أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - -أعطني لأشرب- – لماذا نحب المسيح، من وحي اللقاء مع السامرية.














المزيد.....

-أعطني لأشرب- – لماذا نحب المسيح، من وحي اللقاء مع السامرية.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 20:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"أعطني لأشرب" – لماذا نحب المسيح، من وحي اللقاء مع السامرية.

للمسيح سحر ٌ خاص عند المسيحين، شخصيته ُ حاضرة بسلاسة و تلقائية، قادرة على النفاذ إلى أعماق المسيحي دون جهد، نتعامل معه لا كتعامل مؤمن مع نبي أو رسول أو إله، لكن كتعامل فرد ٍ مع صديق ٍ اختاره و قبله فصار أقرب إليه من أي شخص آخر، علاقة ٌ أفضل ما يمثلها هو الاعتراف بالحضور "المشيحاني" الدائم في النفس، و الثقة المتولدة من تميز هذا الحضور ثم الانطلاق نحو احتضان الحياة و الاتحاد معها بحضوره و معه و فيه.

تسحرك الأناجيل عندما تطالعك بهذه الشخصية الفريدة و لقاءاتها مع الناس، و تفاعلاتها مع كل شخص ٍ فيهم بإنسانية غير محدودة أو مرتبطة بعادات ذلك الزمان و البقعة الحغرافية، لكن متجاوزتيهما معا ً في ملئ الإنسانية، فهو الذي كان صديق الخطأة و العشارين و الزُناة و كل من لا يجب التحدث إليه (كالسائد) لأنه كان يميز حاجتهم إلى الاستنارة الروحية و المعرفة و تغير السيرة نحو الأفضل، و هو الذي كان يخاطب النساء و يرافقهن و يجلس معهن و يكلمهن و لا يعترف بالحدود بين الجنسين لأنهن بكل بساطة بشر شأنهن شأن الرجال و تهميشهن هو جهل و نكوص ٌ عن الإنسانية و جريمة في حقهن و حق المجتمع، و هو الذي لم يكن يراعي السبت اليهودي بحدوده غير المنطقية لأنه كما يقول دائما ً أن الإنسان هو سيد السبت و أن السبت قد جُعل للإنسان و لم يُجعل الإنسان للسبت.

تسحرك الأناجيل أكثر عندما تنظر إلى الرحمة و المحبة تقطران من شفتيه و من على يديه، فهو الذي أبطل حكم الرجم اليهودي عندما أخزى حكماء اليهود و شيوخهم بمنطق ٍ بسيط "من كان منكم بلا خطئية فليرمها بحجر"، هذه الجملة بسيطة جدا ً في تركيبها كبيرة جدا ً في معناها الذي يقول أن البشر متساوون و لا فضل لأحد على آخر لأن الجميع باختصار "بشر" و هذه الانسانية تعترف بضعف الطبيعة و الكل تحت هذا الضعف، و لا أحد كامل كلي الصلاح لكي يجد في نفسه الحق لينحني و يلتقط حجرا ً و يبدأ بالرجم مُعلنا ً نفسه القدوس الصالح، لا أحد.

و تشعر بأنك طليق ٌ حر عندما تسمعه يتحدث مع المرأة الزانية بعد خروج الوجهاء و الملأ من القوم فيسألها "أين هم، ألم يحكم عليكي أحد"، فتجيبه "لا يا سيد"، فيقول "و لا أنا أحكم عليكي، إذهبي و لا تعودي للخطيئة". ما هذه الشخصية؟ كيف نفسرها؟ هذا الرجل الواثق بما يقول يُبطل الحكم التوراتي و يأتي بحكمه المشيحاني الجديد "و لا أنا أحكم عليكي"، هو مُحرِّر، فاك ٌّ للقيود، مُطلق للأسير، عون ٌ للعود المكسور ليقومه، ينفخ ُ في الفتيلة التي على وشك أن تنطفأ فتشتعل بالحياة و الديناميكية و الحرارة و تعانق الهواء، ثم بعد ذلك يرسم خطر السير "لا تعودي للخطيئة"! هذا الخط الذي من شأنه ضمان بقاء اشتعال الفتيلة و استقامة العود و النمو الروحي و الحياتي نحو الكمال المسيحي المشيحاني الخلاصي.

لماذا نحب المسيح؟

لأنه صالح ٌ بار، يعيش ما يقوله، و يقول ما يعيشه، و تُثبت التجربة الشخصية أن من يتبعه و يمشي بحسب فلسفته في الحياة يحقق التناغم و التوازن مع نفسه و عائلته و مجتمعه و محيطه و عالمه، و يستطيع أن يتذوق الحياة و يتحد مع الناس في إنسانية جامعة تجد الإنسانية حيث يكون الإنسان، و لا تسأل عن أي جامع ٍ غير الجامع الإنساني فلا شأن للمسيحية المشيحانية المرتبطة بيسوع المسيح في التصنيفات.

المسيح لا يُصنـِّف، لا يُضيع الوقت في الاحتزاب مع هذا ضد ذاك أو مع ذاك ضد هذا، فهو لا يؤمن بالأحزاب و لا يرى داعيا ً لها، هو يحب الاتحاد و الوحدة "فليكونوا بأجمعهم واحدا ً"، و هو يشجع السعي نحو الكمال "كونوا كاملين" و يحب الوضوح و الشفافية "أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام" و هو أكثر من كل شئ يعترف بصعوبة الحياة و تعقيداتها "تعانون الشدة في العالم" و "في العالم سيكون لكم ضيق" لكنه يقدم الرجاء و الأمل و الوعد بالمعونة للثبات "ثقوا إني قد غلبت العالم" "السلام أمنحكم السلام أعطيكم ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا".

المسيح عفوي تلقائي لا يعترف بالعداوات و الموروثات التفريقية بين البشر فهو يزور قرية للسامرين (أعداء اليهود بني قومه) يجلس على حافة بئر (و هذا عمل غير مُنتظر من شخصية مثله) ثم عندما تأتي إمرأة لتستقي من البئر يبقى في مكانه لا يغادر مراعيا ً العادات و التقاليد، فهو ثائر ثورة أبدية على كل ما من شأنه تشويه الإنسانية التامة للبشر، ثم بكل عفوية يبدأ معها الحديث و يطلب منها "أعطني لأشرب".

لم أكتب اليوم في حادثة المرأة الزانية أو السامرية لكي أعطي درسا ً في اللاهوت، لست ُ لاهوتيا ً و لا رجل دين، لكني مسيحي، و مسيحي عاشق، يحب يسوع، و يعشق المسيح في جماله، في عفويته، في طيبة قلبه، في استعداده دوما ً للمساعدة، في تعاليمه التي تعلمنا أن نمشي بدل الميل ميلين و أن نسعى لحياة أفضل.

لهذا نحب يسوع لأنه ينسجم مع الفطرة الإنسانية و الطبيعة البشرية فيعترف بكل ما فيها من ضعف و نقائص و يعالجها و يعلمها كيف ترتقي نحو اكتمال طبيعتها و إظهار جانبها الروحاني و انسجام الجانبين الإنساني و الإلهي مع بعضهما و مع كل ما يحيط بهما نحو عالم ٍ أفضل.

"روح الرب علي
لأنه مسحني و أرسلني
لأبشر المساكين
لأنادي للمأسورين بالإطلاق
للعميان بالبصر
لأخرج المسجونين من دار الحبس"

لهذا نحب يسوع و نعشق المسيح!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثرثرة في الثورة المصرية
- ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- عقل العربي – جولة في مساحة الاطمئنان كردة فعل على العجز
- نظرة للإعلانات التسويقية المتلفزة و علاقتها بالنمط الاستهلاك ...
- السلطان شرف الدين – احتكار الله و استعباد البشر – بين الانفص ...
- مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كم ...
- المرأة كملكية ذكورية – ما بين جرائم الشرف و إعفاء المُغتصب ش ...
- تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس
- فلسفة الوعي – الإدراك و التركيب العضوي و ما بينهما


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - -أعطني لأشرب- – لماذا نحب المسيح، من وحي اللقاء مع السامرية.