أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبدالله خليفة - الشباب والماضي














المزيد.....

الشباب والماضي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 09:12
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


لم يستطع العديد من شباب الخليج والجزيرة العربية الاتصال التحديثي العميق مع الماضي، بل الاتصال بالأشكال والمستويات النصوصية والخرافية فيه. وهذه الاتصالات لم تكن بسيطة وسلمية بل كانت في أحيان عدة خطيرة على حياة ومستقبل هؤلاء.
ظهور ظروف موضوعية وذاتية لهذه الاتصالات الغرائبية يرتبط أولاً بانكسار العقلانية في الإرث السياسي المعاصر، فالعلاقات بين القوى السياسية التحديثية، وخاصة اليسارية والقوى السياسية الدينية الجديدة، كانت معدومة، ولم تقم علاقات سليمة بينها.
إن انكسار العقلانية السياسية الحديثة جاء نتيجة ضعف القراءات التحليلية للحياة الاجتماعية الاقتصادية، وأدت إلى فشل هذه العقلانية في التطور وجذب الأجيال الجديدة، فلغاتُ المغامرات والتسطيح والحدة كانت نتائجها سلبية.
ولهذا فإن الأجيال الجديدة المتأثرة بالموجات المذهبية السياسية لم تجد غنى ثقافياً فكرياً تستثمره في فهم صعوبات الحياة الكثيفة الأستار فوقها.
إضافة إلى تحجيم تلك العقلانية وانحصارها في مواقع صغيرة كانت إمكانياتها الثقافية لا تسمح لها بتشكيل معرفة جماهيرية مضيئة، فوجد أولئك المتأثرون بالثقافة الدينية العتيقة منابعهم وأوراقهم في الماضي.
التضاد بين شبيبة عصرية والعودة إلى الكهوف والكتب الصفراء كان تضاداً حاداً ورهيباً مؤدياً إلى كوارث اجتماعية وسياسية.
لم ينعدم في تلك المرحلة وامتداداتها التالية ظهور المتنبئين والمتصلين بالغيب، فكانوا في محن السجن يطرحون معجزاتهم وإمكانياتهم الخارقة على تحدي الظروف وهزيمة الأعداء.
التصديق والتأثر بهؤلاء كان وضعاً يشير إلى الانهيار العقلي الذي تحول إلى مناخ عام، فغدت كتب الخرافة شائعة، وصار العديد من الشباب يسأل أسئلةً فقهية صغيرة ضيقة تعود إلى أجيال الماضي، وحتى جيل آبائهم لم يعد يطرحها.
لكن علاقات الاتصال المدمرة بين عقل ينهار ووضع سياسي قابل للانفجار لم تكن مرئية وقتذاك، فالأسئلة الخرافية والنصوصية الخرقاء كانت تعبيراً عن وعي (شبابي) اكتهل بشكل مبكر، وخّرف وهو في ريعانه، ومن هنا غدت ثقافة العصر السياسية من كيفية فهم المجتمعات المعاصرة وطرح الحلول غير ممكنة التوغل في هكذا أجسام شبابية تعيش في القرون الوسطى، وغدت عولمة السحر المخترقة للزمان هي ثقافته الهزيلة المنتفخة بالادعاء وتجاوز القوى السياسية العصرية التي بدت مهزومة ومنكفئة، وبالتالي تعطيه مجالات لزيادة ذاته الهوائية.
لكن حين تتحول هذه المواد إلى خطط تنفيذية تحدث الكوارث، إنها تتغلغل في حياة الناس وظروف عيشهم وتقفز على أدوات وعيهم ومستويات أدائهم السياسي، وتنكر ماضيهم الاجتماعي وتدرجاته وخبراته، فهي أشبه بكائنات قادمة من السماء لتحل إراداتها على بشر التراب.
في المقارنات التي جرت بين شباب تونس ومصر والمغرب وشباب المنطقة يُلاحظ كيف كان الشباب هناك تحديثي في أدوات الاتصال وثقافته العصرية، فهو وريث أجيال من المبدعين والمفكرين والنهضويين، ولهذا فقد اعتمد تطور بلده السياسي واشتغل عليه.
هو شبابٌ محب للآداب والفنون، غير مقاطع للتيارات التحديثية، وله نتاجاته السياسية الجديدة الواعدة. ولهذا فإن دخوله السياسة لم يكن في الأعم جر للوراء، وصنع مغامرات فجة.
ولكن الجيل الشبابي في المنطقة المشتغل على التجاوزات والمغامرات جيل شكلاني، أتيحت له إمكانيات تقنية لقدرته على شرائها، ولكن ليس فيها نفس المواد الفكرية والثقافية والسياسية الحديثة، بل يضفي عليها من إرثه العتيق ويؤدلجه ويُسيسه بحسب تلك المضامين الغريبة عن العصر، فكانت النتائج هي تفكيك المجتمعات والصدام بين مكوناته.
قوالب من الماضي وأشكال عصرية، اعتماد على السحر في عصر العلوم، شحن للطوائف في عصر العولمة، فكل هذه أدت إلى نتائج مغايرة للتقدم الذي أحرزته الشبيبة العربية.
مشكلات هذه الشبيبة الدخول في السياسة والدين بلا أدوات وهي ليست مشكلات في طائفة أو جماعة بل هي مشكلات ومستويات قديمة متغلغلة في أجيال.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيرُ للوراء
- حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ
- علاقاتُ الوعيين القومي والديني
- القوميون في الخليج (2)
- الحركةُ القوميةُ في الخليج (1)
- الإيديولوجيا والواقع في الخليج
- العداءُ للرأسماليةِ في الخليج
- اليسارُ في الخليج (2)
- اليسارُ في الخليج (1)
- أشكالُ الوعي التي تتردى
- تطورٌ واقعي حذر
- تباين طرقِ التطور العربية
- صناعتان وسياستان
- العنفُ ذروةُ الطائفية
- تحولات ذاتية
- تحولاتُ الدورِ الروسي العالمي
- تحللُ العرب.. سوريا نموذجاً
- علاقاتٌ مختلفةٌ بين السياسة والثقافة
- تحللُ العربِ: العراقُ نموذجاً
- من التبسيطِ إلى المغامرة


المزيد.....




- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبدالله خليفة - الشباب والماضي