب الروائي العالمي فهي من الروايات العربية التي ( بلغت مرحلة جيدة من الإستقرار والإستقلال عن التبعية المطلقة عن الفن الروائي في الغرب ) / راجع الطريق إلى النص تأليف سليمان حسين .
واعتقد لو أتيحت لها ترجمة من متمكن لحصلت على مقعد فيه . ولأني أعتقد بأهمية المقارنة بين النتاجات الادبية فهو ( الفن المنهجي الذي يبحث في علاقات التشابه والتقارب والتأثير وتقريب الأدب من مجالات التعبير والمعرفة الأخرى ، أو أيضا ً الوقائع والنصوص فيما بينها المتباعدة في الزمان والمكان أو المتقاربة ... ) / كتاب الأدب العام والمقارن لدانييل هنري باجو ترجمة د . غسان السيد
فقد اقتنعت بمقارنة حاموت بروايات أحلام مستغانمي والطاهر وطار ونجيب محفوظ وحتى لا تنحصر المقارنة في فضاء الأدب العربي حاولت ولوج عالم
كافكا .
المكان في رواية حاموت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن روايات أحلام مستغانمي بلغتها النفيسة كانت تدور بين الجزائر وفرنسا ولكن قد تتحدد في مدن بعينها مثل مدينة قسنطينة كما في ذاكرة الجسد
(يا قسنطينة الأثواب أجيبيني أين تكونين الآن )
( ها هي ذي قسنطينة مجنونة الأطوار محمومة الشفاه باردة الأطراف والأقدام )
أو
( كانت القرى الجزائرية أماكن تغريني بتصويرها )
( المصادفة هي التي قادتني ذات صباح ألى تلك القرية وأنا في طريقي إلى العاصمة آتيا ً من قسنطينة ) أو
( باريس ذات أيلول ، كنا في خريف كأنه شتاء ... )
كما في عابر سرير .
بينما حاموت لانعرف أين تدور فهي مدينة غرائبية وتقدمت في هذا على الكاتب الكبير نجيب محفوظ حيث تدور أحداث رواياته في مكان محدد وهو مصر كما في رواية زقاق المدق أوالسكريـّة ، وربما تتحدد أكثر في موضع أضيق مثل العوامة في ثرثرة فوق النيل فكان دخان الحشيش الذي يملأ فضاء المسطولين هو الفضاء الذي يسبغ على المكان حرية ، وكذلك روايات الطاهر وطار تدور في الجزائر فقط كما في رواية - رمانة - التي يركز فيها على الأحياء القصديرية وأكواخ الصفيح
( كان حيـّنا القصديري كله منغمس في التفاهة والضياع )
أو - العشق والموت في الزمن الحرّاشي – ولكنها تختلف عن روايات نجيب محفوظ بلغتها وشخصيات الواقع المعاش
فمكان حاموت غير معروف في الظلام والكوابيس
( مدينة الظلام والكابوس كأنها غيمة سوداء تحاصر ابناءها وتصهرهم الواحد تلو الآخر ) وهي في قرارة بئر .
( أن تصبح المدينة بئراً تستقبل الخطوات الوئيدة ،كأنما ورق يتساقط في انزلاق الظلمة لتستقبلهم الأرواح لهو عري الأمكنة وصلب الروح ) .

زمان حاموت
ــــــــــــــــــــــ
زمان روايات نجيب محفوظ في الغالب تدور في القرن العشرين ولكن هذا لايعني أنه ظل أسير الواقع الرؤيوي فهو في ثرثرة فوق النيل ( عملت الرواية على أن تلغي الزمن وتتخطى حواجزه وحدوده ، فيحضر الزمن الماضي إلى الحاضر )/ إشكالية الواقع والتحولات الجديدة في الرواية العربية للدكتور دريد يحيى الخواجة .

وكذلك روايات أحلام مستغانمي تدور تحديدا ًفي النصف الثاني منه حيث قضت وقتها متنقلة بين الجزائر وفرنسا بالرغم من أنها تطرقت إلى ما قبلها زمنا ً من ضمن مقتضيات الرواية ، أما زمان روايات الطاهر وطار فقد ركز على مابعد الثورة الجزائرية كما في رواية – رمانة – .
بينما زمان حاموت هو أي وقت وأي زمن .

الشخصيات الغرائبية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تكن في روايات أحلام شخصيات غرائبية بل شخصيات حقيقية عاشت وناضلت من أجل انتصار الثورة الجزائرية .
بينما عند الطاهر وطار موجودة وربما تكون مشابهة لشخصيات موجودة فعلا ً قام الطاهر بإلباسها ثوبا ً متخيلا ً جديدا ً بما يخدم أغراضه الروائية والفنية ،ولو انها تعبر عنه بصدق مثل شخصية – اللاز- ، وغرائبية اللاز تكمن في موته
(عشر رصاصات ومات واقفا ً)
ولكنه عاد للظهور بعد انتصار الثورة وبرز لسيارة تقل الذاهبين للعمل الشعبي في العشق والموت في الزمن الحراشي .
( قالت فاطنة وهي تحدق مشدوهة من خلال الزجاج المندى من الداخل والخارج ، في الهيكل المنتصب وسط الطريق : الذراعان مصلوبتان . الصدر بارز . الرأس مرفوع . القدمان متلاصقتان .
من هو ؟
اللاز
آه المسكين .
وتختلف الشخصية هذه عن شخصيات كافكا كما في المسخ
( استيقظ - جريجور سامسا - ذات صباح بعد أحلام مزعجة فوجد نفسه قد تحول في فراشه إلى حشرة هائلة الحجم ) .
الأختلاف مظهري جسدي ولكن الإتفاق في المعاني الإنسانية
فالمسخ يمثل ( الشيء او الموضوع الذي تتمثل أوتتجسد فيه الآمال الدفينة بالغة التهويل ) / مقدمة مترجم المسخ الدسوقي فهمي .
تعكس حاموت مدى خذلان البشر أمام قوى هائلة كانت الغاية من وجودها سعادة البشر وليس معاقبتهم بالموت وربما يثير ذلك قاصري النظر ويستفز حفيظتهم فيكيلون لوفاء ما لم يقرأوه وما لم ولن يفهموه .
الغرائبية في حاموت ليست في شخص بذاته فقط بل في المدينة ككل
(أتدثر بأسئلتي الحائرة ، أطوف بين الأشجار والوديان ..بين الجبال والسهول ، الأنهار والضفاف ،الأزقة الضيقة والشوارع الأنيقة ،الدور الخربة والعمارات ، الأرض المثقلة بالفاكهة والأرض البور، الأمكنة التي دبت فيها الحياة والميتة ..) وإلى هذا الحد فهي مدينة اعتيادية لكن ما كانت تتخيله هو المهم
( من هناك وهنا لا أرى سوى شبح يظهر فجأة ويغيب بلمح البصر )
( أطل كانسان عادي خاض غمار الحياة وسط سكان – حاموت - )
والتيه يلف المدينة فيعيى ساكنها من معرفة معنى الحياة والموت
( حين هبط خلل الحياة فجأة على طفولتي مخضبا ًبالضياع والتيه)
والمدينة هي الأرض كل الأرض التي يتصدى فيها الموت للبشر والكائنات بطرق مختلفة
( شريعة العصا والحجارة ، الخنجر والسيف ، شريعة القذيفة والرصاصة ، القنابل الذرية واليورانيوم ، شريعة القتل الجماعي ، غرق السفن والبواخر ، ...)
كلها تؤيد القول من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد .
وهنا نقف عند محور الرواية وهو الموت هذا الإرهابي الكبير ، ولم تعتن بسبل ايقافه أو محاولة تحديه بالبحث عن عشبة الخلود بل هي تسأل لماذا هو موجود
أساسا ًومن المسؤول عنه ومن الذي أعطي وظيفة قبض الأرواح فلم تجد الجواب ولكنها وجدت شبحاً أو شيطانا ً(مخيفا ً، إرهابيا ً) لذته رؤية الأجساد بلا روح وشبقه في رؤية الدم والأفواه مغلقة والبرد يسري في الأوصال .
كثيرة الروايات والأساطيروالأفكارالغيبية ولا سيما الفكرالديني التي تقع في خانة الفلسفة وكلها تحدثت عن اشكالية الموت فمن الرويات على سبيل المثال لا الحصررواية – العنكبوت – لمصطفى محمودالتي كانت تسأل عن المصير بعد الموت وقد حددت الأديان هذا المصير ففي الدين الإسلامي هناك ثواب هو نيل جنان الخلد وهناك عقاب هو جهنم وفي المسيحية استحدثت فكرة المخلص الفادي وفي الهندوسية فكرة الإستنساخ فثواب المرء هو اعادته بهيئة كريمة وعقوبته في جعله من الأحياء الأدنى كالحشرات مثلا ً وتخلص العلم المادي من هذه المصائر فلا وجود عندها أساسا ً للروح ومصير الميت هو ماء يتبخر ومواد عضوية تتفسخ وتؤول إلى أملاح وفي الأحوال كافة كان الشغل الشاغل هو المصير بعد الموت وليس الموت نفسه وسبق ذلك الفكر الفرعوني الذي آمن بعودة البشر للحياه فهيأ مستلزمات العيش القادم في قبورهم لكن الفكر الرافديني قد تقدم في فكره الفلسفي فقد أقر بالنهاية الحتمية لكنه سعى للبحث عن الطريقة التي يصد فيها الموت فتصور وجود عشبة الخلود .
وفاء عبد الرزاق لم تنح هذا المنحى إنما تساءلت عن الموت ذاته .. لماذا الموت ؟
وهو عندها إرهاب تقوم به أداة طيعة لشخص أسمته جليل وهذه الأداة هي الشبح وربما للشيطان هذا – الشبح – مساعدين
( ربما للشيطان هذا مساعدين ) بحيث يستطيع أن يقوم بقتل هذا العدد من البشر وفي أي وقت وفي أي مكان ( أهو كبير لهذه الدرجة أن تصبح الكرة الأرضية بين يديه بحجم الدرهم ) .
حاموت ليس حيوانا ًولا إنسانا ً ولامدينة ، هي جميعهم فالمدينة والشخوص لايرون بالعين
( هذا يجعلني أعيد تساؤلاتي ) فحاموت ( ليست مدينتي ) وهي ( الغابة المتطاولة بلا انتهاء ، والشيطان والشبح هو المركب الوحيد الذي يبحر فينا )
حاموت تتجاوز الواقع المعاش إلى واقع تختلف صورته المرئية بالعين وتكون ضمن تخيلات الروائي بخلق عالم فيه كل مافي الوقع من لذة ومرارة .
ونحت نحوا ًلم يستطع الادب العربي فيه مجاراة غرائبية القصص وبذلك كما أعتقد إن حاموت رواية موفقة إسلوبا ًوطرحا ًوتقنية وتستحق أكثر من وقفة.



#سردار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة
- الوقوف في تلال بان الخيالي/نص تلال الهذيان


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سردار محمد سعيد - حاموت رواية وفاء عبد الرزاق