أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - مر العيد من هنا














المزيد.....

مر العيد من هنا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 20:09
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مر العيد من هنا وانتهى في يوم واحد وعاد العربُ كما كانوا أعداء ,الأخ يكره أخيه,والولد يكره أبيه,والجار لا يسلم على جاره, فقط يوما واحدا دخل فيه الجيران على بعضهم,وسلم الأعداء على بعضهم في الشوارع وفوق القبور عند زيارة الموتى, سلموا بحرارة وعضو وجوه بعضهم وقطعوا وجوه بعضهم من شدة حرارة القُبل الملتهبة, مر العيد من هنا بسرعة وعاد العربُ كما كانوا يقطعون الطريق ويقطعون الرحم والكذب يملئ الشوارع والقلوب...مر العيد من هنا وسألني عن الشام فلم أستطع أن أحبس دموعي.
مرَ العيدُ من أمام بابي...كان لونه حزينا...وكان دمه أصفر اللون.

وكان منزعجا جدا من أصوات البنادق وأكاذيب العرب...

مر العيد من هنا وسألني عن أيام(نزار قباني) فقلت له مستعجباً:لو كان هنا نزار ماذا كان سيكتب عن نمنمات أمين نخلة وعن(فايزه)والزنبق الأموي.. وعن عنترة العبسي وهو يقف خلف الباب وبيده السيف وعبلة ترتجفُ خوفا وخجلا!...مر العيدُ من هنا وكانت السماء تبحثُ في داخلي عن أنبياء الله الذين سكنوا المواقع المقدسة في جسدي,وكانت السماء تدققٌ النظرَ في قلبي حيث بنا الأنبياء والرسل هياكلهم وكنائسهم ومعابدهم,كانت السماء مسرورة لوجودهم في جسدي وكانت السماء فرحة جدا بمن دفنتهم في صدري,وكنت أنا لأول مرة سعيدا جدا بما روى أصحابي المتعبون عني من حكايات وقصائد وردية.

مر العيدُ من هنا وكان يمشي على قدميه,وفي منتصف الطريق جثي راكعا على ركبتيه, سألني عن أسمي وعن تاريخ ميلادي وعن معنى وجودي هنا,سألني حتى عن أسماء الأطفال الذين لعبوا معي ذات مرة في نفس الشارع الذي مر منه العيد,فقلتُ له:إن الأطفال كبروا وما عادوا أطفالا لقد صاروا رجالا وفارقتهم البراءة فلم يعد منهم أحدٌ بريء كأيام الطفولة,كلهم تنجسوا واتسخوا بفضل الثقافة,الثقافة لوثت عقولهم ,المدارس لوثت تاريخهم, وفي داخلهم حممٌ بركانية..كل الأطفال صاروا رجالا,غادروا القرى والبيادر وسكنوا في العاصمة في أرقى الأحياء الشعبية وتبدلت نفوسهم وتغيرت ملامحهم وما عادوا كما كانوا يلعبون معي,اليوم يلعبون لعبة أخرى,استبدلوا البنادق الخشبية ببنادق فولاذية واستبدلوا الطلقات البلاستيكية بطلقات مصنوعة من الرصاص وتلوثت أفكارهم ومشاعرهم,ولوثوا المدينة ولوثتهم,وقهروا المدينة وقهرتهم,وصرعتهم المدينة وصرعوها.
صار الأطفالُ قساة القلوب,وكلهم كبروا وغادروا الطفولة إلى غير رجعة إلا أنا ما زلت طفلا أنتظر بالعيد أن يمر من هنا,وما زلت أضع حذائي الجديد في ليلة العيد فوق رأسي استعدادا لانتعاله في صبيحة العيد, مر العيدُ من هنا وما زلت أذكر كيف مر عليّ لأول مرة في حياتي,وكانت بيدي كعكة صغيرة,والحيرة تسبقني إلى نفسي,مر العيد وبكل وقاحة يسألني عن الحلوى وعن شتى أنواع الفواكه.

فأنكرت كل ما قيل عني وبنفس الوقت لم أعط عني جوابا مباشرا, مر العيدُ من هنا وكانت النوافذ مشرعة والأبواب مفتوحة, مر العيد من هنا ولم يكن مروره سهلا بل كان صعبا جدا وللغاية,مر العيد من أمام ناظري ولم أستطع أن أبتسم له ولم أستطع أن أفعل للأطفال شيئا,وحتى الكبار لم أقدر على مساعدتهم,إن طبيعة المشاكل العصرية صارت في هذا الزمن أكبر مني ولم تعد طريقة حلها سهلة كما كانت في الماضي,, مر العيد من هنا بالضبط حيث كان يقفُ أبي وجدي في كل عام ليطرحوا السلام على العيد كلما مر من هنا من نفس الشارع وذهب جدي وذهب أبي وذهب جدودهم وما زال العيد يأتي إلى هنا في كل عام,مر العيدُ وكان منظري محزنا وكانت أحلامي في الساعات والدقائق الأخيرة من عمرها, مر العيد من هنا بعد أن كنت مشتاقا إلى مروره, مر العيدُ من هنا وأنا واقفٌ على قدمي أنتظر موعده بأن يمر ويلتف من أمام بيتي كما يمر مذنب(هالي) من أمام الشمس,مر العيد من هنا في ساعات الصباح الأولى وكانت القلوب ترجف والأطراف السفلى والعليا من جسدي ترتجفُ هي أيضا,وكان الخوف يملئ لي عيوني وجبهتي وشفتي ولساني يتلعثم بالكلام, مر العيد من هنا ولم يكن أحد غيري ينتظره,كانت الناسُ نيام,والأفراح نيام,وحبات الزيتون نائمة,كان المزارُ بعيدا عني ولم يكن أحدٌ في الشارع ينتظره غيري.

مر العيدُ من هنا وكان شغوفا جدا بسماع أخبار الناس وكانت الناسُ في حينها تقلبُ على بعضها وتتناحر فيما بينها,وكان الجو العام والطقس السائد يعتريه الخوف ويعتريه الذهول, مر العيدُ من هنا في آخر أيام الصيف,وكان الصيف حزينا جدا,لا يوجد فيه أي نسمة من نسمات الهواء, مر العيدُ من هنا في أول أيام الخريف وكان الخريف حزينا جدا وعلى وجنتيه بعض الخجل,كانت الأصوات ترتفع في الأعالي وكانت النجوم تطل علينا من مكانها وكانت الكواكب تترقب العيد حين يمر من هنا.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيليا بن أبي طالب
- أسرى بدر
- الإسلام دين غير عقلاني
- العرب لا يصلحون إلا للجنس والخيانة
- المسلمون غير أصحاء عقليا
- الإسلام دين من لا مستقبل
- الصورة الجميلة لليهود قبل الإسلام
- من أجل الدين والوطن
- عثمان بن عفان
- قصة خرافية عن موت عمر بن عبد العزيز
- كل شيء مدهش ومثير
- أين شفقة نبي الإسلام؟
- الجمال من أجل الجمال
- لتعش إسرائيل إلى الأبد
- عندي حساسية زائدة
- الأخطاء بين الآلهة والبشر
- مصيبة المرأة
- حوار بين مثقف وزوجته
- يجب أن ندخل اليهود إلى قلوبنا وبيوتنا
- الأيام الأخيرة من حياة عمر بن الخطاب


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - مر العيد من هنا