أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان نافل والي - الرحيل _ قصة قصيرة














المزيد.....

الرحيل _ قصة قصيرة


سنان نافل والي

الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 23:41
المحور: الادب والفن
    


منذ اللحظات الاولى لاستيقاظ الشمس من سباتها الليلي وحبات المطر تتناثر هنا وهناك بشكل عبثي كحبات متناثرة لمسبحة مقطوعة بينما بدأ الناس يتجمعون حول السيارة اتي وقفت وسط الزحام بلا حول ولا قوة وهي ترفع الراية البيضاء لتلك الضربة القوية التي تلقتها منذ لحظات خلت . كان سامي يجلس بجانب السائق بكل وقار وهيبة كجبل شامخ يرفض الانحناء الا للشمس التي تحييه كل صباح بأبتسامتها الذهبية وعيناه تنظران للناس من حوله بهدوء وحيرة ! دون ان يتمكن من من الاتيان بأي حركة الا ذلك الخيط الرفيع من اللون الاحمر الذي بدأ ينساب برقة وخجل من رأسه المصاب كشلال صغير عنيد ليصبغ قميصه الازرق ذو الياقة القصيرة والاكمام البيضاء بلون ارجواني زاهي , وعلى الرغم من كل الصراخ وضجيج الناس من حوله وهم يحاولون بكل قوة ان يفتحوا الباب من جانبه لاخراجه الا انه لم يكن يسمع شيئا من ذلك !! لم يكن يسمع الا جرس المدرسة وهو يرن وسط الساحة ليدخل الطلاب الى صفوفهم بينما وقفت امه عند الباب الخارجي تنظر اليه لتشجعه في أول يوم مدرسي له وحقيبته الجلدية الصغيرة بيده كمحام مبتدئ يذهب لأول مرة الى المحكمة ليرافع عن وكيله المتهم . بدأ المطر يتزايد بشكل غريب وكذلك الناس المتجمهرين حول السيارة الا انه مازال يلوح بيده الصغيرة لأمه ودمعة خائفة بدأت تتعرف على طريقها نزولا على خده الاسمر الصغير وهو يشاهد كل اولئك الاطفال في باحة المدرسة . حاول أحدهم ان يكسر زجاج النافذة في محاولة يائسة لشده خارجها لكن الاخرين منعوه خشية ايذاءه وجعل الامر أسوأ مما هو عليه , ومع مرور الدقائق أخذت شفتيه بالارتجاف وكأنها تعزف لحنا لا يفهمه الا المجانين وازداد شعوره بالبرد وهو يجتاح جسده بالكامل بينما عينا امه الحنونة القلقة لا تكاد تفارقه حتى بعد ثلاثين عاما مضت على رحيلها . لم يكن يشعر بأي ألم في جسده وكأنه كان مخدرا بالكامل مع انه كان واعيا تماما لاصابته الشديدة ويعرف ان السائق بجانبه قد رحل في طريق اللاعودة ومع ذلك لم يكن يشعر بالخوف بل هو السلام والسكينة التي تتدفق من عينيه كسحابة صيفية ناعمة . قطب حاجبيه قليلا بعد ان لمح من بين الحشد الصاخب حول السيارة طيفا مألوفا واقفا على مسافة قريبة منه , حاول ان يدقق النظر أكثر ليتعرف عليه بشكل أفضل واذا برعشة تهزه كسعفة يابسة عندما تعرف على عبائتها السوداء وغطاء رأسها الابيض , يالهي ..انها هي !! وقفتها , ملامحها , عينيها الحنونة ..انها هي ! قال لنفسه عندما بدأ جسده يتحرك فجأة وكأنه يريد الطيران ليحلق بين السماوات , فألتفت الى الناس من حوله وتحركت ساقيه لينهض من كرسيه ويمر عبر الباب المحطم ويمرق من خلال الجمهور الواقف كنسمة هواء باردة في ليلية صيفية حارة واقترب من امه التي أخذت تتلمس معالم وجهه المغطى بلون احمر وكأنه أيادي عروس في ليلة حنتها , وهمست في اذنه : بني ..اشتقت اليك كثيرا , أمسك سامي يدها وابتسامة مكبوتة ارتسمت على اطراف شفتيه عندما نظر الى كل الناس الواقفين حول السيارة وهم يحاولون بعد ان تمكنوا من خلع الباب المهشم ان يجعلوه يتحرك أو يفيق دون جدوى !! بينما كانت عيناه تقول لامه وهما يسيران كظلين تحت جنخ الظلام ..اماه ..لن نفترق بعد الان , شد على يديها وهما يبتعدان شيئا فشيئا ليختفيا كأوراق شجرة حل عليها الشتاء من دون موعد مسبق .



#سنان_نافل_والي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المندائية في كتابات الغرب والشرق
- أول المعرفة .... سؤال


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان نافل والي - الرحيل _ قصة قصيرة