أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!














المزيد.....

بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 26 - 03:13
المحور: المجتمع المدني
    





بلكونةٌ مصرية جميلة، ضمّت رجلاً وامرأتين وحفنةَ أطفال. إحدى السيدتين هي الزوجةُ ربّةُ الأسرة غالبًا، والأخرى ربما شقيقة الزوج أو الزوجة. أسرةٌ مصرية متكررة في شارعنا، تنتمي للطبقة المتوسطة التي تمثّل عَصَبَ الجسد المصريّ الطيب. العدسةُ مُسلّطة على البلكونة، وفي الأسفل، تمرُّ بالشارع مسيرةٌ إخوانية تنادي بعودة المعزول. يرفع المتظاهرون شعار "رابعة"؛ الذي لا ندري من أين جاء! أصابعُ أربعُ، لسبب مجهول فقدتْ إبهامَها! والإبهامُ هو هُوية الإنسان حيث بَصمة إصبعه التي لا تتكرر بين البشر. لهذا يقول الحقُّ في سورة "القيامة": "بلَى قادرين على أنْ نُسَوِّيَ بَنَانَه". والبَنانُ هو طرفُ الإصبع الذي يحمل بصمةً تميّزه عن سائر الخلق. والمعنى: أن اللهَ قادرٌ على ابتعاثنا يومَ القيامة بذات الخارطة الدقيقة المرسومة في بصماتنا. فكيف ارتضى أولئك الواقفون ضدّ إرادة الشعب، أن يُخفوا هوّياتِ بَنانهم، ويشهروا في وجوهنا أصابعَ سوداءَ أربعَ، على خلفية صفراء مزعجة؟ ذلك سؤالٌ يمتلكون وحدهم إجابتَه.
نعود للبلكونة المصرية، التي سجّلتها عدسةٌ ذكية ورفعتها على يوتيوب. الرجل: يؤيدُ المسيرة أسفل بيته، ويقابل هتافات المتظاهرين بإشهار أصابعه الأربع، وهو يبتسم. السيدتان: تؤيدان الشعبَ وتناهضان المسيرة. فتشير إحداهما بعلامة النصر: (V) وهي تبتسم، بينما تضمُّ الأخرى أصابعها الأربع، مُشهرةً الإبهام وحده (رمزَ الهوية)، ثم تقلب إبهامَها إلى أسفل، دلالة الاستنكار، وهي تبتسم. الرجل يرفعُ طفلة من أطفاله إلى سور البلكونة ثم يمسك أصابعها الصغيرة محاولا تشكيلها على هيئة شعار "رابعة"، فلا تستجيب الأصابعُ البريئة. فلا يجد الرجل بُدًّا من أن يكفَّ عن المحاولة، ويبتسم.
إلى هنا، نحن أمام مشهد فاتن لا أجملَ منه. أسرة متحضرة تعتنق الليبرالية التعددية، بمعنى الإيمان بحرية كل فرد في اعتناق ما يشاء من توجهات سياسية. لا الزوج يقمعُ زوجتَه أو شقيقته ويُجبرهما على تأييد مَن لا تراه كلتاهما أهلاً لحكم مصر، ولا الزوجة تُرغمُ زوجَها على قبول ما لا يراه حقًّا كما تراه هي، ونراه نحن. اختلفوا ما شاء لهم الاختلاف، لكن الخلافَ لم يدخل قلوبهم. تباينت آراؤهم ورؤاهم، لكنهم لم يسمحوا للشحناء أن تدخل بيتهم، ولا فتحوا للبُغضة البابَ، ولا قبِلوا أن تفارقَ البسمةُ وجوهَهم، رغم اختلاف الرأي وتنافر التوجه السياسي.
نأتي للجانب السيء من المشهد. تعليقات المشاهدين، ومعظمها لأنصار المعزول، كون القناة التي نشرت الفيديو هي قناة "رصد" الإخوانية. لم يلتفت المعلقون لجمال مشهد مُلهِم يؤكد أن الأسرة المصرية، في مجملها، تعدديةٌ تعرف الديمقراطية وتؤمن بليبرالية التوجه السياسي دون تعصّب ولا إقصاء. ولم يعجبهم، مثلما أعجبنا، وئام تلك الأسرة وتحابّها ووحدتها، رغم الاختلاف. بل ركزّوا أبصارهم الأحادية على السيدتين، وكالوا لهما السُّباب واللعنات والدعاء بالموت وخراب البيوت! بل خاضوا في شرف السيدتين الفاضلتين! ومضى البعضُ في غُلوائه فكالوا السباب للرجل لأنهم لم "يلطش زوجته بالقلم" على وجهها عقابًا لها على عدم تأييد المعزول. وتغوّل آخرون فأمروا الزوجَ بأن يرمي على زوجته يمين الطلاق لأنها امرأة خائنة غير محترمة! هذا عدا كمٍّ هائل من الشتائم واللعنات ليس بوسعي سردها هنا، حفاظًا على نظافة قلمي ونظافة عين القارئ المحترم.
ويبقى السؤال: من أيِّ طينة قُدّ أولئك الذين يرمون النساء بالعُهر والفُجور لأنهن لا يَرَيْنَ ما يَرُوْن؟! هل قذفُ المحصّنات من الإسلام في شيء؟ ألا يعرفون أنها كبيرةٌ عند الله؟! وكيف ننادي بالديموقراطية في وطننا، ونحن نرفضها في أسرتنا الصغيرة؟ متى تتطهّر معاجمُنا من لعن من يخالفنا الرأي؟



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -متكسروش بخاطر مصر-
- بلبل لبنان الذي طار
- مراسلات أدباء مجانين
- لماذا نحب؟ وكيف نكره؟
- الست مبسوطة، أغنى امرأة في مصر
- سيدني، وتعويذة الفراعنة
- العذراءُ في بيتي!
- النورُ في نهاية النفق
- وثالثهما الشيطان
- ازدراء الأديان فى شريعة الإخوان
- نجاح جمعة الحسم
- القبض على -الصوابع- وحذاء المرشد
- انتي مش أمّ الشهيد، انتي أرض
- حين أغدو إلهةً
- أنا صهيبة... أنا خفيت
- كم هرمًا من الجثامين تكفيكم؟
- خواطرُ على هامش الدماء
- مسلمو أمريكا وأقباط مصر
- الأطفال والصوفة والأقباط، كروت الإخوان
- أسود صفحة في كتاب التاريخ


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!