أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بيان الدفاع عن الماركسية - على اليسار الفرنسي أن يحطم جدار الصمت المضروب حول الثورة البوليفارية!















المزيد.....

على اليسار الفرنسي أن يحطم جدار الصمت المضروب حول الثورة البوليفارية!


بيان الدفاع عن الماركسية

الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 14:10
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


دخلت الثورة في فنزويلا مرحلة حاسمة من تطورها. و لقد تم كنس المحاولات المتتالية للثورة المضادة، بفضل التحرك الجماهيري الشعبي. إلا أن الطبقة الرأسمالية الفنزويلية لا تزال تتحكم في قطاعات مهمة من الاقتصاد، مما يمكنها بشكل مستمر من رمي العراقيل في طريق الثورة. كما أنها تهيئ في نفس الوقت ـ بتعاون مع الإدارة الأمريكية ـ لمخطط جديد لقلب حكومة هوغوتشافيز.

و من جهة أخرى تدفع تجربة السنوات الأخيرة، الحركة البوليفارية دائما، في اتجاه إحداث القطيعة مع النظام الرأسمالي. حتى أن هوغوتشافيز شخصيا، اعترف علانية بأن مشروعه الأول ـ المبني على إقامة "رأسمالية بوجه إنساني"ـ كان أمرا مستحيلا و أن فنزويلا يجب أن تنخرط في النهج الاشتراكي.

إن عمق الثورة و النجاحات التي تحققها، يثيران تعاطفا عظيما بين الشباب و العمال في العالم بأسره. إلا أن ما يمكن ملاحظته بجلاء، هو ضعف الصدى الذي تجده داخل الحركة العمالية العالمية. ففي فرنسا على سبيل المثال، تجهل الأغلبية الساحقة من الشباب و الشغيلة، كل شيء تقريبا عن هذه الثورة. إن هذا الوضع غير مقبول، خاصة و أنه في مواجهة التهديدات التي تحاك ضدها، يعتبر التضامن الأممي مهمة حاسمة يجب القيام بها بأكبر ما يكون من النشاط. إن النجاح الذي تلاقيه حملتنا: ارفعوا أيديكم عن فنزويلا! في العديد من البلدان، تثبت عظمة الإمكانيات الموجودة. هنا يجب التساؤل: من المسؤول عن جدار الصمت هذا المضروب حول الثورة البوليفارية؟.

طبعا لكبريات وسائل الإعلام "المستقلة" جزء من المسؤولية. حيث أنها تتحدث أقل ما يمكن عن الأوضاع في فنزويلا. كما أن جميع الذين يعرفون في فرنسا شيئا عن الموضوع، لا يمكنهم أن يقرؤوا المقالات النادرة التي تخصصها له الجرائد مثل Le Monde و Libération ، دون أن يصيبهم الغثيان. إذ نجدها في تسعة أعشار من الحالات تردد نفس الأكاذيب البشعة التي تروجها يوميا وسائل الإعلام التابعة للمعارضة الفنزويلية، و عموما لا تظهر تلك المقالات إلا عندما تكون الهجمة الرجعية في أوجها: مثلما كان الحال عليه يوم انقلاب أبريل 2002 و عند الإغلاق (Lock-out) الذي قامت به البرجوازية نهاية سنة 2002 و بداية 2003 (و الذي أطلق عليه محترفو الإعلام عندنا اسم "الإضراب العام") و كذلك عند الحملة التي سبقت استفتاء شهر غشت 2004. و كان الهدف دائما، هو تهيئة الرأي العام لاحتمال حدوث تغيير للنظام. لكن التحرك الجماهيري للشعب الفنزويلي عمل دائما على إيقاف محاولات قلب هوغوتشافيز. لتعود كبريات وسائل الإعلام الفرنسية إلى صمتها المعتاد. الصمت و الكذب: هذا هو الخط التحريري الذي تتبعه الصحافة الرأسمالية فيما يتعلق بفنزويلا.

إن هذا الخضوع الذي تبديه كبريات وسائل الإعلام في خدمة الثورة المضادة الفنزويلية، مثير للسخط بكل تأكيد، لكنه لا يجب أن يثير استغرابنا، كما أنه سوف يكون من غير المجدي انتظار أي تغير جدي في هذا المجال. إذ ما دامت أهم أجهزة الإعلام في ملكية الشركات الكبرى، لا يمكن لمفهوم "حرية الصحافة" إلا أن يثير السخرية. إن الجرائد التي تعبر عن نوع من المعارضة فيما يتعلق بالمسائل الثانوية، لا تقوم بذلك إلا لكي توفر دعمها الكامل للرأسمالية و الإمبريالية فيما يتعلق بالمسائل الجوهرية. و الثورة الفنزويلية هي بالضبط واحدة من هذه المسائل الجوهرية.

صمت اليسار

إن المشكلة الكبيرة هي أنه، إلى جانب صمت أعداء الحركة العمالية نجد أيضا صمت قيادات الأحزاب اليسارية الكبرى. حيث أنه لديهم الإمكانيات الضرورية للتصدي للدعاية الكاذبة فيما يخص فنزويلا و لتنظيم حركة واسعة للتضامن مع الثورة. لكن لا شيء تقريبا تم عمله في هذا الصدد.

إن الحزب الاشتراكي في فرنسا تقريبا أبكم. و المقال الوحيد الذي يمكننا أن نجده على صفحات الموقع الوطني للحزب، مثال للسخافة. فهذا المقال المكون من ثلاثة فقرات صغيرة معنون بـ "الحزب الاشتراكي يدين اغتيال دانيلو اندرسون (Danilo Anderson) ". عن ماذا يحكي؟ إن دانيلو اندرسون كان هو المكلف بالتحقيق حول منظمي انقلاب أبريل 2002. بما أن قادة المعارضة و كبار أرباب العمل الفنزويليين و مدراء كبريات وسائل الإعلام الخاصة و القادة النقابيين المرتشين، كلهم كانوا متورطين، إلى هذا الحد أو ذاك، في تنظيم العملية الانقلابية، فإن دانيلو اندرسون وجد نفسه في وضع توجيه الإدانة لأهم ممثلي الأوليغارشية الفنزويلية، أي نفس هؤلاء الذين يحضرون لهجوم جديد ضد الثورة. لهذا صار مكروها من طرفهم بسبب كونه يشكل تهديدا لهم، فتم قتله خلال شهر نونبر الماضي.

إلا أن كاتب المقال المذكور لم يتردد في "تهنئة" نفسه بسبب أن "أغلبية الأحزاب السياسية الفنزويلية أدانت هذا العمل الإرهابي. و أشارت كل من قوى المعارضة و الأغلبية- و هي على حق في ذلك ـ إلى أنه في ظل الديموقراطية يجب حل الخلافات السياسية عبر الحوار و التفاوض و الاحتكام إلى صناديق الاقتراع". هكذا فإن قوى المعارضة الذين لجأوا إلى القيام بانقلاب أبريل 2002، و الذين نظموا حملة الإغلاقات في دجنبر 2002/ يناير 2003، و الذين تورطوا في التزوير إبان حملة جمع التوقيعات التي سبقت تنظيم استفتاء غشت 2004، جميع هؤلاء الرجعيين الأنذال "أشاروا" إلى أن الديموقراطية شيء جميل. و هو ما يجب علينا أن "نهنئ" أنفسنا به! كما لو أننا نهنئ أنفسنا بكون سفاح "أشار" بعدما نفذ عملية قتل جديدة، إلى أن العنف شيء غير مقبول. إن هذا مثير للضحك لولا أن المسألة جدية.

الأوضاع عند الحزب الشيوعي الفرنسي أفضل، فلقد خصصت جريدة L’humanité للوضع في فنزويلا عددا من المقالات الموالية لحكومة هوغوتشافيز. إلا أنه لا يمكن الاكتفاء ببعض المقالات. فما يحدث في فنزويلا يكتسي أهمية عظيمة ليس فقط بالنسبة للشعب الفنزويلي، بل لكل الحركة العمالية العالمية. إن المجهود الذي يقوم به الحزب جد ضئيل مقارنة مع ما هو مطلوب لتعميم أخبار الثورة الفنزويلية و دعمها. إن إنتصار هذه الثورة (و التي لا يمكنها أن تحقق الانتصار إلا كثورة اشتراكية) سوف يكون له نتائج هائلة على مجرى التاريخ. إذ سوف توجه ضربة قوية للإمبريالية الأمريكية و ستثير تعاطف عمال العالم بأسره، في نفس الوقت الذي ستشكل بالنسبة لهم نموذجا يحتذى. سوف يكون لمثل هذا الحدث نتائج مشابهة لتلك التي كانت للثورة الروسية 1917، أو لتلك التي خلفتها عملية قلب النظام الرأسمالي في كوبا 1960-1961.

فلنلاحظ، في هذا السياق، كيف أن منظمات"اليسار المتطرف" لا تولي، هي بدورها، اهتماما كبيرا لهذه الثورة. وعندما يتطرقون للموضوع، في حالات ناذرة، فذلك لكي يرددوا السخافات حول أن"تشافيز عسكري سابق، وسياسي برجوازي" الخ. إن هؤلاء الناس الذين استحوذت على انتباههم الأوسمة العسكرية التي يحملها تشافيز، لم يلاحظوا أن ملايين الفنزويليين قد انتزعوا من سنوات من البلادة السياسية ونهضوا ليأخذوا مصيرهم بأيديهم. إن هذا الواقع -الذي يشكل الجوهر الفعلي للثورة- لا يستحق إطلاقا انتباههم. بل إن بعضهم خصص أغلبية كتاباته حول فنزويلا لانتقاد حملتنا الدولية : ارفعوا أيديكم عن فنزويلا! إذ يتهموننا من علياء برجهم العاجي بأننا "نستسلم أمام ذلك البرجوازي تشافيز، ذلك العسكري السابق". وهكذا تدور اسطوانة العصبويين المشروخة. أما الاستثناء الوحيد في هذا المجال هو أن "العصبة الشيوعية الثورية"(" LCR " ( و بعد ثلاثة سنوات من التأخير، بدأ يظهر أنها صارت تبدي ما يمكن اعتباره نوعا من الاهتمام بالثورة البوليفارية. لكن تحليلها، مع الأسف، يتأخر هو أيضا بثلاثة سنوات عن تطورات الثورة نفسها، حيث انه وبعد أن صار تشافيز نفسه يتكلم عن الاشتراكية، رفعت "الع. ش. ث." راية "إعادة تقسيم الثروات[...] على قاعدة الأرباح الكبيرة" شعارا لها دون أن تطور مفهوما حول ضرورة إحداث قطيعة مع النظام الرأسمالي.

الإصلاح و الثورة

كيف يمكننا أن نفسر اللامبالاة النسبية التي تلاقيها الثورة البوليفارية بين صفوف قادة الحزب الاشتراكي و الحزب الشيوعي الفرنسي؟ إن الإجابة تكمن في أفكارهم وبرامجهم. إن تطور الثورة البوليفارية هو النفي الحي، في الواقع، للسياسة الإصلاحية التي تشكل مبدأ ومنتهى البرامج التي يدافع عنها قادة الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي.

ففي الوقت الذي تبشر فيه الإصلاحية بإمكانية تحقيق التطور والتقدم اعتمادا على أغلبية برلمانية يسارية، قدمت الثورة البوليفارية دليلا جديدا على صحة القانون التاريخي التالي : إن الإصلاحات الاجتماعية الحقيقية هي دائما نتاج للحركة الثورية للشغيلة. إن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة الفنزويلية لم يكن لها أي حظ في أن تتحقق على أرض الواقع دون الدعم الجماهيري لها من طرف الشعب. كما أنه وبدون دعم هذا الأخير، كانت الأوليغارشية الفنزويلية والإدارة الأمريكية ستتمكن من قلب حكومة تشافيز. وهكذا فإن مصير الإصلاحات، التي طرحتها الأغلبية البرلمانية الموالية لحكومة تشافيز، قد رسم خارج أسوار البرلمان. نفس الشيء شهدناه في فرنسا سنة 1936 -1944/1947- 1986 . إن جميع مكاسبنا الاجتماعية تعود لتلك السنوات التي تميزت جميعها بتحركات جبارة للطبقة العاملة في الشارع. بل أنه حتى الإصلاح المتمثل في 35 ساعة عمل في الأسبوع، ليس سوى صدى للإضراب الكبير في دجنبر1995.

عادة ما نسمع في هذا السياق من يقول : "إن فرنسا ليست هي أمريكا اللاتينية". و أن الانقلابات والدكتاتوريات مسائل غير ممكنة في أوربا، الخ. إلا أنه حتى وإن كان واضحا أن الطبقة السائدة في فرنسا، ليس لها، خلال هذه المرحلة، لا الحاجة ولا القدرة على اللجوء إلى استعمال القوة ضد اليسار والحركة النقابية، فإنه سوف يكون من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن الأوضاع ستظل هكذا دائما. إذ في شروط تفاقم أزمة الرأسمالية، إذا لم تتمكن الطبقة العاملة من حسم السلطة، فإن التيارات البونابارتية سوف تكسب المواقع.

لكن ليست الانقلابات والأنظمة البونابارتية هي الوسائل الغير البرلمانية الوحيدة التي تمتلكها الطبقة السائدة من أجل فرض إرادتها. إذ ما دام الرأسماليون يتحكمون في القطاعات الاقتصادية الحيوية، فإنهم سوف يستخدمون هذه السلطة كوسيلة رهيبة للضغط. وتشكل تجربة حكومة موروي (Mauroy ) 1981/1984 الدليل الأكثر وضوحا. لقد كانت هذه الحكومة قد أعلنت جملة من الإصلاحات الإيجابية، كالتخفيض التدريجي لوقت العمل إلى 35 ساعة في الأسبوع، دون تطبيق مبدأ المرونة ولا تخفيض الأجور. إلا أنه وقبل أسابيع من انتخاب فرنسوا ميتران، كانت سبعة ملايير فرنك فرنسي تهرب يوميا خارج البلاد. ثم أعلن الرأسماليون "إضرابا عن الاستثمار" وهددوا بنشر البطالة في كل أنحاء فرنسا. وأمام هذا الضغط قامت حكومة موروي بالتراجع، فاتحتا مرحلة ما أسمي بـ "التقشف". ما هو البديل الذي كان ممكنا؟ لقد كان يجب القضاء على السيطرة التي تمارسها حفنة من الرأسماليين على الاقتصاد، والتي تستعملها من أجل الضغط على الحكومة. لكن هذا بدوره لم يكن ممكنا دون تعبئة جماهيرية للعمال الفرنسيين.

في فنزويلا، تعرضت حكومة تشافيز لشكل أكثر جذرية من هذه الممارسات: عمليات الإغلاق التي قام بها أرباب العمل. كما أن إدارة الشركة البترولية PDVSA ) التي تعتبر المصدر الرئيسي لمداخيل البلاد ( عملت على تخريب الآلات العالية التقنية للشركة، ثم قامت بإخلاء المكان و دعت إلى " الإضراب العام " . لكن أغلبية عمال PDVSA قاموا باحتلال الشركة، و تمكنوا من الاستمرار في الإنتاج من خلال انتظامهم، بطريقة ديموقراطية، تقطع كليا مع التراتبية التي كانت سائدة في الماضي. لتنطلق في نفس الوقت مظاهرات عارمة للتصدي لحملة الإغلاقات، مما أجبر المعارضة على التراجع، و أدت ثمن فشلها هذا، بعملية تطهير إدارة PDVSA من أنصارها، كما أدى فشل انقلاب أبريل 2002، إلى تقليص نفوذها داخل القوات المسلحة.

إصلاحات مدعومة بالتحرك الجماهيري : تلك هي قوة الثورة البوليفارية. إن القادة الإصلاحيين في فرنسا، الذين يحدثوننا عن إجبار أرباب العمل على تقديم تنازلات للأجراء بفضل الاتفاقيات أو المطالب الاقتصادية، لديهم هنا بعض الدروس الجيدة لاستخلاصها.

لكن الدرس الرئيسي للثورة البوليفارية هو ذلك الذي قدمه هوغوتشافيز نفسه: من المستحيل حل المشاكل الاجتماعية في ظل النظام الرأسمالي. يتوجب السير نحو الاشتراكية. إن هذه الفكرة التي صارت تنتشر داخل صفوف الحركة البوليفارية، لم يذهب تشافيز للبحث عنها في الكتب النظرية للاشتراكية، بل هي التجربة الحية للثورة التي دفعت بالحركة في هذا الاتجاه.

بالتأكيد، هنالك فرق بين القول و الفعل، و التحول الاشتراكي لفنزويلا لم يتحقق بعد. كما أن الفهم الذي يعطيه تشافيز "للاشتراكية" ليس واضحا جدا. لكن و بالرغم من ذلك فإن خطاباته التي يقذفها في وجه معارضة و إدارة أمريكية متطرفة في العداء له، تقطع كليا مع خطابات الإصلاحيين حول إيجابيات "اقتصاد السوق بوجه اجتماعي". كيف استقبل قادة الحزب الاشتراكي و الحزب الشيوعي هذه الخطب؟ نحن لا نعرف، لأنهم لم يقولوا شيئا بهذا الصدد. و لا نرى لهذا الصمت سوى تفسير واحد: هو أن فكرة القطيعة مع النظام الرأسمالي و البرامج الرسمية للحزب الاشتراكي و الحزب الشيوعي متناقضتان جدا.

يعطي تأميم فينيبال (Venepal) - معمل كبير لصناعة الورق- و وضعه تحت الرقابة الديموقراطية للعمال، دليلا جيدا على هذا التناقض. إن هذا المعمل الذي غادره مالكوه مرتين، قام العمال فيه كل مرة باحتلاله و الحفاظ عليه مشتغلا، ثم انتهوا بجعل الحكومة تقوم بتأميمه و وضعه تحت الرقابة العمالية. و لقد لعبت هذه الحالة دور المثال المحتذى و أطلقت حركة احتلال للمعامل المتخلى عنها. نحن في فرنسا، و بالرغم من أن السياق العام مختلف، نواجه مشاكل متشابهة. فالعديد من المعامل يتم إغلاقها، من يوم لآخر، بناء على مجرد رغبة المالكين للأسهم فيها و الذين يعتبر هامش الربح بالنسبة لهم هو الشاغل الوحيد.

ماذا يقترح قادتنا اليساريون في مواجهة هكذا ظاهرة تضرب العديد من المناطق؟ إنهم يعدوننا بالعمل على منع حدوث التسريحات بفضل شيء من التسهيلات المالية "الاجتماعية" و الإعانات و القروض لصالح أرباب العمل. لكن كل تلك الإعانات الضخمة التي تم ضخها في أرصدة أرباب العمل، بمناسبة الإعلان عن 35 ساعة عمل، قد أعطت الدليل عن لا جدوى مثل تلك الإجراءات. إذ أن الرأسماليين استقبلوا بحفاوة تلك الملايير من الفرنكات و أدخلوها في أرقام معاملاتهم، ثم استمروا في تسريح العمال و تهشيش العمل و ضرب شروط الاشتغال. إن قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي التي توقعت، بدون شك، الفشل الحتمي لهذه الاستراتيجية، قامت باقتراح حل جديد: "المائدة المستديرة". و هذا الحل مبني على تنظيم اجتماع بين ممثلي معسكرين لديهما مصالح متناحرة. العمال من جهة و مالكوا وسائل الإنتاج من جهة أخرى، مع الإشارة إلى أن هؤلاء الأخيرين لديهم إمكانية المجيء إلى المفاوضات و قد جهزوا قرارا نهائيا. و قد بدا واضحا أنه كلما وقع الاختلاف يختاروا أرباب العمل دائما مصالحهم، و تبقى المشاكل بدون حل.

إن الحل الممكن للمشكلة قد أوضحه لنا عمال فينيبال. نحن في فرنسا، يتوجب علينا في مواجهة سلسلة الاغلاقات و انتقال رؤوس الأموال و المخططات الطبقية، أن نناضل من أجل مصادرة الشركات المعنية- بدون تعويض بالنسبة لكبار المساهمين- و تأميمها و وضعها تحت الرقابة الديموقراطية للعمال. طبعا سوف يشكل هذا اعتداءا على "حق الملكية الفردية" للطبقة السائدة، و هو الحق الذي تحاول برامج الحزب الاشتراكي و الحزب الشيوعي الفرنسي ما أمكنها عدم التعرض له مطلقا. لكن هذا هو بالضبط مكمن الضعف الأساسي لهذه البرامج. إن جميع "الاتفاقيات" و "المطالبات" لا يمكنها أن تعمل شيئا أمام أزمة النظام الرأسمالي و سلسلة المخططات الطبقية. إنه من المستحيل، بوجه عام، النضال فعليا ضد البطالة و تهشيش العمل و جميع المشاكل الأخرى دون القضاء على سيطرة حفنة من كبار المالكين و أصحاب الأسهم، على الاقتصاد. لقد أوضح لنا عمال فينيبال الطريق الذي يجب إتباعه!

ارفعوا أيديكم عن فنزويلا!

لقد عملت حكومة تشافيز، طيلة سنوات، على تطبيق سياسة إصلاحات حازمة. معتمدة، من جهة، على الثروات البترولية الهائلة، و من جهة أخرى، على قوة الحركة الثورية. لقد تمكنت من إطلاق سلسلة من الإصلاحات المهمة في مجال التعليم و السكن و الصحة و التشغيل. كما أن هناك إصلاح زراعي في طور التطبيق. لكن الطبقة الرأسمالية و القوى الإمبريالية لا يزالون يسيطرون دائما على قطاعات واسعة من الاقتصاد الوطني، و يعملون كل ما في وسعهم لعرقلة الإصلاحات و خلخلة الحكومة، في نفس الوقت الذي يهيئون فيه لشن هجوم جديد من أجل قلبها. إن هذا يشكل تهديدا خطيرا للثورة. و الطريقة الوحيدة لإبعاد هذا الخطر، هي مصادرة ممتلكات أعداء الثورة و تعويضهم بالتخطيط الديموقراطي للاقتصاد.

في هذا السياق، يعتبر دور الحركة العمالية العالمية أساسيا. إن تصريحات تشافيز حول الاشتراكية، و تأميم فينيبال و تطور الإصلاح الزراعي، كلها إجراءات تقلق إلى أعلى الدرجات رجعيي كاركاس و واشنطن و مدريد، الذين لا يزيدون إلا إصرارا على قلب تشافيز و سحق الحركة البوليفارية. و من بين أسلحتهم لتحقيق هذا الهدف هو جدار الصمت الذي يضربونه حول الثورة. يتوجب علينا تدمير هذا الجدار! يجب أن تفهم الحركة العمالية حقيقة ما يجري في فنزويلا و تنخرط في أنشطة لدعم الثورة هناك. و في فرنسا يتوجب على المناضلين الاشتراكيين و الشيوعيين و النقابيين أن يأخذوا هذه المهمة على عاتقهم. يجب علينا أن لا نسمح بأن تبقى أكاذيب كبريات وسائل الإعلام الرأسمالية هي المصدر الوحيد للمعلومات التي يمتلكها الشباب و العمال في بلدنا عن فنزويلا.

6 أبريل 2005

Jérôme Metellus

العنوان الأصلي للنص بالفرنسية:

«La gauche française doit briser le mur de silence qui entoure la révolution bolivarienne!»

المصدر :
www.marxy.com



#بيان_الدفاع_عن_الماركسية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالنسبة للثورة البوليفارية، ليس هنالك من-طريق ثالث- ممكن، يج ...
- الحركة الطلابية المغربية ومهام المناضلين الماركسيين
- تونس : الشباب يواصلون تحدي دكتاتورية بن علي
- عشرات الآلاف من الشباب ينتفضون ضد دكتاتورية بن علي في تونس
- بين الانتفاضات و الخيانات : موجز لتاريخ اليسار العراقي
- برنامج الخداع البصري لأطاك*-ضريبة توبان- و الحمائية
- الحرب الأهلية تتصاعد في النيبال
- نضال الصحراويين , التاريخ والافاق


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بيان الدفاع عن الماركسية - على اليسار الفرنسي أن يحطم جدار الصمت المضروب حول الثورة البوليفارية!