أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سلامة - فدرالية الهلال الخصيب الديمقراطية, ضمانة للأقليات وللأكثريات














المزيد.....

فدرالية الهلال الخصيب الديمقراطية, ضمانة للأقليات وللأكثريات


فؤاد سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 4259 - 2013 / 10 / 29 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد كل ما حدث من شروخ وانكسارات وتراكم من ضغائن وأحقاد في سوريا ولبنان والعراق نتيجة للعنف المنفلت, والذي ندر مثيله في التاريخ من حيث بشاعة القتل وحجم الدمار, أصبح من الضروري إعادة النظر في شروط الدولة والاجتماع كما يرى الكثير من المفكرين في هذه الدول. لم يعد جائزاً القبول بأن تتحكم أقليات طائفية بأكثريات طائفية أخرى, كما لم يعد ممكناً الركون إلى حكم الأكثريات الطائفية في سوريا والعراق بسبب العداوات المستحكمة والمخاوف المتبادلة التي ولدتها جولات الحروب في البلدين. وأما في لبنان فلا يمكن تصور إعادة إنهاض هذا البلد الصغير الممزق منذ عشرات السنين بنظامٍ تسيطر عليه طائفية سياسية من نوع الشيعية أو السنية أو المارونية السياسية.. لا بد من أسس جديدة للدولة لا تسمح بنيوياً بهيمنة طائفية أو دينية معينة, كما لا تسمح بقيام ثنائيات طائفية بعزل طائفة ثالثة, أو ما صار يعرف بتحالف الأقليات الذي يبدو موجهاً ضد السنة بشكل خاص.

ما كان يحلم به منظرو "القومية السورية" قد يغدو حلاً واقعياً ولو بثمن كبير.. المشرق العربي المؤلف من سوريا ولبنان والعراق يمكن أن يشهد قيام اتحادٍ فدراليٍ بين أقاليم يتمتع كل إقليم فيه بحكومة وبرلمان وجيش محلي وتكلل الأقاليم بحكومة فدرالية وبرلمان فدرالي. ربما يشكل ذلك حلاً نهائياً للصراع الذي يمزق هذه البلدان الثلاثة, حيث يوجد موزاييك طائفي ـ إتني من الصعب إعادة تركيبه سلمياً في بوتقة مركزية أو داخل حدود ترسم بالدم. لا بد من الاعتراف بأن خريطة سايكس بيكو تتعرض للتمزيق بسبب التناحر القائم حالياً والذي ينذر بدورات متتالية من العنف بين الطوائف والإتنيات الشيعية والسنية والمسيحية والكردية. في هذا المدى الجغرافي الواسع, أي معظم سوريا الكبرى, يبدو أنه لم يعد هناك مجال للتعايش بين المكونات الاجتماعية بعد كل ما حدث من قتل وتدمير من دون تغيير قواعد اللعبة وإعادة تأهيل الجماعات في نظام فدرالي ديمقراطي يشكل ضمانة للجميع ويحول دون المزيد من التشظي والحروب.

قد لا يرضي هذا الحل العروبيين القوميين ولكنه حتماً سيكون الحل الوحيد الممكن, والأفضل, للنهوض من الكارثة المهولة التي لحقت بشعوب البلدان الثلاثة بسبب أنظمتها المستبدة, ولإطفاء الحريق الكبير الذي أشتعل في المشرق العربي منذ دخول الأمريكيين إلى العراق وخروجهم منه ودخول الإيرانيين مكانهم إلى العراق وتمددهم إلى سوريا ولبنان. لا أعتقد أن هذا الحل يناسب النظام الإيراني تماماً كما قد يفكر البعض, ولكنه يطمئنه ويخفف من الحاجة إليه ومن نفوذه في حال اتفقت النخب السنية والشيعية على وضع نهاية لصراع تاريخي طويل. لا بد من التمعن في الطروحات الفدرالية من دون تسرع في الأحكام, ذلك أن ما يجري في سوريا ولبنان والعراق أصبح مستعصياً على الحل في إطار جزئي. لقد أصبح الحل شاملاً لأن المشكلة واحدة في البلدان الثلاثة ومصير الجماعات في كل بلد أصبح مرتبطاً بشكل مباشر بمصير نفس الجماعات في البلدين الآخرين. لا بديل عن صفقة شاملة في إطار مؤتمر دولي ـ عربي ـ إقليمي يضمن انسحاب القوى الخارجية من البلدان الثلاثة وترك شعوب هذه البلدان تقرر مصيرها بنفسها بضمانة دولية ـ إقليمية تشترك فيها تركيا وإيران والسعودية.. في المحصلة سيكون هناك كيان عظيم هو سوريا الكبرى, سوريا الهلال الخصيب, مهد الحضارات البشرية.

ثلاثة أسباب مضافة, عدا التاريخ والجغرافيا واللغة المشتركة, تعزز فكرة قيام الفدرالية السورية ـ اللبنانية ـ العراقية:

1ـ وجود توازن ديموغراغي بين السنة والشيعة في المدى الجغرافي السوري الكبير مع وجود ثلاث أقليات مهمة, المسيحيين والدروز والأكراد الذين يشكلون بمجموعهم كتلة كبيرة تخفف من الغلواء المذهبية السنية الشيعية, وتفصل أحياناً بين السنة والشيعة أو تتداخل معهم.
2 ـ وجود ثروات باطنية يمكن أن تستفيد منها شعوب البلدان الثلاثة المتحدة فدرالياً ما يساعد على حل المشاكل الاقتصادية الناتجة عن الصراعات التي خلفت دماراً هائلاً يجعل من إعادة الإعمار مسألة شديدة الإلحاح ومرتفعة الكلفة لن يستطيع بلد شبه مدمر تحملها بمفرده.
3 ـ قيام الفدرالية المشرقية سيخفف من التبعية للخارج كما سيشكل ضمانة للحقوق العربية في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل, وهذا ما يجعلنا نتوقع أن تعارض إسرائيل هذا الاتحاد الفدرالي بين ثلاث دول عدوة لها, حتى الآن. وهذا بحد ذاته سبب كافٍ ينبغي أن يحفز النخب السياسية الوطنية للعمل بجدية على قيام الفدرالية المشرقية وعدم الرضوخ لمشيئة القوى الخارجية وسعيها للحؤول دون قيام كيان اتحادي يمكن أن يضعف نفوذها.

وأما الطابع القومي للفدرالية المشرقية فربما ترتأي الأطراف المشاركة فيها ألا يكون عربياً محضاَ وإن كانت الكتلة الكبرى هي كتلة عربية, ولن يكون هناك خشية من ألا يكون الإطار العربي الأوسع الذي سيندمج فيه الاتحاد الفدرالي المشرقي عامل تقوية وتحصين للكيان الفدرالي الوليد لا عامل إضعاف وتجزئة. موقف إيران المتورطة في الصراع على سوريا سيكون مهماً هنا: هل ستعيق بالقوة بلورة هذا الكيان الفدرالي أم ستقبل به مرغمة بسبب ما يوفره لها من خروج مشرف من المستنقع الدموي الذي تزداد غرقاً في وحوله والذي يستنزف مواردها من دون أن تكون قادرة على حسم الصراع لمصلحتها على المدى الطويل؟ قد يكون من الضروري, في الجواب على هذا السؤال, وضع قواعد دستورية صارمة بشأن العلاقات مع الخارج تحد من محاولات دول الجوار, وغيرها من الدول البعيدة, للتدخل والتلاعب مستقبلا بالتوازنات السياسية داخل الاتحاد الفدرالي الذي يمكن أن ينشأ بتوافق نخبه المتنورة وشعوبه التائقة للخروج من النفق الذي أدخلتها فيه أنظمة هشة ما انفكت تستمد قوتها من الدور الذي تؤديه للخارج.



#فؤاد_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار والإسلام السياسي
- ياسين الحاج صالح, ومسألة القيادة الثورية في الداخل السوري..
- شيعية سياسية صاعدة في جمهورية طائفية منهارة
- في ضرورة نقد قبيلة المقاومة
- الثورة النسوية السورية.. ضمان انتصار الثورة السورية
- تحالف الأقليات أم حكم الأكثرية؟
- اليسار العربي -الجديد-: رفض النمطية والديكتاتورية
- -الممانعة- أمام لحظة الحقيقة
- الرهان على سوريا, لبنانياً..
- الرهان على سوريا لبنانياً
- الربيع العربي ومعركة الأفكار
- النخب العلمانية على مفترق الربيع العربي
- الإنحيازات السياسية : أوهام ومصالح
- إيران وقطر والربيع العربي : الأدوار الملتبسة
- لبنان وسوريا: وحدة المصير والمسار في مواجهة الربيع العربي
- أي جيل , أي وطن ؟
- العرب أمام تحدي الديمقراطية


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سلامة - فدرالية الهلال الخصيب الديمقراطية, ضمانة للأقليات وللأكثريات