أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - (تنظيم) فتح كعائق أمام استنهاض (حركة) فتح















المزيد.....

(تنظيم) فتح كعائق أمام استنهاض (حركة) فتح


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 17:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يترك الفلسطينيون أيديولوجية أممية أو قومية أو دينية إلا وجربوها، بالانخراط فيها أو بتأييدها والمراهنة عليها : أحزاب قومية عربية وأحزاب شيوعية ويسارية وحركات إسلامية ،ولم يظهر زعيم عربي أو إسلامي يمزج شعاراته وأيديولوجيته القومية أو الإسلامية بالحديث عن فلسطين ،إلا وتبعوه وعلقوا صوره في كل منزل وحارة وشارع ، وقاتل الفلسطينيون وراء كل الشعارات والإيديولوجيات إيمانا منهم بالعروبة وبالإسلام بلا شك ،ولكن أيضا اعتقادا أن الوحدة العربية أو الخلافة الإسلامية هما الطريق لتحرير فلسطين أو سيساعدان في تحريرها. وبعد كثير من المعاناة والتضحيات والإحباط لم يجد الفلسطينيون إلا فلسطين والوطنية الفلسطينية لتستوعبهم وتحفظ كرامتهم وإنسانيتهم وتبلسم جراحهم حتى وإن كانوا تحت الاحتلال،فالمواجهة مع الاحتلال حتى من خلال التعايش الإكراهي على نفس الأرض يعزز الهوية الوطنية .
لأن في الوطنية الفلسطينية متسع للجميع فإن حركة فتح عند ظهورها منتصف الستينيات كتجسيد للهوية الوطنية لم تطلب من أحد أن يتخلى عن أيديولوجيته إن أراد أن ينتمي لحركة فتح لأنها حركة تعبر وتجسد الهوية الوطنية ،والهوية الوطنية تعددية ومتفتحة وتستوعب الجميع ولكن على قاعدة توطين الأيديولوجيات ،بمعنى أن تصبح الأيديولوجيات جزء من الهوية الوطنية وليس أن يتم إلحاق الوطنية بهذه الأيديولوجية أو تلك ،بل إن كثيرين أصبحوا فتحاويين بدون بطاقة عضوية لأن الفتحاوية كانت وما زالت تعني الانتماء للوطنية الفلسطينية.
تماهت حركة فتح مع الهوية والثقافة والشخصية الوطنية ومع المقاومة والتحرر والاستقلال ،حتى باتت فتح تعني فلسطين وفلسطين تعني فتح وهو الأمر الذي انعكس بالتأييد العارم الذي حظيت به الحركة ليس فقط فلسطينيا بل عربيا ودوليا،وحتى عندما ظهرت فصائل فلسطينية يسارية وقومية وحاولت توطين أيديولوجياتها لم تتمكن من الحلول محل فتح في التعبير عن الوطنية الفلسطينية،إلا أن وجودها مع حركة فتح في إطار منظمة التحرير الفلسطينية أضفى عليها وعلى المنظمة طابعا وطنيا حررها من الوصاية العربية بداية ويحميها اليوم من محاولات جرها لتبعية الأجندة الخارجية.
لأن حركة فتح تعبر وتجسد الوطنية الفلسطينية : هوية وتاريخا وكيانا سياسيا ،فهي وليس غيرها من التنظيمات الأيديولوجية ،تمثل النقيض الرئيس لإسرائيل ومشروعها الصهيوني ،وإسرائيل تدرك جيدا أن نقيض مشروعها الصهيوني هو المشروع الوطني ومن يحمل هذا المشروع ويمثله هو حركة فتح وليس أية جماعة فلسطينية أخرى،فلا قيمة لمنظمة التحرير –مع كامل التقدير لكل القوى السياسية المنضوية فيها- بدون حركة فتح، كما أن قوى اليسار لوحدها لا تمثل المشروع الوطني لاعتبارات إيديولوجية ولاعتبارات موضوعية واقعية لها علاقة بتشرذمها ومحدودية امتدادها الجماهيري ،وجماعات الإسلام السياسي في فلسطين لا تحمل مشروعا وطنيا ولا تعبر عن البعد والانتماء الوطني وهي موجة خارجية هبت على الحالة الفلسطينية ، حتى وإن كانت موجة قوية تبقى موجة عابرة ومآلها بات واضحا بعد فوضى ما يسمى بالربيع العربي إلا إذا استدركت جماعات الإسلام السياسي الفلسطينية الأمر ووطنت أيديولوجيتها . إن وطنية أي تنظيم لا تقاس فقط بعدد ما يملك أو يطلق من صواريخ على إسرائيل بل تقاس وطنيته بمدى التزامه بالمشروع الوطني والهوية الوطنية.
قد يقول قائل إن حركة فتح بعد هزيمتها في الانتخابات التشريعية في يناير 2006 أصبحت جزءا من الماضي وأن قوى جديدة بتوجهات دينية طفت على السطح ،وأن تنظيم فتح بات مهشما وعاجزا ويعيش على هامش الفعل الوطني ليس فقط في قطاع غزة بسبب قمع حركة حماس ،بل أيضا في الضفة الفلسطينية بسبب قوة حضور السلطة وقوة إغراءاتها . غالبية أعضاء الحكومة ومستشاري رئيس الوزراء بل ومستشاري الرئيس أبو مازن ،والقائمون على إدارة أهم مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية ليسوا من حركة فتح ،و تنظيم فتح يعتاش تطفلا على أموال السلطة ،الأمر الذي يجعل حركة فتح كشاهد زور على المرحلة الراهنة .
كثيرون راهنوا على نهاية حركة فتح بعد انتخابات 2006 إلا أن الواقع أثبت فشل كل الرهانات ، فحركة حماس بعد نشوة النصر السياسي في الانتخابات ونشوة الانتصار الدموي بعد السيطرة على قطاع غزة وصلت لطريق مسدود ولفشل معمم : فشل في إستراتيجية المقاومة ،وفشل اقتصادي وإداري وسياسي في إدارة قطاع غزة ،وفشل في التحالفات الخارجية ،والاهم من ذلك فشل في التعبير عن الوطنية الفلسطينية وفي تمثيل الكل الفلسطيني . وقوى اليسار بقيت تدور في حلقة مفرغة ولم تستطع أن تزيد من رصيدها الشعبي أو تشكل تيارا وطنيا يملأ فراغ أزمة تنظيم حركة فتح . أيضا فشلت كل المحاولات لتأسيس حالة جديدة تحت عنوان المستقلين بالرغم من احتضان دول لبعض المستقلين وما يتمتعون به من أموال. وهناك سبب آخر كان وراء خطأ مراهنة المراهنين على نهاية حركة فتح وهو الخلط بين تنظيم فتح وحركة فتح .
كان مهرجان انطلاقة الثورة الفلسطينية في ساحة السرايا في 4 يناير 2013 مؤشرا واضحا على فشل كل المراهنين على نهاية حركة فتح وتراجع الوطنية الفلسطينية،لأن هؤلاء حكموا على حركة فتح من خلال واقع تنظيم فتح . حمل المهرجان رسائل متعددة وخصوصا لإسرائيل أن الوطنية الفلسطينية حالة متجذرة في الشعب الفلسطيني وان الحصار والانقسام وكل ما أنتجته المفاوضات من كوارث وما أفرزت السلطة من سلبيات لم يغير من أصالة الشعب الفلسطيني ومن تمسكه بهويته الوطنية والتفافه حول عنوانها الرئيس حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح)، وعندما نقول (حركة) فتح فلا نقصد (تنظيم) فتح ، فنحن نميز بين حركة فتح وتنظيم فتح ،والجماهير التي تؤيد حركة فتح والتي خرجت في مهرجان الانطلاقة لم يُخرجهم تنظيم فتح ولم يَخرجوا دفاعا عن تنظيم فتح ،بل أخرجهم انتماؤهم الوطني والغيرة على الوطنية الفلسطينية ودفاعا عن حركة فتح المعبرة عن هذه الوطنية التي شعرت الجماهير أنها باتت مهددة بالانقسام وبممارسات حركة حماس في القطاع ،وحالة الانفلاش الذي يعيشه تنظيم فتح في القطاع ،وبعجز السلطة الوطنية عن التعبير عن أو حماية الوطنية والأرض الفلسطينية في الضفة ،وإحساس الجماهير أن هناك تآمرا على الوطنية الفلسطينية من عدة أطراف داخلية وخارجية .

نعم ، حركة فتح ليست تنظيم فتح ،وهذا الأخير بأشخاصه ومؤسساته أساء كثيرا لحركة فتح من حيث عدم قدرته على لملمة الحالة الفتحاوية أو على بلورة رؤية وفكر يعبر عن أصالة حركة فتح وما يميزها عن الآخرين ،وبسبب تكالب قيادات من التنظيم على المناصب والامتيازات وكأن الدور النضالي لحركة فتح قد انتهى والآن مرحلة جني المغانم !. طوال العقود الثلاثة الأولى من عمر حركة فتح حدث تماهي وتداخل بين حركة فتح وتنظيم فتح ، إلا أنه في العقدين الأخيرين وتحديدا خلال العقد الأخير حدث تباين بين تنظيم فتح وحركة فتح ،فالتنظيم كأشخاص أو أدوات تنظيمية وتنفيذية ومؤسسات لم يعد يعبر عن حركة فتح المجسدة للوطنية الفلسطينية ،بل بات تنظيم فتح يسيء لحركة فتح ،كل الانتقادات والمساوئ والأخطاء التي ينسبها الناس لفتح إنما سببها تنظيم فتح وليس حركة فتح ،وللأسف يتم إسقاط أخطاء وتقصير تنظيم فتح على حركة فتح وهو الأمر الذي يتطلب استنهاض تنظيم فتح ليصبح في عظمة حركة فتح ،وهذا مطلب ضروري وملح بعد تراجع المراهنة على جماعات الإسلام السياسي وعودة الاعتبار للدولة الوطنية في العالم العربي.

لأن حركة فتح تعبر عن الهوية الوطنية وعن التوق للاستقلال فهي باقية كحركة تحرر ما بقي الاحتلال ،إلا أن بقائها مرتبط بقدرتها على الاستمرار في التعبير عن الوطنية وبقدرتها على اشتقاق وسائل نضالية ضد الاحتلال، كما أن عمر حركة فتح غير مرتهن بعمر قادتها وهي ليست ملكية خاصة لقادتها ،لا للرئيس أبو مازن ولا لأعضاء اللجنة المركزية ، ويجب تحريرها من وصاية وسطوة التنظيم من خلال ثورة داخلية أو مراجعة إستراتيجية تعيد صهر وتماهي تنظيم فتح وحركة فتح و الوطنية الفلسطينية.



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمويل الخارجي ودوره التخريبي في فلسطين
- الكل يريد من غزة ولا أحد يريدها
- الانتفاضة حتمية وضرورية وممكنة
- ضرورة تحرير الإسلام من جماعات الإسلام السياسي
- صفقة الكيماوي تفضح الحرب على سوريا
- اتفاق أوسلو والبحث عن السلام المستحيل
- فضائية الجزيرة والتطاول على الكبار
- حتى لا ندفع الثمن مرتين
- من أكذوبة النووي العراقي إلى ذريعة الكيماوي السوري
- رهانات حماس بعد سقوط المراهنات
- وهل كانت المشكلة في إدارة قطاع غزة ؟
- في الوطنية الفلسطينية متسع للجميع
- ليتهم يتعظون
- محنة المثقفون الفلسطينيون
- المشكلة ليست في المفاوضات بل فيمن يفاوض
- ثورة 30 يونيو التصحيحية تخلط الأوراق عربيا وفلسطينيا
- تحالفات غير مقدسة في الحرب على وفي سوريا
- الحاجة لإستراتيجية فلسطينية متعددة المسارات
- العرب: من مقاطعة إسرائيل إلى التطبيع المجاني معها
- لا شرعية لنظام سياسي بدون وجود معارضة


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - (تنظيم) فتح كعائق أمام استنهاض (حركة) فتح