أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (6)















المزيد.....

هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (6)


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 26 - 10:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


11 يناير 2013
تعليقا على خطبة الشيخ "العريفي" اليوم في مسجد عمرو ابن العاص بالقاهرة والجمع الجماهيري الغفير الذي حضر خطبته، هذا الجمع الغفير جعل هذا السؤال التالي يقفذ إلى ذهني:
لماذا يكرههم الشعب المصري والشعوب العربية ويشمئزون منهم؟:
سؤال لم تلتفت إليه ولم تسأله لنفسها تلك الكائنات المصرية من أدعياء المدنية والليبرالية والعلمانية ومجاذيب الفكر والثقافة الغربية المصريون والعرب، كما سألته أمريكا ذات يوم لنفسها حين قالت: (لماذا يكرهوننا؟).
لقد قلت عبارة منذ سنوات وكررتها أكثر من مرة في أكثر من مقال لي وهي:
(إن خطبة جمعة واحدة أو محاضرة واحدة لا تتعدي ساعة من الزمن لشيخ أزهري أو سلفي أو إخواني أو جهادي أو وهابي تستطيع أن تطيح بكل ما ألفه وكتبه ونَظَّرَ له وقاله وفكر به أدعياء المدنية والليبرالية والعلمانية المصريون والعرب ومجاذيب الفكر والثقافة الغربية عبر عشرات السنين).
وهذا أمر واقع ويحدث كل يوم والواقع يثبته ويبرهن عليه، ولكن هؤلاء القوم لم ولن يسألوا أنفسهم لماذا نحن منبوذون ومكروهون بين شعوبنا؟؟، ولماذا تتجمع الشعوب حول رجال الدين بهذا الحشد الجماهيري الغفير بينما لا تستطيع القوى المسماة "مدنية" مجتمعة أن تجمع في ندوة لها أكثر من مائة شخص؟؟.
لأنه ببساطة الجواب على مثل هذا السؤال سوف يكشف سوءاتهم ويعريهم ويشعرهم بالعار والمرارة، وأستطيع أن ألخص جواب هذا السؤال في هذه العبارات القصيرة على النحو التالي:
إن تلك الكائنات المصرية والعربية من أدعياء المدنية والليبرالية والعلمانية ومجاذيب الفكر والثقافة الغربية في بلداننا العربية وخاصة في مصر هم أناس يعيشون في جوف كهف من الأوهام والتهيؤات والتصورات النفسية الكائنة خارج الزمان والمكان والوجود، ويقبعون في مفارقة تغييبية ضبابية ظلامية تحجبهم عن الواقع وعن الجماهير، هؤلاء يمضون أعمارهم حتى يموتون في أبراجهم العاجية التي توهموا وجودها في أضغاث أحلامهم منفصلين تماما عن الناس وقضاياهم واهتماماتهم ومشاكلهم ومعاناتهم اليومية المستمرة والمتجددة والمتزايدة، وفي الوقت ذاته يدعون محض ادعاء أنهم يساندون قضايا الناس ويتألمون لآلامهم، فهم بالضبط كمن يجلس في بيته الفخم في الشتاء القارس أمام المدفأة مادا رجليه مسترخيا وهو يرى من خلف شرفته الزجاجية طفلا في الشارع يفترش الأرض ويلتحف السماء ويتوسد يمناه، فلا يفعل له شيئا سوى مصمصة شفتاه وقول: مسكين هذا الولد!!، ثم يتساءل في سخافة ونذالة: فين أهله وسايبينه ليه كده؟!! مفيش حد يسأل عليه ليه؟!!، وفين الحكومة ليه مبتلمش الأطفال دي في بيوت الرعاية؟!!.
ويكتفي صاحبنا بهاتين العبارتين وكفى الله جنابه شر القتال.
هؤلاء لا يملكون من أمرهم ولا من أمر الناس شيئا سوى التنظير والتحليل والتفلسف والتقول والادعاء والاقتباس والتحزلق والتفيهق والسفسطة البالية الفارغة التي لا تطعم جائعا ولا تكسو عريانا ولا تغيث ملهوفا ولا تعين مضطراً، وظنوا أنفسهم أنهم هم وحدهم أهل الفهم الصواب والفكر السديد والنظر الثاقب، وهم وحدهم المتحدث الأوحد باسم العقل والعقلانية الرشيد، وهم وحدهم أهل الاقتصاد ونظرياته الجبروتية الخلاقة، وهم وحدهم أهل السياسة ونظرياتها اللوذعية اللولبية، وهم وحدهم أهل الفلسفة الإبداعية التي ستغير خطوط ومواسير مجاري التاريخ.
وبما أن آفة الإنسان النسيان، فهؤلاء وأشباههم وأمثالهم ونظراؤهم هم بأعينهم بأفكارهم وكتاباتهم ومقولاتهم وشعاراتهم وشحمهم ولحمهم من صنعوا الطغاة والمستبدين والفاسدين والخونة لأوطانهم والعملاء لأعدائهم عبر قرنين كاملين من الزمان، أليسوا هم من صنعوا عبد الناصر والقذافي وصدام وحافظ الأسد وعلي عبد الله صالح وبورقيبة وزين العابدين والسادات ومبارك وبشار وكل طواغيت العرب ومجرميهم؟؟، ألم يكونوا محض سدنة وكهانا ومرتزقة وسحرة في وزارات إعلامهم وصحفهم وتعليمهم وصحتهم وثقافتهم وفنونهم واقتصادهم وخارجيتهم وداخليتهم؟؟. ألم تكن أدواتهم وشعاراتهم ومقولاتهم وراياتهم آنذاك هي نفسها اليوم بشحمها ولحمها: (ديمقراطية، مدنية، ليبرالية، علمانية، اشتراكية، يسارية، تقدمية، تطورية، عقلانية، حداثية، تنويرية، تحررية)؟؟. ثم أنظروا إلى أي حضيض وإلى أي درك من الفقر والجهل والمرض والتخلف أوصلونا وقذفوا بنا وببلداننا؟ ثم يريدون منا ولنا عقب كل هذا أن نلدغ من جحورهم قرنين آخرين من الزمان، ألا بعدا وسحقا لقوم طاغون.
هذه الكائنات الغريبة العجيبة في بلداننا العربية وخاصة في مصر ما هم إلا محض مساكين طيبين وفي أمس الحاجة للشفقة والعطف عليهم، لأنهم لا ينتبهون إلى أنهم لا يخاطبون إلا أنفسهم ولا يتحدثون إلا إلى ذواتهم، فهم أشبه بالمطرب ذي الصوت النشاز الذي يعجبه صوته جدا رغم معرفته اليقينية بأن أحداً غيره لا يستمع إليه، وفي الوقت ذاته يسب ويشتم الناس الذين لا يستمعون لصوته النشاز المنكر ويشمئزون منه، فيتهمهم في أذواقهم ويتهمهم بالغباء والجهل والتخلف وعدم الفهم.
لذلك أنا أنصح كل مصري وكل عربي قبل أن ينضم لصفوف هذه الكائنات وقبل أن يقترف المضي في طريق أدعياء المدنية والليبرالية والعلمانية على الطريقة المصرية والعربية عليه أن يفتح له سجلا مستديما في مصحة نفسية يقوم بمراجعتها أسبوعيا حتى لا يضل الطريق ويظل محتفظا بنفسه إنسانا سويا تألفه الجماهير وتستأنسه وتقبل عليه ولا تنفر ولا تشمئز منه.

12 يناير 2013
لماذا الوصاية الفهمية والفكرية على الناس؟:
يُنَصِّب كثير من الناس من مختلف التوجهات الفكرية والميول السياسية من أنفسهم أوصياء على فهوم ووعي وأفكار الناس، ومن ثم يقومون بتصنيف أنفسهم أنهم هم وحدهم أهل الوعي والفهم والعلم والدراية، بينما يصنفون ما عداهم من المخالفين لهم في عداد الجهلاء المتخلفين الذين لا يدرون شيئا ولا يفقهون.
لكن ربما ما لم ينتبه له كثير من هؤلاء أن كل إنسان وأي إنسان على وجه الأرض ذكراً كان أو أنثى أيا كانت درجة وعيه وأيا كانت حصيلته العلمية والمعرفية ضئيلة أو غزيرة فقد زوده الخالق سبحانه بجهاز من الوعي الذاتي الداخلي الذي عن طريق خبراته وتجاربه وممارساته وعلاقاته وتأملاته وملاحظاته الحياتية قد قام بتحصيل مخزون كامل شامل جامع من آليات وقواعد وأسس التمييز والمعرفة والعلم يكفيه ليخوض به معترك هذه الحياة الدنيا ويميز به الطيب من الخبيث والصالح من الطالح وما ينفعه مما يضره، حتى ولو لم ينل أدنى قسط يذكر من التعليم النظامي المدرسي والأكاديمي، وحتى وإن لم يقرأ أو يسمع عن: (سقراط، أو أفلاطون أو أرسطو أو أبيقور، أو كونفوشيوس، أو ابن سينا، أو الكندي، أو ابن طفيل، أو ابن رشد، أو جون ديوي، أو فرانسس بيكون، أو ديفيد هيوم، أو كانط، أو هيجل، أو اسبينوزا، أو ثورانديك، أو سكنر، أو جون لوك، أو برتراند راسل، أو هربرت سبنسر، أو جوهان فيخته، أو أوغوست كونت، أو جان جاك روسو، أو بول سارتر، أو رينيه ديكارت، أو ستيوارت ميل، أو شوبنهاور، أو نيتشه، أو تولستوي، أو أو أو أو.....إلخ). فيكفي أن جميع الناس بلا استثناء تعلموا من واقع مدرسة الحياة أن النار تحرق، والماء يروي وينظف ويُغْرِق، وأن البرد يلزمه تدفئة، والحر يلزمه تبريد وترطيب وتهوية، وأن الجوع يسده الأكل، والظمأ يطفيه الماء.
ومما لا يخفى على أحد أن بني الإنسان بلا استثناء لفرد واحد منهم أنهم منذ طفولتهم المبكرة ومنذ نعومة أظفارهم يستطيعون التمييز بين الطويل والقصير، بين الصغير والكبير، بين الناعم والخشن، بين الدقيق والغليظ، بين السعة والضيق، بين الجزء والكل، بين الثقيل والخفيف، بين الجمال والقبح، بين الصحة والسقم، بين الثراء والفقر، بين النافع والضار، بين الأمن والخوف، بين الأعلى والأسفل، بين الراحة والمشقة، بين اليابس والرطب، بين الأبيض والأسود، بين العدل والظلم، بين الرغد والفاقة، بين الفرح والحزن، بين الرحمة والقسوة، بين القوة والضعف، بين المرتفع والمنخفض، وبين، وبين، وبين،،،، إلخ.
ومن ثم فكل إنسان على وجه الأرض لديه معاييره ومقاديره التي من خلالها يميز بين الأشياء وأضدادها، وقد نقلت في كتابي: (النظام المديني وزوال الديموقراطية) فقرة معبرة في هذا الصدد لأحد الكتاب يقول فيها:
العامل الأمي الأفغاني "جامشيد" يهزم المفكر الأمريكي الكبير "فوكوياما" فلسفيا:
(في كابول، يتحدث العامل اليدوي الأمي "جامشيد" (26 عاما) نيابة عن العديد من المواطنين عندما يسرد محاسن ومساوئ النظم الغربية الجديدة المفروضة بالقوة من قبل النظام الأفغاني الجديد الذي يدعمه الغرب. بالمقارنة مع الحياة في ظل حكم طالبان، "جامشيد" (يقدر الحرية من أجل الاستماع إلي الموسيقي، والخروج مع زوجته بسهولة وبدون مراقبة ليفعل ما يريده)، لكنه لا يمكن أن ينسي مطلقا أنه (في ظل حكم طالبان المستبد، كان يمكنه ترك المحل مفتوحا والذهاب لأداء الصلاة في المسجد ولن يتجرأ أحد مطلقا علي سرقة أي شيء... ولكن الآن -يقول جامشيد-: (الحكومة الديمقراطية الليبرالية نفسها "فاسدة"، وهي التي تسرق مال الشعب بالباطل!!!). بكل تأكيد "جامشيد" الأمي لم يقرأ مطلقا مؤلفات الفيلسوف البريطاني "جون ستيوارت ميل" مؤسس الفلسفة الليبرالية ولم يقرأ مطلقا مؤلفات المفكرة السياسية الأمريكية "آين راند". ولكن سواء كان يحكمه رجال دين ثيوقراطيين أو حكومة جاءت بعد فوز بانتخابات مدعومة من الغرب، فإنه -بالتأكيد- يعلم جيدا ما يضره وما ينفعه ويستطيع أن يميز بين ما يعجبه وما لا يعجبه). انتهى
أقول: فلينزل من ينزل إلى السوق وليعرض كل تاجر بضاعته وليترك للناس بتمييزهم هم اختيار ما يصلح لهم وترك ما لا يصلح لهم من دون وصاية أو تسلط أو حجر أو ادعاء.

15 يناير 2013
الهوية المصرية تتسبب في حادث قطار "البدرشين" وكل كوارث مصر:
منذ عدة أشهر كنت في زيارة لامرأة في منتصف الخمسينات من العمر مريضة بالسرطان، عافاكم الله وعافانا، وكانت ليلتها قد حضرت لتوها من معهد الأورام بأسيوط، حيث قد زارت هذا المعهد في ذلك اليوم لتتناول الجرعة الدوائية الكيميائية المقررة لها كل شهر، ووجدتها في حالة نفسية سيئة ومريرة، زيادة على آلامها وأوجاعها.
فسألتها ماذا فعلت اليوم، فقالت لي في حرقة ومرارة: اسكت يا ولدي والله ما تمنيت الموت طوال حياتي إلا هذا اليوم. فسألتهالماذا؟، فقالت: إنت عارف مقدار الألم إللي كنت فيه منذ أمس وذهبت اليوم لتناول الجرعة الدوائية وإذا بالممرضة أو الموظفة المسئولة عن الملف الخاص بي والتي ستقوم بكتابة مقدار الجرعة التي سأتناولها في ورقة وأذهب بها إلى الطبيب الذي سيوقع عليها ثم يقوم بدوره بتحويلي إلى الغرفة الخاصة بتناول الجرعة، إذا بها تتسامر مع زميلة لها، عن خطيبها الغاضب منها، والمخاصم لها، وتروي لها مأساتها، وأنها ليست غلطانة، وهو من بدأ بالمشاكل معها، واستمر السمر لساعة، وأنا واقفة يا ولدي انتظر (سموها) لتنتهي من حديثها وقصة حياتها كي تخرج لي الملف، وأنا أعاني من ألم يهد الجبال، ولا أستطيع الوقوف طويلا، وكل ربع ساعة أقول لها: معلهش يا بنتي شوفيلي الملف بتاعي علشان أنا تعبانة ومش قادرة أقف، فترد علي: لحظة شوية يا حاجة، وفي المرة الأخيرة نهرتني بشدة وقالت: إيه يا حاجة إنت مش شايفاني بتكلم؟، فيه إيه؟، هو أنا شغالة خدامة لأهاليكم؟.
وقالت: المهم اعطتني الملف والورقة التي سيوقع عليها الطبيب، وذهبت إلى غرفة الطبيب المختص ليقرر لي مقدار الجرعة الدوائية، فوجدته يتناول (القهوة) مع زميلين له، ويتسامرون حول الانتخابات الرئاسية ومن يؤيد (مرسي) ومن يؤيد (شفيق)، ويتصايحون ويتجادلون بأصوات مرتفعة وصوت ضحكاتهم يتعالى إلى أعلى درجة، فطرقت باب الغرفة أكثر من مرة، ولم ينتبه لي أحداً منهم، بل ولم يلتفت إليَّ أحدهم، وأخذت في الانتظار حتى يلتفت إليَّ أحدهم، فلم يحدث، فدخلت إليهم إلى حيث يجلسون، وقلت لأحدهم: لو سمحت يا بيه دي الورقة الخاصة بالجرعة الدوائية الخاصة بي، أحتاج توقيعك عليها لأخذ الجرعة، فرد عليها (جلالة) الطبيب قائلا: إيه قلة الذوق دي يا ست؟، إنت إزاي تدخلي علينا المكتب بدون إذن وبدون ما نقولك ادخلي؟ انت مش شايفانا قاعدين بنتكلم ومشغولين؟، فقلت له: معلهش يا ولدي أنا تعبانة وبتألم ومش قادرة أقف، وخبطت على الباب كذا مرة وحضرتك مسمعتنيش، فرد عليها: إيه يعني إحنا انطرشنا يعني؟ خلاص خلاص قصري إنت هاتصاحبيني؟.
المهم تناولت المرأة المسكينة جرعتها الدوائية وعادت إلى بيتها، وأخذت تقص عليَّ ما عانته ودموعها تتقاطر قهرا ومرارة وذلا يسيل على خديها، وأنا أقاسمها الدموع والشعور بالذل والمهانة والمرارة والقهر الذي تجرعته مع دوائها، وقالت لي يومها: أنا يا ولدي لو كان معايا فلوس كنت رحت مستشفى خاص ولا إني أهين وأذل نفسي بهذا الشكل ولكن هعمل إيه يا ولدي العين بصيرة والإيد قصيرة، والله يا ولدي أنا بدعي ربنا إني أموت هذه الساعة قبل الساعة القادمة ولا إني أتذل بهذه الطريقة المهينة.
خاصة وأن هذه المرأة من أسرة كريمة جدا إلا إن الزمان ضاق عليها وتدهور الحال بها ماديا.
هذه الكائنات المندسة على الجنس البشري من عينة هذه الممرضة أو الموظفة ومن عينة هذا الطبيب وزملاؤه، من الصعب أن تجد لهم مثيلا في أي من شعوب العالم إلا ما شذ وندر، هذه الكائنات تجد منها عشرات الآلاف بل مئات الآلاف بل ربما ملايين ينتشرون ويتوغلون في كافة مرافق ومؤسسات الدولة المصرية بلا استثناء لمرفق واحد أو مؤسسة واحدة منها، إلا من رحم ربك وقليل ما هم، تجدهم على هيئة موظفين وعاملين ومديرين ورؤساء، هذه الكائنات المحسوبة على الجنس البشري ظلماً وزوراً قد رضعوا مع الحليب من أثداء أمهاتهم لاأخلاقيات مصرية حصرية جينية وراثية تسمى: (انعدام الضمير الإنساني، وإنعدام الآدمية، وإنعدام الأخلاق، والإهمال، والكذب، والنفاق، والنصب، والاحتيال، والتسيب، والانحلال، واللانظام، والفوضى، والتغافل، والتعامي، والتواطؤ، والممالأة، والتسلق، والتملق، وانا مالي، ويا رب تخرب، ويتحرقوا بجاز). وغيرها من اللاأخلاقيات المصرية الحصرية بامتياز كماركة مصرية مسجلة.
هذه الكائنات تقتات وترتزق على: (الفهلوة، والشطارة، والادعاء، ونفخ الذات، والتقمص، والفرعنة، والشوفينية، والكبر، والغرور، والتعالي، وشغل التلات ورقات، واللعب بالبيضة والحجر، وإللي تكسبه اللعبه، ومصلحتي أولاً، وشيلني أشيلك، وبصلي بعين أبصلك باتنين، وفتح عين تاكل ملبن، واللي اختشوا ماتوا، ويخافوا ما يختشوش، وهو أنا هصلح الكون، وما كل الناس كده، وإنت هتعملي فيها نبي وشيخ). وقائمة طويلة ممتدة ومتشعبة من القوت والزاد اللاأخلاقي الذي تتغذى وتنموا عليه قطاعات عريضة من الشعب المصري، تتجلي في الأنظمة الحاكمة، وفي الإعلام، والتعليم، والصحة، والسكك الحديدية، والاقتصاد، والسياسة، والفنون، والمعارضة، والموالاة، وفي كافة أركان الدولة المصرية وجنباتها ومكوناتها. وتتجلى هذه اللاأخلاقيات في أبهى وأوضح صورها فيمن يتشفون في السلطة الحاكمة في مصر عند وقوع مثل هذه الكوارث التي يروح ضحية لها نفوس العشرات من المصريين دون أدنى ذنب أو جريرة تذكر، ثم نولول ونصرخ ونتباكي في مكر وخسة ونذالة ولؤم ونقول من السبب في مثل هذه الكوارث؟. وكأننا نحن ملائكة طيبون مخلصون محترمون أبرار، ولكن هناك كائنات فضائية خارجية متآمرة شريرة تأتينا لتحدث فينا كل هذه الكوارث.
هذه الكائنات المصرية ليست وليدة اللحظة، وليست وليدة عصر الرئيس (محمد مرسي)، وليست وليدة نظام (مبارك ولا السادات ولا عبد الناصر)، وإن كان نظام كل من (عبد الناصر والسادات ومبارك) بكل تأكيد ويقين قد منهجوها وزادوها انحطاطا وانحداراً وسقوطاً، إلا أن هذه الكائنات موجودة بين أفراد الشعب المصري منذ آلاف السنين.
ومن يمتعض أو يعترض فليقل لي منذ متى وفي أي عصر من عصور التاريخ المصري تمتع المصريون بدانق قليل من الأخلاق الإنسانية والسلوكيات الآدمية السامية الراقية في شئونهم الإنسانية والحياتية والثقافية والاجتماعية والسياسية ونظم حكمهم؟؟.
ثم عقب كل هذا تجد من بين المصريين والمصريات من نزعوا عن وجوههم ونفوسهم أي سترة للخجل أو الحياء وأخذوا يحدثوننا عن الحضارة المصرية العتيقة الخالدة، والهوية المصرية المثالية الرائعة التليدة التي يخشون زوالها على أيدي الإخوان والسلفيين، ويحدثوننا عن طيبة المصريين، وأخلاقهم، وتدينهم الفطري، وحسهم المرهف، وكرمهم، وشهامتهم، وجدعنتهم، وأنهم (ولاد بلد).
وصدق من قال: (إذا لم تستح ولم تخجل فافعل وقل ما شئت).

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -25 يناير- (5)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (4)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (3)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (2)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية –ثورة 25 يناير- (1)
- -العلمانية- على الطريقة المسيحية الأرثوذكسية المصرية
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الرابع عشر: (هل حفظ الله كتاب ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الثالث عشر: (أثر عقيدة التجسد ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الثاني عشر: (مفهوم السنة، وما ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الحادي عشر: (هل أنزل الله على ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل العاشر: (طاعة الرسول)
- السنة ما لها وما عليها: الفصل التاسع: (البلاغ، الأسوة، ما ين ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الثامن: (هل القرآن كافٍ وحده؟)
- السنة ما لها وما عليها: الفصل السابع: تابع (القرآنيون والتفر ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل السادس: (القرآنيون والتفريق بي ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس: (القرآنيون ومأزق حفظ و ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الرابع: (تاريخ إنكار السنة ونش ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الثالث: (تاريخ نقد وإصلاح التر ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الثاني: (الصحابة والسلف بين ال ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الأول: (عرض تمهيدي لقضية السنة ...


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (6)