أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - اللامرئي














المزيد.....

اللامرئي


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 01:12
المحور: الادب والفن
    


أخذت موجة الذعر تتسع بعد أن ازدادت حوادث الضرب العنيف في البلد .
لفّ الحوادث غموضٌ غير معهود ، فلم يُعرَف مَن هو الفاعل . كان سيناريو الهجوم واحداً مع كل ضحية ، سواء أكانت أمرأة أم رجلاً ، ضربات موجعة من مجهول على رأس الضحية وجسدها ، ولكن من غير أن يقتلها ، مع تكرار التهجم على الضحية نفسها بين حين وآخر .
الغريب إنّ أياً من الضحايا لم يرَ المتهجم عليه ، لذا كانت الشرطة تجد الامر غريبا حين تردها شكاوى من غير أن تعرف الضحية كيف تصف الجاني ؟ فلم تكن الضحية تذكر من الحادث سوى الضرب والألم من مصدر ما بقوة جبارة .
مع ازدياد الحوادث انتشر الكثير من الإشاعات ، وتداول الناس العديد من التفسيرات وتحدث البعض عما رآه مضيفا من مخيلته او أكاذيبه بعض البهارات !!
ومما قيل إن سياسيا يقف وراء تلك الحوادث بقصد البلبلة والسيطرة ، كما جهات خارجية وقوى كبرى خططت لذلك .
أمهات الضحايا لجأن الى العرافات . قالت عرافة إن جنياً نشط في البلد ، وإن الجن يكثر في الأماكن التي تحصل فيها الحروب ، ومنها تلك المدينة . وعملت لهن حروزاً ليحملها أولادهن .
العجائز فسرن الحوادث أيضا على أنها بفعل الجن او السعالي .
وراج عمل العرافين والعرافات حيث توافد الناس المضروبون عليهم ، على أمل أن تؤمن جلسات إخراج الجن من أجسادهم الخلاص النهائي من أوجاعهم والضربات المتكررة من اللامرئي.
أئمة الجوامع خطبوا في المصلين قائلين ، إنّ مايحصل هو غضب الله على البشر بعد أن كثر الفساد بينهم وضعف الخوف منه تعالى .
وفسر البعض منهم تلك الحوادث على إنها من علامات الساعة داعين الناس الى التوبة .
بعض المؤمنين من عامة الناس وضعوا في أذهانهم أن اللامرئي ربما هو الريح الباردة التي تأخذ أرواح الصالحين ، ليظل في الأرض الكفرة فقط حتى تقوم عليهم وحدهم القيامة .
مخيلة الأطفال كانت الأنقى والأكثر براءة ، فقد تداولوا بينهم أن مخلوقات فضائية هبطت على مدينتهم وهي التي تتسبب بتلك الحوادث .
بعض الفكهين ربطوا الموضوع بـ (أبو طبر) الذي سببت جرائمه الهلع بين الناس في السبعينيات ، حتى إن الأطفال آنذاك كانوا يتخيلون ( أبو طبر) مخلوقاً قادراً على اختراق الجدران ، لذبحهم ، لذا كانوا ينامون مرعوبين .
بعض المتنورين قرؤوا مايحصل بأنها إشاعات تقف وراءها السلطة السياسية بقصد إشغال الناس عن مفاسدها وأيضا تقصيرها عن توفير الخدمات لهم .
لكن الازدياد المضطرد في الحوادث كان يؤكد أنها ليست إشاعات ، لاسيما إن القنوات الفضائية سلطت أضواءها عليها ، وقد وجدت فيها مادة دسمة للإثارة.
كثرة الحوادث أدت الى سخط الناس على السلطة السياسية ، فخرجوا في مظاهرات متفرقة طالبوا فيها بإيجاد حل لمعاناتهم ، وقد تعبوا مما أصابهم من ويلات عبر عقود .
السلطة أعلنت حالة الطوارئ وحشدت قواتها الأمنية لتتخذ دورها في الرصد.
الحوادث أدت أيضا الى زحمة المستشفيات بالراقدين على أسرتها وكثرة الطلبات على الأدوية ومستلزمات العلاج .
استمرت الحال سنوات على هذا المنوال ، حتى أصبح البلد عبارة عن أفراد بعضهم ملفوف بالضمادات ، وآخر يتعكز على العصي ، وآخر يتنفس بصعوبة بالغة ، او عاجز عن استخدام يده ، وهكذا على وفق كم الضربات التي تلقاها من اللامرئي وأماكن الضرب في جسده .
لم يملك الناس بعد أن عجزوا عن معرفة هوية المتهجم عليهم ، وبعد أن يئسوا من مطالبتهم للسلطة بحلول ، وبعد أن أصبحوا يتعايشون يومياً مع اعتداءات اللامرئي، سوى أن يولوا أمرهم الى الله تعالى ، عسى أن يستجيب لأدعيتهم بأن يخلصهم من هذا اللامرئي الذي وجده منتجو الأفلام قصة مربحة ، فأمسى بفضلهم بطل أفلامهم ، سواء تشابهت قصصها حوله او اختلفت ، وسواء أظهرته على أنه رجل او مخلوق شرير اوطيب ، وصوّرته مخيّلة كتاب السيناريوهات السينمائية بمختلف الوجوه والأشكال ، وعلى وفق ماهدفوا اليه من الكتابة عنه .
الرسامون والنحاتون تخيلوا ملامحه أيضاً في لوحاتهم ، والشعراء والقصاصون كتبوا عنه ووفقاً لمخيلاتهم الإبداعية .
بعد كل السنوات التي تعايش فيها أهل البلد مع لامرئيهم وبعد يأسهم من أن يسمعوا يوما نبأ موته ، أصبحوا يرونه القوة المطلقة في الأرض التي لاخلاص منها سوى بمعجزة إلهية .
وخلال كل تلك السنوات أيضاً ، لم ير أولئك الناس كيف كان يختلي الواحد منهم بنفسه ويضرب جسده بقسوة متناهية من رأسه الى أخمص قدميه ، حتى يفقد وعيه ، وما أن يستفيق من غيبوبته على سرير في مستشفى حتى يصرخ موجوعاً مفزوعاً : الوحش اللامرئي .. اللامرئي ..اللامرئي ..



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنستاس ماري الكرملي .. رحلة حياة حافلة وذكرى خالدة
- ثقافة حياة : النظافة العامة احترام للذات وشعور بالمسؤولية تج ...
- بروفايل بقلم عواطف مدلول
- قصة قصيرة : الدود
- تقاعد البرلمانيين ... نفسي ومن ثم الشعب !!
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (7)
- حوار جريدة ملتقى النهرين مع أسماء محمد مصطفى / حين تتألق الم ...
- قصة قصيرة : اختفاء
- الفصل من الوظيفة بسبب النميمة والغيبة !!
- تيه
- دموع أم قصة قصيرة
- قصة قصيرة : البيت والريح
- قصة قصيرة : العشبة الصفراء
- الحياة قائمة عليها .. هل المحبة صعبة ؟!! / نحو ثقافة المحبة ...
- في الذكرى الخامسة لصدورها .. مجلة الموروث الثقافية .. كيف ير ...
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (6)
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (5)
- إعصار جاسمية ، وتجربتي مع الأختين مطرة وطينة (حفظهما الله) ا ...
- اجعلوا عروش المحبة مزدحمة بكم
- ذاكرة بغداد خطوة وفاء ، وتطلعات لتستعيد مدينة الألف ليلة ضوع ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - اللامرئي