أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل حبه - هل هو تمهيد لفرض- ولاية الفقيه- على العراقيين؟















المزيد.....

هل هو تمهيد لفرض- ولاية الفقيه- على العراقيين؟


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 1214 - 2005 / 5 / 31 - 12:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو تتبعنا يوميات الثورة الايرانية سواء تلك الصفحات التي سبقت الاطاحة بالشاه اوبعيدها لوجدنا ان التيار الديني السياسي الذي كان يمثله الراحل اية الله روح الله الموسوي الخميني كان يؤكد في رده على اسئلة مراسلي الصحف ووكالات الانباء ان لا نية لهذا التيار في اقامة حكم ديني في ايران بعد الاطاحة بالشاه والسماح للاحزاب على اختلاف تياراتها بممارسة نشاطاتها والمشاركة في انتخابات الرئاسة ومجلس الشورى الوطني الايراني كما كان يسمى آنذاك. وأكد ممثلوا هذا التيار وفي المقدمة منهم الراحل الخميني ان يكون هذا المجلس هو المقرر لشؤون البلد بإعتباره منتخباً من الشعب. كما التزم هذا التيار بمبدأ فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وكان آية الله الخميني يردد مراراً حتى بعد الثورة على ان دور رجال الدين يتحدد في الارشاد الديني في الجوامع والمساجد ومراقبة شؤون الدولة وسياستها شأنهم شأن سائر المواطنين، وان لا يتحولوا الى اقطاب في السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية. وذهب الخميني الى ابعد من ذلك فقد طلب على الدوام من رجال الدين، من انصاره من الذين بدأوا يتنافسون على مناصب السلطة ونشر المحاكم العشوائية، العودة الى المساجد والكف عن التدخل في شؤون الدولة. الا ان كل هذه المناشدات ذهبت ادراج الريح ولم تصمد امام موجة التنافس العارمة على االجاه والسلطة والمناصب للفئة المتشددة من رجال الدين. وهكذا سيطر رجال الدين المتشددين على المجلس التأسيسي الذي شكل وانتخب على عجل وكان مهمته الرئيسية تتحدد في تدوين دستور جديد للبلاد. ولم توكل مهمة رئاسة لجنة صياغة الدستور الى قاض او شخصية ضليعة في القانون بل الى آية الله منتظري الشخصية الدينية الثانية في تيار الخميني بعد ان تم اغتيال اية الله مطهري اول رئيس لمجلس قيادة الثورة بعيد الثورة بسبب اعتداله. وتم تدوين دستور للبلاد لكي يتناسب مقاس الدولة الدينية المتعصبة ورجال الدين المتشددين. وهكذا جرى لاحقاً تصفية كل الحركات السياسية العلمانية والدينية على حد سواء وبدأت ماكنة الاعدام تدور لتزهق ارواح الالاف من المواطنين الايرانين، وشنت حروباً على جميع المناطق القومية التي يسكنها الكرد والعرب والتركمان والبلوج وغيرهم. واصبح من غير الممكن ضمن هذا الدستور"الذي وافق عليه الشعب الايراني" ان يقوم اي مسؤول منتخب من قبل الشعب بتطبيق برنامجه الانتخابي الا اذا كان متطابقاً مع رأي النخبة الدينية غير المنتخبة اي المرشد ولجنة حماية الدستور، هذان المركزان اللذان يتمتعان بصلاحيات واسعة ومن ضمنها اقصاء من انتخب من قبل المواطنين الايرانيين. وعلى هذا المنوال تمت اقالة ابو الحسن بني صدر اول رئيس غير معمم للجمهورية الايرانية ثم الشروع بمطاردته بتهمة الخيانة لمجرد انه اراد الشروع بتطبيق برنامجه الانتخابي الذي صوت له الشعب الايراني بأغلبية ملموسة. ولم يستطع رئيس آخر انتخب لاحقاً بأغلبية ساحقة وهو السيد محمد خاتمي ان يطبق برنامجه الانتخابي الاصلاحي وهو يجهد لدورتين انتخابتين في تحقيق ارادة الناخبين وبدون جدوى. انه لم يستطع حتى اطلاق سراح انصاره من السجن ولا تعيين حتى فراش بسيط في اية ادارة حكومية دون موافقة رجال الدين المتشددين. ان ايران الآن على ابواب انتخابات الرئاسة ولكن مجلس الخبراء الذي يسيطر عليه المتشددون من رجال الدين لم يسمح الا لستة ومن انصاره فقط في خوض الانتخابات وبعد احتجاجات اضيف ثلاثة آخرين. وحذف هذا المجلس 991 من المرشحين الذين تقدموا للترشيح من اجل المشاركة في الانتخابات التي ستجري في الشهر القادم.
هكذا فصل رجال الدين المتشددين الدستور بما يتناسب مع مقاسهم ومسألة بقائهم الابدي في هذه السلطة الفانية دون السماح بتداول السلطة وممارسة الديمقراطية على غرار ما يعمل به عباد الله في الدول المتقدمة. بالطبع ان هذا الدستور قد صوت له وقبل به الشعب الايراني عام 1979 وبذلك ارتكب خطأ تاريخياً، وبذلك كرر الشعب الايراني نفس الخطأ الذي ارتكبه الشعب الالماني بإنتخابه هتلر كمستشار لالمانيا في بداية عقد الاثينيات من القرن الماضي ليفرض واحد من اعتى الانظمة الديكتاتورية في العالم. والآن يدفع الشعب الايراني الثمار المرة لهذا الخطأ الجسيم الذي ادى الى تراجع في الوضع الاقتصادي وكبت للحريات العامة وفتك بالمعارضين وهدر للمال العام وهروب للعقول والخبراء الايرانيين خارج الحدود وتوتر اجتماعي وزيادة في تناول المخدرات والبغاء "الشرعي" وغير الشرعي وفساد اداري مستشري في ادارات الدولة وشلل للمحاكم التي سيطر عليها رجال الدين المتشددين بعد ان تم عزل جميع القضاة وعزلة دولية وبطالة وغلاء فاحش. وشغل رجال التشدد الديني كل مناصب الاجهزة القمعية والبوليسية وادارة المال العام والشركات المؤممة ووصل الامر الى تسلطهم على وكالة الطاقة النووية وتدخل مجلس الخبراء بشؤون الحكومة الى حد فرضه لمسألة تخصيب اليورانيوم دون ان تتخذ الحكومة قرارها بذلك. وكانت النتيجة ان هذا النمط من الحكم ورجال دينه المتشددين لم يستطع ان ينقل المجتمع الايراني الى ظروف افضل من حاكمه السابق المنهار محمد رضا بهلوي، فقد اضحى الوضع اكثر سوءا من الوضع الذي ساد في عهد الشاه المطرود. وادى ذلك الى تراجع الدعم الذي قدمه الشعب الايراني للتيار الديني المحافظ بعد ان اعطاه غالبية الاصوات بعيد الثورة عام 1979. ولم يقتصر الامر على ذلك بل طال ذلك الدين نفسه ومكانته في المجتمع الذي تراجع قياساً الى السنوات السابقة. ففي استطلاع اجرته الصحف الرسمية الايرانية تبين ان 85% ممن ولدوا بعد الثورة لا يمارسون الشعائر الدينية بسبب الممارسات التي يقوم به اقطاب السلطة بأسم الدين والصورة المشوهة التي يقدمها رجال الدين من حكام ايران عن الدين. وهكذا اضحى الدين ضحية ، اضافة للشعب الايراني نفسه، لممارسات هؤلاء المتشددين وللخطأ التاريخي الذي ارتكبه الشعب الايراني حيث وضع كامل ثقته في رجال التشدد الديني قبيل الثورة وبعيدها بإعتبارهم كانوا ضمن التيار الذي مثله اية الله الخميني والذي اطاح بالطاغية الامبراطور محمد رضا بهلوي.
اني اتناول هذا الموضوع لكي ابدي قلقي من تطور امور تبدو بعض ملامحها مماثلة لما يجري الآن في بلادنا العزيزة ولكي نتجنب تكرار الدوامة التي مر بها البلد الجار ايران. ان شخصية مثل آية الله حسن علي منتظري الذي كان وريثاً لآية الله روح الله الموسوي الخميني وجرى ابعاده لاحقاً ووضع تحت الاقامة الجبرية وهو الذي كان رئيس المجلس التأسيسي ورئيس لجنة اعداد الدستور الايراني عام 1979 قد ادرك اخيراً الخطأ الذي ارتكب عند صياغة هذا الدستور اللاديمقراطي وطالب رجال الدين العراقيين قبيل الانتخابات العراقية الاخيرة بالاتعاض من التجربة الايرانية والابتعاد عن الخوض المباشر لرجال الدين في اللعبة السياسية ودروبها المعقدة والتحذير من عواقب تسييس الدين. ولكن هل استمع بعض رجال الدين في بلادنا لهذا التحذير واتعضوا من التجربة المرة للسيد حسن علي منتظري؟ يبدو لي ان البعض لم يتعض من هذه التجربة وراح البعض من رجال الدين من كل الطوائف بالتباري لخوض معمعان السياسة مبتعدين عن مهمتهم الوجدانية لجلب الامان للقلوب والاتعاض من تاريخنا الحافل بالعبر حلوها ومرها. ووصل الامر عند البعض ان حولوا الدين الى عنصر اثارة وتفرقة وتنابذ يصب الزيت في حريق للاخضر واليابس وزرع الفتنة بين ابناء الوطن الواحد وفي بلد مشحون وحافل بالتوتر.
انه لمن المؤسف ان يتصدر بعض رجال الدين عندنا حركات تدعو للعنف بدلا من الدعوة للتسامح وامان الروح والنفس عملاً بالحكمة القائلة "المسلم من سلم الناس من يده ولسانه". لقد تقدم البعض منهم بشعار الدعوة للجهاد ضد المحتلين والكفار وهي دعوة حق اريد بها باطل. ان مشاهد هؤلاء "المجاهدين" على شاشات التلفزيون تفضح حقيقة النفوس المريضة والمنحرفة لهذه العناصر التي تمارس اغتصاب الفتيات وقطع اعناق الابرياء والسطو على الممتلكات العامة والخاصة والنهب والسلب الذي لا يمت بصلة الى اية معاني انسانية ناهيك عن الدينية. وراح فريق تكفيري آخر مستورد من خارج حدودنا يمارس مهمة دنيئة في اثارة الفتنة الطائفية وتجويز القتل العشوائي على الهوية الطائفية وبفتاوى من علماء الظلامية من خارج الحدودبهدف اعلان امارات للرعب والخوف في ارض الرافدين تنفذ على يد مجرمين محترفين ينشطون تحت مسميات دينية مثل "جيش محمد" و "انصار السنة" و "التوحيد والجهاد"و "جيش التحرير الاسلامي وهي مسميات اخترعتها دوائر المخابرات الصدامية وعتات الارهاب الدولي المتحالف معها. ومن المؤسف ان تتحول المساجد الى مقر اركان هذه الزمر الشريرة دون ان تلقى الردع من رجال الدين او الاهالي مما حول بعض المدن الى محطات خطيرة للتدمير بهدف اقامة امارات الرعب والموت في بلادنا. ان بعض المراكز الاسلامية، مثل هيئة علماء المسلمين، لا تقوم بردع التطرف والهمجية الظلامية بل تحاور هذه الزمر وتتوسط لاطلاق سراح المخطوفين دون ان تدعو ولو عن طريق الخطأ الى الادانة او اخبار السلطات المختصة عن هؤلاء الجناة. ومازال البعض والى الآن يضفي على هؤلاء صفة "المقاومة الشريفة" المزعومة وهي التي تقوم بذبح الابرياء بالجملة بدوافع طائفية لا تحتاج الى اثبات.
ومن الناحية الاخرى لم يتردد بعض مدعي الدين من الطائفة الاخرى بإنتهاز الفرصة لغرف ما يمكن غرفه مستغلاً الاوضاع الشاذة التي عاشتها البلاد بعد انهيار نظام المقابر الجماعية. وشرعت المنظمة التي اسسها مقتدى الصدر بباكورة اعمالها العبثية بإغتيال السيد عبد المجيد الخوئي ثم السطو على بعض المساجد الهامة ونشر المحاكم العشوائية ومقرات التعذيب والقصاص ومطاردة من تعتبرهم من "ممارسي المنكر" الى حد السطو على الحضرة الحيدرية، والعصيان المسلح في بعض المدن وتشكيل الجيوش العبثية والاعتداء على السفرات الترفيهية للطلبة وكل ذلك يجري بأسم الضحية اي المعتقدات الدينية. ولا نعلم اين ذهبت الموارد المالية التي كانت ترد الى الاضرحة من زوارها البسطاء؟ ومن جوز التصرف بها؟.
ولا يقتصر الامر في استغلال الدين عند هذا الحد بل يتعداه الى محاولات لفرض نظام ثيوقراطي على العراقيين بنسخ محلية اخرى للنظام الثيوقراطي الايراني او الطلباني في افغانستان. ان العديد من قادة التيار الاسلامي السياسي يؤكدون على عدم قبولهم بهذا النمط من الحكم وذلك بهدف التهدئة لا اكثر. فالواقع العملي والممارسة اليومية تشير الى مسعى هادئ وحثيث للوصول الى هذا الهدف. ان اول ما قام به السيد عبد العزيز الحكيم عند استلامه مهمة رئاسة مجلس الحكم كانت الغاء قانون الاحوال الشخصية. انه لم يسعى الى التوجه لحل مشكلة الكهرباء للتخفيف من معاناة المواطن العراقي ولا التفكير بحل مشكلة الديون المتراكمة على العراق ولا الارهاب الذي طال شقيقه الشهيد السيد محمد باقر الصدر ولا الاوضاع المعيشية المتردية لعامة الناس ولا الانتهاكات لحقوق المرأة يومياً، بل اصبح المطلوب اولا تضييق الحرية على المرأة. ورغم انهيار الطاغية مازال السيد عبد العزيز الحكيم يحتفظ بأسم منظمته اي "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"او منظمة بدر، وكأن العراقيين هم من عبدة الاصنام ويحتاجون الى ثورة اسلامية تنقلهم من مرحلة الوثنية الى التوحيد. ونفس الامر ينطبق على حزب الدعوة الذي يحتفظ بأسم الدعوة الاسلامية في بلد يدين غالبيته العظمى بالدين الاسلامي ولا يحتاج الى من يدعوه الى هذا الدين الذي ترسخ في المجتمع ولا يوجد من يوجه اليه الرماح والعداء سواء من داخل البلاد او خارجها كما يروج عتات التطرف لخرافة العداء للدين الاسلامي لكي يحشدوا البسطاء لتحقيق مآربهم السياسية. وفي الحقيقة ان تقليعة الدين السياسي قد فشل كلياً في كل المجتمعات المتطورة التي مرت بهذا النمط في السابق وفشل ايضاً في البلدان الاسلامية. ولنا في تجربة الاخوان المسلمين والتجربة الايرانية والافغانية والسودانية والجزائرية غيث من فيض من الامثلة. ان مجرد وجود هذا العدد الكبير من الاحزاب التي تنشط تحت يافطات اسلامية تعكس عدم الحاجة اليها بل ان الخلاف يعكس التباين على البرامج الاجتماعية الاقتصادية فحسب وليس على المعتقدات الدينية. ان شعبنا والعراق المكبل بآثام النظام السابق وشروره لحد الآن يحتاج الى من يحل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية المستعصية ضمن برامج عقلانية ولا يحتاج الى من يدعوه الى الدين وهو الشعب المؤمن بالله والرسل من شتى المذاهب والاديان.
لقد اخذ المنحى نحو اقامة ولاية للفقيه في بلادنا اكثر ملامح اكثر وضوحاً مع الشروع للتحضير الانتخابات العراقية الاخيرة والاستعداد لتدوين الدستور وما صاحب ذلك من تصاعد همجية الارهاب الذي اتخذ طابعاً بربرياً واضحاً ضد الطائفة الشيعية. ان التصفيات الواسعة وعمليات الذبح التي طالت العديد من زوار العتبات المقدسة وعلى الطرق المؤدية لهذه العتبات سواء من العراقيين وغير العراقيين والتي شملت حتى زوار السيدة زينب في سوريا، اعطى للنزعة الطائفية بعداً اقوى من السابق واستغل من قبل التيار الديني السياسي الشيعي في العملية الانتخابية. ان مواجهة التطرف الطائفي التكفيري يحتاج الى تصدي وطني عراقي لا يستند الى طرح طائفي مقابل. فتشكيل قائمة الائتلاف على اساس طائفي شيعي ومباركة آية الله السيد علي السيستاني لهذه القائمة دون القوائم الاخرى لم يؤدي الى زعزعة الفكر التكفيري الارهابي لشرذمة الزرقاوي وفلوله من العراقيين بل العكس فقد جاء استجابة عفوية غير مدروسة للرسائل الطائفية الشريرة المتكررة للزرقاوي وزمرته واعطاهم زخماً فكرياً تبريرياً لمخططاتهم السوداء ضد العراق وشعبه. وتجرأ حتى اعضاء في الجمعية الوطنية ممن لهم وشائج مع هذه الزمر التكفيرية بتوجيه سهامهم ضد العملية السياسية الجارية في العراق. اعتقد ان اكبر خطأ ارتكبته الاطراف المكونة لقائمة الائتلاف هو التقوقع الطائفي ثم زج المرجعية الدينية بمهمة تكرس هذا التقوقع الطائفي الخطير في بلادنا بشكل يذكرنا بالاخطاء التاريخية المدمرة التي ارتكبتها الحكومات السابقة وممارساتها الطائفية المشينة. أن ازالة الحيف عن الطائفة الشيعية، وهو حق ومن حق كل من تعرض للحيف ان يطالب بزواله، لا تعني بأي حال من الاحوال اعتماد سياسة او تجمع طائفي مقابل. ان العراق يحتاج الى تعزيز الهوية الوطنية للامة العراقية وروح المواطنة لها والتي بدونها لا يمكننا الحديث عن الاستقرار والمساواة في الفرص وتعزيز رابطة الاخوة بين العراقيين وحماية وحدة العراق بغض النظر عن كل الهويات الدينية والطائفية والعرقية فالعراق ينبغي ان يكون وطناً الجميع والدين لله.
ومن المثير في هذا الصدد ان تعمد اطراف في هذا التحاف وبدوافع حزبية ضيقة الى رفع صور المرجع الديني في الانتخابات وبعدها وطال ذلك حتى الدوائر الرسمية مما ادى الى ان يعلن السيد السيتاني رفضه لهذا العمل ومطالبته بإزالة هذه الصور اخيراً. فمثل هذه الممارسات تشكل ضرراً معنوياً للمرجعية نفسها وتثير حساسيات لا تخدم العراق في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه. ان بعض الوزراء المسؤولين من قائمة الائتلاف ينتهز كل فرصة لزيارة المرجع الديني بمناسبة وغير مناسبة بحجة اخذ التوجيهات. هكذا عبر السيد الجعفري ووزير الداخلية ووزير النفط عن ذلك عند زيارتهم للنجف الاشرف ومقابلتهم للمرجع الديني قبل ان يقدموا تقاريرهم الى ممثلي الشعب في الجمعية الوطنية والاستماع الى توجيهات هذا المنبر المنتخب شعبياً. انه لامر محير ان يعلن السيد ابراهيم بحر العلوم للصحافة المحلية بعد زيارته للسيد علي السيستاني "انه تلقى التوجيهات والارشادات في كل المحاور التشريعية والتنفيذية". اذن ماذا بقي من دور للجمعية التي الوطنية التي انتخبها الشعب في ظل هاونات الارهابيين بتحدي لم يسبق له مثيل في تاريخ المسيرة الديمقراطية في العالم. ولربما هنا يطرح سؤال مشروع: لماذا طالب الجميع بإجراء الانتخابات وعقد الجمعية الوطنية اذا كان السيد وزير النفط يتلقى التوجيهات والتشريعات والتنفيذ من المرجع الديني؟. ان الامر لم يعد مقتصراً على بعض الوزراء بل تعداه الى السيد أمر لواء المغاوير-لواء الذئب- الذي لا يشك احد في شجاعته وخدمته ونزاهته ليقوم هو الآخر بإستلام التوجيهات من المرجع الديني. اذن اين هو دور الوزارات والحكومة ورئيس الجمهورية ومعاونيهم والجمعية الوطنية. انه امر يحتاج الى وقفة مسؤولة دون ان يعني ذلك المساس بمكانة اي مرجع ديني ولا قدسية الدين ومكانته في وجدان العراقيين بل العكس هو الحرص على القانون الذي يطالب المرجع الديني بإحترامه. وضمن السياق نفسه لا يمكننا الا ان نتسائل عن سر تجاهل كل تلك الطاقات القانونية سواء في الجمعية الوطنية او خارجها ليصر السادة مسؤولي قائمة الائتلاف على ترشيح الشيخ همام حمدي لترأس لجنة اعداد الدستور لموقعه كرجل ديني وليس كرجل قانون مخضرم؟ هل هذا هو في مصلحة سن قانون ديمقراطي عصري لبلد عانى ما عانى من انظمة القهر والبطش؟.
ان مجمل ملامح هذه التوجهات لابد وان تثير القلق والتساؤل حول طبيعة النظام الذي يروج له البعض. هل هو نسخة من نظام الامارات وولاية الفقية الفاشلة امامنا الآن ام ماذا تعني كل هذه التصرفات والدعوات التي يروج لها البعض. ان شلالات من الدم نزفها العراقيون من اجل ان بستلموا زمام امورهم بعيداً عن وصاية احد سواء اكان الاب القائد او القائد الفلتة او فارس العرب، وتعرض العراقيون جراء هذا الحق الطبيعي الى رميهم في قبور جماعية ضمت جميع الاديان والطوائف والافكار. وما عليهم الآن الا الحفاظ على مكسب الديمقراطية والا سيقعون في سلسلة جديدة من المحن والدمار والهجرة الى اصقاع العالم والغربة والتمييز على اسس لا انسانية.
[email protected]



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولات يائسة لاعادة عجلة التاريخ الى الوراء
- قراءة في مأساة الأحد الدامي
- فعلاً إنه لأمر يثير الإستغراب والعجب
- هل يعتذر الجناة للشعب العراقي و عوا ئل الالاف المؤلفة من الض ...
- لقد أخطأت الحساب ايها - الجنرال -
- تباً ولعنة على أدعياء -المقاومة- الاشرار
- انقذوا بغداد الحبيبة
- هل هي عودة الى الصفحة الاولى من الجريمة؟
- خرافة ما يسمى بالمقاومة العراقية


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل حبه - هل هو تمهيد لفرض- ولاية الفقيه- على العراقيين؟