أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فاروق عطية - زعيم الأمة الذى أحببناه















المزيد.....

زعيم الأمة الذى أحببناه


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4258 - 2013 / 10 / 28 - 20:04
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بقامته المهيبة وابتسامته الوقور ربت على كتف فانتبهت فبادرتي قائلا: ماذا فعلتم يا ولدى بالأمة؟ كنت أظنكم حريصين على استقلالها ووحدة شعبها، لكنكم بكل أسف نسيتم ما عانيناه من نضال حتى ننال الاستقلال، كما تناسيتم أن وحدة الشعب وترابطه هي سر قوته وعظمته، لماذا التفرقة بين أقباط مصر مسلمين ومسيحيين؟ اليس الكل من جاهد وناضل وحارب واستشهد في سبيل الأمة دون تفرقة؟ وما يحزنني أيضا نكرانكم لي وتجاهلكم لما قدمت مع زملائي من جهد وحاولتم محو اسمي من التاريخ. وقبل أن أرد على تساؤلاته اختفى فانتفضت مذعورا لأستيقظ من غفوتي قبل أن تلومني أم العربي على نومي خارج غرفة النوم. تذكرته بكل فخر وتعجبت كيف تناسيناه خاصة في مثل هذا اليوم.
23 أغسطس، هل يتذكر احدكم هذا اليوم الهام في تاريخ مصر الحديث؟ للأسف لا أظن بعد كل محاولات المتمسحين في ثورة 23 يوليو وخفافيش الظلام طمس كل ما هو ناصع البياض في تاريخ مصر الحيث قبل الثورة، معتبرين ثورة يوليو هي بداية التاريخ ولكن مهما كانت محاولاتهم في تزييف التاريخ فلن تنسى ذاكرة التاريخ زعيم الأمة سعد زغلور باشا.
فاليوم هو الذكرى 86 لرحيل زعيم الأمة، الرجل الذي لعب أعظم دور في تاريخ مصر الحديث، الذي استطاع توحيد كل فئات الأمة تحت قيادته وسار بهم نحو الحضارة الحديثة والحرية ووضع اللبنات الأولى للاستقلال. فجّر الثورة الشعبية العارمة 1919 بإرادته الثورية بلا قوات جيش أو سلاح، فقط بإرادة شعب لا يكل ولا يمل يعشق الحرية والمضي خلف زعيمه الخالد، ونجح في أن يجعل كل مصري يؤمن بحقوقه ويصر على ممارستها سياسيا ووطنيا. كانت قدراته ومواهبه الفذة لا حدود لها ونفسه مليئة بالقدرة والثقة، يبحث عن المعرفة ويتزود بها مهما كانت الصعاب. سافر إلى باريس وكان قاضيا ومستشارا لمحاكم الاستئناف، للحصول على إجازة الحقوق ولم يستنكف ذلك. عظيما واثقا من نفسه لأبعد الحدود، ينجح مرة ويفشل مرات، معتبرا الفشل أول خطوات النجاح. لم تكن قيمته كخطيب تقف عند الحماسة وجرس الكلام وسلامة اللغة ولكنها كانت تتخطى ذلك كله إلى المعنى والقيمة ودقة التعبير. فمن عباراته الخالدة البليغة التي لا تنسى: الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة، أيضا: أننا نريد للشعب أن ينظر إلى الحكومة نظرة الجند للقائد لا نظرة الطير للصائد، أيضا عبارته الشهيرة: الاستقلال التام أو الموت الزؤام، وقوله عندما اتهم بتحريض الشعب على الإضراب: شرف لا أدعيه وتهمة لا أنفيها.
كان يصل إلى لب الفكرة بسرعة مذهلة، وعباراته جميلة المعنى مليئة بالموسيقى والقوة. أحاديثه تستمد منهلها من عقل راجح وفكر هادئ متزن يمده بالكلمة المناسبة في اللحظة المناسبة بيسر وسهولة. عوامل كثيرة تضافرت لتعطيه هذه الميزة أهمها وضوح الرؤيا وشفافيتها لديه وحرصه على اكتساب المعرفة، وحصيلة هذا التثقيف المستمر هذا المستوى الرائع من الأداء والفكر المتجدد الذي وصل به إلى الذرى الرفيعة عن جدارة واستحقاق. ومما يذكر عنه أنه استطاع أن يتحدث إلى طلبة الأزهر لمدة ثلاث ساعات دون أن يخطئ أو يلحن أو يسيء التعبير، ونتج عن ذلك إيمان عشرة آلاف من طلاب الأزهر به وساروا خلفه بلا تردد. كان سياسيا محنكا يستطيع مواجهة منتقديه ومعارضيه بأقوى ما يمكن لسياسي أن يفعل، على سبيل المثال، حين وجهت له سهام النقد بأنه يضع أتباعه في المواقع المتقدمة بالجهاز الحكومي، لم يخف بواعثه تحت تعلات واهية كشعار الكفاية والرغبة في التجانس أو غيرها، ولكنه قال مقولته الشهيرة: لو استطعت أن أجعلها زغلولية لحما ودما لفعلت. ذلك لأن الانتساب الى زغلول كان يعنى بداهة الكفاءة والمقدرة والوطنية.
كان إيمانه بالوحدة الوطنية إيمان لا يتزعزع، حين أراد أن يعبر للأقباط عن إيمانه بحقوقهم استعار قول الرسول(ع): لهم ما لنا وعليهم ما علينا. كان رحمه الله يحظى بالإعجاب حتى من إعدائه وكارهيه، قال اسماعيل صدقي عنه: سعد زغلول رجل عظيم، له عيوبه ولكنها كما يقول الفرنسيون بمثابة العيوب الصغيرة التي تلازم الصفات الكبيرة. لتاريخه الحافل الكبير سأحاول قدر المستطاع تلخيص سيرته في سطور قلائل:
- ولد عام 1857 بقرية إبيانة (محافظة القليوبية)، درس الحقوق ومارس المحاماة والقضاء.
- عندما أنشأ الخديوي عباس الثاني الجمعية التشريعية 1914 أنتخب سعد زغلول وكيلا لرئيسها.
- بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى قرر سعد وزميليه في الجمعية التشريعية عبد العزيز فهمي وعلى شعراوي السفر إلى لندن للمطالبة بالاستقلال. وذهب ثلاثتهما إلى المندوب السامي في 13 نوفمبر1918 الذي ماطلهما، وقال لرئيس الوزراء (حسين رشدي باشا): كبف يجرؤ ثلاثة التحدث باسم أمة كاملة بلا تفويض رسمي. تناقل المصريون شفاهة قول المندوب السامي، وسارعوا بجمع ملايين التوقيعات على توكيل يمنح سعد ورفاقه التحدث باسم الأمة-
- تشكل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وسنوت حنا وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد وآخرين وأطلقوا على أنفسهم الوفد المصري
- قرر سعد السفر إلى باريس بعد رفض سفره إلى لندن لحضور مؤتمر الصلح وعرض القضية المصرية.
- في 8 مارس 1919 ألقت قوات الاحتلال القبض على سعد ورفاقه ونفتهم إلى جزيرة مالطة.
- في 9 مارس انفجرت براكين الغضب وخرج طلبة مدرسة الحقوق في مظاهرة انضم إليها طلبة المدارس القريبة.
- في اليومين التاليين شملت المظاهرات جميع المدارس والأزهر وانضم إليها التجار واصحاب الحرف.
- في اليوم الخامس انضم للمظاهرات ولأول مرة في مصر السيدات والفتيات واشتعل الشارع المصري بكل أقاليمه مما أدى إلى الشلل التام للحياة ودواوين الحكومة، وازداد عدد القتلى والجرحى، نتيجة لاستخدام قوات الانجليز الذخيرة الحية كمحاولة لتفريق المتظاهرين، وظهر بين أيدي المتظاهرين علم جديد عبارة عن أرضية خضراء يتوسطها هلال يحتضن الصليب.
- أرسلت لندن لجنة لتهدئة الخواطر المصرية ودراسة أسباب وكيفية اندلاع الثورة المصرية التي زلزلت كيان الامبراطورية على رأسها اللورد ملنر.
- سمح لسعد ورفاقه بالسفر إلى باريس لعرض القضية المصرية، لكنهم صدموا وحاول الانجليز امتصاص الموقف بإعلان مشروع جديد رفضته الأمة.
- لما واصل سعد الجهاد أعاد الانجليز القبض عليه مع صحبه مصطفى النحاس ومكرم عبيد وسنوت حنا وعاطف بركات ومحمد فتح الله بركات، ونفتهم في 29 ديسمبر 1921 إلى جزيرة سيشل ومنها إلى جبل طارق، وظلوا في منفاهم 22 شهرا.
- إعلان 28 فبراير 1922 الذي أنهى الحماية على مصر واعترف بها دولة مستقلة ذات سيادة، وإلغاء الأحكام العرفية، مع احتفاظهم بحق الدفاع عن مصر والسيطرة على القناة وحماية المصالح الأجنبية والأقليات في مصر والإشراف على السودان.
- أفرج عن سعد وأصحابه في سبتمبر 1923، وجرت أول انتخابات برلمانية في يناير1924 تطبيقا للدستور الصادر في 19 ابريل 1923، واكتسح الوفد بقيادة سعد محققا 90% من مقاعد البرلمان.
- عهد الملك فؤاد لسعد بتشكيل الوزارة في 28 يناير 1924، بعدها بستة شهور أطلق عليه شاب مختل عقليا النار وأصابه في ذراعه، أعطته هذه الحادثة مزيد من الشعبية.
- في 29 نوفمبر اغتيل السير لي ستاك قائد الجيش المصري، واستثمر الانجليز هذه الحادثة، بعد يومين من الاغتيال ذهب المندوب السامي إلى مقر رئيس الوزراء في مظاهرة عسكرية وتلي على سعد إنذارين تضمنا المطالبة باعتذار الحكومة المصرية ودفع تعويض قيمته نصف مليون جنيه والقبض على الجناة ومنع المظاهرات وسحب الجيش المصري من السودان واسقاط حق مصر في الاعتراض على تحفظات تصريح 28 فبراير. رفض سعد هذه المطالب فيما عدا اقتفاء أثر الجناة ودفع التعويض. أغضب ذلك الانجليز مما اضطر سعد لتقديم استقالته التي قبلها الملك فؤاد دون تردد، وأسند تشكيل الوزارة إلى أحمد زيور صديق الانجليز الذي وافق على جميع المطالب، وانسحب الجيش المصري من السودان.
- حين اعترض سعد على سحب الجيش من السودان قال له الملك: إنتل مالك، هو كان سودان أبوك؟
- حل مجلس النواب ودعيت الأمة لانتخابات جديدة، وعين اسماعيل صدقي وزيرا للداخلية ليقوم بتزويرها، وأعلن صدقي يوم 13 مارس 1925 إخفاق الوفد في الحصول على الأغلبية. وشكلت الوزارة برياسة احمد زيور دون دخول أي وفدى في تشكيلها. في اليوم التالي اجتمع مجلس النواب لانتخاب رئيسا له بالاقتراع السري بين سعد زغلول وعبد الخالق ثروت، وكانت المفاجأة فوز سعد واكتشاف أن أغلبية المجلس من الوفد عكس بيان وزير الداخلية. قدم زيور استقالته ورفضها الملك متحديا إرادة الشعب وأصدر مرسوما بحل البرلمان في مساء يوم انعقاده. وظلت مصر بلا برلمان لمدة 25 شهرا.
- بعدها دعي الملك لانتخابات جديدة اكتسحها الوفد كالعادة بأغلبية كبيرة، ولكن سعد تفاديا للصدام اتفق مع عدلي يكن رئيس حزب الأحرار الدستوريين أن يرأس عدلي الوزارة الائتلافية من الوفد والدستوريين والمستقلين، أما سعد فاختار رياسة مجلس النواب.
- وفى 23 أغسطس 1927 وافته المنية عن 70 عاما، وودعته الأمة في اليوم التالي بجنازة شعبية مهيبة رغم عدد وجوم وسائل الاتصال والإعلام الموجدة اليوم.




#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباراة غانا تكشف خبايانا
- التشابه بين الثورة على بيبي الثاني وثورة 25 يناير
- إلي أين نحن ذاهبون؟
- ثورة الجياع على الفرعون بيبي الثاني
- سوريا كمان وكمان
- سوريا ومهزلة جامعة الدول العربية
- Home sickness المواطنة ومرض الحنين
- سوريا والخريف العربى
- لصحافة هنا.. والصحافة فى الأوطان:
- ذكريات الزمن الجميل
- يا صديقى كلنا مُغَفّلون
- حكايتى مع الإخوان
- أحموسيسى
- حركة ضباط يوليو 52
- من 19إلى 13 وما بينهما:
- فلسطين وجزاء سنمار:
- الفرق بين الدين والقومية
- فتحطين وحماسطين
- تضافر الجهود فى إخراج فيلم خطف الجنود
- صعيدى عتيد فى بلاد الجليد:


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فاروق عطية - زعيم الأمة الذى أحببناه