الحلقة الخامسة و التسعون من ثورة 14 تموز

وصفي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4250 - 2013 / 10 / 19 - 16:43
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

التيار الاصلاحي الشعبي
التيار الاصلاحي الشعبي وجد تعبيره المبكر في مجموعة بدأت منذ كانون الثاني ( يناير ) 1932 بإصدار جريدة (( الأهالي )) بعد أن كانت قد تكونت قبل ذلك بأشهر بتجمعها حول عبد الفتاح اسماعيل ومحمد حديد وحسين جميل وعبد القادر إسماعيل . وكان جميل و إسماعيل محاميين بغداديين , وصديقين جيدين منذ أيام دراستهما الثانوية . وكان إبراهيم من بغداد أيضاً وابن عم لإسماعيل . وكان هو وحديد , الذي كان موصلياً , يعملان لدى الحكومة في تلك الأيام , وكانا زميلين في صف واحد بالجامعة الأمريكية ببيروت قبل ذلك . وكانوا كلهم من مواليد 1906 باستثناء جميل الذي كان يصغرهم بسنتين . وكانوا كلهم سنة ـ ولكنهم غير طائفيين وذوي اتجاه علماني ـ وعرباً , إلا إسماعيل , الذي كان عربياً ـ هندياً في أصوله . وكان جميل من عائلة تدعي انتسابها للرسول , وكان أبوه قاضياً مدنياً , وجده قاضياً شرعياً , أما من ناحية الدخل فكان ينتمي إلى الشريحة الوسطى للمجتمع . وكذلك كان إسماعيل , الذي كان ابناً لوكيل أعمال نقيب بغداد , وإبراهيم الذي كان سليل سلسلة طويلة من (( المدرسين )) أو المعلمين الدينيين . وكانت خلفية حديد تجارية , فقد كانت أمه تنتمي إلى أقدم عائلة جلبيين في الموصل ـ عائلة الدباغ ـ وكانت لجده لأبيه , الذي كان جلبياً تجارة مزدهرة مع ديار بكر . ولكن , بعد الحرب العالمية الأولى , تخلى أبوه عن التجارة نهائيا واستثمر أمواله في الأراضي , التي أصبح الكثير منها في أربعينيات و خمسينيات القرن الماضي أراضي سكنية وارتفعت قيمتها ارتفاعاً حاداً . وكان إبراهيم وحديد وحدهما لهما معرفة عمل باللغة الانجليزية , أو كانا سافرا إلى البلدان الغربية . وكان إبراهيم قد قضى فصلاً دراسياً في كلية الخريجين في جامعة كولومبيا . أما حديد فقد التحق بمدرسة لندن للاقتصاد في الفترة 1928 ـ 1931 , واجتذبته أفكار البروفسور هارولد لاسكي ذو الميول الاشتراكية .
ومنذ البداية شكل شعار (( مصلحة الشعب فوق كل مصلحة )) الصيحة التي استخدمتها المجموعة الجديدة بتجميع الناس حولها . وأوضحت المجموعة أنها بـ (( الشعب )) تعني (( الأكثرية العظمى )) , التي تتطلب مصلحتها احساساً مرهفاً بالاهتمام (( برفع مستوى المعيشة .... )) ومن أجل هذا لابد من هجر الماضي والسير إلى أمام على (( أسس بالشكل الأفضل )) باتجاه (( نهضة أصيلة )) لا يمكنها أن تنبع إلا من (( فلسفة اجتماعية وقوة روحية )) , ولذلك , فهي تحتاج إلى إلى (( ثورتين متزامنتين )) , إحداهما (( فكرية )) و الأخرى (( أخلاقية ونفسية )) . ولم تكن (( الأهالي )) نفسها إلا أداة من أجل النهضة المنشودة , وكان عليها أن تشكل (( مدرسة للشعب )) , وعلقت آمالها بالدرجة الأولى على الشباب , ولكن على نوع من الشباب (( يعمل بدل أن يعلن )) ويختلط مع العامة ويشعر بمحنها و آلامها . وكان منهجها المفضل هو (( تعميم التعليم )) . وبكلمات أخرى , فإنها شجعت (( التغيير التدريجي والسلمي بدلاً من العنف )) .
في ما عدا ذلك , كانت الأفكار التي طرحتها الأهالي مبهمة وغير منسجمة , وكانت تردد صدى الفابية أحياناً , والماركسية أحياناً أخرى , والداروينية أو الشعبوية بين الحين و الآخر . وحتى بعد تعريف المجموعة سنة 1935 بأنها تنوع اصلاحي وليبرالي ديمقراطي من الاشتراكية , صيغ من أجله تعبير (( شعبية )) ( أي اشتراكية شعبية ) , فإن ضبابية معينة استمرت في تمييز مباديء المجموعة .و نشأ بعض هذا نتيجة مقاومة في صفوفها لكل ما يقترب من أن يكون التزاماً فكرياً صارماً , وبعضه الآخر من حقيقة أن مواقع مؤسسي المجموعة كانت لا تزال لم تكتمل تكويناً , وهذا ما أصبح شديد الوضوح في آخر الأمر . يتبع
وصفي السامرائي

#وصفي_أحمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات