أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - شاكر النابلسي - الطريق إلى الديمقراطية السعودية















المزيد.....

الطريق إلى الديمقراطية السعودية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1212 - 2005 / 5 / 29 - 11:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


على إثر نشر مقالي الأول (هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟) كتب معارض سعودي في المهجر تعليقاً على هذا المقال. وكتبت اليَّ طبيبة سعودية تحمل الدكتوارة في تخصصها ومن عائلة نجدية معروفة، وتعيش في عمان – الأردن، ومتزوجة من رجل عراقي.

المعارض السعودي انتهز مناسبة نشر مقالي لكي يهاجم النظام السعودي من وجهة نظره الأيديولوجية الخاصة، ودخل إلى معطيات هذا المقال من خلال هذه الأيديولوجيا. وهذا من حقه. ولكن لا حق له بأن يصف كاتب المقال بأنه لا علم له بالسعودية وأحوالها وتركيبها الاجتماعي.. الخ. وأنا الذي عشت في السعودية قرابة ثلاثين عاماً (1968- 1996) وكتبت فيها وعنها ثلاثة كتب في الثقافة والتنمية ( "سعودية الغد الممكن"، "المسافة بين السيف والعنق"، و "نبْتُ الصمت") اضافة إلى عشرات المقالات في صحفها المحلية والدولية.

أما رسالة الطبيبة السعودية فكانت من سطرين جامعين وصادقين ودالين قالت فيهما: "إن موضوع المرأة في السعودية موضوع شائك ومعقد. وأن المرأة السعودية إذا أرادت أن تتحرر فعليها الزواج من غير سعودي والعيش خارج السعودية".

فما معنى هذا الكلام الكاشف لحقيقة تموضع المرأة في الحياة السعودية؟

هناك عدة حقائق يكشفها هذا القول الدال المختصر منها:

1- أن كل ما يحيط المرأة السعودية من "مغاليق" على علمها وعملها وحياتها ليست من الدين، وانما من "رجال الدين" ومن التقاليد والعادات والأعراف القبلية وسلطة العوام التي تنتمي إلى المجتمع الرعوي الزراعي المعروف عنه مثل هذه التقاليد والعادات. ويذكر ابراهيم الحيدري في مقدمة كتابه (النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب، دار الساقي، 2003) أن المرأة تواجه ثلاثة أشكال من الاضطهاد: النوعي، والأبوي، والقانوني. ويذكر المؤلف كذلك، أن مهمات الأديان والقوانين الوضعية والعرفية هي تنظيم العلاقات الاجتماعية بصورة عامة. فالمرأة في المجتمع الرعوي الزراعي مثلت المرحلة الذهبية لسلطة الام التي تمثلت بارتفاع مكانة المرأة من خلال سحر الأمومة الى مرحلة جمالية أعلى ووجود منظم أسمى كما قال الانثروبولوجي يوهان باخوفن Bachefen (1815-1887) في كتابه (حق الأم) الذي وضع أول نظرية حول مكانة المرأة وسلطتها في المجتمعات القديمة، واعتبر السلطة حقاً طبيعياً لها، على اعتبار أن الأنثى هي الأصل. وإذا كانت المرأة، فيزيولوجياً، أضعف من الرجل، إلا أنها احتلت مكانة دينية واجتماعية عالية في العائلة والمجتمع والسلطة، وبذلك انتصرت على قوة الرجل الفيزيولوجية. فالمرأة تتماثل مع الطبيعة والأرض، وهي أصل الخصوبة وانتاج الحياة. والصورة الوضيعة التي رسمها المجتمع الأبوي (البطريركي) للمرأة في أوروبا منذ الاغريق حتى العصر الحديث، كانت من رسم الفلاسفة والمفكرين الأوروبيين الذين انحازوا في كتاباتهم الى وجهة النظر الأبوية، من أفلاطون حتى نيتشه عدو المرأة رقم واحد. كما حطَّ من قيمة المرأة موقف الكنيسة من المرأة التي تعتبر أن حواء هي أصل الخطيئة. وكذلك تشويه الكنيسة لصورة المرأة في الرهبنة ومحاكم التفتيش التي اتهمت آلاف النساء بالسحر والشعوذة واعدمتهن قتلاً وحرقاً.

وفي المجتمع السعودي، نرى ظاهرة غريبة، وهي تموضع المرأة في المجتمع الرعوي الزراعي (منطقة القصيم مثالاً) حيث تقدمت المرأة في هذا المجتمع على المرأة في المجتمع الحضري السعودي، فيما لو اعتبرنا أن قيادة السيارة مظهراً من مظاهر التقدم، حيث تقود المرأة السيارة في القصيم ولا تقودها في باقي المناطق. وتقضي بها حاجاتها وحاجات عائلتها، في منطقة متشددة دينياً ويغلب عليها الطابع الرعوي الزراعي أكثر مما يغلب عليها الطابع الحضري الذي اتسم بالتجارة والصناعة وسيّد سلطة الرجل البطريركية، مما أضعف السلطة الثقافية للمرأة في البيت والمجتمع والدين أيضاً. في حين أن المرأة في المناطق الحضرية غير مسموح لها بذلك. والسبب أن قبضة المؤسسة الدينية القوية قد تكاتفت في المناطق الحضرية مع قبضة "رجال الدين"، مع التقاليد والعادات وسلطة العوام، وأفرزت هذه "المغاليق" على المرأة، ليس فيما يتعلق بقيادة السيارات ولكن في كل ما نراه من "مغاليق" على حياة المرأة عامة. ولو عدنا إلى عبارات الطبيبة السعودية لوجدنا أن المرأة السعودية المسلمة عندما تتزوج وتعيش خارج السعودية، تبقى سعودية مسلمة مؤمنة بالله، وتؤدي فرائضه، وتتلو قرآنه، ولكنها تنعتق من "مغاليق" المجتمع السعودي التي تتحكم فيها التقاليد والعادات بالدرجة الأولى.

إذن، تلعب التقاليد والعادات والضغوط الاجتماعية دوراً مهماً في مستقبل المرأة السعودية. ومن هنا سُئل وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز في عام 2000 عن قيادة المرأة للسيارة فأجاب بالحرف الواحد: "اذا تقبّل المجتمع هذا الموضوع نتحدث عنه" (داوود الشريان، الحياة، 26/5/2005) . ومن هنا يقال أن المذكرة التي قدمها مؤخراً عضو مجلس الشورى السعودي د. محمد آل زلفة مؤخراً لمناقشة قرار قيادة المرأة السعودية للسيارات في مجلس الشورى، هو "بالون اختبار" للرأي العام، أطلقته الدولة السعودية لاختبار بارومتر الشارع السعودي بخصوص هذا الموضوع الذي كثر الجدل حوله. ولكن تبين لها أن الرأي العام ما زال متصلباً بالنسبة لهذا الموضوع. وأن طرح هذا الموضوع للمداولة ما زال سابقاً لأوانه. وكان بمثابة (ثعبان في مجلس الشورى) كما قال الكاتب السعودي علي سعد الموسى ("الوطن" السعودية، 23/5/2005) ، لذا تمّ سحب هذا المشروع من المداولة. كما سبق وتمّ سحب قرار ترشيح خمس نساء في الانتخابات البلدية، بعد أن تبين أن الرأي العام يرفض هذه الخطوة، رغم أن استطلاعاً للرأي شمل 1394 رجلاً، جرى في فبراير عام 2005 ، أيّد فيه حوالي 53 بالمائة ترشيح المرأة للانتخابات البلدية. فالدولة السعودية، لا تريد أن تفرض على المجتمع ما يكره ويرفض. وهذا ما حصل في الكويت منذ 1999 بالنسبة لترشيح وانتخاب المرأة الكويتية في المجالس البلدية والتشريعية.
2- الحقيقة الثانية التي يقولانها سطرا الطبيبة السعودية أن "مغاليق" المرأة السعودية متأتية من ناحية أخرى من الرجل السعودي ذاته – شأنه شأن الرجل العربي الذي لا يريد مزاحمة ومنافسة من المرأة والمصاب بعقدة الذكورة - الذي تهيأ له أن ثعباناً ضخماً من نوع "الكوبرا" القاتلة قد دخل مجلس الشورى، عندما طُرحت مذكرة د. آل الزلفة للنقاش. ووصف علي سعد الموسى حالة الهلع والخوف من هذا الثعبان بقوله: "أطرف ما في أخبار الأمس الثعبان الضخم الذي دخل قاعة مجلس الشورى بموعد مسبق فهرب الأعضاء مع الأبواب الجانبية. كلهم هرولوا إلى الخلف حين قدم أحدهم مذكرة للمجلس بخصوص مناقشة قضية قيادة المرأة للسيارة. " وأردف الموسى قائلاً : "هروبهم لم يكن الطرفة الوحيدة، لأن الطرفة الأطرف، حين تتفق ثلاث صحف سعودية حاولت تغطية الجلسة ثم تورد أن الأعضاء أو بعضهم، رفض الحديث إلى الإعلام حول هذه القضية وأن بعضهم علّق على الموضوع مع شرط جميل: ألا تفصح الصحيفة عن هويته". هذا رغم أن مجلس الشورى السعودي الجديد يضم نخبة النخب من أبرز العلماء والمتخصصين في مختلف المجالات، ومن ذوي الشهادات العالية والذين درس معظمهم في الغرب. ولو هُيئ للسعوديين انتخاب مجلس شورى لما أتوا بأفضل من هذه النخبة. والدليل ما حصل في الانتخابات البلدية الأخيرة التي اكتسحها التيار الديني/القبلي المتشدد، ودفع فيها مليار ونصف المليار ريال سعودي لانتخاب 236 عضواً في المجالس البلدية (علاء سالم، السعودية: تأثيرات الفضاء الاجتماعي على الانتخابات البلدية، مجلة "الديمقراطية"، القاهرة، العدد 18، مارس 2005). وتكاد هذه الانتخابات أن تكون من أغلى الانتخابات، إذ بلغ متوسط انفاق العضو ستة ملايين ونصف المليون ريال سعودي (مليون وسبعمائة ألف دولار). كما كانت شعارات هذه الانتخابات مضحكة وبلهاء للغاية، إذ وعد أحد المرشحين برصف الشوارع بالرخام، ووعد آخر باقامة الحكومة الأليكترونية، ووعد ثالث بالقضاء المبرم على البطالة والعنوسة.. الخ.

والرجل السعودي الخارج من النظام القبلي/الديني المتشدد، مفروض عليه "مغاليق" من نوع آخر، سببها التربية والإرث الثقافي والاجتماعي. وفي حالة زواج المرأة السعودية من زوج غير سعودي تنفك هذه "المغاليق"، سيما وإن عاشت المرأة السعودية خارج مجتمعها، كما نستنتج من رسالة الطبيبة السعودية.

عودة إلى طريق الديمقراطية السعودية

كثيرة هي الأحلام غير الواقعية عن طريق الديمقراطية السعودية. ومعظم الذين يكتبون عن طريق الديمقراطية السعودية يتحدثون عن "ربيع السعودية القادم"، وكأن السعودية أصبحت في بنائها الاجتماعي كما هي دول أوروبا الشرقية بعد عام 1989 وسقوط جدار برلين والاتحاد السوفياتي معه. وينسون أنهم يعيشون في السعودية بكل إرثها الديني والاجتماعي والسياسي والثقافي. فايزه صالح أنبا صحافية سعودية مقيمة في جدة، وتكتب لجريدة الكريستيان ساينس مونيتور، كتبت مقالاً في جريدة "الواشنطن بوست" (27/3/2005) تحت عنوان " القضية التي لا يستطيع السعوديون كسبها" قالت فيه: " من الصعب أن لا تثمل من نسيم الديموقراطية المنتشر عبر الشرق الأوسط. ربيع عربي كما يسميه المحللون، يبشر به عن طريق مظاهرات على مدار الساعة في لبنان، أصوات مطالبة في شوارع الكويت، مظاهرات نادرة في مصر، انتخابات في العراق، وإصلاح حتى هنا في المملكة العربية السعودية حيث أقيمت انتخابات بلدية هذا العام." ولم تنتبه السيدة فايزه أنبا أن المهم هنا ليس الانتخابات ولكن نوعية المنتخَبين، ومن يصل إلى المجالس البلدية عن طريق الانتخابات. المهم هو نوعية من وصل من خلال صناديق الاقتراع الى المجالس البلدية ونوعية من وصل من خلال التعيين الى مجلس الشورى. هناك التيار الديني/ القبلي المتشدد، وهنا نخبة النخب التي تبدو ليبرالية إلى حد كبير. ولكن كلاً منهما لا يستطيع أن يفعل الكثير، لأن المجتمع السعودي لم يتهيأ بعد التهيؤ الاجتماعي المطلوب لأقل الاستحقاقات شأناً وهو قيادة المرأة السعودية للسيارة. والمقارنة بين نوعية المنتخَبين في المجالس البلدية وفي مجلس الشورى، ترينا كم هي المسافة الطويلة والشاقة التي علينا أن نقطعها في الطريق إلى الديمقراطية السعودية.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟!
- الكويت تولد من جديد للمرة الرابعة
- لماذا لم يشربوا دم العفيف الأخضر حتى الآن؟
- العَلمانية والديمقراطية جناحان لطائر الحرية
- العَلمانية في العالم العربي : إلى أين؟
- لماذا يحبُ العربُ أمريكا كلَّ هذا الحب؟!
- أولويات العهد العراقي الجديد
- ما أحوجنا الآن الى ثورة التغيير في الإسلام
- فوبيا التغيير تفتك بالعالم العربي
- أحمد البغدادي و- الميديا كارتا
- العرب بين تحديات العصر وعوائق التغيير
- العراق في العام الثاني بعد الميلاد
- لماذا ننادي بثقافة التغيير؟
- عودة الوعي السياسي الفلسطيني: -حماس- أنموذجاً
- البغدادي وتجديد الفكر الديني
- محنة العقل العربي: البغدادي أنموذجاً
- الإرهاب الحلال والإرهاب الحرام!
- هند وأحمد وبينهما لينا النابلسي - إن أردتم!
- ماذا بعد -الاستقلال اللبناني الثاني- ؟
- كيف يغسل الأردنيون عارهم بالعراق؟


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - شاكر النابلسي - الطريق إلى الديمقراطية السعودية