أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيع الحسن - الأزمة السورية: أزمة أخلاقية















المزيد.....

الأزمة السورية: أزمة أخلاقية


ربيع الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 4243 - 2013 / 10 / 12 - 10:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُطرح تفسيرات عديدة لتوضيح الأسباب الفعلية التي أدت لوصول سورية وشعبها لما وصلت إليه حاليا، وماسوف تصل إليه مستقبلا، وكل طرف من أطراف الصراع يطرح الأسباب التي تتفق مع رؤيته واتجاهاته السياسية التي تبتعد في كثير من الأحيان عن الأسباب الحقيقية والموضوعية التي أنتجت ماسمي سياسيا بالأزمة السورية.
التحليل الموضوعي يتطلب وضع الاتجاهات السياسية والدينية والعشائرية والعرقية قدر المستطاع جانبا حتى يكون التحليل منطقيا وعلميا رغم صعوبة هذا الأمر لأن الإنسان وربما باللاوعي يميل نحو التحليل الذي يدعم وجهة نظره ولو أن النسبة تختلف من شخص لآخر، وانطلاقا من هذا الكلام هناك صعوبة كبيرة في أن يدعي كل مواطن امتلاكه للحقيقة المطلقة وإن كل مايقوله هو الواقع والحق بعينه وخلافه هو التخريف والباطل.
أصبح من المعروف أن الطرف المعارض يحمل السلطة مسؤولية كل ماجري ويجري على الأرض السورية من قتل وتدمير وتشريد وو..الخ. في حين أن الطرف المؤيد للسلطة يعتبر أن الأزمة نتاج مؤامرة خارجية ومارافقها من تدخلات أجنبية ودعم الأطراف المسلحة المختلفة. السؤال هنا هل يمكن أن تستمر مثل هذه الأزمة أكثر من سنتين ونصف ويكون طرف واحد فقط هو المسؤول ؟
لنعود إلى بدايات الأزمة عندما بدأت الاحتجاجات حيث تبنت تغطيتها وتضخيم عدد المحتجين في كل مطاهرة على الفور قنوات الخليج فقد كان قسما كبيرا من هذه المظاهرات مدفوع الأجر من قبل أشخاص لم يكن معلوم تمويلهم بعد، هذا لاينفي أن هناك احتجاجات كانت حقيقة وعبر من خرج بها عن مطالبهم المحقة التي هي مطالب الشعب السوري عموما والتي تتمثل بمحاربة الفساد والقيام بتغييرات سياسية واقتصادية حقيقية في بنية السلطة.
بدأ تسليح بعض المتظاهرين منذ الشهر الأول وربما كانت خطط التسليح وتسليم السلاح جاهزة قبل الأزمة وماتم بعد الأزمة كان تنفيذ هذه الخطط فقط، رافق انتشار ظاهرة التسليح بروز ظاهرة "شاهد عيان" واختراع المظاهرات الساعية (شغل ساعتو) لتصويرها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية الخليجية (الجزيرة والعربية بشكل أساسي) وصولا لحمل لافتات الشكر والامتنان لهذه القنوات وصور قادة وأعلام الدول الداعمة "للثورة" مع بروز شخصيات شبابية على الأرض باعتبارها قائدة العمل الثوري "السلمي" بأسماء رنانة سهلة الحفظ واللفظ . فما هو القاسم المشترك بين كل هذه الأعمال ؟
من المؤكد أن هناك أسبابا عديدة تقف وراء تلك الأعمال من قبل الطرف المعارض لكن هناك قاسما مشتركا يجمع بينها، فتجار السلاح مثلا وجدوا ضالتهم في بيع السلاح وقبض أموال طائلة في ظل الطلب المتزايد على السلاح، والمتظاهرون العاطلون عن العمل وغير العاطلين أيضا الذين يتم دفع لهم مبلغ من المال عن كل مظاهرة وجدوا أنها "مهنة" جيدة تدر أموالا بطريقة سهلة، نفس الكلام ينطبق على من تم اختيارهم على الأرض ليظهروا على الفضائيات العربية والأجنبية فتم إغرائهم بالمال وبالشهرة. حتى وصل الأمر لشراء كتاب وصحفيين وفنانين وأدباء بالمال الذي يدفع غالبا من قبل الدول النفطية ومن بعض رجال الأعمال السوريين والعرب. فإذا بالأموال تم شراء ضمائر العديد من السوريين ومن مختلف الطبقات والمهن وفي العديد من المناطق السورية التي اندلعت فيها الاحتجاجات. قد يقول قائل أن التحريض الطائفي هو السبب الأساسي الذي جعل الكثيرون يرفع شعارات ضد الدولة والنظام والجيش وليس المال فقط، قد يكون السبب الطائفي هو الأساس بالنسبة للبعض وخاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة التي عانت من الإهمال والتخلف طويلا لكن قيادات العمل سواء على الأرض أو عبر الإعلام كان محركهم الأول المال وإلباس الصراع اللباس الطائفي كان فقط من أجل تحريض الأشخاص الأقل ثقافة (ليس المقصود هنا بالأقل ثقافة الأقل تحصيل علمي بل الأقل وعيا والأكثر انغلاقا). وخير دليل على أن المال هو السبب الأساسي وراء تلك الأعمال ماشهدناه في البدايات في البروز الفجائي السريع ثم الاختفاء السريع أيضا لشخصيات معارضة سواء ممن يسمى ثوار على الأرض أو ممن هم في الخارج الذين تم تصنيعهم وتسويقهم لدى الرأي العام، هؤلاء ظهروا بشكل مكثف على الإعلام لإيصال رسائل معينة في فترة محددة يريد من يقوم بتشغيلهم إيصالها في تلك التوقيت، فمثلا خالد أبو صلاح :ليس هذا اسمه الحقيقي ظهر خلال العام الأول من الأزمة "كثائر سوري" شاب يقاتل على الأرض ويدعو للثبات مستخدما أسلوب الإثار العاطفية الذي يلعب على الغرائز لإيصال الرسائل، كعبارته التي كان يكررها دائما وهي "أننا سنموت على أرضنا ولن نتركها وأنتم تتقاعسون عن حمايتنا يامسلمين"، وتوقيت إظهاره كان مقصودا مترافقا مع الاجتماعات المتكررة لجامعة الدول العربية ثم مجلس الأمن فكلنا يتذكر حديثه للجزيرة عن حصول مجزرة في الخالدية في 2 شباط (فبراير) 2012، ثم انتهت مهمته وخرج من سورية ليعيش في الدول التي صنعته. فكيف يمكن لمقاتل كان ينادي يوميا بالحاجة للمال والغذاء والدعم للمدنيين المحاصرين من قبل النظام ويتحدث عن التقشف وعن الثبات في أرض القتال مهما حدث أن يصبح سائحا بمهنة "معارض" يعيش في فنادق الدوحة واسطنبول. نفس الكلام ينطبق على الشخصيات المعارضة التي ظهرت فجأة وتم الترويج لها خلال فترة معينة ثم تم تغييبها عن الأضواء بعد انتهاء دورها، فمثلا تم تعيين برهان غليون رئيس ماسمي "المجلس الوطني السوري" باعتباره أستاذ جامعيا و"علمانيا" للتغطية على سيطرة الأخوان على هذا المجلس وهذا ما أقر به البيانوني خلال إحدى الجلسات الخاصة مع قيادات وكوادر اخوانية التي تم تسريب جزء منها. حتى أن المجلس المذكور نفسه بعد أن انتهت مهمته تم شطبه مباشرة من قبل كلينتون وتأسيس ماسمي بإئتلاف الدوحة الذي تحول حاليا لإئتلاف السعودية ولاحقا ربما سيختفي تماما. هذا يعني أن المال هو من يحرك هؤلاء بشكل أساسي وهذا مايقوله أيضا "المسلحون" في الداخل متهمين المعارضين في الخارج بسرقة أموال الثورة ناهيك عن أن أبناء هؤلاء المعارضين ينعمون بالحياة الرغيدة في العواصم الغربية من أموال الإغاثة التي من المفترض أن تصل لمن يحتاجها من السوريين.
وبالنسبة للطرف الآخر(السلطة) فإن عمليات شراء وبيع الضمائر كانت سببا أساسيا في حدوث خسائر كبيرة في صفوف الجيش وحتى في صفوف المدنيين، فكم مجزرة حصلت بحق أفراد من الجيش كان السبب الأساسي فيها خيانة البعض من قيادات أمنية أو ضباط قاموا بإعطاء معلومات للمسلحين، بالإضافة لعمليات بيع الأسلحة من مستودعات الجيش وصولا للتنسيق المباشر في كل حركة وأمر مع المسلحين. حتى أن المسؤولين الذين عاشوا في كنف السلطة وكانوا رموزا للفساد وانشقوا فيما بعد ليطالبوا بحقوق الشعب السوري المسلوبة السبب الأساسي لإنشقاقهم هو الدعم المادي الخارجي خاصة في وقت كانت الضغوط على السلطة بأوجهها وكانوا خائفين من سقوط النظام لذلك قفزوا إلى الطرف الآخر ليضمنوا الاستمرار بقبض الأموال كما هو عندما كانوا في موقع المسؤولية، ولأن الفساد هو القاسم المشترك بين الطرفين جرت العادة أن يتم استقبال هؤلاء استقبال الأبطال ليتم البحث مباشرة عن المكان المناسب لكل منهم في "سورية المستقبل".
ووصل الأمر أن يتم التنسيق بين عصابات تابعة للمعارضة تقوم بخطف مواطنين محسوبين على أنهم معارضين وبين عصابات تعتبر على أنها مؤيدة تقوم بخطف مواطنين محسوبين على أنهم موالين ويتم التبادل بين الطرفين حيث تتم عملية التفاوض مع ذويهم لدفع المال مقابل الإفراج عن المخطوفين، وفي بعض الأحيان يتم دفع المال لقاء قتل ضابط برتبة عالية على يد العصابات المؤيدة بطلب من أختها المعارضة.
بعد أن تم شراء الضمائر وزاد الانقسام أصبح الطريق ممهدا لكل من يريد أن يتدخل من الخارج في الواقع السوري كل لمصلحته خاصة بعد فشل مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في 10/7/2011 والذي يتحمل مسؤولية فشله كل من السلطة والمعارضة، وبالتالي فإن الحل سوف يكون على مقاس هذه الأطراف الخارجية المتدخلة كلها، ومايعيق الحل الآن سبب واحد هو الخلاف بين الأطراف الدولية على نسبة السيطرة فعندما يتم الاتفاق على تحديد نسبة مايأخذه كل طرف من سورية المستقبل سيعلن حل الأزمة مباشرة أما الشعب السوري فهو الخاسر الأكبر.
فهذا السقوط الأخلاقي هو السبب الأساسي لما وصلنا إليه، والمنطق يقوم على أن هناك مسببات تؤدي لنتائج بعيدا عن المشاعر والعواطف والتحيزات، الفساد الذي كان متفشيا في الدولة كان لابد أن ينتج عنه دمار كبير على مستوى الوطن، فكيف يمكن لأي مواطن في أي موقع وجد وقد اعتاد على الرشوة والكسب غير المشروع أن يقتنع ويكف عن هذا العمل. كيف يمكن إقناع المسؤول الذي تربى منذ تسلم مهامه على أن القانون هو السيف الذي يستخدمه عند الحاجة لقطع لسان كل من ينتقده. كيف يمكن للضابط الذي كان معتادا على سرقة طعام العناصر أن يمتنع عن تكرار هذا الفعل حتى لو كان الجنود في ساحة الحرب. كيف يمكن إقناع القاضي الذي كان ينفذ رغبات المسؤول أو من يدفع له أكثر أنه في ظل الحرب يجب أن يصحى ضميره ولو مرة واحدة. كيف يمكن أن يتغير أستاذ الجامعة الذي كان يسرب أسئلة الأمتحانات لبعض الطلاب لقاء مبالغ مالية أو لكون الطالب من نفس الطائفة التي ينتمي إليها. كيف يمكن تغيير "ثقافة" انتشرت قبل الأزمة يمكن اختصارها في كلمتين فقط هما "حلال عالشاطر" التي أصبحت متداولة عند غالبية الشعب وهي قلب لكل الأخلاق والقيم. من المؤكد أن السلطة تتحمل مسؤولية انتشار وتكريس هذه الممارسات السلبية بشكل أساسي، لأنه لايمكن لأي موظف أن يتخطى القانون إذا لم يكن مديرعمله يقوم بنفس الفعل.
وفي النتيجة فإن أكبر دليل على قذارة الأزمة السورية هو أن المستفيدين منها هم حثالة المجتمع السوري من كل الطوائف والمذاهب.



#ربيع_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلويون : -من الفساد.. إلى الجنس المستباح، وبالعكس-
- تذكروا: كان الكيميائي السوري مقابل النووي الإسرائيلي
- عدوان أمريكي على سورية بمعرفة روسية
- من ارتكب المجزرة بحق العلويين؟
- خانَ الموالون خان العسل..
- الجيش السوري يريد..
- بعد تجربة الإخوان في مصر، هل يتعظ السوريون؟
- الفتنة المذهبية ليست وليدة الأزمة السورية
- في سورية: هل للمؤيدين حقوق؟
- من غرائب هذا القرن: قصة السوريين مع الانتصار
- قراءة في خطاب السيد حسن نصر الله بذكرى الانتصار
- آكل لحوم البشر- إنتاج سوري نوعي!!!
- متى يمكن أن ترد سورية على العدوان الإسرائيلي؟؟
- ثوار سورية...جددتم لي الأمل
- رد على مقال السيد خليل الشيخة : حزب الله وخدعة الشعارات
- يحق لجبهة النصرة أن تفتخر...
- الجيش السوري -وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ-
- أيهما أخطر عبد العزيز الخير أم أبو محمد الجولاني؟؟
- لماذا يعشق العلويون التطوع في الجيش؟؟
- نناشد قطر ضبط النفس؟؟؟


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيع الحسن - الأزمة السورية: أزمة أخلاقية