أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - في عام 10 للميلاد














المزيد.....

في عام 10 للميلاد


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 00:40
المحور: الادب والفن
    




الفتى الفائق الفتنة، " نيروس "، الذي كان يمضي أكثر وقته في تعقّب طرائد الغوطة، أدهشه ذات يوم صيفيّ أن يرى ثمّة صورته البهية على سطح إحدى برك الماء.
منذئذٍ، أضحت تلك البركة مكان استراحة للفتى الجميل، يقضي على ضفتها وقتاً يطول أو يقصر، فيما هوَ يتأمل بإعجاب صورته المنطبعة على المياه الساكنة. إلى أن أدهشه، في ظهيرة أحد الأيام، أن تتماهى صورته مع صورة أخرى. على الأثر، انطلقت ضحكة خافتة من خلفه. التفت إلى مصدر الصوت، فوجد نفسه وجهاً لوجه مع فتاة لطيفة القدّ ومذهلة الحُسْن. ثمّ فكّر هوَ، أن هذا الجمال يُشبه ما يضاهيه في تماثيل بعض الآلهة. غير أنه شعرَ ببعض الخيبة، لما اعتبره نقيصة في هذا الجمال، عندما ابتدأت صاحبته الكلام: " أأنت صيّاد؟ ". وإذاً، لم يعجبه هذا السؤال. ربما أحاله إلى نوع من السذاجة.
" لستُ صيّاد سمك، إذا كان هذا قصدك. مع أنني أقوم أحياناً بصيد الطرائد مدفوعاً بالرغبة في التسلية "
" أجل، عنيتُ السمك بما أنك جالسٌ هنا على طرف البركة "، قالتها مشفوعة بابتسامة. وبما أنه كان ما يفتأ تحت تأثير سحر هذه الفتاة الفاتنة، فلم يرَ مناصاً من التباهي، فقال لها " إنني من أسرة نبلاء، معتبرة ". ثمّ أضاف بغير قليل من التردد " وإذا كان هذا يهمّك، فاعلمي أنني أجلس هنا في مواضع الطبيعة كي أتأمل في معضلات الطبيعة البشرية "
" ولكنك أفتى من أن تنشغل بهذه الأمور؟ "، علّقت على كلامه بنبرة اهتمام. من جهته، أدهشه اشارتها عن فتوّته وكما لو أنها لا تماثله في السن. عندئذٍ، قرر ألا يستمر في المداورة. فما عتم أن أخبرها بحقيقة عشقه لصورته، المنعكسة على صفحة الماء. أنصتت الفتاة بانتباه، ثمّ عقّبت بالقول أن جمال المرء لا ينعكس حقاً سوى في عينيّ من يحبّ. وبعد صمت قصير، استطردت قائلة باقتضاب " أنك ستجدُ عاجلاً تلك الحبيبة "
" وكيف جازت لك هذه المعرفة؟ "، سألها وعلى شفتيه ظل بسمة متهكمة. ابتسامته، ما لبثت ان مُحقت محقاً، حينما فتحت الفتاة فمها لتقول بثقة: " لأنني ربّة الحب..! ". نظراتها الثابتة، النفاذة كالسهام، جعلته يهرب بعينيه إلى الناحية الأخرى، المتدفق منها مسيل الغدير الذي يصبّ في البركة. ما أن التفت ثانيةً إلى مجادلته، حتى بُغِتَ باختفائها.
ثمّ توالت الأيام ببطء شديد، على الفتى الملول. طوال هذه الفترة، كانت صورة ربّة الحبّ لا تبارح عينيه؛ فهو يراها في كل مكان حوله. لقد أدركَ، وليس بدون قنوط، أنه يعشق " فينوس "؛ وأنها هيَ مطلبه حَسْب: " ولكنها، يا للخيبة، ليست من هذا العالم، بل من مجمع السماء المقدس! "، راح يرددُ في كلّ مرة.
على ذلك، نفهم مدى اغتباط " نيروس "، حينما اختلطت صورته ذات يوم على سطح البركة بصورة من اعتقد هوَ لوهلةٍ أنها حبيبته المفتقدة. فما أن التفت إلى الوراء، حتى فاجأه أنها فتاة أخرى، تلك المنتصبة ثمّة. هذه، بدا أنها بدَورها كانت تظنّ فيه شخصاً يهمّها أمره. ولأنّ كلاهما مُدْنَفٌ، فما أسرع أن شكى لصاحبه الحالَ العَسِرَ. الحبّ يَفتحُ القلوبَ، مثلما يفعل الربيعُ بورود الغوطة.
" عشقتُ فتىً بهياً، شبيهاً بك نوعاً، اسمه " نرسيس "، بدأت الفتاة تقصّ حكايتها على مسمع الآخر. فما أن نطقت اسمَ الحبيب، حتى نفرت الدموع من عينيها: " ولكن لتعاستي، فإنه كان يعشق نفسه. لقد رأى ذات مرة صورته منعكسة على صفحة بركةٍ مثيلة لهذه، فلم يعُد يفارقها أبداً حتى ذوى عودُهُ ثمّ مات على الأثر. قبل قليل، حينما أبصرتك من الخلف اتفاقاً، فقد أشكِلَ عليّ، فاعتقدت أنه بُعِثَ حياً ". من ناحيته، أطرق " نيروس " متفكّراً في تدابير الآلهة: " لقد شاءت فينوس أن تفي بوعدها لي، بأن جعلتني أتقمّص شخصَ حبيب هذه الفتاة ذات الحُسْن الأغرّ والنادر ".
بيْدَ أنّ فتانا عرفَ عندئذٍ حقيقة أخرى، لا تقلّ أهمية؛ وهيَ أنّ عليه طرحَ الوهم جانباً، وفي المقابل، محاولة كسب قلب هذه الحسناء المخلصة، الوفية.




#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 3
- في عام 11 للميلاد
- سيرَة حارَة 2
- في عام 12 للميلاد
- سيرَة حارَة
- جريمة تحت ظلال النخيل
- جريمة في فراش الزوجية
- جريمة عند مدخل الرياض
- جريمة من أجل كنز
- جريمة حول مائدة السّادة
- جريمة في منزل الضجر
- في عام 13 للميلاد
- جريمة على الطريق العام
- حكاية من - كليلة ودمنة - 8
- حكاية من كليلة ودمنة 7
- حكاية من - كليلة ودمنة - 6
- حكاية من - كليلة ودمنة - 5
- حكاية من - كليلة ودمنة - 4
- صورة الصويرة؛الضاحية2
- حكاية من - كليلة ودمنة - 3


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - في عام 10 للميلاد