أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - - أدهم يحي - قصة قصيرة














المزيد.....

- أدهم يحي - قصة قصيرة


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4258 - 2013 / 10 / 28 - 13:54
المحور: الادب والفن
    


" أدهم يحي "

أتمَّ لبس بدلته الرمادية الأنيقة ، وضبط ربطة عنقه العريضة ، وأعاد تلميع حذائه للمرة الثالثة ، ثم نظر في المرآة .. فذكرته فورا أنه نَسي أن يُنهي آخر طقوسه ، فنثرَ عطرَه الحار علي جسده ، والتقط سلسلة مفاتيحه من فوق المكتب ، فأشارت المفاتيح إليه أن ينظر سريعا إلي موضوع الندوة التي دُعي إلي إلقائها في الجامعة " الثقافة مابين سلطة الدين والرأسمالية" .
ضج د. "أدهم يحي" من كل صياغة تتضمن ثنائية وهمية ، قتلته كل التنازعات التي يخلَّقها البشر.. أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية ، والسياسي الذي حارب الانحياز لأية قوي في الوجود سوي الإنسان وحريته..
نزل في المصعد ؛ لتريه جدرانه عامدة ثلاثة من "أدهم يحي" يتحدونه ، غير الرابع الذي يكبح هو تمرده وانفصاله عنه..، فتجاهلهم جميعا .. ثم أخرج لهم طرف لسانه ، متحاشيا صراعهم معه..لكنهم لحقوا به ، فهم نادرا ما يتركونه..
وهو يفتح باب سيارته.. بادرته : لماذا لا تركن ــ مثل غيرك ــ إلي الإجابات الجاهزة المريحة ؟ هل ستظل تكره أفعل التفضيل.. والصيغ الحدية الغبية ؟ يخاطبها : حين تنفتح سماء المعرفة .. تتسع الرؤية ، وتتداخل الظواهر ، حينها يصبح الاختيار الأحادي مستحيلا ؛ تتشابك أغصان المعاني ، فتصبح الغابات أفدح كثافة ، يتكشف غيم الثنائيات الكاذب : اليسار واليمين ، الدولة الدينية ودولة العسكر ، الهجرة أو الاكتواء بعشوائية العيش بمصر ، الواحد أو المجموع ، مؤسسة الزواج أم حبيبته "علياء"..
يتسائل الثقب الذي جوف قلبه منذ أن غادرها : تُري أين أنتِ الأن ؟ هل يمكن أن تكوني قد قرأتي عن الندوة بالصحف..، فأجدك وضاءة كعادتك أمامي ؛ فتتطاير قدماي فوق الأرض ثانية .. ، أفرد أشرعتي في مياهك العميقة الزرقاء..
وصل المدرج..، فإذا به يخبره : أنها ليست من الحضور..، فينطفئ ضياء قمر أطل في سماء صدره..
اعتاد أن يقف معتدا بذاته ، كان دائما ما يؤمن أن الناس تتقبلنا كما نقدم نحن أنفسنا لهم.. ، لكنه حزين..
ابتسم للحضور في لحظة صدق بالغة التجرد ، وبدأ يقول : " أردتُ أن أحدثكم اليوم عن آلة علمية حديثة ، تمنيت أن يخترعها لنا الغرب كعادتنا ، جهاز يُوضع علي مراكز الذاكرة بالمخ ، يُمكِّن الإنسان من المحو الانتقائي من ذاكرته ، ألم يُسخرِّ الانسان العلم من أجل سعادته .. ؟ سأعطي للحضور مثالا : حين أحببت "علياء" أردتها أكثر من كل الأمنيات بحياتي ، أيضا لم يزل انجذابي لكل مافيها أكثر رغبة قاومتها طوال عمري ..
لماذا لا يمكَّننا العلم من أن ننسي ما يعذبنا ويؤرق علينا حياتنا حين لا نملكه ؟ كأن نسقط من حياة ذاكرتنا ثلاث سنوات علي سبيل المثال ..
عذرا.. يمكننا أيضا أن نسقط ثلاثين سنة ..،أو ستين عاما..،أو الزمان ذاته..
حين أزعجه صرير باب المدرج ينفتح.. نظر.. فوجدها تدخل بطلتها ذات الكبرياء القمري ، وجَّهت عينيها النداء مباشرة له ، فاتجه إليها شاخصا..
قال له الباب : لم يحضر أحد ..فاستدرك عائدا إلي المنصة بقدمين ثقيلتين .. وهو يقول : ولمَّ لا يخترع الغرب أيضا آلة تمكننا من أن نستحضر الشخوص الذين نريدهم من أماكنهم النائية ، البعيدة عن أن تطالها أيادينا .. فنضمهم إلي أحضاننا.. يمرحون فينا ؟
حين انهي الندوة ، وجاء دور الحضور في توجيه الأسئلة ، استفسر أحدهم ما العلاقة بين "علياء" و"الثقافة ما بين سلطة الدين والرأسمالية" ؟
أغلقت الندوة فمها .. ولم تجب عن أي شيء..



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد وقت ..
- مصر وقانون التظاهر
- مكرونة فيوتشيني
- قطعة ..من الشيفون الكناري
- سرد المنفلت في مجموعة -عفاريت الراديو- لمحمد خير
- يوسف الشاروني ..الخصوصية المصرية
- محددات المشهد المصري قبل 30 يونيو 2013 م
- - مجهول- أحدث روايات -يوسف القعيد-
- هدنة مع ..الانتخابات البرلمانية
- مؤامرة علي الثقافة المصرية
- الفصحي ..وطبيعة التجربة في ديوان -ما زلت اسألها الوصال- للشا ...
- نقاد -موسم الهجرة للشمال - للروائي -الطيب صالح-
- حيادية السرد وعرية في رواية -عصافير النيل -للروائي -إبراهيم ...
- الحداثة تساؤل مستمر عند الناقد والمفكر -شكري عياد-
- جدلية الواقع والفن في المجموعة القصصية - الكراسي الموسيقية- ...
- قراءة في كتاب - الحكاية في التراث العربي - للأستاذ -يوسف الش ...
- تراجيديا الوجود في ديوان -كأنه يعيش- للشاعر أشرف عامر
- كم من حق سلبتمونا......
- أليات بناء المشهد في رواية - ليالي البانجو- للروائي يوسف أبو ...
- بينية السرد بين الواقع والأوهام في رواية - بلد المحبوب - للر ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - - أدهم يحي - قصة قصيرة