أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس: اغتيال الأمنيين واغتيال العقل














المزيد.....

تونس: اغتيال الأمنيين واغتيال العقل


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4255 - 2013 / 10 / 24 - 06:07
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بالتوازي مع اغتيال شهداء تونس في الشعانبي قبل بضعة أشهر وضباط الحرس في منطقة قبلاط قبل أسبوع واحد ومقتل ستة ضباط من الحرس الوطني بمنطقة سيدي بوزيد في يوم 23 أكتوبر الجاري والمشفوع بمصرع عون أمن بمدينة منزل بورقيبة في نفس اليوم، علاوة على اغتيال المناضلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، العقل يُغتال كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.

عقل المعلم والأستاذ وعقل الطبيب وعقل المصرفي وعقل الإعلامي وعقل السياسي وعقل الكاتب وعقل المواطن مهما كان تكوينه العلمي والثقافي ومهما كان انتماؤه السياسي يغتال على مرأى ومسمع من العالم كافة. وكأنّ تونس تم تسويغها لمدة غير محدودة زمنيا لجهةٍ أو لقوةٍ سريالية بِنِية أن تجرَّب فيها كل أصناف الحوادث وكل ألوان العذاب، المادي والمعنوي، التي توشك أن تصيب إنسانا.

قد يكون السبب الرئيس في عملية الاغتيال الكبرى، اغتيال العقل، هو العداوة الشديدة التي نشأت بين السلطة الحاكمة حاليا وكل الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والفكريين والسياسيين. ففي مجال التعليم لم يعد المرء يسيطر على المناهج التي يُفرض تعليمها فرضا على الناشئة. وفي باب التدين ها هو مفتي الديار التونسية يخلط الحلو بالمرّ ويحمّل الزعيم بورقيبة أوزار الإرهاب. وفي المجال الصحي لا يكاد المواطن يصدق عودة الأوبئة التي استؤصلت قبل عقود خلت. وفي القطاع البنكي والمالي لا أحد يعلم علم اليقين ما الذي حدث للنظام المصرفي وإلى أيّ مدى سيقاوم الناس غلو المعيشة وتقهقر قيمة الدولار.

أما في الميدانَين الفكري والسياسي فالكارثة أعظم والمصاب جلل. و لا يحتاج المرء إلى دراسة معمقة ليميط اللثام عن عاهات الفكر والتفكير والسياسة وممارستها. فالقاعدة المشلة واضحة وجلية. يكفيك أن تقبل بأن يُغسل دماغك بمادة مذهبية ذائعة السيط على غرار الإسلامية أو الفرنكوفونية أو دين العلمانية حتى تتبدد كل قدراتك على التفكير المنطقي وما يتطلبه من مهارات مثل المعاينة والملاحظة والتحليل والنقد والدعم والاستنتاج والاستدلال والاستقراء والتأليف والتلخيص وغيرها فتلقى نفسك في الجهالة سابحا، عن المعلومة مفصولا وعن سياق الواقع معزولا وعن قواعد المناظرة والمناقشة والمفاوضة صائما.

لا يهم إن كان اغتيال العقل سابقا لاغتيال العباد أو إن كان العكس هو الأصح بل الذي لا شك فيه هو أنه بقدر ما يتم المساس بقداسة العقل ما يتولد الميل إلى تنفيذ العمليات الإرهابية، سواء كان ذاك ضد أمنيين أو عسكريين مباشرين لوظيفتهم الشريفة أم ضد سياسيين أم ضد مثقفين أم ضد مدنيين عزل.

إنّ تونس الجميلة، تونس التي كانت مبتسمة على مدار الساعة وفاتحة ذراعيها لضم كل أنماط الثقافة إلى صدرها أضحت معقلا للعنف والجريمة المنظمة وقلما يحلو فيها العيش. تونس التي كانت تضيّف الملايين من السياح سنويا صارت تطارد أهاليها الشبان جوا وبحرا لتُرسي بهم طائراتهم وقواربهم في بلاد الغربة.

مَن المسؤول عن كل هذا وإلى أين نحن ذاهبون؟ حزب النهضة أم الدولة العميقة أم الحكومة أم النخبة أم الشعب أم ماذا؟

مهما يكن من أمر ومهما كانت مسؤولية كل واحد من تلكم الأطراف يبقى الإنسان حمالا لأوزار أساسية لا تحمِلها لا المؤسسات ولا الأحزاب ولا الجمعيات. و هذا الإنسان في تونس اليوم يعرف وضعا مزريا وهو بالتالي بحاجة لمراجعة ذاتية قبل مراجعة السياسيين لطلباتهم وقبل صياغة برامج التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي.

بالنهاية إنّ سلامة الأمنيين والناس أجمعين رهنٌ بسلامة العقل ومعافاته من كل أنواع التسلط الذاتي. وإذا استتب الأمن وحلّ الأمان حينئذ يبدأ البناء.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيخرج التونسيون إلى الشارع؟
- في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب
- تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث
- تونس: الإسلام بين اليمين و اليسار والحوار بين النفاق والوفاق
- إدماج الإسلاميين لإنجاح المبادرة الوطنية التونسية !
- تونس على ذيل وزغة !
- تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ
- نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس: اغتيال الأمنيين واغتيال العقل