أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مختار سعد شحاته - الحلقة الأخيرة من برنامج -البرنامج-.. أنت معانا ولا مع التانيين؟؟؟















المزيد.....

الحلقة الأخيرة من برنامج -البرنامج-.. أنت معانا ولا مع التانيين؟؟؟


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4259 - 2013 / 10 / 29 - 11:51
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إكده ميت، وإكده ميت:
ضرب الله الظالمين بالظالمين، ووخرج البعض ممن سواهم سالمين، ربما تلك مسلمة من مسلمات الإيمان المطلق لدي الكثير في تلك الأيام؛ ولكن هل تبقى تلك المقولة قانونًا أبديًا يجوز أن يكون موقفنا في مواجهة كل صراعاتنا الحياتية واليومية والمصيرية في بعض الأحيان؟ هل يكفي تدخل الله وفقط؟ هنا سيتبجح البعض من هؤلاء الذين هم في العين بعض الظالمين ويتهموني بالهرطقة والخروج عن النص، بينما شطرهم الآخر من الظالمين سيندهش وربما حين يعجزه تحليل موقفي هنا يأكلني من كتف آخر. إذن فما دام الأمر كما يقول الممثل محمد سعد في فيلم عوكل "مادام إكده ميت وإكده ميت، يبقى أنا أخاف من إيِـــــــه؟!".
حدث بالفعل؛ لا عايز جنة ولا نار:
دعوني في البداية أعيد حكي موقف ربما سمعه عني البعض، ولأجعل منه راتبًا لمقدمة مقالي، وأبني عليه ما يستتبع من الفِكَر. صادف وجودي بعد فض اعتصام رابعة والنهضة، وبعد تباين ردود الأفعال والمواقف من الجميع وممن يسميهمونهم النخب على وجه الخصوصية، وكأن المواطن المصري قذف به بحر فتلاطمته أمواج عنيفة وعليه أن يختار لحظتها وبسرعة، إما أن يقفز إلى سفينة من الخشب فيها نجاته الآنية من القاع وافتراس الأسماك، بما لها من مصير مجهول فيما بعد وسط البحر الذي سيظل مضطربًا إلى ان تسكن كل العواصف، وإما أن يقاوم الموج وينتهي بالنهاية إلى القاع غريقًا أو مفترسًا. هكذا بدا لي الحال وقتها، وهو ما خلف نوعًا من الاستقطاب الحاد في عمق المجتمع المهتريء بالأصل من قبلها وبكثير. تصادف هكذا وجودي بين شخصين من عائلة واحدة وعلى درجة قرابة ما، الأول يتعصب بشكل مستفز لهؤلاء المعتصمين الذين فُضوا بمنتهى القسوة، قولا وفعلا او بالتهويل والمبالغة, أما الآخر فهو فلا يقل في استفزازه عن الأول ولا في تعصبه للفضّ ولو خلف الجميع قتلى. كنت أستمع وأنا مشغول تماما بسؤال ألح علي وسط معمعتهم التي تعلو حتى أوشكت أن تتخطى مرحلة التلاسن إلى مرحلة أعلى استفزازًا. (كيف ينشغل المصريون إلى هذا الحد بالتبريرات أكثر من انشغالهم بالوقائع على الأرض إلى حد ينسيهم ما حدث، بل ربما يطمس الحقائق وتبدا التبريرات تتحول إلى واقعهم المُناقش؟)، المهم أنهما في نهاية المطاف سألاني: (أنت مع مين يا أستاذ مختار، مع الانقلابيين –على حد وصف الأول-، ولا مع الإرهابيين –على حد وصف الآخر- فيما يحدث؟)، ابتسمت فقط، فزادتهم ابتسامتي المحايدة والتي هي في حقيتها أسف وإنشغال بؤالي لنفسي أنا لا سؤالهم لي، الأمر هنا تصاعد إلى حد التوصيف بأهل الجنة والنار، ليأتي سؤالهم التالي" (أنت يا أستاذ مختار بذمتك تدخل النار معانا ولا الجنة معاهم؟)، كان ما يستفزني لحظتها هو إصرارهم على إقحامي في تبريراتهم تلك، وللحقيقة لا يعنيني الجنة ولا الجحيم مع النوعيين، فقلت بعفوية (لا أنا مش داخل لا جنة ولا نار، أنا هآخد سنارتي وأروح أصطاد في الكنال أفضل لي من الجنة والنار). إجابتي حطت على رؤوسهم الطير؛ فصمتا، ثم نظرا نحوي باندهاش عجيب، وانصرفا بلا بنت شفاة.
ربما أنا الآخر أبرر!!:
توالت على رأسي الأحداث قريبها وبعيدها؛ وربما رحت أنا الآخر أبرر لموقفي بين نفسي، ووجدت أن الدين وحده ليس أفيونًا للشعوب، بل الوطن هو المعادل تماما، فالرجلان كلاهما تم تخديره بأفيون الدين وأفيون الوطن، وبدأت تتداعى الصور إلى ذهني، فكانت وجهان لعملة واحدة هي التغفيل مرة باسم الدين وأخرى باسم الوطن، وتقترب إلى حد بعيد صور وآليات الخطاب في الناحيتين، فلأن الغاية واحدة، فحتمًا كلا الطريقين يؤديان إلى مكان واحد في النهاية، وهو وطنٌ مغتصب ومقتصر مرة على تجربة هؤلاء او أولئك. هنا حاولت أن أحدد موقفي بوضوح أكثر، فوجدتني أنتمى إلى ما هو أشد وضوحًا ولا يحتاج إلى تبريرات صعبة وطويلة، وجدتني أنحاز إلى ثلة قليلة من هؤلاء الذين يقعون على الدوام بين شقي الرحى، أو الطرق بسندان الدين مرة، ومطرقة الوطن أخرى، ووجدت أن الدم أوضح وأنصع ولا يحتاج الانحياز إلى حرمته إلى أي مبررات، أو الباس في الموقف. ورضيت هكذا بحالي، وهو ما لم يسلم من اتهام ما من الطرفين، فالوضع بات حادًا ومفرطًا في الاستقطاب إلى الدرجة التي تجعل الخيارات –في أعينهما- إما مع أو ضد. وتلك هي أُس البناء، الطرفان لا يمكنهما احتمال رؤية ثالثة مغايرة، وهو ما أرجعته إلى تاريخنا الطويل من الحياة أسرى لثنائيات باتت من كلاسيكيات تفكيرنا وأدبياتها، لذا فمنحى التفكير وتطوره الطبيعي لابد أن ينتهي إلا سياسة واحدة "معانا ولا مع التانيين؟".
التطبيل لا دين، ولا وطن له:
يتكرر المشهد بشكل بغيض بعد عرض الحلقة الأخيرة من برنامج "البرنامج"، ويطفو الطفح الجلدي من جديد، وتتوالى المواقف باستقطابها المعتاد، وبشفاعة كونها ابن شرعي لثنائية "معانا ولا مع التانيين"، وينقسم بين طرفين إما المطبلون بحمد برنامج البرنامج ومقدمه، وإما الغاضبون الساخطون. هنا ما لفت انتباهي هو موقف الساخطين، فلأول مرة يجتمع الشخصان اللذان سألاني عن موقفي من الجنة والنار، ويصبان سخام غضبهم على البرنامج ومقدمه ويكرسون لدعم النظرية التى صرت مؤمنًا بجديتها أن هؤلاء وهؤلاء عملة واحدة في وجهها الأول صورة الملك، وفي وجهها الآخر صورة غير الأولى، لكنها لا يمكن أن تعتبرها عملة بدون الوجهين معًا. وفي ذلك المنحى بات التطبيل هو الشغل الشاغل للمؤيد للبرنامج ومقدمه أو المستجن، وهو ما ذكرني بجملة صديق، وجدتها قياسًا عظيما جعلته هنا دليلي في موقفى الذي أصر عليه "هآخد سنارتي وأروح أصطاد في الكنال"، فصديق يقول "الناس رفضت العنف لما طالهم، لكن لما طال غيرهم مفيش مشاكل ماشي الحال". إذن فما فات الجميع هنا هو أن التطبيل لا يقل فظاعة في الموقفين، بل ويلغي إمكانيةالإيمان بوجود طرف ثالث يفهم أن الإسفاف والبذاءة لا تُقاس بتلميحات في برنامج ساخر، بقدر ما يغفل عنه من تحرش في شوارعنا، أو استقطاب في حياتنا، أو إهمال في كل ممارساتنا، أو تناقضنا المحير في جُل أمورنا، فهؤلاء الغاضبون حين لا يرون الكثير مما تراه الإنسانية المحايدة في شوارعنا وحياتنا إسفافًا وخروجًا على النص في كل الإعلام الذي حُصر بين التطبيل لأحد الطرفين والشتم المباشر المستباح للطرف الآخر، أو التداعيات الأسيفة في كل مناحي حياتنا من صحة وتعليم واقتصاد وسياحة وعدالة اجتماعية وحقوق إنسان... إلخ من كل ذلك.
اللهم أمتنا غير مصورين:
أجدني الآن بعد هذا المقال، أحاول أن أُحضر التبريرات لهؤلاء وأشغل بالي بالردود عليهم، وهو ما يؤكد أننا ويا للأسف كلنا أحد هذه الصور والعلامات والأرقام المرسومة على وجهي العملة بشكل ما، ما دمنا نرهق أنفسنا في التبريرات لا التحليل الشفاف والمحايد والمتخصص، وأننا قد أدنا أفيوننا على اختلافه –دينًا أو وطنًا أو ما سواهما- مما صرنا أسرى له، دون محاولة جادة للتغير أو الخروج، وهو ما أظنه حال الكثير على شاكلتي ممن خرج بعيدًا عن دائرة "معانا ولا مع التانيين". ستجد أشباهي كُثر من حولك فقط تأمل ودقق وانظر بشفافية، ربما تعرف أن ما بين سندان الدين ومطرقة الوطنية يُطحن آلاف الحقوق من دماء الشهداء، ومن كرامة ثوار كانوا يومًا يحلمون بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وآملوا أن يغردوا خارج السربين تغريدًا مختلفًا لكنه لا يحرم الآخرين حقهم في تغريد معتدل غير مغيب أو ممول او مشفوع بالمصالح الشيفونية العاجلة. فاللهم أمتني على حالي ولا تقبضني وانا على صورة من تلك الصور على وجهي العملة الواحدة التي باتت عملة وطني الرسمية والسرية.
مختار سعد شحاته.
"Bo Mima".
روائي.
مصر/ الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاصمة السرية.. مقال تأخر كثيرًا خروجه إلى النور.
- العلم بين الكتابة والسماع.. من سلسلة مقالات: اقرأ.
- الرصاصة لا تزال في جيب محمود ياسين
- لحظة تجلي.. درافت2 نص أدبي.
- رسالة إلى دارين.
- -أنت رااااجل-!!!
- حين تحاربك الحكومة والدولة مهما كان توجهها.
- -كابتشينو-. مجموعة قصص قصيرة جدا.
- مشروع -العاصمة السرية- أدبي/ فني/ وثائقي.
- صِورك
- بين نظريتين: الأنصاف والمؤامرة.
- الهامش/ القشرة
- يا صديقي.. لا تنس آمنين.
- وداع يليق.. رسالة خاصة إلى د/ البرادعي.
- ورقة شاي.. قصة قصيرة.
- مجرد كلااام.. نص بالعامية المصرية.
- الفكرة/ المرأة.. والمرأة/ الفكرة.
- حائط مبكى الثورة في العاصمة السرية.
- أنا جباااااااان.. وأنت الشجاع.. هذه كل الحكاية!!!
- العاطفة والسياسة


المزيد.....




- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 552
- النظام يواصل خنق التضامن مع فلسطين.. ندين اعتقال الناشطات وا ...
- الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا ...
- بيان مركز حقوق الأنسان في أمريكا الشمالية بشأن تدهور حقوق ال ...
- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مختار سعد شحاته - الحلقة الأخيرة من برنامج -البرنامج-.. أنت معانا ولا مع التانيين؟؟؟