أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ماذا يعني رفض عضوية مجلس الأمن؟















المزيد.....

ماذا يعني رفض عضوية مجلس الأمن؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 20:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا يعني رفض عضوية مجلس الأمن؟

وبغضّ النظر عن قدرة الدبلوماسية السعودية في التأثير على مجلس الأمن وثنيه عن نهجه الراهن (...)، فإن قرارها بالاعتذار عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن، إنما هو رسالة لتأكيد فشل مجلس الأمن الدولي، بل وعجزه عن الاضطلاع بالمهمات الموكلة إليه، بسبب سياسة الهيمنة وإملاء الإرادة ونظام الفيتو.
أثار قرار الدبلوماسية السعودية بالاعتذار عن قبول عضوية مجلس الأمن جدلاً واسعاً بخصوص الأمم المتحدة ودورها، ولا سيّما مجلس الأمن الدولي، إذْ لم يكن متوقعاً اعتذار دولة من ترشيحها إلى مجلس الأمن الذي تتسابق الدول للحصول على عضويته، لما له من دور فاعل ومؤثر في الكثير من القضايا الدولية، الأمر الذي يعتبر سابقة جديدة في الدبلوماسية الدولية منذ تأسيس المنظمة العالمية في 24 حزيران (يونيو) العام 1945، وإلى الآن.
وجاء الاعتراض السعودي عن قبول عضوية مجلس الأمن على خلفية أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير التي تحول دون قيام مجلس الأمن بواجباته وتحمّل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب. وكانت وزارة الخارجية السعودية قد أوضحت في بيان لها: أن عجز المجلس عن القيام بواجباته أدّى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم.
ثلاث قضايا أساسية كانت وراء القرار الدبلوماسي السعودي غير المسبوق، وتتعلّق القضية الأولى بعدم إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية منذ 65 عاماً، الأمر الذي نجمت عنه حروب عدّة هدّدت السلم والأمن الدوليين، وذلك دليل ساطع على عجز مجلس الأمن عن القيام بواجباته وتحمّل مسؤولياته.
أما القضية الثانية فتتعلّق بفشل المجلس في نزع أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، سواءً بسبب عدم قدرته على اخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش، أو الحيلولة دون سعي أية دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية، وهو دليل جديد على عجز مجلس الأمن، والمقصود بالفقرة الأولى «إسرائيل»، أما الفقرة الثانية فتخص إيران وغيرها، لا سيّما عندما تردّد عن استخدام السلاح الكيمياوي في سوريا.
وترتكز القضية الثالثة حسب البيان السعودي على «سماح مجلس الأمن للنظام السوري بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع ودون مواجهة أية عقوبات رادعة»، وهو دليل آخر من وجهة نظره على عجز المجلس من القيام بدوره وواجباته في تحمّل المسؤولية.
وبغضّ النظر عن قدرة الدبلوماسية السعودية في التأثير على مجلس الأمن وثنيه عن نهجه الراهن، بغرض اتباع سياسات أكثر توازناً واعتدالاً، من جهة، ومن جهة أخرى أكثر انسجاماً مع مقاصد وأهداف الميثاق، ولاسيّما في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين، فإن قرارها بالاعتذار عن قبول عضوية مجلس الأمن، إنما هو رسالة لتأكيد فشل مجلس الأمن الدولي، بل وعجزه عن الاضطلاع بالمهمات الموكلة إليه، بسبب سياسة الهيمنة وإملاء الإرادة ونظام الفيتو، وهناك العديد من مشاريع الإصلاح على هذا الصعيد، والتي لم تنل قسطها من التنفيذ بسبب مواقف القوى الكبرى، ولا سيّما الولايات المتحدة.
وحسب الاعتقاد الراسخ لدى الدول العربية والكثير من الدول الإسلامية والنامية، فمجلس الأمن لم يتمكن من إيجاد حلول ناجعة للمشاكل والنزاعات والحروب والعدوان الذي عانت منه شعوب هذه البلدان بل أنه ساهم أحياناً في التسبّب بنشوء بعض الأزمات أو تعقيدها، وذلك بانحيازه إلى أعدائها. ولذلك فإن واجباً أخلاقياً وقانونياً وسياسياً يقع على مجموع الدول الأعضاء بشكل عام وعلى الدول الدائمة العضوية بشكل خاص، لمعالجة هذا الوضع ليتمكن مجلس الأمن من ممارسة دوره بحيوية.
وإذا كانت الدبلوماسية السعودية قد نأت بنفسها منذ تأسيسها وحتى فترة قريبة عن الانخراط في الصراعات الدولية أو اتخاذ قرارات أو مواقف حادة، باستثناء المساهمة في استخدام النفط سلاحاً في المعركة في العام 1973 وخلال حرب تشرين، فإن موقفاً من هذا القبيل قد يكون مؤشراً جديداً لعدد من الاستحقاقات المتعلقة بأزمات ومشاكل المنطقة الراهنة والتي بدت مستعصية، وذلك برمي ثقلها الاقتصادي والسياسي والديني في إيجاد الحلول لها، خصوصاً وهي من مجموعة الدول العشرين الكبرى ولديها علاقات وصداقات مع دول متنفذة، بما فيها في مجلس الأمن، وكانت جزءًا مهماً من استراتيجية مكافحة الإرهاب الدولي، وسعت للتوافق مع المجتمع الدولي والقوى المتنفّذة فيه على هذا الصعيد، حتى وإن اقتضى توجيه رسالة قوية إلى العالم وإلفات نظره بطريقة الاعتذار عن قبول عضويتها في مجلس الأمن، لعجزه عن إيجاد حلول ومعالجات للأزمات والمشاكل القائمة.
إن استمرار سياسة الاستيطان «الإسرائيلي» وتصاعدها إلى مديات بعيدة، عقّّد عملية السلام المعقدة أصلاً، لا سيّما بعد وصول اتفاقيات أوسلو إلى طريق مسدود، وتفاقم المساعي «الإسرائيلية» لتهويد القدس الشريف الذي، ظلّت الدبلوماسية السعودية حريصة على قدسيته للمسلمين والمسيحيين وغيرهم، يضاف إلى ذلك موضوع الأسلحة المحرّمة دولياً، وعدم تمكّن مجلس الأمن من فرض رقابة فعّالة على «إسرائيل» من جهة، ومن تفكيك الملف النووي الإيراني من جهة ثانية، وهو ما يثير الدبلوماسية السعودية ودول الخليج الأخرى.
وبعد كل ذلك فربما لم ترغب المملكة أن تكون شاهداً على استمرار الوضع المأساوي بحق شعب عربي شقيق، خصوصاً وأن مجلس الأمن غير قادر على تغيير السياسات الغربية، التي تقدّم خطوة وتؤخّر أخرى، وقد يكون ذلك واحداً من الأسباب التي قادتها إلى الاعتذار عن قبول هذا الموقع المهم الذي انتخبت إليه كممثل عن المجموعة العربية، وكان موقفها أقرب إلى الاستنكار أو التحفيز للضمير وللرأي العام العالمي، لكي يلعب دوره بإصلاح نظام الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الذي قام بعد الحرب العالمية الثانية على ثنائية القطبين واتجه بعد انحلال الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة إلى قطبية أحادية مع ارتفاع نسبة الهيمنة والتحكّم على صعيد العلاقات الدولية.
لقد جاء القرار السعودي في هذا الظرف الحساس بالذات لإلفات نظر المجتمع الدولي من أجل القيام بدوره فيما يتعلق بالقضايا الثلاث الأساسية الملتهبة، والتي تهدّد السلم والأمن الدوليين، وهي نوع من الضغط الأدبي، لتحقيق العدالة الدولية، حتى وإن كان من باب «أضعف الإيمان».
وتكمن دلالات الاعتذار السعودي في أن النظام الدولي في السابق والحاضر أمرٌ لا غنى عنه للمنتظم العالمي، بغضّ النظر عن نواقصه وعيوبه، ولذلك فإن التعاطي معه مسألة واجبة حتى وإن كان من باب الاعتراض، الذي يأتي تعبيراً عن الواقع الراهن وعن حالة الإحباط والقنوط التي يعيشها الكثير من الدول، ولاسيّما النامية إزاء الهيمنة الأمريكية على المنظمة الدولية، وخصوصاً منذ انتهاء عهد الحرب الباردة، وبالأخص بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية الإجرامية، وهي رسالة علنية لعدم الرضا، علماً بأن الدبلوماسية السعودية ظلّت تنأى بنفسها عن استخدام مثل هذه الرسائل المعلنة، وتميل إلى المعالجات الثنائية الهادئة والناعمة.
أما الدلالة الثانية فهي الاعتراض على استمرار سياسة ازدواجية المعايير، ولاسيّما فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية وأسلحة الدمار الشامل وإزاء المجازر التي يعيشها الشعب السوري، خصوصاً بعد تعثر المفاوضات «الإسرائيلية» - الفلسطينية وعدم وضع حد للاستيطان «الإسرائيلي» من جهة، إضافة إلى استمرار المأساة السورية من جهة أخرى، ناهيكم عن قلق المملكة إزاء التقارب الأمريكي- الإيراني وعدم حسم موضوع الملف النووي، وهذه جميعها قد تكون وراء القرار السعودي.
إن السابقة الدولية الجديدة التي أقدمت عليها الدبلوماسية السعودية لم تحدث من قبل، ولعلّ هذا الموقف يختلف عن تعليق الاتحاد السوفييتي عضويته في المجلس العام 1950 (لفترة قصيرة) الذي ظلّ مقعده شاغراً بهدف الضغط لقبول عضوية الصين الشعبية التي كان يحتل مقعدها ما يسمى «الصين الوطنية» بقيادة جان كاي شيك. وبمعايير السياسة الدولية فإن المفاجأة السعودية لم تكن محسوبة دولياً، وستبقى تثير تداعيات متنوعة لدى الحلفاء والخصوم والأعداء، ناهيكم من انعكاساتها عربياً وإقليمياً.
جدير بالذكر أن عدد أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين هو عشرة أعضاء يتم انتخاب خمسة منهم، كل عام على قاعدة إقليمية، تأخذ بنظر الاعتبار شمولية التنفيذ، إضافة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين الذين يتمتعون بحق الفيتو. وكان قد تم انتخاب السعودية وتشاد وتشيلي ونيجيريا وليتوانيا لمدة عامين ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير القادم 2014. وكانت المملكة قد امتنعت عن إلقاء كلمتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، وأرادت إرسال رسالة إلى المؤسسات الدولية، تلك التي وقعت تحت هيمنة القوى العظمى.
باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب ومعادلة الأمن والكرامة
- الهجرة غير الشرعية . .الأحلام تتحوّل إلى كوابيس
- العرب وبعض تجارب الحقيقة والمصالحة
- الحقوقي والسياسي وما بينهما
- اليوم العالمي للاعنف . . يوم ميلاد غاندي
- تونس ما بعد النهضة
- من القوة الخشنة إلى القوة الناعمة !
- التفكير السياسي لسسيولوجيا المعرفة الإسلامية!
- حيرة المثقف!
- ما بعد الكيمياوي!
- في الحاجة إلى التسامح: منظور إليها عراقياً!
- اللاجئون السوريون والضربة العسكرية: متى تنتهي المأساة؟
- ساعة الصفر السورية في واشنطن!
- هل المسيحيون أقلية مضطهدة؟
- أوراق خيرية المنصور وشجرة يوسف شاهين
- الرسالة الأمريكية لسورية!
- خريطة التغيير العربية: إضاءات في أطروحات مغايرة!
- تكلفة العدالة الانتقالية !!
- عنصرا اليقظة: الحرّية والقانون
- المبدع في حضوره وغيابه


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ماذا يعني رفض عضوية مجلس الأمن؟