أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - السراق وبائع الملح














المزيد.....

السراق وبائع الملح


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4248 - 2013 / 10 / 17 - 22:56
المحور: المجتمع المدني
    


فرحة العيد من الافراح التي ننتظرها بشغف كبير ، فنعد لها برامجا جميلة قبل ايام عديدة ،فينشغل الكثير منا بالزيارات العائلية فيما يرتاد آخرون الحدائق العامة والمتنزهات و يغادر البعض للسياحة داخل بلدهم وخارجه ، لكن آخرين يتبادلون التهاني في مواقع عملهم ولا يغادرونها حتى في العيد ،لهم مكان كبير بيننا ونحمل لهم كل الحب فنفرح لفرحهم ،الغائبون الحاضرون من رجال الامن ومنتسبي وزارات الصحة والكهرباء وعمال النظافة واخرين يسهرون على سعادتنا وراحتنا ،واكثر من نحتك بهم عمال النظافة فنخرج لهم صباح العيد مهنئين مباركين .
في هذا العيد خرجت لهم كعادتي فلم اتعرف الا على احدهم ولم تفارق صورته مخيلتي رغم اني لم اره الامن عشرة اعوام ولمرة واحدة لفترة محدودة حين كان يجمع الملح من الارض ( السبخ ) التي امام معهد الصناعة الكائن في ابي الخصيب جنوب البصرة في مكان لم يكن يفصله عن باب المعهد سوى امتار قليلة ، يرتدي ثيابا ممزقة ومبيضة من الملح الذي كان يجمعه يلقي به في عربة يسحبها حمار في مشهد يصور حالة من الاصرار والعزيمة على ملاواة يد العوز بكل شرف ، على الجانب الاخر من الشارع مشهد مغاير تماما فالعشرات منشغلين بسرقة و نهب محتويات المعهد مستغلين الانفلات الامني والفوضى اللذان كانا سيدي المشهد آنذاك ، ورغم فقر الرجل المدقع الا انه لم يكن يرفع نظره من الملح ولم تغره المسروقات الثمينة ولا سعرها الذي قد يعادل ما يقدمه له عمله في عشرة اعوام ، وقد يكون من حسن حظ البصريين ان رجلا بهذا الخلق يملح زادهم بيده الطاهرة . المنشغلون بتحميل سياراتهم على الجانب الاخر لم يكونوا من الفقراء بدلالة فخامة سياراتهم المستخدمة في نقل المسروقات ، فالمشهد يوحي للناظر بان الجشع والطمع هو من كان سببا للسرقة وليس العوز كما يدعي البعض ، وعلى الرغم من مرور كل هذه الاعوام الا اني استعيد اجزاء من هذا المشهد وانا امر من امام متسولي الطرقات لكني صباح هذا العيد استعدت الحدث بأكمله وانا التقي ببطله الوحيد الذي على ما يبدو غادر مهنته مرغما نتيجة شح الامطار في السنوات الاخيرة التي هي من اهم اسباب تكون الملح فاتجه لهذا العمل ( عامل تنظيف ) الذي لا يقل شرفا عن سابقه، غير آبه بعبارات السذج والذين ينعتون العاملين بهذه المهنة بعبارة ( الزبال ) ، ولا يعرفون ان معناها يدل على من يلقي بالقمامة ( يزبل ) وليس عامل التنظيف الذي يرفعها ويبعدها ويبعد معها اخطارها ، انا على يقين بان بطلنا لو كان قادرا ان يرفع قذارة الكثير من اصحاب النفوس المريضة التي تنهب المال العام في السر والعلن لما تردد ، اولائك الذين يبررون سرقاتهم بحجج كاذبة ليزدادوا غنى ويزدوا بؤسنا بؤسا، فتوارث بعضهم الرذائل ، فمنذ الثمانينيات دخلت بيوتهم المسروقات القادمة من ( المحمرة) بعدما غادرها اهلها لدخول الجيش ،و بيوت اخرى لهم ارتضت ان تكون مستقرا للمسروقات الكويتية، واخيرا جاء الدور على دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية والمصارف ، وها نحن اليوم ندفع ثمن ما اقترفت تلك الايادي .
قادني فضولي لأن اسأله عن احواله ،فلم يتحدث بغير هموم العراق ،وسالت دموعه وارتجفت شفتاه وهو يصف الافعال الدنيئة للإرهاب الذي يطال الابرياء بصدق لم اعهده من الكثيرين ، تحدث بحرقة والم وكأن له شعب بأكمله من الابناء ، آلمتني عباراته كثيرا واذهلني صبره واصراره على العيش بشرف وزدت احتراما له فهو من ( مفاخر رجال العراق ) .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يقطفوا سوى الثمار الجوفاء
- الواحد أكبر من الاربعة
- أحذروا.. الديناصور يبتلع البصرة
- خارج أسوار الحياة
- الكهرباء تدخل موسوعة غينس
- ناصر(أبو الجرايد) سياسي بامتياز
- لصوص الليل والنهار
- لنتعلم من الصبور
- جسر المقام نهاية حلم
- سهرة لا تنسى
- ملايين البصريين ينتظرون جواب الشرط من مجلس المحافظة
- مراعيهم ومزابلنا
- من يمسح دمعة البصريين
- انقذونا من ملائكة الرحمة
- مهندس في الصباح حمال في المساء
- في معرض الزهور ذكرى لبوسطن وبغداد
- عزيزه وصلت البرلمان
- مقتنيات الحاج خنياب تدخل موسوعة جينيس
- لن تعود لزوجها الا بقرار سياسي
- اوباما للبيع


المزيد.....




- وزير المهجرين اللبناني: لبنان سيستأنف تسيير قوافل إعادة النا ...
- تقرير حقوقي يرسم صورة قاتمة لوضع الأسرى الفلسطينيين بسجون ال ...
- لا أهلا ولا سهلا بالفاشية “ميلوني” صديقة الكيان الصهيوني وعد ...
- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - السراق وبائع الملح