أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - المحجوب حبيبي - النضال الديموقراطي، وحدة اليسار تنظيمات المجتمع المدني أية آفاق















المزيد.....


النضال الديموقراطي، وحدة اليسار تنظيمات المجتمع المدني أية آفاق


المحجوب حبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 1211 - 2005 / 5 / 28 - 15:05
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


كنت قد شاركت بهذه الورقة في لقاء تكويني للشبيبة الطليعية بالمحمدية سنة 1994 وتعميما للفائدة أقترحها على قراء موقع الحوار المتمدن...
النضال الديموقراطي، وحدة اليسار تنظيمات المجتمع المدني أي علاقة
يتجلى الاندماج الحزبي في الحركة الجماهيرية بمختلف تنظيماتها انطلاقاً من اعتبار الحزب "مثقفا جمعيا" يعمل من خلال ممارساته وبرامجه الموجهة إلى تلك الأوساط الجماهيرية المدعوة مجتمعا مدنيا أي من خلال مؤسسات هذا المجتمع المنظمة التي تنشئها قواه الحية، لبناء كتلة ثقافية تتميز (بأخلاق وقيم وتوجهات ومطالب ومتمنيات وتطلعات مغايرة لما هو سائد) وتسهم في طرح الخيارات الثقافية التي تعتبر ركيزة كل تقدم وكل تطور. وبواسطة ما تضطلع به هذه المنظمات من تنشئة اجتماعية متعددة الاختصاصات تحدث أكبر إمكانية نوعية للتغيير، وهي نقل الجماهير من أسر الأيديولوجية الرجعية إلى مستوىً من الوعي التحرري (أي الانتقال من الغريزة الطبقية إلى الوعي الطبقي على حد تعبير "غرامشي")
يحدث ذلك بناء على العلاقة المندمجة والأساسية تمليها الحاجة والضرورة المترتبة عن المعضلة التي تشل النضال السياسي، إنها معضلة الجهل والأمية والتخلف الثقافي والفكري الذي تم تكريسه بالعديد من المغالطات التي كبحت الدينامية الاجتماعية لقرون عديدة... مغالطات مجدت الأمية، وأهانت المرأة، وفرملت التساؤل واحتقرت الفعل الثقافي والفكري وأدخلته ضمن الهاجس الأمني، وساندت بقوة الخرافة والتدجيل ومجدت الماضي بلا حدود ولا فواصل... كل هذه العوامل والشروط شكلت الأساس الذي ارتكزت إليه سيطرة الحاكمين، لتشرعن قمعها بكل صفاته البشعة وأشكاله المدمرة بما فيها التجهيل وتعميم الأمية. وكرست وتكرس هذا النهج من خلال ثقافة التضليل التي تشيعها أنظمة التنشئة التربوية والاجتماعية السائدة...

لأجل مقاربة بين المناضل الديموقراطي والمثقف العضوي.
فما دور المناضل التقدمي؟
إن المناضل الديموقراطي هو مناضل طليعي يحتل موقعا متقدما في صفوف الجماهير وهو بذلك لا يمكنه إلا أن يكتسب عن جدارة واستحقاق مفهوم ومواصفات المثقف العضوي، من حيث وعيه وممارسته واستيعابه للبرنامج ولتحديات المرحلة، لأن دوره هو أن يقوم بمهام التنظيم والتثقيف والتوجيه الجماهيري باعتباره ناشراً للوعي، وباعتباره المنشط والمربي والمعلم والموجه للحركة الجماهيرية في مجال من مجالات تخصصه: (التربوية، الثقافية أو الحقوقية، أو التنموية أو النقابية أو في أي تنظيم أو جمعية ذات أهداف وغايات محددة... ومادام المثقف العضوي الديموقراطي والطليعي ينتمي إلى المثقف الجمعي أي ينتمي إلى الحزب الذي ينظم مجاميع تلك التخصصات من خلال برنامجه المرحلي في رؤية متكاملة وشاملة تغطي مختلف حاجيات ومتطلبات المجتمع فإن المهام والوظائف التي ينجزها تعبر عن خيارات وبرامج وتوجهات (الحزب) للتأثير على الرأي العام وتكييفه مع متطلبات المرحلة... وإعداده لوعي وممارسة مختلف مقومات البناء المجتمعي...
لأن المعطى النظري التجريبي أكد أن كل جماعة تدرك حاجياتها ومطالبها المتوقعة والمحتملة والضرورية، وتبحث عن إمكانيات الاستجابة لتلك الحاجيات بواسطة تنظيماتها الإنتاجية المادية سواء أكانت بضاعة أو معرفة... فإنها تكون أقدر على (ممارسة الانتماء بمختلف محدداته) إما كجماعة ناشئة أو جماعة مكتملة وفي كل الأحوال يلتقط الحزب الطبقي إشارات من تلك الجماعات المؤهلة ثقافيا وتربويا للانخراط في الممارسة الاجتماعية والسياسية، انطلاقا من غوصه في المجتمع وبحثه وتنقيبه وحضوره الفكري والسياسي والنضالي بين أفراد تلك الجماعة ليلتحم بها بواسطة فعل مناضليه العضويين المضطلعين باستمرار بوظيفة التأطير والتعبئة والتوعية، وإذا لم تجد الجماعة إياها هذا المثقف العضوي الديموقراطي، فإنها تبحث عن بديله لأن حاجتها إلى من يعبر عنها وعن مطالبها ووظائفها وتطلعاتها، تكون قوية وضرورية وأكيدة... وقد يكون هذا البديل الذي أنتجته الشروط التاريخية المعاقة كائنا مشوهاً وخطيراً... وقد يكون رجعياً ومضاداً لمصالحها المستقبلية في الديموقراطية والتحرر والمساواة... لكنه لمجرد عزفه على مخزوناتها الثقافية ومرجعياتها الفكرية، وإثارته للهوية المنجرحة... حتى يجعلها (تبايعه) على حد المصطلح الرائج بينهم، وبقدر اندفاعه وتهوره المغامر... يعتبر نموذجها المخلّْص... ومع كل ما نعرفه عن هذه النموذج من خطورة قد تعرقل إلى حين مسار النضال الديموقراطي إن لم تنتكس به...فإننا نعتبر أن هذه مرحلة تاريخية متميزة باحتداد الهوية، وأنها حافلة بمخاطر الظلامية، وأنها تتطلب من قوى التحرر والديموقراطية أن تتوحد لتخفف من النتائج والتوقعات الخطيرة التي قد تتهدد المجتمعات العربية والإسلامية والبشرية برمتها والتي قد تكون مدمرة وذلك بمراجعة شعاراتها وسلم أسبقياتها وبرامجها مما يمكنها من تحقيق ذلك الالتحام بالجماهير للتعبير عن مطالبها التاريخية وتخفف حدة الهوية المهتزة بتصحيح الرؤية للواقع بواسطة ممارسة تربوية ثقافية متعددة الأبعاد على قاعدة التعاطي الموضوعي مع المرحلة دون تفريط في النضال من أجل البناء الديموقراطي والتنمية والعدل والمساواة، عناصر تفكيك العقد والالتباسات المرضية للهوية المحتدة بفعل تراكم الهزائم...

الوعي الاجتماعي وعي جمعي:

إن الوعي الاجتماعي تحفزه وتبنيه المصالح والقيم والأفكار والمبادئ والمثل التي تربت عليها جماعة تشارك في نشاط اجتماعي محدد نموذج الحرفيين أو عمال المناجم أو البحارة، في مقابل وعي الجماعات الخدماتية او عمال صناعة عصرية محركات وآليات أو معلوميات حيث تتلقى محفزات مثيرة ومحركة تترجم في أعمال وتصرفات ومواقف هذه الجماعة أو تلك الأخرى، وباختلافات شديدة التباين...
ومن ثم فإن الوعي منظومة معقدة من العمليات العقلية التجريدية التي تتأثر بعوامل موضوعية وأنشطة واستجابات داخلية وخارجية وتغيرات دينامية، ناتجة عن توترات وتفاعلات وانفعالات ينشأ على إثرها مستوى من الوعي إما تقبليا مستسلما وغيبيا، أو انتقادياً علميا ومنطقيا او مناوئا ورفضويا...إلخ، وتترتب عن كل مستوى من مستويات الوعي مواقف وقرارت اتجاه مشكلة أو قضية حيث يتم حلها أو تجنبها أو قبولها أو رفضها إما بالتعاطي السلبي معها أو التعاطي معها إيجابيا، وفي كل الحالات يتم تحديد الأهداف والوسائل والأساليب والكيفيات والانخراط في الإنجاز أي شكل من أشكال الإنجاز أفكار معتقدات، تفسيرات وتأويلات، آداب تصورات، فهم خاص للعالم، أحكام وقيم... وهذا كله هو الذي يعكس مستوى الوعي الذي أدركته أي جماعة منظورا إليه من زاوية أنه وعي علمي موضوعي، أو وعي زائف مضلل.
والوعي العلمي الموضوعي بمعناه الواسع؛ هو المعارف والمثل والبواعث والحوافز والتطلعات والتصورات والغايات والوسائل والمواقف والأمزجة والأحكام والمقاربات وكل ما يدخل في النشاط العقلي الفعال، إنه أداة للموقف الإبداعي الخلاق في واقع تاريخي موضوعي محدد قصد تجديده أو تغييره.
إن هناك ثلاث مفاهيم كبرى في نظرية المجتمع المدني التي ترتكز إلى التاريخية كفلسفة وكتصور للواقع.
هذه المفاهيم هي: المثقف الجمعي الذي هو الحزب كموجه وقيادة ثقافية وإيديولوجية
المثقف العضوي المناضل المنتمي كفاعل يجسد اللحمة بين النظرية والعمل.
المجتمع المدني كمجال للتنظيم وحقل للصراع...والمجتمع هنا يشكل مقولة فلسفية ومعطى اجتماعيا.
انطلاقاُ من هذه المقاربة ما هي المعيقات النظرية والمنهجية التي تحد من إمكانية تطوير أدائنا بين صفوف الجماهير أليس الفهم والممارسة الانعزاليين الذين تعيشها الأحزاب التقدمية التي تحيط نفسها بسياج حديدي، وكأنها حركة فاشية أو نازية تريد التحكم في مناضليها والسيطرة على إرادتهم تحت نير المركزية التي تصبح معها الديموقراطية شكلا زائفا، ودعائيا فارغا من أي محتوى، الأمر الذي يسقط معه أي مبرر احترازي وأمني في ظروف ما أحوج الحزب فيها ـ وبخاصة في هذه المرحلة من القرن 21 ـ إلى توسيع استقطاباته وبناء قاعدته الجماهيرية الواسعة أداة للنضال الديموقراطي والفعل السياسي والمطلبي اليومي...إن الربط الجدلي بين عناصر المقاربة المشار إليها أعلاه يعتبر ربطا حيويا لا مندوحة عنه لتحقيق فعالية المناضل الطليعي المثقف الثوري الذي يمارس التثقيف والتوعية والتعبئة في المجتمع المدني كصراع ضد كل أشكال التضليل والإكراه والاستعباد... ويبقى فعله قاصرا إذا استمر يكرر ذاته ضمن نفس القواعد والقوالب التي تتطلب فسح المجال لتصورات جديدة لبناء تنظيم مغاير وجديد...

نقد التصورات والمفاهيم الخاطئة:

ضروري أن ننتقد ما يسود داخل حركة النضال الديموقراطي والتقدمي من تصورات ومفاهيم خاطئة التي تلعب دوراً معرقلاً في تحقيق هدفنا الاستراتيجي في بناء الدولة الديموقراطية "المعبر عنه" والذي يعتبر مطلبا من مطالب الجماهير الواعية المنظمة التي لها رغبة أكيدة وممارسة حقيقية من أجل تحقيق الديموقراطية بكل مضامينها الشاملة والسامية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا...
ومن أخطر التصورات الخاطئة الاعتقاد أن كل ما يمارسه الحزب يعتبر سليما وخاليا من أي عيب، هذه النظرة التقديسية غالبا ما تسبب الصدأ والتكلس في آليات تطور الحزب، وهي التي تعطل فعالية النقد والنقد الذاتي وتخلق المحاباة الناجمة عن الخوف من قول الحقيقة، الأمر الذي يبقي الحزب سجين مواقف ومبادئ لا إمكانية لتحقيقها مهما بدت سليمة، وكثير من الأحزاب عاشت التآكل الداخلي ووصلت إلى حالة من الخرف بفعل استمرار مناضليها يرددون محفوظاتهم الجامدة، وسجناء ما أنتجوه من قرارات كانت لها ظروفها وشروطها التاريخية...
ومن التصورات الخاطئة أيضا هو اعتبار الحزب في غنى عن التنظيمات الجماهيرية، وترويج ذلك بين المناضلين الذين يجدون في هذا التصور ما يبرر ممارستهم المعرقلة والمعطلة لسير أي منظمة من منظمات المجتمع المدني، لأي سبب من الأسباب، فيعمدون إلى مواقف معرقلة صادرة عن حسابات سياسية لحزب ضد آخر اجتمعا معا في نفس التنظيم الجماهيري، وتكون العرقلة لحسابات غير نضالية ولا ديموقراطية...
كما أنه من أخطر المفاهيم الخاطئة الدعوة إلى انغلاق الحزب بدعوى أن أي انفتاح معناه التخلي عن المبادئ والخيارات والضبط (وكذا) في زمن التواصل وزمن التداول الواسع للمعلومات. إن الدعوة للانغلاق معناها الانغلاق الفكري والانغلاق التنظيمي والانكفاء على الإمكانات الذاتية والتقوقع والتكلس والانتهاء...

والحزب كي يكون وفياً لأهدافه في النضال الديموقراطي الذي تدخل البشرية مرحلته بامتياز والذي هو المقدمة الأساس للبناء الاشتراكي الأممي الذي سينبني على أكتاف النضال الديموقراطي والذي لا مندوحة عنه كنظام دولي إنساني وعادل ينهي مع سيطرة التوحش الليبرالي الهمجي الذي يهدد بالخراب هذا الكوكب الجميل...
والنضال الديموقراطي باعتباره ممارسة سياسية وتنموية واجتماعية يومية لا يمكن تحقيقه إلا ببناء تنظيمات المجتمع المدني التي تغذي حركة النضال الديموقراطي بمختلف حاجياتها. بالإضافة لضرورة الرد الحاسم والتنظيمي على مأزقية الوضع الراهن الناتجة عن انتكاسة القوى اليسارية والتقدمية الدولية وانعكاساتها الخطيرة قطرياً حيث بقيت أحزاب الاشتراكية في البلدان المتخلفة متقوقعة ومحاصرة ضمن دائرة مغلقة تردد شعارات النضال والكفاح... دون ممارسة سياسية فعلية. ولقد انهارت قوىً كانت محسوبة على الصف التقدمي والوطني لتنخرط في نهج برغماتي، مضحية حتى بأبسط الاختيارات الديموقراطية التي كانت تملأ برامجها في مراحل سابقة والتي كانت تشكل حدا أدنى مقبول للممارسة السياسية الإصلاحية، التي ستكتسي فيما بعد أهمية بالغة بعد التحولات التي سيعرفها العالم....
فالحزب الاشتراكي ينبغي أن يعمل في هذه المرحلة وبصفة مستعجلة على نسج علاقات ديموقراطية مع تنظيمات حزبية مختلفة، لبناء جبهة أو تجمع أو قطب يسهم جنبا إلى جنب مع تلك التنظيمات في بلورة اتجاهات وخيارات معبرة عن المضمون الديموقراطي والاجتماعي والاقتصادي والمطلبي للمرحلة أي أن يتم الانتقال المنظم والمعد بعناية، من وضعية التكامل بين هذه التنظيمات إلى وضعية الاندماج والوحدة بينها وأي رؤية انعزالية وتراجعية مشحونة بالحنين للحزب الوحيد الحزب المهيمن، والتي قد تنمو لدى أصحابها خارج هذه الأهداف الواضحة والبرامج التنظيمية المحددة والمتكاملة والتي تستهدف التربية والتثقيف الجماهيري، والتنشئة السياسية والاجتماعية على أرضية منهاج متنوع الأغراض والغايات، ينفذ جنبا إلى جنب مع برنامج في المشاركة السياسية بمختلف مستوياتها في المشاركة والاقتراح والحضور والتأطير، وكل ما يستهدف القوى الجماهيرية الواسعة المنظمة في تنظيمات المجتمع المدني، أو تلك التي ينبغي تنظيمها فيما يناسب احتياجاتها ومتطلباتها، وجعلها تمارس المشاركة والتسيير والتدبير والمساهمة في التخطيط والإنجاز وتحقيق الأهداف والبرامج...حتى تصل الحركة الجماهيرية وهي ملتحمة بحركة النضال الديموقراطي إلى مراحل أرقى تفرض فيها قيادتها التي تكون مرشحة تاريخيا لتوجيه وتسيير النضالات التي ستتطلبها صيرورة النمو المجتمعي وحاجيات السمو بالبناء الديموقراطي إلى أعلى المستويات، وخلال هذا المسار تنحل علاقات وتنشأ أخرى، وتتطور برامج وتوحد تنظيمات وتتلاشى أخرى، وتتبلور مواقف وتوجهات جديدة وآفاق لصراع من نوع جديد يدفع قدما بالمجتمع نحو الارتقاء والتطور...
الحتمية الاجتماعية للتحول الديموقراطي
وحتى تستنفذ عوامل التشردم والانتكاس شروطها الموضوعية، والتي ترتبت عنها العديد من الأحكام القيمية المتهافتة مفسرة نتائج المرحلة التاريخية إياها إرادياً جاعلة من العسر الذي واجهته الحركة اليسارية والديموقراطية في هذه التشكيلة الاجتماعية المتقادمة حيث أصيبت جل برامج الحركة الديموقراطية بالإفلاس سواء أكانت طرحا جبهويا أو وحدويا اندماجيا أو تجمعيا، كل تلك الأطروحات واجهتها عوامل موضوعية مترتبة عن عملية نشوء تميزت باختلالات في النمو واضطرابات في الرؤية بفعل الفقر التنظيري الناجم عن قصور في البحث العلمي الاجتماعي لتشكيلاتنا المجتمعية، وبفعل بطء في التطور ناجم عن فقر عناصر الترقي الاجتماعي، وبفعل عوامل كبح وإعاقة مدبرة بقوة التضليل والقمع، كل ذلك حال دون إمكانية تطور المجتمع وصولا إلى الدولة ووصولا إلى الحاجة إلى هيكلة مجتمع مدني يفترض أنه سيخفف من سيطرة الدولة وتجاوزاتها التي غالبا ما تدعي أنها باسم الحق الأسمى والمصلحة العليا، تلك الدولة التي يفترض أنها نتاج المجتمع، وليس العكس...كما هي تشكيلاتنا الاجتماعية... ومع ذلك نرى أن الضرورة تقتضي الآن وأكثر من أي وقت مضى أن تكون تنظيمات المجتمع المدني ضرورة للدفاع عن المطالب التي قد تتملص منها الدولة كما انها يمكن أن تشكل قاعدة لجبهة واسعة من القوى التي ستصبح قوة ضغط من أجل تحسين حياة الناس وتمتيع جهات أو أفراد بحقوقهم المادية أو الثقافية، أو تصحيح ومراجعة تجاوزات أو اختلالات قانونية، أو تطوير برامج تربوية أو علمنة المجتمع والمدرسة... وبذلك فإن تنظيمات المجتمع المدني ليست خلفية أو رديف لحزب من الأحزاب ولكنها قوة فاعلة ومتكاملة مع كل القوى التي تعبر عن المطالب والحاجيات المجتمعية وولاؤها الأول والأخير للنضال المشترك من أجل تحقيق غايات وبرامج النضال الديموقراطي، وتتماهى تلك التنظيمات لتشكل في نهاية المطاف جبهة شعبية غير معلنة تكون هي الخلاصة المركزة للعمل الدءوب لتنظيمات المجتمع المدني... حيث أنها تناصر القوة التي تعبر حقيقة عن اختياراتها مشكلة أغلبية سياسية أو برلمانية أو نقابية أو جماهيرية أوهي كل هذا التكوين المتكامل والمتقاطع والملتف في نفس الآن حول مطالب متعددة؛ ثقافية حقوقية اجتماعية نقابية وسياسية أحزاب أو تكتلات حزبية أو تجمع سياسي أو نقابات واتحادات نقابية وروابط الأحياء والتنظيمات الطلابية وروابط التجار والصناع والحرفيين وتنظيمات نسائية شبيبية...عندما تجمع جميعها على مطلب أو مجموعة مطالب معبرة عن حاجة ملحة للأمة كالإصلاح الدستوري مثلا، أو تعديلات في قانون الإنتخابات، أو إصلاح تعليمي...
كل هذه المطالب عندما يتم تجميعها وترتيبها حسب أسبقيات والتي سنطلق عليه البرنامج النضالي متعدد المهام للتنظيمات الجماهيرية، باعتبارها قوى متعددة وتكوينات وتحالفات أو ائتلافات وقتية (آنية) أوتنظيمات استراتيجية وحدوية، قد تصل في النهاية لتشكل قطبا منظما وفاعلا قادرا على أن يكون فعالا في أي تداول على الحكم بناء على نتائج صناديق الإقتراع ...
ولكي نصل إلى هذا الهدف والغاية يتطلب الأمر:
ـ ضرورة التوفر على برنامج عام مشترك وبرنامج مرحلي يتم الاتفاق عليه مع مختلف القوى بناء على المشارك في كونفرانس وطني يتم التحضير له بعناية ودقة ـ أو يتم الانضمام إليه ـ حيث تشارك فيه التنظيمات التي قد تقبل بالانضمام إلى جزء من البرنامج مثلا ( التنظيم "س" ينضم للبرنامج في شقه الفلاني)...
ـ البرنامج يعكس الأهداف والمصالح المشتركة ـ يستقطب تعاونا وممارسة نضالية مشتركة خلال مرحلة معينة...
ـ البرنامج في مكوناته المتنوعة ينبغي أن لا يضر بمصالح القوى المتحالفة وهو بذلك يؤجل مواطن الخلاف ويدبر الاختلافات بحكمة، اتركونا مثلا نحقق إصلاحات دستورية، ولا تعرقلوا مساعينا بمطلبكم حول المجلس التأسيسي؟؟
ـ قد يعبر البرنامج على مصالح أكثر من طبقة لكل منها نقط في البرنامج نقط مقبولة من جميع الفرقاء، مع تجنب القضايا التي تثير حساسية هذا الطرف أو ذاك إلى حين تحقيق سقف معين من البرنامج أو عندما تقتضي الحاجة إثارتها عند نشوء تحالفات جديدة أكثر تمثيلية وأكثر ارتقاء...
ـ ينعكس البرنامج في بيان أو ميثاق ببنود محددة...
ـ البرنامج يعتمد حصول تسويات في مرحلة من مراحله...
من الطبيعي أن الأمور لا تكون دائماً كما هو مخطط لها، وقد تتعرض البرامج للاهتزاز. لكن أهم شيء هو المحافظة على الاستمرارية.
وعلى المناضلين أن يعرفوا أن تحقيق التجمعات لأجل النضال الديموقراطي لا يعتبر أن الخلافات الإيديولوجية عرقلة في بناء التحالفات مع القوى الديموقراطية والوطنية، وإن كانت هذه الاختلافات حاضرة لكن يتم تبريدها للضرورة.
بالنسبة لتنظيمات المجتمع المدني ضروري إنماء الثقة معها والمحافظة على استقلاليتها التنظيمية والجماهيرية والمحافظة على مبدأ التقدمية والعلمانية والممارسة الديموقراطية لصيانتها من كل الاختراقات...
تنمية روح الإخاء والتعاون بين هذه التنظيمات.
الاتفاق على حق الانتقاد الرفاقي الأخوي لتعزيز التضامن وصيانته وتجنب الوقوع في الأخطاء وعرقلة سير التنظيم.
التأكيد على أهمية العمل الوحدوي.
إبراز الجوانب التي تخدم المصالح المشتركة.
التحفيز لأجل اتخاذ المواقف المناسبة والصالحة للمرحلة التاريخية التي أدركها المجتمع دون تجن أو قفز في الفراغ... الممارسة النضالية المشتركة على قاعدة توزيع المهام.



#المحجوب_حبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنجح استراتيجية القاعدة في لبنان تتمة
- قراءة في استراتيجية القاعدة في العراق وهل تنجح نفس الاستراتي ...
- الاصلاح التربوي... أي مدرسة لأية آفاق
- المنهاج المقومات البيداغوجية والديداكتيكية
- الطفولة المشردة من المسؤول؟؟
- حول الاصلاحات التربوية التي يعرفها المغرب
- قراءة في مسودة قانون الأحزاب


المزيد.....




- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - المحجوب حبيبي - النضال الديموقراطي، وحدة اليسار تنظيمات المجتمع المدني أية آفاق